Description
تضع دراسة أنس ليتوس -باحث وطالب ماجستير في الدراسات الأوروبية والعلوم الإسلامية بجامعة لوفين الكاثوليكية- تجارب تكوين وتدريب الأئمة في منظورها التاريخي، وتضيء على تجارب أوروبية، منها هولندا وبلجيكا. تطرح سؤالاً أساسياً: ما الدوافع الرئيسة للدول الأوروبية لتكوين الأئمة؟ يشرح الباحث أن هذه المبادرات لتكوين الأئمة تهدف لكي يكونوا، أداة لإنتاج أئمة «معتدلين» قادرين على قيادة مجتمعهم نحو قبول المبادئ القانونية والأخلاقية المتبعة في المجتمعات الأوروبية. ومن أجل فهم هذه القضية جيدًا، تركز دراسته في القسم الأخير على الإسلام الأوروبي. يخلص فيها إلى أن التركيز على مشاريع لتكوين الأئمة يمكن فهمه على أنه «استجابة مؤسساتية» لتلك النقاشات.
يمكن النظر إلى مثل هذا التكوين على أنه أداة، اكتسبتها الدولة ورأت فيه أنه جدير بأن يحقق التحرر للأقليات الدينية المسلمة، وأن يساعدها على الاندماج الكامل ويدير شؤونها الدينية. وبالرغم من أن النقاش حول تكوين الأئمة هو حديث عهد. لقد رأينا أيضًا، أن صناع القرار، يؤيدون بشكل عام تكوين وتدريب القادة الدينيين في أوروبا من منطلق منع التطرف العنيف، وتنفيذا لمقاربة الجانب الوقائي والجانب العلاجي لكثير من الظواهر الاجتماعية الشائكة في المجتمعات الأوروبية. تواجه مشاريع تكوين الأئمة، صعوبات في إيجاد تمويل قانوني، قوي ومستقر لضمان استمراريتها، وأحياناً انعدام الثقة في الجهات المنظمة التي تم التعبير عنها، بالتدفق المحدود من أجل الانخراط الكامل من طرف الجماعة المحلية المسلمة. هناك خطورة اختيار أيديولوجيا معينة، لا سيما استغلال الإسلام السياسي لهذه المشاريع لتثبيت عمقه الاستراتيجي في أوروبا.
على الرغم من أن هناك شبه اتفاقٍ على الحاجة إلى التكوين المناسب لتكوين الأئمة، فإن المعنيين من المجتمعات المسلمة ومجالس المساجد، وحتى الهيئات الحكومية قد تكون لهم أفكار مختلفة تمامًا عن نوع التكوين والتدريب المرتقب، الذي يجب أن يتلقاه الإمام في الدول الأوروبية. وهذا –بدوره- يؤدي إلى توترات وانزياحات داخل عملية مأسسة تكوين الأئمة. ويرى أن الإسلام الأوروبي القائم على نهج ليبرالي للمعرفة وللنمو الشخصي، هو الأساس في تكوينات الإمام، وقد يتميز بكونه قادرًا على تخريج أئمة معاصرين ومؤهلين.