Description
تناول الأكاديمي والمؤرخ الأميركي آدم غارفنكل (Adam Garfinkle) النزعة الأميركية المحافظة التاريخية والمعاصرة، التي تشترك بسمات مشتركة مع أنواع أخرى من النزعات المحافظة، وسمات مختلفة أيضاً ترجع إلى الظروف الخاصة لأصولها وتطوّرها، فما الذي يحدّد هذه السمات المشتركة والمختلفة؟
يرى الباحث أنه من حيث المبدأ، فنظراً إلى أن جوانب الطبيعة البشرية شاملة، فإن تحديد القواسم المشتركة بين جميع أشكال النزعات المحافظة، أمر نتعلّم عنه من العلاقة بين الفلسفة والأدب والتاريخ وعلم النفس، واختلاف المجتمعات والثقافات يحدّد ما لا تشترك فيه الأشكال المختلفة للنزعة المحافظة. كما أننا نتعلّم عن المجتمعات والثقافات من علم الاجتماع والأنثروبولوجيا على التوالي، ويعكس هذان الاختصاصان الواقعَ، بأن كل الحضارات البشرية تعرّف من خلال خاصيتين تفاعليتين: البنية الاجتماعية والثقافة.
هذان ليسا أمراً واحداً، ويمكن أن يتغيّرا بمرور الوقت. لذا فإن قابلية تغيّر النزعة المحافظة –وبطبيعة الحال قابلية تغيّر البنى الفكرية الأخرى مثل الليبرالية والفوضوية والاشتراكية- يمكن وصفها بين المجتمعات المختلفة في الوقت نفسه وداخل المجتمع نفسه في أوقات مختلفة. مثال ذلك: من الواضح أن المجتمعات ذات الهياكل الاجتماعية الموروثة -بما في ذلك البنى القبلية على سبيل المثال لا الحصر- لن تعرّف النزعة المحافظة بالطريقة نفسها التي تحدّدها المجتمعات ذات الهياكل الاجتماعية الحديثة المقسّمة إلى وحدات: مجتمعات العار ومجتمعات الشرف، لأن علماء الأنثروبولوجيا الذين يميّزون أساساً بين أغلبيات نوع الشخصية الموجّهة إلى الآخر والموجهة إلى الداخل، لن يحدّدوا النزعة المحافظة بالطريقة نفسها أيضاً.
على مستوى مختلف، يرى غارفنكل أنه يمكن أن يُحدِث مزيجٌ من الجغرافيا والتاريخ أحياناً اختلافاً نوعياً في تطوّر الثقافة السياسية. الثقافتان السياسية البريطانية والأميركية هما الثقافتان الرئيستان الوحيدتان اللتان تتعاملان مع السلطة بوصفها مشكلة يجب تقسيمها وفصلها وتوزيعها؛ خشيةَ أن تُصبِح تهديداً للمجتمع المدني العضوي والحرية الشخصية والدينية. وكانت كل مرحلة حضارية رئيسة أخرى أكثر اهتماماً بكيفية تركيز القوة لاستخدامها بشكل أكثر فعالية.