عملت طهران خلال أربعة عقود على بناء نفوذها الإقليمي في المناطق التي تنظر إليها كعمق استراتيجي وتاريخي لها، فسعت إلى استعادة أمجادها الغابرة عبر تعميق حضورها السياسي والمذهبي في الإقليم واتجهت مع الوقت نحو مزيدٍ من «العسكرة»، مستفيدة من الفراغ الإقليمي العربي وانتشار الاضطرابات والصراعات الأهلية في أكثر من بلد عربي.
يسعى هذا الكتاب إلى فهم الكيفية التي تبني فيها "الجمهورية الإسلامية" استراتيجياتها الإقليمية عبر أذرعها السياسية والعسكرية والاقتصادية والمذهبية، والذي قامت بمراكمتها منذ وصول "الملالي" إلى السلطة على أنقاض نظام الشاه. ويقدم قراءة تحليلية عكسية لنتائج النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، فيقوم بتشريح انعكاساتها السلبية على الداخل الإيراني، محدداً أهم العوامل الدافعة باتجاه تراكم الخسائر الداخلية، بسبب المغامرات الإقليمية التي وضعت فئات اجتماعية واسعة في مواجهة النظام وسياساته.
تم النشر في: August 2018
# | اسم الكتاب |
---|---|
1 | انعكاسات السياسات الخارجية الإيرانية على البنى الاجتماعية |
2 | إيران في سوريا: الأسباب والنتائج والعلاج |
3 | حماس وإيران: معادلة انحسار أم ثبات وتقدم؟ |
4 | العلاقات الإيرانية- الخليجية: التوتر والتحديات |
5 | آفاق العلاقات التّركيّة- الإيرانيّة في شرق أوسط متغيّر |
6 | إيران وأفريقيا.. دوافع التغلغل وأبعاده |
7 | أسس واستراتيجيات الدعاية الإيرانية في المغرب |
8 | الحشد الشعبي في العراق: النشأة والدور الإيراني |
يسعى كتاب المسبار "إيران والسياسة الخارجية: خيانة الداخل"، (الكتاب الأربعون بعد المئة، أغسطس/ آب 2018)، إلى محاولة فهم الكيفية التي تبني فيها »الجمهورية الإسلامية« استراتيجياتها الإقليمية عبر أذرعها السياسية والعسكرية والاقتصادية والمذهبية، والتي قامت بمراكمتها منذ وصول »الملالي« إلى السلطة على أنقاض نظام الشاه. لقد قادت إيران جبهات عدة في مجالها الحيوي من أجل تثبيت نفوذها والدفاع عما تسميه مصالحها القومية، وأفادت من بعض الشيعة في عدد من الدول العربية تحت حجة »المظلومية والتمكين« مما أدى إلى زعزعة استقرار هذه الدول مع استخدامها لوكلاء محليين وإقليميين ولمجموعات ومنظمات مسلحة عابرة للحدود. إن عمل طهران على تثبيت نفسها كـــ"قوة إقليمية" في جغرافيا مضطربة أدى بها إلى دفع تكاليف باهظة ليس على المستوى الخارجي فحسب، وإنما في الداخل أيضاً، وذلك مع ارتفاع حجم كتلة الاعتراض الشعبي على هدر مقدرات البلاد على النفوذ الإقليمي. ولعل "الحراك الاحتجاجي" الذي شهدناه أواخر عام 2017 يقدم دليلاً على الأوضاع الاقتصادية السيئة، مع أخذنا بالاعتبار معدلات البطالة والفقر المرتفعة، والتي تصدرت لائحة مطالب المحتجين.
الباحث الإيراني ضياء ناصر -مختص بالشؤون الإيرانية- سعى في هذه الدراسة إلى البحث في التغييرات التي قد تؤدي إلى الانهيار الداخلي للنظام الإيراني، وأدلة تلك التغييرات وأسبابها وأنشطتها ونتائجها وانعكاساتها. فيتناول الأسس النظرية للتدخلات الإقليمية الإيرانية، وأساليبها وكلفتها. كما يتطرق إلى ردود الأفعال داخل إيران، وإلى شرارة الاحتجاجات فيها، ويجيب عن سؤال: "من هم المحتجون؟".
ويرى أن سياسات إيران في منطقة الشرق الأوسط وخارجها حمّلت الدولة والشعب أموالاً طائلة؛ ومع وجود وسائل الإعلام الحديثة وشبكات المعلومات الدولية وإمكانية إتاحة المعلومات للجميع وعدم احتكار الدولة لها، طرح الشعب الإيراني هذا السؤال: «لماذا ينبغي أن تنفق ثروات البلاد على مغامرات الحكومة الخارجية؟.. ولماذا السياسات الخاطئة تسفر عن انهيار قيمة العملة المحلية وإفقار الشعب واتساع الفجوة بين طبقات المجتمع؟». ويشير إلى أن الفساد المستشري أصاب بين مسؤولي الحكومة والبنوك والمؤسسات المالية التابعة للحكومة أو الحرس الثوري، وكذلك احتكار مشاريع الإنشاء والتعمير بمقر «خاتم الأنبياء للإعمار» التابع للحرس الثوري؛ أصاب الشعب الإيراني باليأس من المنظومة الحاكمة في إيران. تلك المنظومة التي تودي بحياة شبابهم في سوريا، وتقضي على رؤوس أموالهم وتفقرهم وتزيد عوزهم وتسقط احترام العالم لهم، وتتعدى على حقوقهم وحرياتهم البسيطة والأساسية. ويرى أن استغلال الدين والمذهب كأداة لتحقيق الأهداف السياسية جعل الشعب لا يثق ولا يهتم بمعتقداته الدينية. تصيح النساء الإيرانيات -مع مشاهدة الأوضاع الأخرى للنساء والتطورات والتغييرات الإيجابية التي تحدث في مجال حقوق المرأة في دول المنطقة، وخاصة المملكة العربية السعودية- بصوت عال يوماً بعد يوم لاسترجاع حقوقهن المسلوبة. كما تشهد القوميات الإيرانية كل يوم إعدام أبنائهم وتدمير بيئتهم واختطاف مصادرهم وانعدام حقوقهم وتجاهل هويتهم، وليس لديها دليل على أنها جزء من بنيان اجتماعي أكبر يسمى «إيران». الأقليات الدينية مثل البهائيين والمسيحيين والمندائيين ودراويش كنابادي وأهل السنة والآخرين، يتم قمعهم بصورة مستمرة بسبب معتقداتهم التي تختلف مع التشيع، وخاصة النسخة السياسية للتشيع في إيران. وطبقاً للإحصائيات الرسمية الإيرانية فقد انخفضت نسب زواج الشباب، وازدادت معدلات البطالة والفقر، وتقلص تعداد الأسر وقدرة شرائها، كما أن العملة المحلية الإيرانية خلال الـ(40) عاماً الماضية قد هبطت قيمتها ألف ضعف. كل هذه الأسباب قد أدت إلى انفصال الشعب عن الحكومة، وعرضت المجتمع الإيراني للانهيار من الداخل، وهو الانهيار الداخلي الذي سببه الرئيس المغامرات الخارجية للنظام الحاكم في إيران.
ديفيد بولوك (David Pollock) -زميل أقدم في معهد واشنطن، يركز على الحراك السياسي في بلدان الشرق الأوسط- تطرق في دراسته إلى إيران والعوامل الدولية التي تمكّنها في سوريا، والحالة الراهنة التي تعيشها، مستعرضا الدور الإيراني في سوريا وأثره في الرأي العام العربي،. كما يستعرض نتائج استطلاع للآراء العربية تجاه إيران ووكلائها في سوريا خلال الفترة الممتدة من 2014 حتى 2016، مشيرًا إلى التبعات السياسية لوجهات النظر العربية تجاه دور إيران في سوريا، كما يستشرف آفاق المستقبل.
ويجيب عن تساؤله: "لماذا بذلت إيران كل هذا الجهد في سوريا؟"، بأن العديد من المحلّلين فسّروا، في مرحلة مبكّرة، الموقف التدخّلي الإيراني بأنه في المقام الأول وسيلة لحماية خطّ الإمداد العسكري إلى حزب الله في لبنان، عبر الأراضي السورية. لكن هذا التفسير للقضية غير كافٍ البتة. فمن ناحية أولى، تستطيع إيران الاستمرار في إمداد حزب الله مباشرة عن طريق مطار بيروت، الذي يسيطر عليه الحزب سيطرة تامّة منذ سنة 2008، أي قبل وقت طويل من اندلاع الثورة السورية، أو عبر ميناء بيروت ومواقع إنزال أخرى على الساحل اللبناني، وإن كان ذلك بمزيد من الصعوبة. ويشير إلى أن مخطّطات إيران الاستراتيجية وشهيّتها لسوريا شهدت توسّعاً كبيراً خلال التجربة التي خاضتها هناك في السنوات السبع الماضية. ومع استمرار الحرب الأهلية في سوريا، لم يعد هذا البلد في نظر إيران مجرد جسر إلى حزب الله، وأصبح إنقاذ الأسد أكثر من مجرد تجنّب الخسارة المحرجة لحليف مخلص. بل إن طهران تنظر إلى وجودها المتنامي في سوريا بوصفه جزءاً لا يتجزأ من «جسر بري» جديد أو «هلال إيراني» جديد على طول الطريق من إيران إلى البحر المتوسّط عبر الحدود العراقية، حيث أنشأت طهران أيضًا وجوداً قوياً بالوكالة، يمرّ عبر سوريا ولبنان وصولاً إلى البحر المتوسّط. ويمكّن ذلك إيران من الادّعاء، بقدر متزايد من المعقولية، بأنها القوّة الخارجية الأولى في المشرق العربي. وقد عبّر عن ذلك مسؤول إيراني رفيع بقوله الشهير: «إننا نسيطر اليوم على أربع عواصم عربية: صنعاء، بغداد، دمشق، وبيروت».
واستشرافاً للمستقبل، لا تترك البيانات الإيرانية الأخرى أي مجال للشكّ في أنها تعتزم استخدام هذه المنصّات قاعدةَ انطلاقٍ نحو تحقيق أهداف أكبر. وتشمل هذه الأهداف: تهديد إسرائيل، وتهميش النفوذ الأمريكي في المنطقة، والضغط على الأردن والمملكة العربية السعودية والدول العربية الأخرى، ومزاحمة تركيا للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط بأكملها. وكل ذلك مخطّط على المدى الطويل بطبيعة الحال. لكن السياسة الخارجية الإيرانية تتسم بطبيعتها بالصبر والمثابرة وطول الأمد. وقد تمكّنت إيران من تحقيق هذه الأجندة العظيمة بتكلفة متواضعة نسبياً حتى الآن. صحيح أن التكاليف المالية على الاقتصاد الإيراني المتعثّر كبيرة (ربما عدّة مليارات دولار سنوياً)، لكن يمكن احتمالها في الظاهر حتى الآن –حتى في ظلّ العقوبات الدولية الحادّة. وينسجم ذلك مع استمرار تحكّم القائد الأعلى المتشدّد وحرسه الثوري بكثير من الشؤون المالية في طهران، بدلاً من البرلمان أو الحكومة. ويبدي هؤلاء ولاء أيديولوجياً «للمقاومة» في المنطقة لا يقلّ عن ولائهم للتنمية الداخلية في إيران.
درس الباحث الفلسطيني محمد الشربيني، العلاقة بين حماس وإيران، والتحالفات والمواقف التي تتبناها الحركة في مختلف القضايا، والأزمات التي فرضت حضورها في المنطقة. وينطلق الباحث في تفسيره للعلاقة بين إيران وحماس من مفهوم الحركة «للمصلحة الراجحة» كقاعدة تحكم هذه العلاقة، ففي وثيقة غير منشورة لحركة حماس بعنوان «التحالف السياسي في الإسلام» تقدم الحركة فيها تصورها عن «المصلحة» بأنّها تقوم على «فقه الموازنات» بين المصالح إن ازدحمت، وبين المفاسد إذا كثرت، وبين المصالح والمفاسد إذا تعارضت، واحتوت الوثيقة على أدلة شرعية «حاسمة» -حسبما ورد فيها- على جواز التحالف مع غير المسلم، وأدلة عملية من تاريخ الإخوان المسلمين سيقت لتأييد موقف الوثيقة من أنّ مبدأ الحِلف من الأمور المحسومة عند الحركة الإسلامية العالمية قديماً ولو مع القوى غير الإسلامية، كما احتوت على فتوى صادرة عن لجنة الفتوى الشرعية للحركة حول «جواز تحالف الحركة مع القوى ذات الصبغة غير الإسلامية». ويتطرق الباحث أيضا إلى تأثير الجهاد الإسلامي في إخوان فلسطين. ويصف مراحل التقارب والبرود التي غطت تعاملات الحركة، ثم عودتها إلى أحضان إيران.
يختتم الباحث دراسته بثلاثة سيناريوهات حول خيارات حماس الراهنة المحدودة في علاقتها مع إيران: السيناريو الأول: إن كان هناك توجه لقبول الحركة لصفقات أو ترتيبات من باب «المصلحة الراجحة للحركة والجمهور» تعمل على تخفيف الضغط الداخلي عن الحركة وتمكنها ومؤسساتها من الاستمرار في إدارة القطاع، وتحسن صورتها في المحافل الدولية عبر ابتعادها الهادئ عن «محور المقاومة» ودخولها في ترتيبات تؤدي إلى قبولها في «محور الاعتدال»، فإنها سوف تعمد إلى الابتعاد التدريجي عن خطاب المقاومة وتخفف من حدة التصريحات، كما نشاهد أخيراً اعتماد الحركة على «المقاومة السلمية» وخفض الأنشطة العسكرية، في إشارة إلى استعدادها للقبول بصفقة ربما تطمح من خلالها إلى الاستغناء عن علاقتها التاريخية الإشكالية بإيران، وفتح صفحة جديدة مع الدول العربية السنية، وهذا الأمر لا يمكن لحماس القبول بأن تقوم به بشكل مفاجئ وسريع؛ لما هنالك من استحقاقات وتوازنات داخلية وخارجية. السيناريو الثاني: في حالة لم تلبِّ الصفقة المطروحة أهداف الحركة ومصالحها وتحافظ على توازناتها، وكان المطروح أقل بكثير مما تصبو إليه أو يؤدي إلى الإضرار بالحركة، فإنّها ستحسم أمرها في الانحياز إلى المحور الإيراني الداعم الأكبر وبشدّة. السيناريو الثالث: يبقى الخيار الأكثر واقعية بأنّ حماس ستبقى في حالة تذبذب بين المحور الإيراني والحاضنة العربية، تحافظ على الدعم الإيراني عبر تصريحاتها الإيجابية وقوة علاقة جناحها العسكري مع إيران من جهة، ومن جهة أخرى فستُبقي الباب مفتوحاً أمام الدول العربية والمجتمع الدولي الذي يطمح إلى الحد من نفوذ إيران في المنطقة، فتكون هذه ورقة قوية بيد حماس تفاوض من خلالها على صفقة كبيرة أو صفقات صغيرة مناسبة ومنطقية، تتسق مع مصالحها فيمكنها أن تلوح بهذه الورقة متى شاءت حتى تقرر أنّ الوقت قد حان لكي تستغني عنها وتستبدلها.
استهدفت دراسة الباحث السعودي وليد بن خالد الكليب -متخصص في الشؤون السياسية الخليجية- الإجابة عن سؤالين أساسيين: ما أبرز التطورات والتغيرات في العلاقات الخليجية– الإيرانية بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي؟ وما أثر ذلك الانسحاب على واقع ومستقبل هذه العلاقات التي تعد من أهم قضايا الأمن الإقليمي الخليجي؟ متناولا المراحل التاريخية للعلاقات الإيرانية- الخليجية، والسياسات الإيرانية تجاه الخليج بعد الاتفاق النووي، وأثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، مقدما قراءة للمواقف الدولية والتداعيات، ويعرج على مستقبل العلاقات الخليجية- الإيرانية. كما يرى الباحث أن المتتبع للعلاقات الخارجية الإيرانية عموماً، وتجاه دول مجلس التعاون الخليجي على نحو خاص منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979 وحتى الآن، يلاحظ أن تلك العلاقات لم تكن عداء كاملاً أو صداقة كاملة، ويمكن إيضاح ذلك من خلال استعراض المراحل التاريخية -باختصار- لتطور العلاقات بين الجانبين، كما يلي: المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل قيام الثورة الإيرانية «إيران الشاهنشاهية»، وقد اتسمت تلك الفترة بالهدوء النسبي في العلاقات الخليجية- الإيرانية. المرحلة الثانية: مرحلة قيام الثورة الإيرانية عام 1979: مع نجاح الثورة في إيران عام 1979 أدركت دول الخليج أن ثمة خطراً يهدد وجودها وخصوصاً في ظل ما أعلنه الخميني آنذاك، حول تصدير تلك الثورة إلى دول الجوار والمنطقة العربية. المرحلة الثالثة: مرحلة الانفتاح في عهد رفسنجاني، مع تولي علي أكبر هاشمي رفسنجاني الحكم في 28 يوليو (تموز) 1989 ذي الاتجاه المعتدل. المرحلة الرابعة: فترة حكم الرئيس خاتمي من 1997 وحتى 2004 حيث كان تولي الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي مقاليد الحكم عام 1997 إيذاناً ببدء تحسن العلاقات الخليجية- الإيرانية، إذ تكونت لدى الطرفين قناعة مشتركة مؤداها حتمية تطوير العلاقات، فلم تكن هناك مظاهر للتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربية، وتراجعت إيران عن سياسة تصدير الثورة، وحلت محلها مفاهيم -مثل الاعتدال والانفتاح وحوار الحضارات. المرحلة الخامسة: وصول الرئيس محمود أحمدي نجاد للحكم عام 2005 كان طريقاً لسيطرة التيار المحافظ على البرلمان الإيراني، إيذاناً باستعادة إيران ذاكرة سياسات تصدير الثورة ومبادئها مجدداً. المرحلة السادسة: يمكن اختزالها في تصريح الرئيس الإيراني حسن روحاني قبيل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية عام 2013: «أرفض أي وقف لبرنامج تخصيب اليورانيوم باعتبار أن زمن المطالب الغربية بهذا الشأن قد ولى»، مطالباً الولايات المتحدة بـ«الاعتراف بحقوق إيران النووية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية كشرط لأي محادثات مباشرة»، واصفاً العقوبات الغربية بـ«الظالمة».
محمد إسماعيل مرعي -باحث سوري متخصّص في العلاقات الدولية- تناول دراسة آفاق العلاقات التركية- الإيرانية في شرق أوسط متغير، ويشير إلى أن ما يحكم تلك السيرورة في ظل التغيرات منذ عام 2011، خمسة ملفّات رئيسة هي: التّفاعلات الاقتصاديّة، القضيّة الكرديّة، الأزمة السّوريّة، القضيّة الفلسطينيّة، الملف النّووي. إضافة إلى ملفات أخرى لا تحظى بالقدْر نفسه من الأهمّيّة، وهي: التّنافس في أفريقيا، التنافس في آسيا الوسطى والقوقاز، وقضيّة تهريب المخدّرات ومسألة المهاجرين غير الشّرعيين القادمين عبر -أو من- إيران، نحو تركيّا، أو إلى أوروبّا عبر تركيا.
يتناول الباحث أيضا الأزمة السورية، وملف إيران النووي، وآفاق العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإيران، والتنافس بينهما في أفريقيا، ومستقبل العلاقات التركية- الإيرانية. فهو يرى أنّ حالة التنافس، المُصاحَبة بحذرٍ وريبةٍ وقلقٍ بين البلدين، سوف تستمرّ إلى وقتٍ ليس بقصيرٍ. كما أنّ كلّ الوسائل والأدوات مشروعةٌ في سياق هذا التّنافس.
سعى الباحث المغربي خالد يايموت، إلى رصد وتحليل استراتيجية السياسة الخارجية لطهران بالقارة الأفريقية؛ مع إبراز التطور الحاصل في عملية بناء النفوذ وتوسعه، ابتداء من حكم هاشمي رفسنجاني في ولايتين (1997-1989)، إلى فترة رئاسة حسن روحاني (2013). ولتجاوز ما يطرحه التشابك الحاصل في أدوات الدبلوماسية الإيرانية بأفريقيا، وتعدد المتدخلين، اعتمد الباحث تقسيماً ثلاثياً، على الرغم من التداخل القائم بين الأبعاد المختلفة للسياسة الخارجية الإيرانية بأفريقيا. وهذا ما يفسر إعطاء الأولوية للعامل الاقتصادي، واعتباره قاعدة، مؤسسة للاختراق، وتوسيع استراتيجية بناء النفوذ الديني المذهبي.
فهو يرى أن العلاقات الاقتصادية الإيرانية- الأفريقية، على الرغم من أهميتها، محدودة. وتؤثر عليها بشكل مباشر عوامل متداخلة، أهمها: أولاً: علاقات إيران بالدول الكبرى، وتجاوز الحصار الدولي المفروض على طهران؛ خصوصاً أن الاقتصاد الإيراني، غير قادر على منافسة الفاعلين الأساسيين بقوة في القارة السمراء. وينتج عن هذا الضعف الاقتصادي، ارتباك واضح في الالتزام بالاتفاقيات الاقتصادية مع الدول الأفريقية، وفقدان المصداقية السياسية. ثانيا: منح الدول الأفريقية الأولوية لعلاقاتها مع بعض الدول الكبرى مثل: الصين، وفرنسا، وأمريكا، على حساب المصالح الإيرانية. ثالثا: توجس بعض الدول من العلاقة الغامضة بين طهران وبعض المجموعات المسلحة بأفريقيا؛ مما يؤدي إلى تعطيل الاتفاقيات القائمة بين الأطراف.
وعلى الرغم من كل هذا، فإن طهران استطاعت بوسائل مختلفة بناء نفوذ حقيقي بغرب القارة، مستغلة الإرث التاريخي للشيعة اللبنانيين؛ وغياب الدول العربية لفترة طويلة عن المنطقة. كما أن إيران استطاعت بطرق مختلفة دعم احتياطها من اليورانيوم، انطلاقا من علاقاتها الملتبسة ببعض دول القارة، خاصة جنوب أفريقيا، ناميبيا، غينيا، والنيجر، كما أنها تحاول تطوير علاقاتها مع الجزائر للغرض نفسه.
ويبدو أن مصاعب إيران بالقارة السمراء، ستزداد خصوصاً بعد العودة القوية لكل من الإمارات العربية المتحدة، والسعودية والمغرب للقارة. كما أن لمصر، ودول مجلس التعاون الخليجي، مصالح مشتركة مع المغرب غرب القارة؛ وإذا ما وسع التنسيق القائم بين الخليجيين والمملكة المغربية منذ 2014، ليشمل السودان والسنغال ومصر، فإن ذلك يعني بالضرورة، تضييقاً حقيقياً، على المصالح الاستراتيجية الإيرانية؛ ومحاصرة فعلية، لنشر المذهبية، ومؤسساتها المساهمة في توسيع الصراعات الدينية في أفريقيا.
تقوم دراسة مشتركة لكل من الباحثين المغربيين عبدالحكيم أبو اللوز وياسين بوشوار، بتحليل الخطاب الإعلامي الإيراني، وذلك في أفق تقديم رؤية عامة عن أشكال وصيغ الحضور الإعلامي، مركزين في ذلك على مقاربة الحضور الافتراضي الإلكتروني، على اعتبار أن هذا الأخير هو منصة تتيح إمكانية الخروج من الرقابة الرسمية، وآلية للتحرك والخروج العلني والدعوة والدعاية أمام احتكار الدولة للمجال العام الرسمي وللإعلام الرسمي والمؤسسات الرسمية.
إن السؤال الأساسي الذي اشتغلا عليه هو البحث في طبيعة الخطاب الإعلامي الديني الإيراني وأشكاله وأنماطه، أو بالأحرى: كيف تتحرك الحركة الشيعية بالمغرب إعلامياً؟ وما أسس ومبادئ ومنطلقات الخطاب الشيعي الإعلامي؟ ثم ما طبيعة الرسائل التي يمررها؟ وعلى أية وسائط؟
كما يتناولان بروباغاندا الثورة الإسلامية الإيرانية، والأسس والمبادئ المرجعية للدعاية الإيرانية. ويتطرقان إلى مونوغرافية الخطاب الإعلامي الإيراني.
في ضوء الأهمية المتصاعدة التي يكتسبها الحشد الشعبي في العراق، يستعرض المستشار الأكاديمي لـ«المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية» محمد مجاهد الزيات، في دراسته، أهمية هذه الدراسة، التي تحاول بيان مختلف الجوانب المرتبطة بالحشد، ابتداء من الكيفية التي نشأ من خلالها، ثم رصد الفصائل المكونة له وتوضيح الدرجة التي تربط كلاً منها بإيران، وحدود الدور الذي قام به الحشد في مواجهة داعش، وموقف الحكومة والمرجعيات الدينية منه، ومشاركته في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وممارساته الطائفية ضد السنة، ودور الحشد الشعبي في الصراع السوري. يرى الباحث أن إيران تستفيد من ميليشيات الحشد الشعبي في تعميق نفوذها العسكري في العراق وأن يبقى لها دور بارز فيه؛ وضمان ألا يشكل أي فاعل إقليمي أو دولي خصماً موضوعياً من نفوذها ورصيدها الاستراتيجي في العراق. أصبحت ميليشيات الحشد الشعبي بعد انتقالها إلى الأراضي السورية بمثابة ميليشيات عابرة للحدود، وهو أمر ساهم في تصاعد الطائفية في المنطقة، كما أنه غير -بشكل كبير- من موازين القوى على الأرض السورية لصالح النظام. وحقق ظهور الحشد الشعبي في العراق أهدافاً سعى إليها الجانب الإيراني، وأبرزها تأمين الإبقاء على الطريق مفتوحاً بين إيران وسوريا عبر العراق، وضمان وجود ممر بري يصل إيران بحلفائها في المنطقة، كما أن ذلك سهل من المسعى الإيراني لامتلاك طريق يؤدي إلى البحر المتوسط عن طريق سواحل سوريا، وميزة هذا الأمر مستقبلاً أن ذلك سيكون معبراً مستقبلياً لأية مشاريع اقتصادية إيرانية مثل مسألة تصدير الغاز لأوروبا.
جاء مسعى قوات الحشد للمشاركة في العمل السياسي والمشاركة في الفعاليات الانتخابية، في ضوء ارتباط عناصر الحشد في الأساس بكتل شيعية تعد مرجعيات دينية لها، وهو ما يعزز من صعوبة فصل المشاركين في الحشد عن الحياة السياسية في البلاد. من المتوقع أن تكثف طهران من صراعها الضمني مع واشنطن في العراق خلال الفترة المقبلة، خاصة وأنها دائماً ما تحرص على توظيف الملف العراقي في ملفاتها العالقة مع الولايات المتحدة، وعلى رأسها أزمة برنامجها النووي.