سجالات نسوية في الأديان الإبراهيمية: التاريخ والمناهج


يقدم هذا الكتاب دراسات حول السجالات النسوية، وتصوراتها لمواقع النساء وأدوارهن في الأديان الإبراهيمية، وناقشت خلاصات الباحثات في العهد القديم واللاهوت المسيحي، وتأويلاتهن للحضور النسائي الديني والتاريخي في الكتاب المقدس. فتطرّقت إلى سِير نساء العهد القديم، مبرزةً أدوارهن الاجتماعية والدينية والسياسية، كما سعت إلى تفسير أُطر التمايز بين الجنسين، دون أن تنفي رحابة النص الديني وإمكاناته الواسعة.

لفتت الدراسات إلى مدارس تأويلية، تبنتها المنضويات في النسوية الإسلامية، وشرحت تصورهن لمقاربات المساواة، عبر مفاهيم مثل القِسط في القرآن الكريم. وتناولت قضايا قيادة المرأة للطقوس المقدسة في اليهودية والمسيحية والإسلام.


تم النشر في: November 2020


front167

قائمة الفصول


# اسم الفصل سعر اشتري الآن
1 النساء في العهد القديم: قراءة مجدِّدة في الشخصيات والأحداث 45 د.إ
2 النسوية اليهودية: التاريخ والأساليب 45 د.إ
3 نساء الحائط : النضال النسوي اليهودي من أجل المساواة 45 د.إ
4 اللاهوت النسوي المسيحي: التاريخ والأساليب 45 د.إ
5 اللاهوت النسوي.. ونشأة «الثيالوجي» (Thealogy) وسياقاتها 45 د.إ
6 عالِمات اللاهوت النسويات: دالي، روذر، وفيورنزا 45 د.إ
7 بين الحركة والبحوث الأكاديمية: الدراسات الكتابية النسوية في القرن العشرين 45 د.إ
8 المسْلِمات والمجامع الفقهية: لماذا لا تحصل المرأة على عضويتها؟ 45 د.إ
9 المرأة الإمام.. المساواة الجندرية في فضاء المسجد 45 د.إ
10 المنهج النسوي في تدبّر القرآن الكريم: فهم خطاب «القِسط» أنموذجاً 45 د.إ
11 قراءة في الرؤية النسوية لمواقع النساء في الإسلام 45 د.إ
12 النساء وإدارة المقدس بين النصوص الدينية والتحولات الثقافية 45 د.إ
13 الحداثات المصرية وتاريخ النسويّة العلمانيّة في مصر 45 د.إ
ملاحظة: الدراسات متاحة فقط كملف تنزيل في إصدار PDF.

شرح الكتاب


ملخص بحوث العدد (167)

سجالات نسوية في الأديان الإبراهيمية: التاريخ والمناهج

نوفمبر (تشرين الثاني) 2020

دبي

يأتي الكتاب استكمالاً لهدفٍ قصدته بِضْعَةٌ من إصدارات المركز، تناولت فاعلية النساء في المعرفة الدينية، ومواضعهن في الحركات الإسلاموية، وفي تصوراتها، وموقعهن في الأديان والثقافات في الشرق؛ سواء لدى أقليات إيران وتركيا، أو في كردستان ودول الخليج. وحظيت دراسات المجال الإبراهيمي بالاهتمام، لا سيّما تلك التي ركزت على الحوارات المبكِّرة والتسامح وفضاءات العيش المشترك؛ وقارنت التعاطي مع قضايا السياسة والمجتمع. ولأن المرأة جزء لا يتجزأ من التاريخ الديني ووقائعه؛ فإن قراءة سيرتها في النصوص المقدسة مهمة، والأهم رصد مسار تأويلها إياها.

قدمت الدراسات التصور النسوي لمواقع النساء وأدوارهن في الأديان الإبراهيمية، فناقشت خلاصات الباحثات في العهد القديم واللاهوت المسيحي، وتأويلاتهن للحضور النسائي الديني والتاريخي في الكتاب المقدس، ولاحظت الجهد التأويلي لدى المنضويات في «النسوية الإسلامية»، ورصدت سعيهن لتكريس مفهومهن للمساواة، اعتماداً على مقارباتٍ عدة، من بينها مفهوم القسط في القرآن الكريم. وفي دراسةٍ جدلية، أُثيرت قضية رئاسة النساء للعبادة في اليهودية والمسيحية والإسلام من منظورٍ مقارن.

النساء في العهد القديم: قراءة مجدِّدة في الشخصيات والأحداث

تطرّقت دراسة إرمتراود فيشر -أستاذة جامعية في قسم دراسات العهد القديم في كلية اللاهوت بجامعة غراتس (Graz)، النمسا-، إلى سير نساء العهد القديم، محلِّلة قضيّة تصوّر الخلق من المنظور «الجندري»؛ ومبرزةً الأدوار الاجتماعية والدينية والسياسية التي لعبتها النساء الواردة أسماؤهن في التوراة، فسعت إلى تفسير أطر التمايز بين الجنسين، دون أن تنفي رحابة النص الديني وإمكاناته الواسعة؛ إذ تميَّز عصر بداية الممالك بوجود نساء قويات تركن بصمتهن عليه، كما تكشف القصص التوراتية عن وجود ملكات مستشارات وحكيمات، كذلك وقفت على كتب النساء وحضورهن في الكتابات المتأخرة للعهد القديم. وخلصت إلى أن المظاهر الخاصة الدالة على تمثل ما هو إلهي من خلال العنصر الأنثوي نجدها في تصور المرأة الحكيمة بالعبرية «Chokmah» والشواهد النحوية المؤنثة الدالة على الروح (Ruah) وعلى العاصفة. وفي تاريخ التفسير يصار إلى النقاش حول هذين المفهومين في طرح أقنوم التصور التوراتي المتعالي الذي يتعلق بالحكمة، كما يدور أيضاً حول مكان الله والروح بدلالتها الأولية مشتقة من "الريح" أو من العاصفة ولكن الكلمة تشير أيضاً، أو يمكن أن تشير إلى قوة الحياة، وإلى القوة عامة، التي يستعملها الأشخاص الكبار للمبادرة وللدلالة على الوعي الذاتي لأفعالهم.

النسوية اليهودية: التاريخ والأساليب

تناولت صفا بن سعد -أستاذة مشاركة في جامعة شيربروك بكندا- تاريخ وتصورات النسوية اليهودية، والحركة الإصلاحية التي خاضتها. تخلص الباحثة في تحليلها إلى أنَّ النسوية اليهودية، مثل كل النسويات الدينية، هي حركة تبقى، ومن باب الاختيار، ضمن الدين مع محاولة تثويره، وفي المقابل، وبخلاف الحركات الأخرى، تقدم هذه النسوية اليوم صورة فيها مفارقة حول ظروف المرأة اليهودية، وذلك بحسب مكان الإقامة والمجموعة التي تنتمي إليها. في حين تتولى نساء يهوديات مراتب مميّزة في قراءة وتفسير النصوص الخاصة بالكتاب المقدس، ويقمن بإدارة المراسم الدينية وخصوصاً في أوروبا وأمريكا الشمالية، فإن البعض من الأخريات، ولا سيّما المنتميات إلى التيار الأرثوذكسي، وجدن أنفسهن مطوقات بالمخططات العائلية والمجتمعية التقليدية. وهذا لا يقوم حجة على الإخفاق، لأن سيرورة بروز النسوية اليهودية وتطورها (والنسوية بشكل عام)، يُثبت أن ديناميتها التاريخية لا تظهر نتائجها إلا على نحو تدريجي، تراكمي وجامع. وهكذا، تتبنى النساء استراتيجيات تظهر متلائمة مع أوضاعهن المختلفة من أجل التقدم في تناغم مع معتقداتهن وهوياتهن.

نساء الحائط: النضال النسوي اليهودي من أجل المساواة

تناول ستيوارت ز. شارمي -أستاذ الأديان في جامعة روتجرز بالولايات المتحدة- الأدوار المتغيرة للنساء عند الجدار الغربي، وسلط الضوء على حملة استعادة حقوق النساء عند الحائط الغربي، وخلص إلى أنه أنجز الكثير فيما يتعلّق بنضال النساء من أجل الحقّ في الصلاة مثل الرجال عند الحائط الغربي. فقد احتفلت «نساء الحائط» بالذكرى الثلاثين لبدء نضالهن من أجل الحقوق عند الحائط. وفي أثناء ذلك الوقت، حازت ناشطات الحركة على اعتراف قانوني بحقهن في الصلاة جهراً عند «الحائط الغربي» وفقًا لأعرافهن، باستخدام الكيباه والتِفيلين والطاليت. وهن يؤدّين مراسم الصلاة رسمياً مرة واحدة في الشهر حيث تشمل القراءة غير المشروعة من توراة صغير يُهرّب إلى قسم النساء من الحائط. وفي المقابل تراجعت احتجاجات اليهود الأرثوذكس المتشدّدين واعتداءاتهم عند الحائط الغربي، وأصبحت صورة النساء اللواتي يصلين جهراً، متشحات بشالات الصلاة، مع الكيباه والتِفيلين، بعد (30) عاماً، أمراً معترفاً به الآن باعتباره جزءاً من تقاليد المكان.

اللاهوت النسوي المسيحي: التاريخ والأساليب

قدمت دراسة أيمي كار -أستاذة الدراسات الدينية في «جامعة ويسترن إلينوى»، الولايات المتحدة- نقاشات حول سيامة النساء في النسوية المسيحية، ومرت على التأويلات الكتابية لها، وعقائدها اللاهوتية، مستعرضة أفكار اللاهوت النسوي المسيحي وتطور حقل الدراسات الكتابية النقدية وانعكاسهما على مواقع النساء في الكنيسة. وتشير الباحثة إلى أن اللاهوت النسوي المسيحي المعاصر ينشأ من تجربة التنافر بين التوقّع والواقع؛ فمن ناحية، تتوقّع المسيحيات أن الدين يريد لهنّ الرفاه، ومن الناحية الأخرى، تتعرّض بعض المسيحيات -على الأقل، تاريخياً وفي الوقت الحاضر- لقمع يسمعون أنه مبرّر باسم المسيحية. وتُستنكر بعض أشكال هذا القمع على نطاق واسع بين المسيحيين اليوم، بما في ذلك العنف المنزلي والاعتداء الجنسي. وقد استندت الاستجابة لهذا القمع إلى اللاهوت النسوي المسيحي، على الرغم من أن الكنائس المسيحية الأشدّ محافظة تستطيع الإفادة من أفكاره دون أن تحدّد أنها نسوية بحدّ ذاتها. وإن التأمّل اللاهوتي النسوي الأكثر متانة قد تبلور ردًّا على تجارب المعايير الجنسانية (Gender) التي يثير وضعها بوصفها قمعاً؛ جدلاً بين النساء أنفسهن. فهل من الظلم أن تخضع النساء لسلطة الرجال بوصفهم أرباباً للأسرة؟ أم أن يُحرمن من السيامة قساوسة أو كهنة؟ وهل من الظلم أن يكون للرجال سلطة أكثر من النساء في المجال العام؟

ترى كار أن المسيحيين الذين يجيبون بالنفي عن مثل هذه الأسئلة يؤمنون بجوهرية الاختلاف الجنساني (الادعاء بأن الرجال والنساء مختلفون بطبيعتهم) وفي إخضاع النساء للرجال الذي لا يفهم بوصفه أبويًّا ضارًّا، ولكن بوصفه السياق الذي تكون فيه النساء على طبيعتهن ويستطعن الازدهار على أفضل وجه؛ بوصفهن زوجات وربّات منزل ورعاة في مجالات أخرى. بل إن المسيحيات الإنجيليات المعروفات بأنهن قياديات يشدّدن -في الغالب- على أنهن أولاً وقبل كل شيء زوجات وأمهات وتحت سلطة أزواجهن (الداعمين). بالمقابل، فإن معظم اللاهوت النسوي المسيحي (Christian Feminist Theology) يسعى للتوصّل إلى سبب للإجابة عن الأسئلة أعلاه بنعم، باتباع نظرة أكثر مساواتية للعلاقة بين الرجل والمرأة. وفي حين أن بعض دعاة الحركة النسوية المسيحيات يعبّرن عن نوع من الجوهرية الجنسانية (غالباً ما يدعين بأن تجارب النساء تقدّم شيئاً مفقوداً في صورة أشمل للإنسانية)، ويصوّر النوع الاجتماعي (الجندر) على نحو متزايد بوصفه شيئاً مركّباً ومرناً.

اللاهوت النسوي.. ونشأة «ثيالوجي» (Thealogy) وسياقاته

درست آمال قرامي -أستاذة تعليم عالٍ في قسم العربية بكلية الآداب والفنون والإنسانيات (جامعة منوبة)- مصطلح "ثيالوجي" وظهوره، وهوية المشتغلات في الحركة الثيالوجية، والسياقات التاريخية والمعرفية، والمضامين الأساسية الموجهة للبحث الثيالوجي، والنقد الموجه للحركة الثيالوجية.

تشير الباحثة إلى أن تاريخ ظهور مصطلح "ثيالوجي"، ونسبته إلى أوّل من استعمله في الكتابات الأكاديميةّ ليس محلّ اتّفاق بين الدارسين؛ إذ تذكر فئة من هؤلاء أنّ الأمريكي إسحاق بونويتس (Isaac Bonewits) (1949-2010) هو أوّل من استعمل هذا المصطلح في كتابه: «سجلات الكهنة المتطورة» (The Druid Chronicles Evolved) ثمّ تلته النسوية الأمريكية فاليري سيڤنغ (Valerie Saiving) (1921-1992) في مؤلفها: «المركزية الذكورية في الدراسات الدينية» (Androcentrism in Religious Studies) وكان ذلك سنة 1976. استعملت النسويّة المتخصّصة في علم النفس الدينيّ، واللاهوت النسويّ ناعومي غولدنبرغ (Naomi Goldenberg) مصطلح «ثيالوجي» (Thealogy) في كتابها «تغيير الآلهة» (The Changing of the Gods) المنشور سنة 1979. ألّحت فيه على ضرورة تبنّي خطاب نسويّ يدرس (Logy) الآلهة المعبودة (Thea) باليونانية القديمة بدل الاستمرار في اجترار خطاب يتصوّر الله أو الإله (Theo)، من منظور ذكوريّ يؤدي إلى خدمة النظام البطريركي والمركزيّة الذكوريّة. انطلقت غولدنبرغ من مسلّمة مفادها أنّ إدراك الإله مفارق للتمثلات الجندريّة السائدة في المجتمعات البطريركية، ويتجاوز التسييج الذي يفرضه الزوج: ذكورة/ أنوثة. بيد أنّ مؤولي النصوص الدينيّة من الرجال يصرّون على توجيه الفهم بما يخدم مركزّية الرجل؛ لذا وجب الكفّ عن الحديث عن الربّ بصيغة المذكّر، والقطع مع خطاب الإعلاء من شأن العقل باعتباره الوسيلة المثلى لإدراكه.

تخلص الدرسة إلى أنه بقطع النظر عن كيفيّة تقبّل الحركة الثيالوجية في الغرب، فإنّ الثابت هو أنّ ما تطرحه المختصّات من آراء وتصوّرات ونظريّات يُزعج المؤمن العاديّ، ويصدم رجال الدين المحافظين في المؤسسات الدينيّة الرسميّة المسيحيّة واليهوديّة وغيرها، بل إنّه مثير للجدل حتّى في الأوساط الأكاديمية. ولكن من المؤكّد أنّ الثيالوجي تبقى صادمة للرأي العامّ الإسلاميّ الّذي لم يتعوّد على طرح مثل هذه المفاهيم، والتفكير في ما يشغل بال بعض الدارسات النسويات من حيث علاقتهنّ بالله، وتصوّرهنّ لمكانه في وجودهنّ وحياتهنّ اليوميّة. وتذهب قرامي إلى أنّ الباحثين وأساتذة الشريعة وغيرهم من المختصين في الدراسات الدينيّة، لن يناقشوا مثل هذه القضايا -على الأقلّ في السياق الحالي- ولن يكون بإمكانهم التفكير خارج الصندوق. وقلّة هم الراغبون في مواكبة التطوّرات في مجال الفكر الدينيّ من خارج حضارتهم، ومناقشة ما تثيره من قضايا معقّدة. أمّا السائد فهو إدانة صاحبات هذه التصوّرات أو عدم الاكتراث بأفكارهنّ ورؤاهنّ وكتاباتهنّ، فبعض الأفكار تعبّر عن تصوّرات وثنيّة أو «شطحات» فكرية أو بدع نسائية، إذ يرى فيها المحافظون ثورة ناعمة على العقائد والمفاهيم الدينية السائدة.

عالِمات اللاهوت النسويات: دالي، روذر، وفيورنزا

تطرقت دراسة نوال العلي، كاتبة ومترجمة أردنية مهتمة بدراسات المرأة، إلى أعمال وخلاصات ثلاث عالمات لاهوت نسويات في أمريكا؛ أسسن لقراءة جديدة في علاقة المرأة بنقد اللاهوت المسيحي التقليدي الغربي، وهن: النسوية الراديكالية ماري دالي (Mary Daly)، وعالمتا اللاهوت روزماري رادفورد روذر (Rosemary Radford Ruether)، وإليزابيث شوسلر فيورنزا (Elisabeth Schüssler Fiorenza)، إحدى أهم من قدمن تجربة في الهرمينوطيقا اللاهوتية النسوية.

ترى الباحثة أن لكل من دالي وروذر وفيرونزا كتاباً يعد هو المؤسس لتنظيرها وفكرها ونقدها للكهنوت المسيحي، فدرست أبرز الأفكار المطروحة منهن في نقد اللاهوت المسيحي التقليدي. كذلك اطلعت على أوراق بحثية ودراسات متفرقة أجريت عنهن في المؤسسات الأكاديمية المختلفة، من بينها دراسة موسعة للباحثة الجنوب أفريقية جوانا مارتينا وود (Joanna Martina Wood)، التي أجرتها تحت عنوان «البطريركية والنسوية وماري دالي: بحث منهجي لاهوتي في ارتباط دالي بقضايا النوع الاجتماعي في اللاهوت المسيحي». كما استندت الدراسة -بشكل كبير- على كتاب عقدت فيه مؤلفته دراسة مقارنة بين النسويات الثلاث، حيث أنجزته الباحثة الكندية «درالين. إم جوشكا» (Darlene M. Juschka) عام 1998 تحت عنوان «لقاءات نسوية مع الرمز والأسطورة والطقوس، ماري دالي، إليزابيث شوسلر فيورنزا، وروزماري رادفورد روذر». وتقدم الباحثة لمحة تاريخية عنهن، وتستعرض أبرز طروحاتهن في ذلك.

بين الحركة والبحوث الأكاديمية: الدراسات الكتابية النسوية في القرن العشرين

هذه المادة هي ترجمة لتقديم كتاب (Feminist Biblical Studies in the Twentieth Century: Scholarship and Movement ) (SBL Press; 1st edition, 2015) (مجموعة باحثين/ ثات) كتبته إليزابيث شوسلر فيورنزا، أستاذة اللاهوت في كلية اللاهوت بجامعة هارفرد بالولايات المتحدة.

تأتي أهمية هذا التقديم التمهيدي من الفهم الجديد الذي تطرحه المناهج المتعددة التخصصات في دراسة موقع النساء في الديانات، بموازاة العرق والإثنية والاستعمار، كما أنه يكشف للقارئ عن المصطلحات المستحدثة، في مجال الدراسات النسوية الكتابية والاجتماعية، والسجال العقلي الذي تخوضه النسويات على مستوى تحليل أطر الهيمنة البطريركية، وترجمتها في الدين واللغة والثقافة والسياسة والاجتماع.

ترى فيورنزا أن هذا المجلد حاول رسم خريطة للمجال الواسع للدراسات الكتابية النسوية، في القرن العشرين، لكن لا يسعه القيام بذلك إلا بالإشارة إلى مجالات البحوث التي تحتاج إلى مزيد من التطوير. ولا يسعى للمساهمة في معرفتنا بأنساب الدراسات الكتابية النسوية في القرن العشرين فحسب، وإنما في تخيّلنا لما لا يزال يتعيّن القيام به أيضاً. ويحاول وضع الدراسات الكتابية النسوية في الفاعلية التقاطعية للحركات النسائية من أجل التغيير، لا في المجال الأكاديمي والكنيسة أو الكنيس أو المسجد فحسب. ويتطلب هذا الموقع الاجتماعي أن نطوّر نطاقاً بين الأديان وعبر وطنية أكثر كمالاً. ولا نعرف إذا كان في وسع الدراسات الكتابية النسوية أن تدعم هذه «البينية» بنجاح في السنوات القادمة، أو إذا كانت ستسحب طاقاتها الفكرية نحو الأبراج العاجية للدراسات الأكاديمية، أو نحو الأماكن الجديدة للديانات المنظمة. وترى أن الدراسات الكتابية النسوية ستتمكّن من تفكيك «منزل السيد المسيطر المركزي» من أجل تخيّل فضاء نسوي مختلف للتفسير الكتابي، وصنع المعنى واستحداثه، ما دامت ملتزمة بالحركات الاجتماعية للتغيير.

المسْلِمات والمجامع الفقهية: لماذا لا تحصل المرأة على عضويتها؟

تدعو نادية الشرقاوي -باحثة مغربية مختصة في علم الأديان وقضايا النساء في الإسلام- في دراستها إلى وقفة مراجعة وتأمل، للبحث عن آفاق جديدة للمعرفة الدينية النسوية في المجال الإسلامي، والتطرق إلى أسباب غياب نساء فقيهات يسهمن في تجديد الفقه عن المجامع الفقهية لتقديم رؤية نسائية تنبثق من المرجعية الإسلامية، وتسعى إلى إعادة النظر في القضايا الفقهية المستجدة، خصوصاً منها ما يهم المرأة المسلمة المعاصرة، بكل ثقة وجرأة، للبحث أولاً عن حلول لها، وثانياً لمواجهة الخطاب المتداول، الذي يحد من جهود المرأة، ويجعلها لا ترقى، «بمسلَّماته» تلك، إلى مستوى النظر والاجتهاد والتحقيق.

ترصد الباحثة أسباب تغييب النساء العالمات عن المنابر الفقهية المعاصرة، وما الذي يحول دون دخولهن المجامع الفقهية، وتطرح الإشكاليات الآتية: ما موانع وجود تمثيلية نسائية في المجامع الفقهية؟ هل هناك نماذج نسائية استطاعت أن تضع بصمتها في تجديد الخطاب الديني؟ هل يمكن تجديد فقه المرأة بأصوات نسائية؟ لماذا يتم استبعاد النساء من المجامع الفقهية؟

تقف الباحثة عند بعض الأسباب التي كانت وراء استبعاد النساء من المشاركة في المجامع الفقهية عموماً، وسبباً في تحفظ هذه الهيئات على إشراك النساء، وقد أتت دراستها في أربعة محاور: الأول: غياب النساء عن تشكيلة المجامع الفقهية منذ النشأة؛ الثاني: تبني قاعدة سد الذرائع؛ الثالث: الإفتاء وتوظيف روايات لإقصاء المرأة؛ والرابع: غياب النساء عن تشكيلة بعض المجامع الفقهية.

تخلص الشرقاوي من خلال بحثها إلى أن هناك الكثير من التفسيرات والتأويلات التي أثرت سلباً في أداء النساء للواجب الحضاري في الإسهام في بناء المجتمع، ووضعت النساء خارج الخريطة المعرفية الدينية، فغيَّبتهن باسم النصوص الدينية عن المراكز العلمية، وتالياً كانت سبباً في إبعادهن عن المجامع الفقهية التي تشكل اليوم بوابة الاجتهاد والإصلاح الديني.

المرأة الإمام.. المساواة الجندرية في فضاء المسجد

تطرح ريتا فرج -باحثة لبنانية في علم الاجتماع والإسلاميات المعاصرة، عضو هيئة تحرير الكتاب الشهري في مركز المسبار للدراسات والبحوث- في دراستها قضية «المرأة الإمام» في الإسلام المعاصر، فتناقش فاعليتها وحضورها في فضاء المسجد، والموقف الفقهي المخالف والمؤيد لها، وتتناول المطالب التي ترفعها الناشطات النسويات والعالِمات في الدراسات الإسلامية والعلوم الأخرى، ونضالهن لتحقيق المساواة مع «الرجل الإمام» في إمامة المصلين من الجنسين. تأتي الدراسة في محورين أساسيين: الأول: مساجد النساء العالِمات في الصين؛ والثاني: المرأة الإمام في التاريخ المعاصر، وتدرس أنموذجين من بين نماذج نسائية عدة، قدمت نفسها في مضمار ريادة الصلاة الجامعة، وهما: آمنة ودود وكاهنة بهلول.

تحدد الباحثة حضور المرأة في فضاء المسجد ضمن أربعة أطر: الحضور النسائي التقليدي التاريخي؛ يختلط فيه الديني مع الدعوي/ الإرشادي، وهو يرتبط بالإسلام التقليدي ومؤسساته، حيث تنشط فيه النساء من أجل الصلاة والدعوة والتعليم الديني، والإمامة –أحياناً- كما هو الحال في المساجد النسائية في الصين. الحركة النسائية المسجدية؛ وهي جزء من «النهضة الإسلامية الأشمل أو الصحوة، التي اجتاحت العالم الإسلامي [لا تتصف بطابعها الحركي الإسلاموي]، منذ السبعينيات على الأقل، وظهرت رداً على التصور بأن المعارف الدينية –بوصفها وسيلة لتنظيم الحياة اليومية- أصبحت مهمشة بشكل متزايد في ظل هياكل الحكم العلمانية الحديثة .الحراك النسائي المسجدي الإسلاموي؛ ذلك الحراك الذي تقوم به الناشطات في تيارات الإسلام السياسي لا سيما المنضويات في جماعة الإخوان المسلمين، من أجل نشر الأيديولوجية الإسلاموية أولاً، والرؤية التفسيرية الانغلاقية تجاه أدوار النساء في المجتمع والدين، ثانياً. الحضور النسوي الإسلامي الليبرالي المعاصر؛ ذلك الذي تقوده الناشطات في الإسلام الليبرالي والداعيات إلى المساواة بين الجنسين في القيادة الدينية ووظائف الإمام.

المنهج النسوي في تدبّر القرآن الكريم: فهم خطاب «القِسط» أنموذجاً

قدمت دراسة أميمة أبو بكر -أستاذة الأدب الإنجليزي المقارن بجامعة القاهرة في مصر- أنموذجاً تطبيقياً للمنظور والمنهج اللذين تطرحهما النسويات المسلمات في دراستهن للقرآن الكريم، بهدف تسليط الضوء على القيم والمبادئ القرآنية الحاكمة التي كانت لا بد وأن تحدد فهم وتفسير كثير من الآيات القرآنية الشريفة حول النساء وعلاقات النوع.

تقوم الدراسة باستكشاف مفهوم «القسط» في القرآن وصلته بأخلاقيات الإنصاف والعدالة، وكيفية استخدامه معياراً تأويلياً في قراءة وفهم بعض الآيات لترجيح منظور التكافؤ والمساواة بين الجنسين. وتخلص إلى أن ما تقدمه الحركة النسوية الإسلامية للعالم اليوم، هو طرح حول إمكانية ممارسة مبادئ الدين والنصوص المقدسة في الحياة عامة، دون حدوث إجحاف أو تمييز أو ظلم –حتى في مجال حقوق المرأة- وفي موازاة ذلك تبين للتيارات النسوية التي تدعو إلى التخلي عن المرجعية الدينية، مثالاً على إمكانية الترشيد والإصلاح، فالعلمانية ليست بالضرورة هي الحل المقبول في كل سياق، بل إن البحث النسوي الإسلامي يلفت النظر إلى الحقل المعرفي الذي عانت نساء الأديان الأخرى من الاستبعاد فيه.

قراءة في الرؤية النسوية لمواقع النساء في الإسلام

قدمت هند مصطفى -باحثة مصرية متخصصة في دراسات المرأة، رئيسة وحدة الدراسات والنشر والمكتبات في منظمة المرأة العربية- قراءة في الرؤية النسوية لمواقع النساء في الإسلام، بدأتها بتناول السياقات المعرفية والأيديولوجية، ثم عرجت على الدراسات النسوية في الإسلام، واستعرضت مفهوم (الإسلام) في الكتابة النسوية، مسلطة الضوء على بعض أعمال فاطمة المرنيسي (1940-2015) الذي شكل صدور كتابها «النبي والنساء» باللغة الفرنسية عام 1987 نقلة مهمة في التناول النسوي لقضية المرأة في الإسلام، وعلى الرغم من أنه لم يكن العمل النسوي الأول في هذا المضمار، فإنه كان أنموذجاً رائداً لعمل يستخدم المرجعية النسوية.

وترى الباحثة أن في تحليل المرنيسي وفي تحليلات أخرى، ينطلق البحث عادة من جهد استقصائي يدعي أنه يستهدف التمييز بين المقدس والتاريخي والحقيقي والزائف والأصل والموضوع، ويشتغل على تنقية الأساس الإلهي من الشوائب الثقافية بما فيها من تحيزات ذكورية. إلا أن ذلك الجهد البحثي يبدو محملاً بتحيزاته الخاصة، وينطلق من أرضية معرفية مغايرة (الحداثة وما بعدها)، ومن أرضية منهجية تختلف في جوهرها كل الاختلاف مع فكرة الدين، إذ ترفض المناهج ما بعد البنيوية (التفكيك) بالأساس فكرة المطلق والثابت والإطار المرجعي، بل يرفض خطاب التفكيك وجود أي مركزية وأي مصدر متعالٍ للمعرفة وأي حقيقة خارج اللغة (النص). بل وحتى المفاهيم التي يستدعيها الباحث ويستخدمها تنتمي أحياناً لنسق تاريخي وخبراتي مختلف. وفوق هذا أحيانا ما يكون المخاطَب في المقام الأول أجنبياً بحكم الوجود والانتماء الأكاديمي. كل ذلك يؤدي إلى توجيه الجهد البحثي نحو اختيار الحل الأيسر لمعضلة موقع النساء في الإسلام. فطالما أن البنية كلها مربكة، فالأفضل تركها جانباً. وكما في التجربة الغربية الحاضرة، ترى كثير من النسويات أنه من الأفضل أن يظل الدين الروحي داخل مؤسساته، وينفصل تماماً عن أي أطر علمية أو قانونية أو تنظيمية للمجتمع ولحركة الأفراد وحرياتهم وتعاملاتهم ولا يشكل مرجعاً لأي منها، وأن يكون البديل هو تنظيم وضعي معاصر كما فعلت الخبرة الغربية. مقابل هذا التوجه، تقتحم نسويات أخريات ميدان التأويل الديني من موقع الإيمان بأن بعض الفقهاء قد حرّف جوهر النصوص التأسيسية.

النساء وإدارة المقدس بين النصوص الدينية والتحولات الثقافية

سعى جوزيف خوري -باحث لبناني في فلسفة الدين والتعددية الدينية والثفافية- إلى التحقق من الإشكالية الآتية: هل التمييز الجنسي وإبعاد المرأة عن وظيفة الشأن المقدّس، يجد تبريره في العقيدة الإيمانية ذاتها، أو يعود إلى العامل الثقافي الذكوري الذي طبع المجتمع البشري بشكل عام منذ نشأته حتّى اليوم، بما فيه من نصوص دينية متعاقبة؟ ولإلقاء الضوء على هذه المسألة، يتوقّف عند عدد من المفكّرين الذين بحثوا وضْع المرأة في الديانات الإبراهيمية الرسمية قديمًا وحديثًا. وينتهي إلى أن إعادة النظر في الواقع النسوي تبدو ضرورةً ملحّةً في الزمن الراهن، حتى يمكن للخطاب الديني أن يحظى باهتمام وتأثير في حياة المجتمع المعاصر. وعلى الرغم من الانتقادات الحادة التي تُوجّهها بعض الأوساط الغربية الفكرية والسياسية إلى موقف الأديان الإبراهيمية من النساء، إلّا أنّها هي ذاتها -من حيث تدري أو لا تدري- أسيرة نظرة ذكوريّة تأخذ أشكالًا مختلفةً في كلّ الميادين.

الحداثات المصرية وتاريخ النسويّة العلمانيّة في مصر

تناقش ميرفت حاتم -أستاذ فخرية في «جامعة هوارد» في واشنطن بالولايات المتحدة- تطوّر النسويّة العلمانيّة (Secular Feminism) في مصر بوصفها جزءًا من تاريخ وسياسات الحداثات المصرية؛ التي تطوّرت في أشكال هجينة لخطابات معينة، مما يفسّر التفاعل بين المحلي والغربي في المؤسّسات والأطراف الفاعلة وأجنداتها الاقتصاديّة- السياسيّة والاجتماعيّة.

تتفحّص الباحثة السياقات المتعددة المستويات التي تطوّرت ضمنها النسويّة العلمانيّة المصرية، مع ما ولّدتها من تغيّرات وتوترات وصراعات ما زالت قائمة إلى اليوم، عبْرَ دراستها التاريخ المبكر للحداثة في مصر. تُبيّن الدراسة أن بعض الاتجاهات العلمانية الناشئة في الحقبة الاستعمارية لم يكن متوجّباً عليها تحدي الإسلام كدين، أو مؤسّساته القانونية والاجتماعيّة التي أبدت انفتاحًا على بعض الأفكار والابتكارات. كما تركز الدراسة وتشرح التواريخ والسياسات الجندرية المحددة للحداثة المصرية، عن طريق فحص التغيّرات المتعلقة بتاريخ اندراجها في الإمبراطورية العثمانية والسوق العالمي الصاعد، وكيف أثرت تلك المعطيات كلها في النساء بوصفهن أطرافاً محليّة فاعلة.