أزمات إيران: المياه، الهجرة، العقوبات


     عملت إيران على التغلغل في دول عربية وأفريقية عدة، تقوّض فيها مؤسسات الدولة؛ وتوظف البعد الديني والمذهبي لإرساء «حالة اعتراضية» تظهر بأشكال مختلفة، تشتد مع «القوة المُعطلة» التي تصل إلى «الانقلابات الصامتة» ضد القوى السياسية والأحزاب خصوصاً في العراق ولبنان واليمن؛ وربما تنخفض مع السعي لتنفيذ خطط لتغيير ناعم في الديموغرافيا، تمهيداً لحقبةٍ تالية من الانشقاقات المدعومة، والدعم المباشر للأقليات «المصنوعة». غير أن «المد الإيراني» يؤدي إلى دفع تكاليف كثيرة انعكست على الداخل في ظل أزمات سياسية اقتصادية واجتماعية متعددة الوجوه، وانتكاسات إقليمية في السنوات الأخيرة. ولما اقتصرت أكثر الدراسات على تتبع السياسة الخارجية الإيرانية واستراتيجياتها؛ يهدف هذا الكتاب إلى استكشاف الأزمات والتحديات الداخلية في إيران التي من بينها الهجرات الداخلية، وأزمة المياه، وملف حقوق الإنسان وغيرها من القضايا الشائكة.

     يتناول هذا الكتاب الأزمات الداخلية التي تعاني منها إيران، والتحديات الخارجية سواء تلك المرتبطة بمشروع طهران التوسعي، أو بموجة العقوبات التي بدأت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، بعد اتجاه واشنطن لتحديد وجهة مدبرة عن الاتفاق النووي.


تم النشر في: September 2018


front141

قائمة الفصول


# اسم الكتاب
1 أزمة المياه في إيران: توازنات حرجة وسياسات غير ناجزة
2 التحولات الديموغرافية في إيران
3 الحركة الخضراء واحتجاجات 2018-2017: ما الذي تبدل؟
4 إيران والمشروع الإقليمي.. أهمية سوريا!
5 أوضاع السجون وقانون الإعدام في إيران
6 الاحتجاجات الإيرانية المتكررة بعيونٍ أحوازية
7 كيف تخطط إيران في المؤسسات الأوروبية ووسائل الإعلام؟
8 «اللوبي الإيراني» في الولايات المتحدة.. عهد باراك أوباما

شرح الكتاب


ملخص بحوث الكتاب "141"

«أزمات إيران: المياه، الهجرة، العقوبات»

سبتمبر (أيلول) 2018

دبي

يتناول كتاب المسبار «أزمات إيران: المياه، الهجرة، العقوبات» (الكتاب الحادي والأربعون بعد المئة، سبتمبر/ أيلول 2018) الأزمات الداخلية التي تعاني منها إيران، والتحديات الخارجية سواء تلك المرتبطة بمشروع طهران التوسعي، أو بموجة العقوبات التي بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، بعد اتجاه واشنطن لتحديد وجهة مدبرة عن الاتفاق النووي.

إن القضايا الأساسية التي ركزت عليها الدراسات تسعى إلى تحديد خط التصدعات الإيرانية على مستويات عدة، بدءاً من أزمة المياه والتحولات الديموغرافية، وانفجار الاحتجاجات المطلبية أواخر عام 2017، مروراً بأوضاع السجون المزرية المخالفة لأبسط شروط حقوق الإنسان، وصولاً إلى الأثمان الباهظة التي يدفعها الإيرانيون لتثبيت أقدامهم على جبهات إقليمية عدة.

أزمة المياه في إيران: توازنات حرجة وسياسات غير ناجزة

يقول الباحث المصري، محمود حمدي أبو القاسم (باحث متخصص في الشأن الإيراني) في دراسته: إن "العديد من الأسباب تقف خلف دخول قضية المياه في إيران مرحلة الأزمة ، منها ما هو متعلق بعوامل طبيعية وطبوغرافية، ومنها ما هو سياسي مرتبط بخطط ومشروعات النظام المائية وبإدارة الموارد المائية في الداخل أو المشترك منها مع الجيران، ومنها ما هو اجتماعي/ ديموغرافي مرتبط بتطور حالة السكان وسلوكهم وحركة هجرتهم؛ فجميع هذه العوامل تشابكت في ظل واحدة من السمات الرئيسة لإيران وهي تفاوت حصة الأقاليم المختلفة من المياه الطبيعية؛ مما أدى في النهاية إلى ظهور الأزمة كواحدة من المهددات الرئيسة للأمن المائي والقومي الإيراني معاً. في هذا الإطار ستحاول هذه الدراسة إلقاء مزيد من الضوء على أهم الاحتجاجات الراهنة المتعلقة بمشكلات المياه وأهم مطالب المحتجين، مروراً بتحليل الوضع المائي في إيران وعلاقته بالأزمة، وإشكاليات الوضع المائي وتوازناته الحرجة، وأسباب تفاقم الأزمة على هذا النحو، مستعرضًا الأنشطة الاقتصادية الضاغطة على موارد المياه، وأخيراً الكشف عن كيفية استجابة النظام لمواجهة هذا التحدي، ومدى نجاعة تلك السياسات وتأثيرها على الأزمة في المستقبل.

التحولات الديموغرافية في إيران

درس محمد عباس ناجي (رئيس تحرير مجلة «مختارات إيرانية» في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام)، قضية التحولات الديموغرافية وما يرتبط بها من صعود وهبوط معدلات الهجرة داخل إيران، اكتسبت أهمية وزخماً خاصاً على مدى العقود السبعة الماضية لاعتبارات عديدة : يتمثل أولها في الترابط التاريخي بين تلك التحولات وبين التطورات السياسية التي عايشتها إيران على مدار تلك العقود.

ويرى الباحث أنه كان لافتاً أن الاحتجاجات التي اتخذت طابعاً سياسياً كان مركزها طهران وليس الأطراف، على غرار الاحتجاجات التي اندلعت عقب أزمة التشكيك في نتائج الانتخابات الرئاسية التي أجريت في يونيو (حزيران) 2009 وأسفرت عن فوز الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية، حيث كان التركيز فيها على شعارات مثل تقليص صلاحيات بعض المؤسسات غير المنتخبة داخل النظام، مثل مجلس صيانة الدستور، وتوسيع هامش الحريات السياسية والاجتماعية، والتوقف عن اعتقال النشطاء السياسيين والصحفيين المدافعين عن حقوق الإنسان. في حين أن الاحتجاجات التي شهدتها الأطراف كانت -في الغالب- احتجاجات ذات طابع اقتصادي تتعلق بتردي الأوضاع المعيشية وانهيار البنية التحتية، على غرار الاحتجاجات التي اندلعت في مدينة مشهد، في ديسمبر (كانون الأول) 2017، نتيجة ارتفاع مستويات البطالة والتضخم وزيادة معدل الفقر. وتشير أدبيات عديدة إلى أن الأسرة المتوسطة في إيران كانت تعيش قبل ثلاثة عقود في الريف، حيث لم تكن هناك بنية تحتية جيدة وكانت هناك صعوبة في الحصول على خدمات حياتية مثل التعليم والصحة. كما لم تكن نسبة التعليم عالية، بالتوازي مع ارتفاع معدل وفيات الأطفال. لكن بعد ثلاثة عقود، انتقلت الأسرة المتوسطة إلى العيش في المدينة، حيث ارتفعت مستويات التعليم وتراجعت معدلات الأمية وضاقت فجوة التعليم بين الطبقات وبين الرجل والمرأة، وزادت إمكانية الحصول على الخدمات الحياتية الرئيسة. وقد شكل هذا التحول خطوة مهمة عززت من دور تلك الطبقة في إجراء التحولات السياسية التي شهدتها إيران. وينصرف ثانيها إلى أنه ثبت أن هناك علاقة طردية بين ظاهرة الترييف، التي ارتبطت بالمشكلات الاقتصادية الحياتية، مثل نقص المواد الغذائية، وتراجع نسبة التعليم، وارتفاع معدلات الوفيات، وانتشار الأوبئة، وبين استقرار الأوضاع الأمنية.

يتوقع الباحث في نهاية دراسته أن ظاهرة الهجرة الداخلية في إيران سوف تتصاعد خلال المرحلة القادمة، وذلك لاعتبارات عديدة. إذ إن الإجراءات التي تتخذها الحكومات المتعاقبة لإحداث تحولات ديموغرافية، ما زالت مستمرة على الرغم من الضغوط التي تتعرض لها. وربما تدفع الاحتجاجات الداخلية المستمرة النظام الإيراني إلى الإمعان في تبني تلك السياسة من أجل إضعاف تأثيرها واحتواء تداعياتها المحتملة خلال المرحلة القادمة، خصوصاً عندما بدأت تنتقل من العاصمة طهران، التي تحظى بالثقل السياسي الأكبر، إلى المدن الأخرى التي تقطنها قوميات غير فارسية. كما أن تصاعد حدة الضغوط الخارجية، مع تفعيل العقوبات الأمريكية، سوف سيؤدي إلى ارتفاع مستويات البطالة والتضخم وازدياد نسبة الفقر، على نحو سوف يدفع بعض الفئات المجتمعية إلى الهجرة لمناطق أخرى. لا يمكن استبعاد أن يؤدي التغير المناخي إلى تزايد ظاهرة الهجرة الداخلية خلال المرحلة القادمة، خصوصاً في ظل استمرار تأثير الظواهر المناخية على غرار الجفاف الشديد والعواصف الترابية، على نحو يعني أن إيران سوف تواجه استحقاقات اجتماعية لا تبدو هينة خلال المستقبل القريب.

الحركة الخضراء واحتجاجات 2017-2018: ما الذي تبدل؟

يصف مهيار عجمي (باحث إيراني) الاحتجاجات التي وُلدت الحركة الخضراء من رحمها بأم الاحتجاجات في إيران منذ تأسيس النظام الجمهوري الإسلامي في 1979، حيث إن الجمهورية الإسلامية واجهت خلالها أكبر الاحتجاجات وأطولها وأعمقها وأوسعها في تاريخها، ولم يكن يقود تلك الاحتجاجات وجوه معارضة للنظام، وإنما وجوه بارزة للنظام، حيث إن مير حسين موسوي كان وزيرا للخارجية ثم رئيساً للوزراء طيلة العقد الأول، ومهدي كروبي كان رئيساً للبرلمان الإيراني لأكثر من (7) سنوات. تلك الاحتجاجات أحدثت أزمة غير مسبوقة للنظام منذ 1979 وجعلت شرعية النظام ونزاهته عرضة للسؤال، بل أخرجت المرشد الأعلى خامنئي من موقعه كمرشد للجميع إلى زعيم للمحافظين المتشددين في مواجهة الإصلاحيين، وبتعبير آخر حوّلته إلى طرف في الصراع السياسي الداخلي بعد إعلانه عن وقوفه بجانب الرئيس المنتخب المزعوم أحمدي نجاد، وتهديد المتظاهرين بالقمع. الحركة الخضراء انطلقت من قاعدة الإصلاحيين، ولكنها لم تقف عند حدودهم وتوسعت لتشمل أطيافاً مختلفة، تنتمي إلى خلفيات فكرية وثقافية وسياسية متباينة أيضاً، وشملت الكثير من المحافظين المعتدلين. ولأول مرة تكونت قناعة مشتركة لدى تلك الأطياف بضرورة التغيير الديمقراطي، وإعادة النظر في السياسة الداخلية والخارجية. إن الحركة الخضراء تجاوزت حدود التيار الإصلاحي الذي كان ولا يزال يراهن على الإصلاح لا التغيير، ولكن التغيير الذي كانت تطالب به لم يكن جذرياً، بل كان تحت سقف النظام ولم ينل منه.

الاحتجاجات التي شهدتها إيران في العامين 2009 و2018 تفيد بحقيقة بديهية، وهي أن النظام الإيراني في العقد الرابع من عمره بات عاجزاً عن تلبية المطالب السياسية والاجتماعية للشعب. الحركة الخضراء كانت حركة سياسية أطلقتها الطبقة الوسطى على القهر والإذلال واللامساواة السياسية التي يمارسها النظام، بينما احتجاجات عام 2018 كانت ردة فعل الطبقة الدنيا على الإذلال الاجتماعي، واعتراضاً على القهر واللامساواة الاجتماعية والاقتصادية. الحركة الخضراء كان لها سمة دينية بينما احتجاجات عام 2018 تجاوزت تلك الحدود، حيث إنها تمثل ردة فعل المقهورين على تردي الأوضاع المعيشية، والفساد المالي الواسع، والتضخم، والركود، والبطالة. وبما أن الإصلاحيين وجمهور الحركة الخضراء لديهم روابط أيديولوجية ومصالح اقتصادية مشتركة مع النظام، فإنهم استغلوا فرصة الاحتجاجات الأخيرة للعودة إلى أحضان النظام عبر إعلان البراءة من تلك الاحتجاجات الشعبية النزيهة، التي لا تمت بصلة لأية قوى أجنبية. يبدو أن الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مدن إيرانية عدة سجلت نقلة نوعية، حيث إنها تجاوزت حدود السياسة والتكتلات السياسية، وعبرت فوق التيارات السياسية لأنها كانت تتجه إلى حقوق المواطنة وكرامة المواطنين، وحق الحصول على فرص العمل، ومن حريات اجتماعية.

إيران والمشروع الإقليمي.. أهمية سوريا!

يشرح إلياس حنّا - عميد ركن متقاعد، باحث استراتيجيّ لبناني وأستاذ جامعي مُحاضر- الثوابت والمتغيّرات الإيرانيّة في المنطقة. ويتناول المُسلّمات الجيوسياسيّة لإيران، الأمر الذي قد يُظهر ويشرح أسباب السلوك الإيرانيّ الحاليّ ليس فقط في سوريا، بل في كل مساحة الهلال الخصيب، وحتى في أماكن بعيدة عن هذا الهلال، اليمن على سبيل المثال لا الحصر. مع التأكيد أن المُسلمات الجيوسياسيّة لبلد ما، هي نتاج الموقع الجغرافيّ، يُضاف إليها التجارب التاريخيّة، إن كان في السلم أو في الحرب، وكيف تعاملت هذه المجموعة مع هذه الأحداث. كذلك الأمر، يُضاف إليها حجم الدولة في كلّ الأبعاد: تركيبتها الداخليّة، تطلّعاتها، طموحاتها، وكيف تنظر إلى نفسها، وما نظرتها للدور الممكن أن تلعبه في أيّة تركيبة للنظامين العالمي والإقليميّ؟ وهنا يشير الباحث إلى أنه كلّما كانت المسافات بين القوى الكبرى قريبة -العامل الجغرافيّ- تضاربت وتصادمت المُسلّمات الجيوسياسيّة لهذه القوى مع بعضها البعض، وكانت دائماً النتيجة حروباً دمويّة متعدّدة ومتكررّة. هذه هي حال إيران التاريخيّة مع محيطها، خصوصاً روسيا وتركيا، ضمن الهلال الخصيب كونه الخاصرة الطريّة. فهو مصدر الخطر الدائم على أمنها القوميّ، وهو باب الخروج من العزلة لحجز الدور الإقليمي، خصوصاً إذا توافرت وسنحت لها الفرصة التاريخيّة لتحقيق ذلك. ويضيف الباحث أن هناك تضاربًا، اليوم، وتصادماً بين المُسلمات الجيوسياسيّة لكلّ من إيران والمحيط العربيّ، خصوصاً دول الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربيّة السعوديّة والإمارات العربيّة المتحدّة. فما المسلمات الجيوسياسيّة لبلد ما، والتي عليها تُبنى الاستراتيجيات الكبرى؟ فيشير الباحث إلى أن المسلمات الجيوسياسيّة هي الطريقة / الوسيلة التي تستعد فيها دولة ما وتُحضّر نفسها للتعامل مع العالم القائم. لذلك يأخذ بعين الاعتبار خمسة حسابات مُحدّدة لرسم آليّة التعامل وهي: من حلفاء اليوم، والحلفاء المُحتملون مستقبلاً؟ من أعداء اليوم، والأعداء المحتملون مستقبلاً؟ كيف يمكن المحافظة على الأحلاف، وزيادة عدد الحلفاء؟ كيف يمكن مواجهة أعداء اليوم، ودرء المخاطر المُحتملة؟ كيف يمكن تبرير / تفسير هذه الاستراتيجيات للداخل كما للمجتمع الدوليّ؟ يستعرض الباحث أيضا الثوابت والمُسلّمات الجيوسياسيّة للجمهوريّة الإيرانية، وكيف تتبع استراتيجيّة التوجّه غربا باتجاه الهلال الخصيب، إن كان بسبب التجارب التاريخيّة أو بسبب العامل الجغرافيّ وحتى الطبوغرافي. ويبين أن الوجود الإيراني وحجمه في منطقة الهلال الخصيب، سوف يتأثر حسب الأولويّات الجيوسياسيّة لإيران، فالعراق هو غير سوريا. لكن الأكيد، أن هذا الوجود سوف يكون لفترة طويلة، الأمر الذي سيغيّر تركيبة النظام في هذه المنطقة، خاصة إذا أضفنا إلى الوجود الإيراني، الوجود الروسي، والذي شرعن وجوده من خلال معاهدة مع النظام السوري تعطيه حقّ الوجود في سوريا لفترة (49) عاماً.

أوضاع السجون وقانون الإعدام في إيران

يشير محمد حسن فلاحية (كاتب أحوازي وباحث إيراني مقيم في الولايات المتحدة)، إلى أن إيران وحدها تقوم بـ(66%) من الإعدامات في دول الشرق الأوسط، هذا ما صرحت به منظمة العفو الدولية في أحد تقاريرها الصادر في 11 أبريل (نيسان) 2017. ويرى الباحث أن هذا الكم الهائل من الإعدامات يحدث بسبب القوانين الجزائية التي يستند إليها القضاء الإيراني لتنفيذ أحكام الإعدام ضد المدانين بها في إيران، وإذا ما أردنا الاطلاع على قوانين الإعدام في إيران لا بد لنا من معرفة القوانين المنوطة بذلك؛ كي يتسنى لنا معرفة النظام القضائي الإيراني . إنّ أحكام الإعدام في إيران تتجزأ إلى خمسة أنواع بناءً على العقوبة المنوط بها ونوع الجُنحة وهي: -1 الحدود -2 القصاص -3 الديات -4 العقوبات التعزيرية، وأخيراً وليس آخراً العقوبة الرادعة والتي تسمى بالفارسية "بازدارنده".

ويضيف: إنّ جميع الجرائم التي تشملها إحدى هذه الأحكام قد تؤدي إلى عقوبة الإعدام، ونظراً لقانون العقوبات الإسلامي المعمول به منذ أربعة عقود في إيران، كما بقية القوانين الجزائية، فإنّ حوالى (٨٦) حالة –تقريباً- تؤدي إلى تنفيذ عقوبة الإعدام. علاوة على ذلك، يمكننا أن نعثر على أحكام الإعدام التي تتوافر بشكل كبير في معظم القوانين ليس في الحدود فحسب، وإنما في التعزير والعقوبات الرادعة أيضاً، والتي تشملها أحكام تفضي في نهاية المطاف إلى حكم الإعدام.

الاحتجاجات الإيرانية المتكررة بعيونٍ أحوازية

يرى موسى الفاخر (باحث في الشأن الإيراني من الأحواز)، أن الثورة التي أطاحت بالنظام الملكي آنذاك، فقدت بريقها وقداستها، وأصبحت شعاراتها لا تسمن ولا تغني من جوع، ولم تخفق فقط في تحقيق ما كان يصبو إليه المواطن، بل أفقدته قدرته على منافسة الشعوب الأخرى في سباق الوصول إلى الاستقرار المادي والحياة الحرة الكريمة. وغدا الهبوط المستمر لسعر العملة الإيرانية، وارتفاع نسبة التضخم، والأزمات المتكررة للبنوك، غدت كلها أموراً مألوفة لدى المواطن منذ ما يقارب الأربعة عقود. يركز الباحث في دراسته على قضايا استشراء الفقر وانهيار الاقتصاد الإيراني، وأساليب التعامل الأمني مع الاحتجاجات، ويسلط الضوء على تلك الثقافة والأيديولوجيا في تعاملاتها مع المحتجين، وما يصاحب السياسات الإيرانية الداخلية تجاه شعبها من تمييز وحرمان سياسي وثقافي وغياب لحريات من جهة، ومن سياسات خارجية وتدخلها في شؤون دول الجوار العربي. يقول الباحث: إن في الآونة الأخيرة، يبدو أنه لم يعد لدى النظام ما يستطيع قوله لإقناع المواطنين، فمعرفة المواطن المتنامية وثقافته وتواصله مع العالم، وفّرت له القدرة على كشف مراوغات النظام التي برع بها سابقاً، وخصوصاً في قضايا: إهدار الثروات عبر الفساد المستشري، والسرقات، والرواتب الفلكية لمسؤولي النظام، وتبذير المليارات في دعم حلفاء إيران من الميليشيات والخلايا النائمة لزعزعة استقرار الدول المجاورة، وفي حروب وصراعات لا تعني المواطن الإيراني بشيء، هذه كلها عوامل مهمة كي تشهد إيران تغيراً كبيراً قد يطيح بهذا النظام، إن لم نقل يطيح بإيران الدولة ويفككها إلى عدة دول. ويضيف الباحث أن ثقافة المواطن السياسية، التي أنتجتها أخطاء النظام المتكررة، أصبحت تنحو في عكس اتجاه أيديولوجية النظام ومسؤوليه، وهذا ما تظهره الأحداث الأخيرة التي شهدت تطوراً ملحوظاً في شعارات وأهداف المحتجين والمتظاهرين من الشعوب غير الفارسية، الذين أعلنوا مراراً وتكراراً، وبشكل صريح، عن رغبتهم في تقرير مصيرهم، والتخلص من سيطرة العنصر الفارسي. وهو ما يعتبر منحى خطيراً بالنسبة لمسؤولي النظام، ولمن يصر على بقاء إيران الدولة، كخط أحمر، ولو على حساب الملايين من الشعوب الأخرى التي حُرِمت من أبسط حقوقها منذ تشكيل الدولة الإيرانية الحالية إلى يومنا هذا. كما أظهرت الأحداث الأخيرة على وجه التحديد، أن مواضيع مثل حرية المرأة وحرية التعبير والكرامة الإنسانية والشفافية والمحاسبة، باتت مواضيع محورية وهامة لدى قطاعات واسعة من المجتمع الإيراني. يرى البعض أن ما يحصل هو صراع بين نمطين أو ثقافتين متناقضتين: ثقافة النظام ورجاله، التي تكونت خلال الأربعة عقود الماضية، والمعتمِدة على المعالجات الأمنية والحلول البوليسية، أو التجاهل واتهام الخارج وتبني نظرية المؤامرة الأجنبية. في مقابل ثقافة المواطن ووعيه السياسي والاقتصادي المتزايد. صراعات تتناقص وتتزايد حدتها من حين لآخر، لكن المؤكد أنها تشير إلى أن حلقة الوصل بين الطرفين قد انقطعت، ولم يتبقَّ لدى المواطن إلا تحيّن الفرص للخروج على النظام الذي فقد شرعيته إلى حد بعيد.

أفرد الكتاب تقريرين خاصين بالمشتركين، يتناولان استراتيجية القوة الناعمة الإيرانية ودورها في تنفيذ أهداف السياسة الخارجية لنظام ولاية الفقيه في أوروبا والولايات المتحدة وذلك من خلال ثلاثة محاور: أولاً: الأنماط أو المنظمات والشخصيات التي يمكن أن تعد ممثلة لمصالح طهران في بعض الدول الأوروبية؛ ثانياً: وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية؛ ثالثاً: المجلس الوطني الإيراني– الأمريكي.

التقرير الأول: كيف تخطط إيران في المؤسسات الأوروبية ووسائل الإعلام؟

تقرير خاص بالمشتركين، ينقسم إلى قسمين أساسيين: الأول يرصد كيفية عمل إيران في أوروبا لتعزيز أجندتها السياسية وإنجاحها، وهل لديها كيانات خاصة تضطلع بالاتصال بمتخذي القرارات والجهات المؤثّرة على المستوى الوطني ومستوى الاتحاد الأوروبي والتأثير عليهم. والثاني يرتكز على الأساليب الإعلامية التي تستند إليها إيران في سبيل الترويج لسياساتها سواء عبر وسائل الإعلام أو دور اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة.

يركّز التقرير على مؤسسات بلجيكا والاتحاد الأوروبي –البرلمان الأوروبي بالدرجة الأولى– بوصفه محاولة أولى لرسم خريطة الأطراف الرئيسة في أوروبا. من ناحية المنهجية، يستند التقرير في قسمه الأول إلى المصادر المفتوحة ويتفحّص أنشطة مراكز الفكر الكبرى، ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، ومؤسسات الأعمال في بروكسل.

التقرير الثاني: اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة.. عهد باراك أوباما

تقرير خاص بالمشتركين، يحاول الإجابة عن التساؤلات التالية: هل المجلس الوطني الإيراني- الأمريكي –والمكوّنات الأخرى لما يدعى «اللوبي الإيراني»- يؤثّر حقاً في سياسة البيت الأبيض؟ أو هل كانت هذه الجماعة بمثابة تزيين للحقيقة استخدمتها إدارة أوباما للترويج لسياسة وضعتها مسبقاً وبدأت بتنفيذها؟ وبعبارة أخرى، ما قدرات «اللوبي الإيراني» بالضبط؟ وما قدرته على البقاء؟ وما كانت توقّعاتها في بيئة سياسية متغيّرة تضطرها للسباحة عكس تيار إدارة تعارض حججها بشدّة؟ وما الاستراتيجيات الجديدة للمجلس الوطني الإيراني- الأمريكي في عهد ترمب؟.

يرجع التقرير تطوّر «اللوبي الإيراني» في الولايات المتحدة إلى عدّة موجات من الجهود لرفع العقوبات عن إيران -في الإدارات الرئاسية المتعاقبة- لأسباب تطوّرت بمرور الوقت وشملت مجموعة متميّزة من الأطراف الفاعلين. ويقسم التقرير تلك العملية إلى ثلاث مراحل: أولاً: صعود «اللوبي الإيراني» المؤسسي وهبوطه. ثانياً: المجلس الوطني الإيراني- الأمريكي والتوسّط لتشكيل ائتلاف أوسع. ثالثاً: الذروة الاستراتيجية لإدارة أوباما.