يتناول الكتاب التصوف في الجزائر وأثره السياسي في أفريقيا والجوار، فيدرس تاريخ وراهن الطرق الصوفية الجزائرية، وتفاعلها السياسي والاجتماعي، ضمن مساعي إعادة بناء الهوية المتجاوزة للعنف، وتوظيف الدولة لقوتها الناعمة في الساحة الأفريقية والأوروبية. ركزت الدراسات على الطرق الجزائرية المحلية مثل: العلاوية، والبلقايدية، والرحمانية، والتيجانية، وتطرقت إلى مؤثراتها الروحية والسياسية في أفريقيا فمرت على انفعال الساحل الأفريقي بها خصوصًا في مالي والسنغال ونيجيريا.
تم النشر في: February 2023
يتناول الكتاب تاريخ التصوف في الجزائر فيركز على الطرق الجزائرية المحلية مثل: الطريقة العلاوية؛ شاذلية المنشأ؛ والحضرات البلقايدية، والرحمانية، مؤكدًا أصالة الطريقة التيجانية في عين ماضي والأغواط، ومنبهًا لقوّتها التأثيرية الروحية في أفريقيا، ساحلها وغربها، ويقارن أثرها السياسي؛ ويقاربه بالتأثير على ليبيا والسودان وتشاد، مارًا على انفعال الساحل الأفريقي بالطرق الجزائرية، خاصةً مالي والسنغال ونيجيريا، ولا يفلت بحث تأثير الحركات الإسلاموية وتأثرها بهذه التفاعلات وجذور إقصائها للتصوف باسم الإصلاحوية حينًا وباسم الحداثات الطارئة حينًا آخر.
تناولت دراسة يحيى بوزيدي -باحث جزائري في المعهد الدولي للدراسات الإيرانية في الرياض- تفاعل الطرق الصوفية مع سياسات الدولة تجاه الدين والتدين في المجتمع الجزائري. جاءت الدراسة في أربعة أقسام: أولًا: الصوفية في المجتمع الجزائري.. من الهامش إلى المركز. ثانيًا: الصوفية والمؤسسة الرسمية بعد الاستقلال. ثالثًا: الصوفية والإسلامويون. رابعًا: الأزمة الأمنية وتغيير رؤية الدولة. خامسًا: نهاية الأزمة الأمنية.. الدولة وتمكين الصوفية. تحاول الإجابة عن الأسئلة الآتية: ما أهم التطورات التي مرت بها الطرق الصوفية في المجتمع الجزائري؟ وما علاقة الطرق الصوفية بالمؤسسة الدينية الرسمية في الجزائر؟ وما تأثيرات صعود الحركات الإسلاموية على موقع الطرق الصوفية في المؤسسة الدينية الرسمية والمجتمع الجزائري؟ وما تأثيرات الأزمة الدينية على الطرق الصوفية وعلاقتها بالدولة؟ وتسعى الدراسة إلى التحقق من فرضية «تزايد الفواعل الدينية في المجتمع الجزائري، نتيجة التطورات الحديثة، يدفع الدولة إلى مقاربات تقوض سيطرة الطرق الصوفية على نمط التدين التقليدي، وتدفعها لانتهاج استراتيجية متنوعة للحفاظ على مكانتها بين الدولة والمجتمع».
يخلص فيها إلى أن علاقة الطرق الصوفية بالدولة الجزائرية اتسمت بالامتثال للقانون، حتى عندما هدد مصالحها الاقتصادية بتأميم مواردها، وفي المراحل التالية كان هناك انسجام بين الطرفين، وعلى الرغم من عدم رضاها بتعامل الدولة مع المنافسين الدينيين الآخرين، فإنها أكثر تأييدًا لخيارات الدولة والمرجعية الدينية الجزائرية، خصوصًا في العقود الأخيرة التالية للأزمة الأمنية، وهي ترى نفسها مدخلًا لتعزيز الدولة سيطرتها الاجتماعية وأحد تمظهرات ذلك، بوصفها الوسيط الديني بين الطرفين، وأن الدولة في حاجة للسلطة الروحية للطرق الصوفية على المجتمع حتى يمتثل للدولة.
لا تعارض الطرق الصوفية المشاركة في مؤسسات الدولة؛ بل الأخيرة هي التي استبعدتها منها منذ الاستقلال، وترى الطرق الصوفية أنها الأحق بتولي المسؤولية في مختلف هياكل الدولة خاصة المؤسسة الدينية، وتحذر الدولة من إيكال تلك المسؤوليات الحساسة والخطيرة إلى فواعل دينية أخرى، لا تمتثل للدولة حقيقة ومطلقا كما تفعل هي. وتسعى الطرق الصوفية للسيطرة على كل المؤسسات الدينية وفي مقدمتها المساجد والمدارس القرآنية، التي تنافسها فيها الفواعل الأخرى كالإخوان والسلفية.
بالنسبة لمؤشر الشرعية الذي يتضمن قبول قواعد الدولة وسيطرتها الاجتماعية باعتبارها صالحة ومقبولة. فإن الطرق الصوفية تؤكد ذلك وترى أنها الأقدر على تسويق رؤية الدولة في المجتمع من المنظور الديني، فهي دائما تساند الدولة ولم تقف ضدها أو تدخل معها في مواجهة حتى لما استبعدتها، على عكس الفواعل الدينية الأخرى التي تقدم نفسها كبديل عن الدولة أحيانًا.
سعت دراسة فيصل ازدارن -باحث جزائري في علم الاجتماع- إلى تحليل طبيعة العلاقة التي تربط الطرق الصوفية بالمجال السياسي في الجزائر. فيتناول أولًا: تاريخ التصوف في الجزائر؛ ثانيًا: يبحث في الطرق الصوفية (القادرية والتيجانية والرحمانية والشاذلية والبلقايدية) إبان الاحتلال الفرنسي؛ ثالثًا: يعرّف بتضاريس المجال الديني في الجزائر، ويقف على علاقة الطرق الصوفية بحكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وتحديدًا تحاول الدراسة الإجابة عن الأسئلة التالية: ما الدور السياسي الذي تلعبه الطرق الصوفية في الجزائر؟ وما أشكال تدخل الطرق الصوفية في الحقل السياسي في الحالة الجزائرية؟ وهل للطرق الصوفية دور سياسي إقليمي يتعدى الحدود الجزائرية؟
ويخلص فيها إلى أن للطرق الصوفية في المغرب والجزائر تاريخًا حافلًا بالمواقف السياسية والحضارية، شهدت لها على مدى تأثيرها ونفوذها، وما لصورتها من قيمة عظمى لدى مريديها وبقية الناس. إن تجنيد الطرق الصوفية عبر زواياها في المعتركات المجتمعية لا يجب فهمه من زاوية ضيقة، على أنه ضعف في هذه الطرق، ولكن لما لها من دور محوري في رصّ الصف الوطني والحفاظ على الذاكرة الجمعية والهوية الثقافية والدينية للمجتمع.
تناولت مليكة عقون -باحثة وأكاديمية جزائرية- في دراستها تاريخ التصوف والزوايا في الجزائر ودورها قبل الاستقلال، وتقدم لعدد من النماذج الصوفية النسائية الجزائرية، التي كان لها دور في مقاومة المستعمر وخلق حالة نسائية صوفية فريدة، وتتطرق إلى اعتماد النظام الجزائري على الطرق الصوفية لتحقيق أهدافه السياسية وإدارته للشأن الديني، لا سيما الطريقة التيجانية التي حصلت على دعم الرسمي عام 2006. تناولتها في ستة أقسام: أولًا: الصوفية الطرقية في الجزائر. ثانيًا: الطرق الصوفية قبل الاستقلال. ثالثًا: المرأة والتصوف بين الحضور والمعايير الأبويّة. رابعًا: جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والطرق الصوفية. خامسًا: التصوّف الطرقي بين الجبهة الإسلامية للإنقاذ والتيّار السلفي. سادسًا: دبلوماسيّة التصوّف.
وخلصت إلى أنه تم إعادة النظر في ترقية الشأن الصوفي وعدم تركه حبيس الفضاء الشعبي، فقد أدركت أجهزة الدولة الجزائرية أهميّة تجديد الخطاب الدّيني، بصفة عامّة وتجديد المرجعيّة الدّينيّة، وتطويرها بما يتلاءم والتحدّيات والرّهانات القائمة، وتحقيق العيش المشترك، والسّكينة لمختلف الفرق، والطّوائف. كما ظهر الحضور الصوفي المكثّف في المجال الإعلامي والعلمي، وتسليط الضوء أكثر على الطرق الصوفية والمشايخ الذين كان لهم دور في نشر الوسطيّة والاعتدال، سواء في الجزائر أو في أفريقيا مثل الشيخ عبدالكريم المغيلي (ت 1505) والشيخ سيدي المختار الكنتي (ت 1811) وغيرهما من شيوخ الطرق الأخرى كالتيجانية، والدرقاوية، والشاذلية.
سعت دراسة فضيلة تومي -باحثة جزائرية- إلى رصد آلية السرد الحاضرة في محتويات الإعلام التلفزيوني العمومي والخاص، التي عنيت بصورة الزوايا وشيوخها في الجزائر، وكذا التمثلات التي أنتجتها عن أدوارها وتأثيرها على الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية للأفراد، خصوصًا في ظل تعاظم دور الميديا الاجتماعية بأبعادها وأدوارها الدينية والتاريخية والسوسيوثقافية والسياسية، وضرورة تفتحها على البيئة الرقمية لاستمرارية الحفاظ على مكانتها ودورها في المجتمع، وحفظها مما يمكن أن يطالها. متناولة المحاور في قسمين: أولًا: قراءة في المفاهيم: الزوايا ومريدوها وشيوخها؛ ثانيًا: حضور الزوايا وشيوخها في الإعلام التلفزيوني في الجزائر.
خلصت فيها إلى أن تصورات وتمثلات عن الزاوية رسمت كمؤسسة دينية واجتماعية وثقافية، وشيوخها كرموز لدى الجمهور، وهذا ما ظهر جليًا في مختلف المحتويات التلفزيونية التي تمت معاينتها وتوصيفها لغرض هذه الدراسة، توصلنا من خلال وصف آليات السرد الموظفة في هذه المحتويات، إلى أن لهذه المؤسسة قداسة ومكانة كبيرة في الجزائر امتدت من المجتمع إلى الطبقة السياسية والإعلامية في الجزائر، وصولًا إلى صانع القرار، نظير ما يحفظه لها البعد الديني أولًا، وما لها من مكانة مرموقة في المجتمع باعتبارها الحاضنة، والمنارة، والصرح العلمي للأجيال المتعاقبة، والبعد التاريخي ثانيًا، والمتمثل في مختلف أدوارها خلال الحقب التاريخية التي عايشتها هذه المؤسسة وشيوخها ومريدوها، باعتبارها ساهمت بشكل كبير وواضح في المقاومة الجزائرية والثورة التحريرية ضد الاستعمار الغاشم، وكذا سعيها للمحافظة على المرجعية الوطنية والدينية معًا في كل الأزمنة، وصولًا إلى تزاوجها مع السياسة في الآونة الأخيرة ودعمها للاستقرار والوحدة دومًا، ونبذ العنف والتطرف والدعوة إلى الوسطية والاعتدال.
وتنوّه بضرورة الاهتمام بهذه المؤسسات الدينية والاجتماعية والثقافية المتمثلة في الزوايا، أكثر فأكثر بصورتها لدى الجمهور، والمستخدمين على حد سواء، وعلى رسم تلك الصورة الواقعية لها ولشيوخها، لضمان استمرارية صورتها الإيجابية وحفظها من الاندثار والتشويه الذي يمكن أن يطالها وخصوصًا في الميديا الاجتماعية، وذلك عبر تعزيز محتوياتها على مواقع التواصل الاجتماعي، من طرف مختصين في ذلك، ومتابعة ما ينشر في مجالها وينسب إليها، وتفنيد كل ما يمكن أن يشوب أو يشوه تلك الصورة الإيجابية، التي طالما تركتها لدى الأفراد والمجتمعات على مر الزمن.
تناولت دراسة منتصر حمادة -باحث مغربي- السياقات المتشعبة التي تقف وراء استعانة السلطات الجزائرية بالتراث الديني الصوفي، وتحديدًا أدبيات الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي (1934-1869)، على هامش الترويج لمشروع المصالحة الوطنية، بُعيد مرحلة الحرب الأهلية (2002-1992) التي مرت بها الجزائر في العقد الأخير من القرن الماضي. جاء هذا التناول في قسمين: أولًا: الأسئلة الجزائرية الغائبة في العودة إلى أعمال العلاوي؛ ثانيًا: المحدد الصوفي والسلم الوطني.
ويخلص إلى أنه يتضح من خلال الاشتغال على التأثير الإيجابي لأعمال الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي على مبادرات السلم الجزائرية، أن المسؤولين اضطروا للعودة إلى التراث الإسلامي الصوفي في سياق البحث عن محددات تغذي الجبهة الدينية الخاصة بمشروع «ميثاق السلم والمصالحة الوطنية»، على اعتبار أن هذا المشروع كان موزعًا على جبهات عدة، حقوقية وسياسية واجتماعية وغيرها.
تعرضت الأدبيات التراثية الصوفية في الجزائر، في التاريخ المعاصر، خصوصًا في حقبة ما بعد الاستقلال، للتهميش والحصار، مما ساهم في صعود المعضلة الإسلاموية فكانت سببًا مباشرًا ضمن أسباب أخرى، وراء الحرب الأهلية الجزائرية التي اصطلح عليها عالميًا بـــ«العشرية الدموية».
صحيح أنه غابت أسئلة عدة في سياق الاشتغال على أسباب العودة الرسمية والشعبية للتصوف في الجزائر، إضافة إلى وجود ممانعة دينية وبحثية تجاه التصوف، خطابًا وممارسةً، إلا أن هذه العودة المتأخرة للتصوف، ساهمت في إضفاء الشرعية على مبادرة السلم سالفة الذكر، كما ساهمت في رد الاعتبار لمكون تراثي إسلامي، لم يعرف عنه إجمالًا التورط في فتن وصراعات، لأنه يراهن على قضايا إصلاح الذات على الصعيد الفردي والمحلي، وقضايا المشترك الإنساني على الصعيد الإقليمي والدولي، وهذا أحد أهم أسباب العودة الجزائرية المتأخرة لأعمال الشيخ أحمد بن مصطفى العلاوي.
حاول سعيدي ياسين -باحث وأكاديمي جزائري- في دراسته اعتماد توظيف منهجي يستند على المقاربة الحضارية للتحليل، في محاولة لدراسة نموذج «الزاوية العلاوية» التي تعد إحدى أبرز الزوايا الحديثة، في إعادة إنتاج الفكر الديني الصوفي، بنمط عقلاني وعصري حداثي، وذلك للإجابة عن مدى مساهمة الزاوية العلاوية، كإحدى الطرق الصوفية بالجزائر في تحقيق ثقافة العيش المشترك. جاء بحثه فيها خلال أربعة أقسام: أولًا: الصوفية في الجزائر؛ ثانيًا: الزوايا الصوفية في الجزائر بين إكراهات السلطة وثقافة السلم؛ ثالثًا: التحول الحداثي في فكر الزاوية العلاوية: من ثقافة السلم إلى فلسفة العيش المشترك؛ رابعًا: عالمية التصوف وخدمة العيش المشترك.
يخلص الباحث فيها إلى أن تجذر الثقافة الصوفية في المجتمع الجزائري هو نتيجة لكونها أقدم التيارات الإسلامية ملازمة لتطور المجتمع الجزائري، ولعل أبرز الطقوس الدينية المنتشرة في الجزائر اليوم هي نتاج للتربية والدعوة الصوفية، التي توغلت عبر شيوخها ومريديها بشكل أفقي مجتمعي وعمودي سلطوي، مما جعلها أقرب التيارات خدمة للمرجعية الدينية في الجزائر. كما أن التيار الصوفي يعتبر أكثر التيارات الدينية وظيفية، حيث إن دوره لا يقتصر على الجانب الدعوي فحسب، بل يتعداه لأدوار اجتماعية تأثيرية، من خلال نشاطات الزوايا في الإطعام والمبيت، وإقامة الصلح ونصح الناس، ومخالطة المجتمع في جل تفاعلاته السلمية وغير السلمية، كالاحتجاجات والخصومة وغيرها.
إن تركيز الطرق الصوفية على الجوانب الروحية أكسبها أساليب دعوية مرنة، كما أن إسنادها للسلطة في نشر ثقافة السلام وإعادة ترميم مآسي العشرية السوداء، أعاد لها بريقها الذي فقدته خلال فترة ما قبل أزمة الإرهاب والتطرف، مقارنة بالتيارات الإسلاموية التي تتوجس منها السلطة كالتيار الإخواني والتيار السلفي، وقد ساعدها على ذلك عدم انخراطها في الممارسة السياسية، على الرغم من اقترانها بها في صورة ما يعرف بــ«الأيادي البيضاء».
قوة التجربة الصوفية وتعددها جعلها تيارًا غنيًا وحافلًا بالوقائع والأفكار، مما أهلها لتوسيع منهجها؛ تماشيًا مع التحولات المرتبطة بقضايا التسامح والحوار؛ والمساهمة في ترسيخ قيم وثقافة التعايش السلمي؛ التي أضحت مجالا لتنمية المشتركات الإنسانية؛ تحقيقا لأمن وسلام المجتمعات والعالم. وقد ساهمت الدعوة العصرية للطريقة العلاوية في ابتكار نموذج حداثي للتدين الإسلامي، قائم على توطين فلسفة العيش المشترك، والإقحام الإيجابي للإسلام في محاورة الأديان مواكبة لمتطلبات العالم العصرية.
أجابت دراسة محمد السعيد بن غنيمة -باحث جزائري متخصص في السياسات العامة الأمنية- عن إشكاليات عدة: إلى أي مدى تساهم الطريقة التيجانية والقادرية في تعزيز الأمن المجتمعي في الجزائر وأفريقيا؟ وما المرتكزات الأساسية للطرق الصوفية محل الدراسة، وما الفروق الجوهرية بينها؟ وما طبيعة العلاقة بين الزوايا والسلطة في الدول التي توجد بها هذه الزوايا؟ وإلى أي مدى تساهم الزوايا في حل الأزمات السياسية؟، متناولًا تلك الأسئلة في خمسة أقسام جاءت للإجابة عنها تمثلت في: أولًا: الزوايا التيجانية والقادرية في الجزائر؛ ثانيًا: الدور الاجتماعي والسياسي للطريقتين التيجانية والقادرية؛ ثالثًا: الطريقة التيجانية وعلاقتها بالسلطة في الجزائر والسنغال؛ رابعًا: الطريقة القادرية وعلاقتها بالسلطة في الجزائر والسنغال؛ خامسًا: مكافحة التطرف في الساحل الأفريقي على اعتبار أن الطرق الصوفية تعد آلية لتعزيز القوة الناعمة للدولة، ومواجهتها الحركات الإسلامية، ومساهمتها في مكافحة التطرف ونشر الاعتدال.
حاولت دراسة بوحنية قوي -باحث وأكاديمي جزائري في مجال الدراسات الأمنية- قراءة مفاهيم التصوف وفق نهج الدبلوماسية الدينية، باعتبارها أدوات روحية قادرة على المساهمة في مكافحة التطرف ونشر قيم التسامح. وتركز على موقع الدبلوماسية الروحية الصوفية في المغرب العربي وأفريقيا وإسهاماتها في التصوف السياسي، فترصد كيفية بنائها للتحالفات المحلية وعلاقتها بالأنظمة السياسية في النماذج المدروسة. فبحث أولًا: في دلالة الدبلوماسية الروحية؛ ثانيًا: في خريطة التصوف في المغرب العربي وأفريقيا، متناولاً الطرق الصوفية الليبية والجزائر وأفريقيا؛ ثالثًا: الدولة والرهان السياسي على التصوف؛ رابعًا: متطلبات تعزيز الدبلوماسية الروحية؛ خامسًا: دبلوماسية روحية في مكافحة الإرهاب؛ سادسًا: إسلام منفتح.. البوابة الدبلوماسية الروحية في الشمال الأفريقي.
ويخلص إلى أن بناء دبلوماسية روحية ممتدة يعني تقوية المناعة الفكرية لشعوب المنطقة وتفكيك جميع التيارات الدخيلة، التي استغلت ضعف وهشاشة منطقة الساحل الأفريقي، والعوز الذي تعاني منه كثير من الدول الأفريقية في توظيف سلطة المال لإحلال إرباكات داخلية، تعمل على هز القناعات التاريخية بالتراث الفقهي والفكري السائد في المنطقة، وتحديدًا الفقه المالكي (المذهب السائد في الشمال الأفريقي، والمتصالح تاريخيا مع جميع التيارات الصوفية والزوايا الدينية). وأن المناعة الفكرية تقوم على أركان ثلاثة هي: التمسك بالعقيدة الصحيحة، تنظيم أولويات التفكير، وضبط تبادل المعلومات.
تناولت دراسة عماد الدين بحر الدين -باحث سوداني في مركز دراسات وأبحاث القرن الأفريقي- التصوف في ليبيا، وركزت على الحركة السنوسية ورموزها من لدن عمر المختار (1858-1931)، وتمر على محاولة العقيد معمر القذافي (1942-2011) توظيف الجماعات الصوفية في مشروعه الجماهيري. تحاول الدراسة الإجابة عن عدد من الأسئلة أهمها: ما حجم التأثير الذي تركه انتشار التصوف والحركة السنوسية في ليبيا على المستويين الاجتماعي والسياسي؟ وما حالة التصوف بعد سقوط نظام معمر القذافي؟ وما مستقبل التصوف في الدولة الليبية؟ باحثًا عن إجاباتها في خمسة محاور؛ قسّمها كالتالي: أولًا: نشأة التصوف في ليبيا؛ ثانيًا: الحركة السنوسية: نشأتها ومعتقداتها ورموزها؛ ثالثًا: عمر المختار ودوره في مقاومة الاستعمار؛ رابعًا: نشأة الدولة الليبية الحديثة؛ خامسًا: التصوف في عهد معمر القذافي؛ سادسًا: مستقبل التصوف في ليبيا.
ويتوصل إلى نتيجة مفادها أن التصوف في ليبيا لقي حظه في الانتشار، وتأثر به المجتمع كما في بقية دول المغرب العربي، وبدأت الحركة السنوسية بالتصوف، ومن ثم قامت بتعبئة الشعب لمقاومة المستعمر، مما يؤكد دور القوة الروحية في توحيد وجدان الشعوب الإسلامية داخل بلدانها. وفي بداية حكم العقيد القذافي قام بتصفية المناوئين له من المتصوفة، وفي منتصف حكمه حاول توظيف القوة الروحية باستضافته لهم تجاه مشروعه الجماهيري. توصلت الدراسة أيضًا إلى أن التصوف بعد سقوط نظام القذافي، قام باستهداف المزارات الصوفية ونبش قبور مشايخها. وحتى الآن تبدو الرؤية غير واضحة للمتصوفة الليبيين.
تناولت دراسة طارق أبو السعد -باحث مصري- الاختلافات الجوهرية بين الحركة السنوسية وجماعة الإخوان، بوصفهما حركتين مزجتا بين الدعوي والسياسي، مع تبيان الفارق بينهما، وتتساءل: هل كان الإخوان المسلمون امتدادًا للسنوسية، أم إن السنوسية حالة فريدة من نوعها؟ تهدف الدراسة إلى التعرف على أهم الأفكار التي انتقلت من السنوسية إلى جماعة الإخوان، وتقف على نقاط التعارض بينهما، وكيف قام الملك إدريس السنوسي بإغلاق فرع الإخوان في ليبيا. فيمر أولًا في بحثه عن ميلاد الطريقة السنوسية ومؤسسها محمد بن علي السنوسي؛ ثانيًا: يبحث في نقاط الاختلاف بين الحركة السنوسية والإخوان؛ ثالثًا: يبيّن كيفية: التحول من طريقة صوفية بحتة إلى حركة اجتماعية، والتحول من حركة اجتماعية إلى حركة مقاتلة، ثم التحول من حركة صوفية جهادية إلى دولة (إمارة- مملكة اتحادية- مملكة دستورية).
ويخلص فيها إلى أن الحركة السنوسية تختلف عن تنظيم جماعة الإخوان، فشخصية المؤسس في كلا الحركتين تتحرك من منطلقات مختلفة، والظروف الاجتماعية والسياسية التي صاحبت كلتا الحركتين مختلفتان كليًا، كما أن تطور السنوسية من حركة صوفية إلى دولة جاء استجابة لمتطلبات الظروف السياسية والاجتماعية في الواقع الليبي المتشابك مع الواقع العالمي، في حين أن جماعة الإخوان تحولت في حياة المؤسس حسن البنا باتجاه العنف والتكفير، ومعاداة المجتمع والدولة والسيادة الوطنية.
كما أن وسيلة التربية التي اعتمدها إخوان السنوسية بالتربية في الزوايا لها خصوصية خاصة، تعتمد على استقلال الزاوية بشأنها عن الحركة، ولا يربطها إلا الرباط الفكري والروحي والانتماء، في حين قامت جماعة الإخوان على العلاقة التنظيمية الحركية العنفية.
تُعرِّف دراسة مادي إبراهيم كانتي -باحث مالي- بالصوفية في مالي من حيث تأسيسها وفروعها، وتتناول سؤال علاقة الصوفية في هذا البلد بالإرهاب كما يطرحها العديد من الباحثين، فيقدم لمحة أولًا عن مالي من الإمبراطوريات إلى التاريخ المعاصر؛ ثم ثانيًا يستعرض تاريخ الصوفية في مالي، يسلط فيها الضوء على الإسلام بشكله الصوفي في المجتمع، والطرق المنتشرة فيها، والنشاط القتالي؛ ثم يتناول ثالثًا: التنظيمات الإرهابية في مالي ومدى انتشارها، باحثًا في العلاقة بينهما.
ويخلص الباحث إلى أن مالي منذ عام 2012 شهدت ظاهرة جديدة، وعمليات جديدة، لم تكن في عادات وتقاليد مجتمع مالي، فسيطرت الحركات المتطرِّفة المسلَّحة على مدن شمال مالي، حيث شهد البلد واقعًا مريرًا من الانحراف الفكريّ الخطير، والتطرُّف، والإرهاب، من تكفير المجتمع الإسلامي بكامله (الشعب والحكومة) إلى استباحة دماء المسلمين، وحمل السلاح ضد كل من لا ينتمي إلى فكرهم واعتقادهم.
ويرى أن هؤلاء يحتاجون إلى مراجعات موضوعية لواقعهم وواقع الإسلام الصحيح؛ فمع تنامي الفكر التكفيري والتطرف في مالي، أصبح الإرهاب ظاهرة مجتمعية؛ فهناك من يكفرون الطرق الصوفية، ومن الصوفية من يكفر السلفية والوهابية وغيرها. وبات ذلك فرصة للجماعات المتطرفة لتدشين حالة حرب وصراع بين المجموعات وتجنيد البعض ضد الآخر.
تطرقت دراسة محمد ضياء الدين محمد احمداي -باحث سوداني- إلى نشأة وتاريخ الطريقة التيجانية في السودان والجزائر، ويعرض الباحث لأفكارها وأهم شيوخها، ويركز على تأثيرها الاجتماعي والديني، ويجري قراءة نقدية مقارنة لدور الطريقة في البلدين. ويحاول الإجابة عن سؤالين: ما مدى التأثير الاجتماعي الذي تركه انتشار الطريقة في السودان؟ وما التأثيرات السياسية التي تركتها في الجزائر؟ فيمر أولًا على نشأة الطريقة التيجانية، ثم ثانيًا: يبحث في مدى انتشار الطريقة التيجانية في السودان والجزائر، أما ثالثًا: فيدرس تأثير الطريقة التيجانية في السودان والجزائر؛ أما رابعًا: فيقدم رؤية نقدية: مقارنة لدور الطريقة التيجانية في السودان والجزائر.
ويستنتج أن للصوفية اتصالًا روحيًّا عاليًا مع الفنون، خصوصًا الموسيقى والتراث الشعبي –في السودان مثلًا- التي تمثل جزءًا من الطقوس والممارسات التعبدية والإيمانية، فأضحت هذه المقامات الموسيقية من أهم عوامل الجذب ولفت الأنظار للكثيرين، الذين أبدوا اهتمامًا بالتعرف إلى الطرق والمدارس الصوفية؛ بسبب الموشحات الموسيقية، وحلقِ الذكر الترنُّمية، خصوصًا في بلاد المغرب العربي والشام؛ ساهم ذلك في تخفيف حدة التعاطي مع الصوفية في تلك المجتمعات، وهو ما يساعد في دعم جهود الحكومات التي تسعى إلى تعزيز صور مجتمعاتها المنفتحة على الحداثة والتمدن، ونفي اتهامات الانغلاق والتشدد عن هذه المجتمعات. وأنه لا يشكل المكون الصوفي عنصرًا مشاكسًا أو منافسًا للسياسي؛ ذلك أن الصوفية لا ترتكز على منطلقات ومرتكزات اعتقادية لها صفة تقديسية، أسوة ببقية الحركات والجماعات الإسلامية الكلاسيكية، بل إن الصوفية لا تملك شخصية ثورية أو صدامية في الأصل، وهي تستهدف الفرد وليس الجماعة والمجتمع، كل هذا كفيل برفع الضغوط والحرج عن السياسة للدول في المنطقة، في مواجهة القوى الكبرى والنظام الدولي والمصالح الغربية.
تناول بحث محمد خليفة صديق -باحث وأكاديمي سوداني، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم- الصراع بين التصوف والإسلام السياسي في السودان، أثناء حكم نظام الجبهة (1989-2019)، ويبدأ أولًا بمدخل تاريخي حول التصوف السوداني، ويجيب ثانيًا عن سؤال العلاقة بين الإسلامويين والتصوف، حيث سعت الحركة الإسلاموية منذ وقت مبكِّر للتفكير والتخطيط لاختراق وإضعاف التصوف. فيبحث ثالثًا في نظام (30 من يونيو) 1989 وسياسة التعامل مع التصوف، خلال المرحلتين: المرحلة الأولى (1989-1999)، والمرحلة الثانية (1999-2019) بعد انفصال الترابي، مقيّمًا تجربة المجلس القومي للذكر والذاكرين، فيتطرق البحث إلى نشأة ودور «المجلس القومي للذكر والذاكرين» بوصفه كيان التصوف الأكبر في العشرية الأولى لحكم الإسلامويين، أما رابعًا فيبحث في حضور التصوف السوداني الذي وجد نفسه بين التسييس والتجديد، فمن ناحية اتجه التصوف السوداني، خلال حكم الإسلامويين، نحو توسيع علاقاته الخارجية، أما في علاقاته فظل النشاط الصوفي على المستوى السياسي والفكري محدودًا، وسجل الوجود الصوفي في السودان تراجعًا مقارنة بالوجود الضارب للتصوف في تاريخ السودان. أما خامسًا: فيبيّن معالجات التصوف السوداني في السياسة ومحطات حضوره فيها، وأي علاقة تحكمه مع الإسلام السياسي.
ويخلص الباحث إلى أن العلاقة بين الحركة الصوفية والإسلام السياسي شهدت علاقة صد وشد، مشيرًا إلى أن التأثير القوي للطرق الصوفية على الأنظمة والقوى السياسية في السودان، جعلها حريصة على استثمار قوتها في معاركها السياسية؛ فبجانب التغلغل داخل مفاصل الأحزاب السياسية، شغل كثير من المتصوفة عددا من المناصب السياسية في مجالات مختلفة، مثل الوزراء ووزراء الدولة ومديري الجامعات وغيرها. لا تلعب الطرق الصوفية دورًا سياسيًا، إلا حينما يُطلب منها ذلك، وهناك بعض التجارب التي تم توظيف المتصوفة فيها سياسيًا. وفي سنوات نظام الإسلامويين الأخيرة وظف نظام الحكم أقطاب الصوفية وفرقهم لمحاربة التيارات المتشددة في شتى مناحي البلاد، مستخدما في ذلك تيار التصوف كقوة ناعمة لها ثقل ميداني ونفوذ روحي وسطي وتأثير مجتمعي كبير في الشارع السوداني.
تناولت رسالة خالد محمّد عبده -باحث مصري في الإسلاميات والتصوّف- ظهور التربية الطرقية والتسلك في الطرق الصوفية على يد شيوخها، وتفصّل في مفهوم التربية بالاصطلاح عن ابن عجيبة الحسني، وتعرض لأثر أحمد بن عقبة الحضرميّ اليمنيّ (ت. 895/1519) وتلاميذه وارتباطه بتأصيل معرفة الشيخ لنفسه بقضية التربية بالاصطلاح التي فتحت الباب أمام التصوف الطرقي في الجزائر والمغرب، ويحقق الجزء الأخير منها رسالة قاضي الجماعة في تونس: أبي عبدالله البكّيّ الكُوميّ عن تفاوت المعارف الإنسانية.