جائحة (كوفيد-19) والمُستَجَدّ في المجتمع والسياسية والاقتصاد


يتناول هذا الكتاب تأثيرات جائحة (كوفيد -19) في المجتمعات والأفراد والدول؛ في تخصصات متعددة تضمنت علم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة، والسياسة والاقتصاد، مقيِّماً الأفكار الانفعالية التي اجتاحت بعض المفكرين المتشائمين والمتفائلين تجاه التغيرات التي فرضها الفيروس، ومتعمّقاً في إظهار آليات الفهم والتنظيرات الجديدة.

تقدم قراءة  الدراسات ملاحظة أولية، تقف بين تيارين: الأول: يرى أن كل شيء تغير إلى الأبد، وتيار آخر يرى أن لا شيء سيتغير؛ ومهمة البحث العلمي هو توفير الأساس السليم لفهم الدور التحفيزي لهذه الأزمات، ومنح الباحثين المادة الأساسية لتعزيز التفكير في المستقبل.


تم النشر في: May 2020


front161

قائمة الفصول


# اسم الكتاب
1 الفيروس المستجد (كوفيد – 19) والاضطراب الاجتماعي
2 العنف الأسري في المجتمعات العربية في ظل جائحة كورونا
3 سيكولوجية الوباء زمن كورونا: انطباعات من الولايات المتحدة الأمريكية
4 التدابير الصحية الوقائية شأناً عاماً خلال جائحة (كوفيد - 19) بالمغرب
5 تحديات التعلم عن بعد في ظل الحجر الصحي: الإمارات أنموذجاً
6 العزلة في زمن وباء كورونا.. مقاربة فلسفية
7 «الدعوة إلى التسامح»: قراءة فلسفية في زمن الوباء
8 نحو تفاؤل بالعلم في زمن وباء كورونا
9 حالة استثناء أم تَعَطُّل الديمقراطية.. جدل فلسفي غربي زمن الوباء
10 هل تُعيد جائحة كورونا تشكيل النظام العالمي؟
11 الصراع الأمريكي- الصيني بعد جائحة كورونا: النظريات والسيناريوهات
12 العالم ما بعد كورونا: قراءة في وجهات نظر أمريكية
13 النزعات القومية وتنامي التطرف: الواقع والاحتمالات مع تداعيات الوباء
14 أحزاب اليمين الأوروبي والأزمة الصحية لـ(كوفيد –19)
15 الحمى القومية في أوروبا وفرنسا زمن جائحة كورونا
16 رقمنة الاقتصاد: هل ثمة قفزة كبيرة مع جائحة كورونا؟
17 اقتصاد السوق الاجتماعي: هل يشكل بديلاً عن الليبرالية الاقتصادية؟
18 أمريكا.. اللايقين الاقتصادي الناجم عن فيروس (كوفيد 19)
19 جائحة كورونا: الآثار الاقتصادية وتداعيات الأمن الغذائي
20 جائحة كورونا والتحديات أمام الاقتصاد الخليجي

شرح الكتاب


ملخص بحوث الكتاب (161)

جائحة (كوفيد -19) والمُسْتَجَدّ في المجتمع والسياسة والاقتصاد

مايو (أيار) 2020

دبي

يتناول مركز المسبار للدراسات والبحوث في كتابه «جائحة (كوفيد -19) والمُسْتَجَدّ في المجتمع والسياسة والاقتصاد» (الكتاب الحادي والستون بعد المئة، مايو/ أيار 2020)، تأثيرات الجائحة في المجتمعات والأفراد والدول؛ في تخصصات متعددة، تضمنت علم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة، والسياسة والاقتصاد، مقيِّماً الأفكار الانفعالية التي اجتاحت بعض المفكرين المتشائمين والمتفائلين -على حدٍ سواء- تجاه التغيرات التي فرضها الفيروس، ومتعمِّقاً في إظهار آليات الفهم والتنظيرات الجديدة.

إن التفاعل المجتمعي والعلمي والسياسي والاقتصادي مع الجائحة، مسألة بحثية مفتوحة على الأسئلة. ويأتي هذا الجهد لرصده، من باب محاولة فهم «كيف نفكر أثناء الأزمات». يخرج الكتاب بملاحظة أولية تقف بين تيارين: الأول: يرى أن كل شيء تغير إلى الأبد، وتيار آخر يرى أن لا شيء سيتغير؛ ومهمة البحث العلمي هي توفير الأساس السليم لفهم الدور التحفيزي لهذه الأزمات، ومنح الباحثين المادة الأساسية لتعزيز التفكير في المستقبل.

الفيروس المستجد (كوفيد –19) والاضطراب الاجتماعي

يستهل جون كارول (John Carroll)، الأستاذ الفخري في علم الاجتماع بجامعة لاتروب (La Trobe University) – ملبورن (Melbourne)، دراسته بسؤال: ما المجتمع؟ ويرى أنه السؤال المركزي الذي يطرحه علماء الاجتماع، وهم يميلون إلى الإجابة عنه من منظور العائلات والمؤسسات، والعمل والترفيه، والتراتبية الطبقية والمكانة، والسمات الثقافية كالقيم والتقاليد والمعتقدات. لكن صورة هذا الكلّ المتحركّ لا تتجلّى في أوضح أحوالها إلا بحدوث اضطراب اجتماعي كبير، كذلك الذي سبّبه الفيروس المستجد (كوفيد –19).

يتطرق الباحث إلى القلق الذي سيطر على مجتمعات عدة بسبب الجائحة ويقدم تحليلاً عميقاً لـــ"اللايقين" فيرى أنه "يضغط على جبهات عدّة. فنحن لا نعرف إلا أقلّ القليل عن الفيروس –على الرغم من الجهود العالمية غير المسبوقة في البحث الطبي والاختبارات الديمغرافية. بل إننا لسنا على يقين من إيجاد لقاح، أو كيف سيعمل، أو متى سيصبح متاحاً. الجداول الزمنية تخمينية، وتخضع لتعديل مستمرّ، ولا تعدو أن تكون خربشات على صفحة المستقبل. وقد تحوّل التركيز إلى «موجة ثانية» من العدوى، يرجّح أن تكون أشدّ من الموجة الأولية، مما يدفع إلى مستويات جديدة من القلق المجتمعي. وفي الحالة الأسترالية، تجلّت الموجة الأولى في الخوف والإغلاق أكثر من معدّلات الإصابة المرتفعة. ولكن على الرغم من حالة التشاؤم بسبب الجائحة يعول كارول على قدرة المجتمعات على التكيّف التي تتوقف -إلى حدٍّ كبير- على موهبة ريادة الأعمال، والتفكير بعناية في مشهد اقتصادي مختلف تماماً، بعد إقفال السبل القديمة، وتخيّل فرصة جديدة. القدرة على التكيّف ستقرّر -إلى حدّد كبير- مقدار حسن خروج البلدان من هذه الجائحة أو رداءته.

العنف الأسري في المجتمعات العربية في ظل جائحة كورونا

درس البروفيسور اللبناني في علم الاجتماع زهير حطب العنف الذي تتعرض له النساء قي المجتمعات العربية إبان جائحة (كوفيد -19). ففي 5 أبريل (نيسان) 2020، دق الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ناقوس الخطر بدعوته الموجهة إلى الحكومات في العالم، لاتخاذ تدابير للتصدي للزيادة المرعبة في العنف الذي تتعرض له العديد من النساء والفتيات. قائلاً: "إن الجمع بين الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن القيود المفروضة على الحركة، أدّى إلى زيادة كبيرة في عدد النساء والفتيات اللواتي واجهن الإساءة في جميع البلدان تقريباً". وأضاف أن أكثر مكان يخيّم فيه خطر العنف، هو المكان الذي يفترض به أن يكون واحة الأمان لهن: المنزل. شكّل هذا الاعتراف من أعلى مرجعية حقوقية في العالم، حول تداعيات جائحة كورونا، حافزاً قوياً للباحثين الاجتماعيين لتقصي أوضاع النساء، في ظل الحجر المنزلي في المناطق كافة، للكشف عن ظروف وممارسات العنف ومؤشراته وأنماطه، وعن الأجواء الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تفجّره، ودوافع المعنّفين ومبرراتهم.

سيكولوجية الوباء زمن كورونا: انطباعات من الولايات المتحدة الأمريكية

يتناول ديفيد باتريك هوتون (David Patrick Houghton) "أستاذ شؤون الأمن القومي في الكلية الحربية البحرية الأمريكية (Naval War College)، متخصص في علم النفس السياسي" الانطباعات السيكولوجية الأمريكية المترتبة على أزمة فيروس كورونا، نظراً لغياب المعاينات العيادية والمباشرة بسبب الإغلاق، لذا انطلق من فرضية أساسية مفادها: "لا بدّ أن يكون قدر كبير مما نقوله عن أزمة فيروس كورونا انطباعياً بطبيعته، فلدينا -على الأرجح- فرضيات أكثر مما لدينا من حقائق دامغة. لكن ثمة مجالات مختلفة من البحث النفسي يمكن أن تقول لنا شيئاً مفيداً عن جوانب الفيروس وطريقة تعاملنا معه. يتوقّف تعريف «الجيد» و«السيئ» على تأثيرات السياسات المنشودة وعلى تعريفنا للرفاهية بالطبع، وربما يكون لدينا ميل لرؤية النواحي المشجّعة في أي كارثة تقريباً. ولكن يبدو أن أزمة فيروس كورونا قد أدت إلى بعض الآثار الاجتماعية المرغوبة سيكولوجياً، بالإضافة إلى آثار غير مرغوب فيها بشدّة".

التدابير الصحية الوقائية شأناً عاماً خلال جائحة (كوفيد -19) بالمغرب

اعتمدت دراسة يونس الوكيلي (أستاذ مساعد في المعهد الجامعي للبحث العلمي، جامعة محمد الخامس، الرباط) –التي اتخذت من المغرب دراسة حالة- على أنموذجين اثنين: النظافة الجسدية، وهي ممارسة اعتيادية في الحياة اليومية العادية خارج حالة الطوارئ. ووضع الكمامة، وهي ممارسة غير اعتيادية في الحياة اليومية خارج حالة الطوارئ الصحية، وذلك من أجل الإجابة عن السؤال التالي: كيف تتحول الممارسات الاعتيادية، الشخصية في حالة النظافة الجسدية والخاصة (لأنها كانت مقتصرة على المجال الطبي) في حالة وضع الكمامة، إلى ممارسات اعتيادية عمومية؟ ويفترض أنه في ظل الشعور الجماعي بالتهديد والخطر الذي يمثله الوباء، تتصدر الصحة قائمة الأولويات السياسية والمجتمعية فتُعلَن، على الصعيدين الدولي والوطني، حالة الطوارئ الصحية، وما يرتبط بها من تدابير، مما يؤدي إلى تحويل الممارسات الاعتيادية الشخصية والخاصة إلى ممارسات اعتيادية عمومية من خلال سياسة صحية عمومية وطنية.

برهن الباحث على أن ممارسة التدابير الصحية الوقائية تتم في سياق استثنائي، وهو حالة الطوارئ الصحية حيث يصنف المرض باعتباره «أزمة صحية عمومية» حسب أدبيات الاستعداد الصحي العمومي، و«طارئا صحياً عمومياً يستدعي قلقاً دولياً»، حسب ما تنص على ذلك اللوائح الصحية الدولية التي وقّع عليها المغرب، والتزم بمقتضياتها في سياسته الصحية لحفظ الصحة العامة.

تحديات التعلم عن بعد في ظل الحجر الصحي: الإمارات أنموذجاً (شهادة تربوية)

قدم الخبير التربوي اللبناني شارل حجار شهادة تربوية تطرق فيها إلى العقبات وتحديات التعلم عن بعد في الإمارات العربية المتحدة، بحيث طاولت جميع أطراف العملية التعليمية، التي تضم الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، مبرزاً أهم تحدّيات العملية التعليمية التي فرضتها الجائحة على المستويات التقنيّة والنفسيّة والمهاراتيّة عند كلّ من إدارات المدارس والمعلمين وأولياء الأمور والطلبة في الدولة.

يخلص الباحث إلى أنه "بعد التجربة الكبيرة والناجحة للاستراتيجيات التي اتبعتها المدارس خلال أزمة (كوفيد –19)، أصبح هنالك صعود مميز للتعلم الإلكتروني. وهذا الأمر دفع الكثير إلى الجزم بأنه لم يعد من الممكن القول بأنّ التعليم التقليدي في الفصول الدراسية هو الأفضل. لقد أصبح من المؤكد أنّ العودة إلى المدارس تحمل شيئاً جديداً. فالتغييرات التي تسبب بها (كوفيد –19) في القطاع التربوي خُلقت لتبقى. الجميع كسب خبرة إيجابيّة من هذه التجربة، وسوف يوظّفها في عمله المستقبلي. عندما يمر القطاع التربوي بأزمة كبيرة كهذه، يصبح أقوى وأصلب لأنّ جميع العاملين فيه والمعنيين به، كانوا يقاتلون معًا ويعملون معًا من أجل الصمود والمثابرة".

العزلة في زمن وباء كورونا.. مقاربة فلسفية

تهدف دراسة الزواوي بغوره (بروفيسور في قسم الفلسفة، كلية الآداب- جامعة الكويت) إلى تقديم مقاربة فلسفية، تعتمد على الطرح الأخلاقي، وذلك من خلال الوقوف عند بعض الآراء الفلسفية التي قُدِمت حول العزلة خلال وباء كورونا، وقد صنفها إلى توجهين: توجه أجرى عملية تعميم لمبادئ ونظريات سابقة على الحدث، وتوجه يحاول الوقوف عند الدلالات التاريخية والأخلاقية لهذه الجائحة. وبعد تحليل لمعنى العزلة فلسفياً، والإشارة إلى بعض الإشكاليات التي تحول دون تقديم نظرية شاملة في الموضوع، تقدم الباحث ببعض القواعد الأخلاقية المستمدة من نظرية أخلاق العناية والاهتمام، كونها تسهم إيجابياً في الحد من انتشار وباء كورونا، وذلك لما تملكه من مقومات نظرية وعملية على حد سواء، وخصوصاً في محاولتها الاستجابة للوضعية البشرية التي تتسم بهشاشتها.

"الدعوة إلى التسامح": قراءة فلسفية في زمن الوباء

ناقش الفيلسوف الفرنسي شارلي غاليبرت (Charlie Galibert) مفهوم التضامن البشري ومأزقه في المجتمعات الغربية المعاصرة. من فضائل أزمة فيروس «كوفيد -19» أنها أظهرت حدود نظام إدارتنا الليبرالي الجديد (Néo Libérale) للعالم، بما فيها طريقته في التفكير. والخروج من هذه الأزمة الكونية -كما يرى غاليبرت- وهي أول واقعة بشرية شاملة في تاريخ الإنسانية، لا يمكن أن يتحقق إلا في تحويلنا لعلاقة السيطرة على العالم، سواء تعلق الأمر بالغيرية الخارجية (علاقتنا بالطبيعة، بالحيوان، بالنبات)، أو غيريتنا الداخلية (إدارة الاختلافات بين البشر أنفسهم: هم/ نحن، بيض/ سود، رجال/ نساء). وإعادة النظر في هذه الاختلافات تحت مقولة «الغيرية» تشكل بديل انفتاح على مجمل العالم الحيّ، وللفلسفة كلمتها لتقولها في سبيل هذا التحرر بُغيّة قيام تحالف جديد.

أمل غاليبرت "أن تقودنا هذه الأزمة إلى تخطي مجرد التسامح الموجود بين الأمم والشعوب، والذي ليس إلا إحساناً من السلطة، وذلك لصالح ضيافة غير مشروطة بإزاء الغيرية الصغيرة (انفصال الإنسان عن الإنسان: نحن/ هم، أنا/ الآخر، بيض/ سود، رجال/ نساء...) وبإزاء الغيرية الكبيرة (أي انفصال الإنسان عما هو غير إنساني، أي الطبيعة، ما هو حيواني، الكائن الحي، ما يسميه اليونان «الوجود»، الجمال، والحياة".

نحو تفاؤل بالعلم في زمن وباء كورونا

طرح الطاهر بن قيزة (الباحث الجامعي التونسي المتخصص في الفلسفة الحديثة) سؤالاً مركزياً في دراسته: لماذا كل هذا التشاؤم في زمن جائحة كورونا (كوفيد -19)؟ يرى "أن للتشاؤم مبررات إنسانية وثقافية. ولا غرو، فقد اكتسح هذا التشاؤم العقول فتعددت أشكاله وتعبيراته، حتى صرنا لا نتحدث إلا عن الجائحة والفاجعة والمصيبة والكارثة والمأساة أمام هول آثارها. وهي المسائل التي تستأثر بالخطاب الفلسفي والفني والإعلامي راهناً. وتفشّي خطاب العدمية حول الموت واليأس في علاج الجائحة والشك في الانتصار عليها هو المتداول بين الناس".

استند ابن قيزة إلى مفهوم التفاؤل في تحليله للحالة التشاؤمية المصاحبة للجائحة، مستحضراً الأفكار الثقافية والنقاشات الفلسفية التي طاولت الأزمنة القلقة في المجالين العربي والأوروبي. من بين الفلاسفة الأوروبيين الذين نظروا للتفاؤل الألماني غوتفريد فيلهيلم لايبنتز (Gottfried Wilhelm Leibniz) (1646-1716) الذي نادى بـــ"الفهم المتناغم للعالم" بإطناب من خلال مقولة خلق الله «لأحسن العوالم الممكنة». ولهذا السبب كان لايبنتز -كما يوضح الكاتب- مؤسساً للتفاؤلية التي ترتكز على الأفضلية الممكنة والحكمة الدفينة لتناغم الحالات على تقابلها. لم يستعمل لايبنتز عبارة التفاؤل بل تحدث عن «الأفضل». فالمسألة الكبرى التي تناولها في كتابه الشهير «التيوديسيا» هي: إذا كان العالم مِن خَلْق الله، فكيف نفسر وجود الشرور والآلام والمصائب التي تخترق حياتنا وتنغص عيشنا؟ أيَكون الشر صادراً عن الله أم هو صادر عن البشر؟ طبعاً، ليست هذه المسألة جديدة على التفكير الإنساني. فنحن نقع عليها في تقليد علم الكلام والفلسفة الإسلامية، حيث نجد معسكرين طاغيين. الأول: هو معسكر أهل الجبر الذي التحق به الأشاعرة الذين يرون أن كل ما يقع في هذا العالم مقدَّر، بخيره وشره، من الله. فالإنسان كائن مُسيَّر. المعسكر الثاني: هو معسكر المعتزلة الذين يرون أن الإنسان كائن مريد وقادر على التحسين والتقبيح. لذلك، فما كان شراً في أعماله إنما هو ناتج عنه ويحاسَب عليه".

حالة استثناء أم تَعَطُّل الديمقراطية.. جدل فلسفي غربي زمن الوباء

تسعى ريتا فرج (الباحثة اللبنانية وعضو هيئة التحرير في مركز المسبار) في دراستها إلى الإضاءة على أبرز الأفكار الفلسفية التي طرحها بعض الفلاسفة الغربيين في تفسيرهم للأوضاع الجديدة التي فرضها وباء (كوفيد -19) على المجال السياسي. ركزت فيها على الجدل الفلسفي الذي أثاره مقال الفيلسوف الإيطالي جورجيو أغامبين (Giorgio Agamben) «اختراع الوباء» والأسس الفلسفية التي استند إليها، وردود الفلاسفة عليه من بينهم: السلوفيني سلافوي جيجك (Slavoj Žižek) والفرنسي جان لوك نانسي (Jean-Luc Nancy)، وآخرون، آخذةً بالاعتبار الآراء الفلسفية الغربية الأخرى المُثارة حول توقف الآليات الديمقراطية والحضور اللافت للدولة في مجالات الأمن، تحديداً خلاصات الفرنسي فريديريك غرو (Frédéric Gros) المتخصص بأعمال الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو، الذي أفردت له أول المحاور في الدراسة، بهدف تسهيل فهم التحليلات المطروحة من قبل النماذج المختارة.

وبعد تحليل وعرض وجهات النظر الفلسفية الأخرى التي حاججت أغامبين تناولت فرج الأفكار الغربية حول تعطيل الحياة الديمقراطية في الغرب في ضوء إعلان حالة الطوارئ. وأشارت إلى ما نبّه له بعض الأكاديميين في العلوم الإنسانية والاجتماعية حول المخاطر الناجمة عن توقف آليات العمل الديمقراطي: غياب المشرعين عن البرلمانات، تأجيل الانتخابات، منع التظاهرات والتجمعات، التضييق على الحريات العامة، تضخم وجود الجيوش في المدن، وانكفاء الأنشطة السياسية والصحافية باستثناء ما يرتبط بالوباء.

هل تُعيد جائحة كورونا تشكيل النظام العالمي؟

تناولت دراسة المؤرخ التونسي أعلية علاني محورين أساسيين: النظام العالمي قبل جائحة كورونا، والنظام العالمي بعد جائحة كورونا، ووضعت فرضيات أولية حول مؤثرات الفيروس على المستويين الإقليمي والدولي. حدد الكاتب الخصائص التي يتمتع بها النظام الدولي العالمي قبل الجائحة.

ويرجح الباحث أن تلعب التكتلات الإقليمية دوراً أكبر في مرحلة ما بعد كورونا خصوصاً فيما يتعلق بالتبادل التجاري، كما أن الديمقراطية بمضامينها النيوليبرالية لم تنعكس بسهولة على أرض الواقع زمن الجائحة. وقد طرح الباحثون تساؤلات حول من سيقود العالم، الصين أم الولايات المتحدة الأمريكية؟ علماً أن الذي سينفرد بالمرتبة الأولى –كما يخلص علاني- سيؤثر بفكره وثقافته وتراثه، مثلما أثّرت أمريكا بثقافتها وأسلوبها في الحكم القائم على الديمقراطية التمثيلية، عندما انفردت بقيادة العالم طيلة عقود، وتحالفت معها أوروبا للترويج لمحاسن النيوليبرالية والديمقراطية على الشكل الغربي، بما في ذلك الحريات العامة والفردية والانتخاب الحر.

الصراع الأمريكي –الصيني بعد جائحة كورونا: النظريات والسيناريوهات

رصدت نادية حلمي (الباحثة المصرية المتخصصة في الشؤون الصينية) في دراستها النظريات السياسية والاجتماعية الجديدة المؤثرة في الولايات المتحدة والصين خلال أزمة كورونا واقترحت أبرز السيناريوهات المؤثرة في العلاقات بين الدولتين.

حاولت حلمي الوقوف على السيناريوهات المستقبلية المتوقعة لشكل العلاقة بين واشنطن وبكين، مع وضعها تحليلات مستقبلية بالتوازي لما قد يكون عليه شكل النظام الدولي الجديد بعد كورونا، ومن بين ما طرحته: "توقع «حرب تكنولوجية باردة» بين الولايات المتحدة والصين: أدت التوترات المحيطة بانتشار الفيروس إلى تزايد الأمور سوءاً. وقد كانت بدت مشاعر العداء تجاه الصين خلال مؤتمر ميونخ، إذ ترأست رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي وفداً كبيراً من الكونغرس، وكانت صريحة ضد الصينيين، وخصوصاً فيما يتعلق بالتنافس التكنولوجي الواقع بين بكين وواشنطن، وهو ما اعتبره المحللون أمراً يرقى إلى إعلان «حرب باردة عالية التقنية» عالمية جديدة بين الولايات المتحدة والصين".

العالم ما بعد كورونا: قراءة في وجهات نظر أمريكية

عرض الباحث اللبناني هيثم مزاحم في دراسته لأبرز وجهات النظر الأمريكية حول التحولات الطارئة على النظام العالمي، وإمكان تبدله تحت ضغوط التغيرات في موازين القوى الدولية بسبب مؤثرات الجائحة.

وعرض مزاحم لما كتبه الباحثان والمسؤولان البارزان في مجلس الأطلسي (ذا أتلانتيك) ماثيو ج. بوروز وبيتر إنجلكه، في دراستمها المنشورة في مجلة المركز "ذا أتلانتيك" ( The Atlantic) قالا فيها: إن «جائحة فيروس كورونا تمثل صدمة كبيرة لنظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي أنشأته الولايات المتحدة وحلفاؤها. فعلى مدى السنوات الـ(75) الماضية، قادت الولايات المتحدة وشركاؤها نظاماً قائماً على القواعد يرتكز على القيم الديمقراطية الليبرالية والاقتصاد العالمي المفتوح، والهيئات المؤسسية الرسمية المدعومة من الدول الديمقراطية القوية. لكن الوباء الحالي يهدد مستقبل هذا النظام .

يرى الكاتبان أن التراجع في الاقتصادات الغربية يمكن أن يؤدي إلى تعزيز من قوة الصين الصاعدة، في حين أن الكساد العالمي قد يولد الدعم للحمائية. إذ تبدو الهيئات الدولية المصممة لحماية الصحة العامة ضعيفة وغير قادرة على احتواء الأزمة، وتتضاءل التحالفات مع الشركاء عبر الأطلسي مع تحول الدول إلى الداخل وإغلاق الحدود. إن الحفاظ على النظام القائم على القواعد التي كفلت الحرية والازدهار والسلام لعقود، يتطلب استجابة عالمية حاسمة بقيادة الولايات المتحدة للوباء".

النزعات القومية وتنامي التطرف: الواقع والاحتمالات مع تداعيات الوباء

تحاول دراسة الباحث المصري باسم راشد التحقق من الفرضية الآتية: إن البيئة السياسية التي أنتجها وباء كورونا قد أتاحت للتيارات المتطرفة فرصاً كبيرة؛ لكونها عجَّلت من التوجه نحو السياسات التي طالما دعا إليها اليمين الأوروبي، لكنها في الوقت نفسه فرضت تطورات متسارعة ربما أكبر من قدرة تلك التيارات على مجاراتها، بما كشفته عن أزمة بنيوية في قدرات الشعبويين الراديكاليين، لن يكون الخروج منها هيِّنًا.

يرى راشد أن هذا الوباء يمثِّل فرصةً للتيارات القومية وأحزاب اليمين المتطرف لتسريع تنفيذ أهدافها، لكنه في الوقت ذاته يضعها في أزمات حادة، خصوصاً في حالة عدم استعدادها للتعامل مع هذا النوع من التحديات، سواء كانوا في موقع السلطة أم المعارضة، وسواء كان هذا التعامل قبل الأزمة أو أثناءها أو بعد انتهائها.

يرجح باسم راشد "أن تؤدي أزمة وباء كورونا إلى تراجع التأييد العام للتيارات القومية المتطرفة على المستوى السياسي، وقد ينتج عنها تراجع الظواهر القومية والشعبوية المتطرفة في الشارع الأوروبي، بشكل كبير لأن الوباء أثبت أن الأزمات الأشد خطورة تأتي من الداخل أحياناً لا الخارج دوماً. في الوقت ذاته يمكن أن تفرض الأزمة استراحة إجبارية للتيارات القومية المتطرفة، تستعيد بعدها بعض مقومات وجودها وتعيد طرح أفكارها في صيَغ مختلفة، من أجل إعادة التموضع في محاولة لاستعادة النفوذ وكسب أصوات الناخبين، والحفاظ على الرغبة المعتادة في استمرار جذب الأضواء".

أحزاب اليمين الأوروبي والأزمة الصحية لـــ(كوفيد -19)

درس جان –إيف كامو (Jean-Yves Camus) (مدير مرصد التطرف السياسي في مؤسسة جان جوريس "Fondation Jean Jaurès" الفرنسية) كيفية تعاطي اليمين المتشدد الأوروبي مع فيروس (كوفيد -19) وقد ركزت بيانات أحزابه، على ثلاثة محاور رئيسة: التشكيك في الأصل الحيواني للوباء ومصدره الصين، باللجوء إلى نظريات عدة تتحدث عن المؤامرة، ونقد العولمة وفتح الحدود، مُقدّمة كسبب أول لانتشار الفيروس، وبحسب البلدان والأحزاب، والطلب المتناقض بأخذ إجراءات حكومية أكثر صرامة للحد من الوباء، متوافقاً مع نقد الانتهاكات المفترضة التي يفرضها الحجر المنزلي، للحريات الفردية للمواطنين.

يلفت كامو إلى أنه "في كل البلدان -تقريباً- هاجم اليمين المتشدّد والمتطرف بعنف الحكومات القائمة، متهماً إياها بالتقصير في إدارة الوباء. والمثل الأفضل على هذا التموضع السياسي هو موقف «مارين لوبان» (Marine Le Pen)، حيث رأت أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وغالبية الحكومة مارسوا «كذب الدولة»، بمعنى أنهم قدموا للفرنسيين معلومات ناقصة أو مغلوطة في سبيل التستر على قلة كفاءتهم في مجال الصحة العامة. على سبيل المثل، أخفوا النقص، ومن ثم وعدوا بوصول عينات الفحوص، التي حتى اللحظة لم توزع بشكل واسع، وما هو أدهى، إخفاؤهم الأسباب التي دفعت السلطات الصحية إلى رفض التوزيع الواسع للعلاج بواسطة الـ«هيدروكلوروكين» (Hydoxychloroquine)، وهو دواء مضاد لـ«الملاريا» (le Paludisme) نصح به البروفيسور، من مدينة مرسيليا، «ديديه رَوُولْت» (Didier Raoult)".

الحمى القومية في أوروبا وفرنسا زمن جائحة كورونا

تناول حواس سنيجر (أستاذ محاضر في العلوم السياسية بجامعة ليون (Université de Lyon) – فرنسا) الشعور القومي المتصاعد في أوروبا وفرنسا خلال فترة الجائحة، محللاً أبرز القضايا التي شكلت مسار توظيف سياسياً لدى أحزاب اليمين المتشدد في القارة الأوروبية.

في فرنسا، "أتاحت الأزمة الصحية، غير المسبوقة -كما يبين الباحث- الفرصة لليمين المتطرف الفرنسي؛ للإدانة والتشكيك مجدداً في ظاهرة الهجرة والمهاجرين بصفة عامة، وفي بعض الأقليات الدينية أو الإثنية الموجودة على الأرض الفرنسية خصوصاً. وهؤلاء السكان متهمون بأنهم حاملون للاضطرابات والأخطار بأنواعها: فمنذ فترة قريبة، تعلق الأمر بأن تنسب إلى بعض الأقليات مسؤوليات الإرهاب وفقدان الأمن والاضطراب، واليوم أضيف استهداف آخر، وفق الوضع الراهن، مسؤوليتهم في نشر «الفيروس» و/ أو تسهيل نقله. ويمكن هذا الخطاب أن يطال قطاعات من الجسم الاجتماعي الفرنسي والأوروبي، بإزاء الصعوبات التي تواجهها الحكومة في الإدارة الرشيدة للأزمة والمشاكل ذات الطابع الاقتصادي -الاجتماعي الحاضرة والمستقبلية. وهذا النمط من الخطاب يمكن له أن يكون جذاباً. فبمطالبته بالانكفاء الوطني والنزوع إلى القومية، يرمي إلى منح الصدقية للفكرة الرئيسة التي تقول: إن إغلاقاً للحدود، وحتى الخروج من الاتحاد الأوروبي، سيعيد إمكانات الفعل المستقل إلى الدولة وإلى مواطنيها. اعتقدت الأحزاب والفاعلون ذوو التوجه الفكري المعادي للاتحاد الأوروبي وللهجرة وللإسلام، أنها وجدت في الجائحة فرصة كي تمنح صدقية لأطروحاتها القومية في عيون العدد الأكبر من الناس، وفي هذه الاندفاعة نفسها، الحط من قدر خصومهم السياسيين المتهمين بنصرة «النزعة الأوروبية» (Européisme)".

رقمنة الاقتصاد: هل ثمة قفزة كبيرة مع جائحة كورونا؟

عرض نواف محمد العبدالجادر (أستاذ ريادة الأعمال في جامعة الكويت) لأبرز وجهات النظر الاقتصادية حول رقمنة الاقتصاد وتحدياته في ظل جائحة كورونا التي "أتت لتوضح أهمية التكنولوجيا في خدمة الاقتصاد وفي قدرة الشركات على التعامل معها، بل والإفادة منها، مع هذه الأوضاع الصعبة. على سبيل المثال، فرضت الأزمة على الكثير من المطاعم الانتقال إلى الرقمنة من خلال استقبال وتوصيل الأغذية عبر الإنترنت -كما يوضح الكاتب- ولا يقتصر ذلك على المطاعم فقط، فإن شركات التوصيل أصبحت أساسية في خدمة احتياجات المواطنين وتلبية طلبهم لتوصيل الأغذية من المطاعم والجمعيات التعاونية. فقد أوضحت تقارير عدة أن سلوك الاستهلاك للزبون تغير في هذه الأزمة من خلال الاعتماد على الرقمنة، وتجنب التعامل مع الأفراد. على سبيل المثال، صرحت ميتوان ديانبينغ (Meituan-Dianping)، أكبر شركة لتوصيل الطعام في الصين، والتي تتعامل مع ما يقارب (5,9) ملايين شريك في قطاع التجزئة، و(700) ألف زبون، بأن (80%) من المستهلكين طلبوا التوصيل عبر الإنترنت من غير أي اتصال أو تعامل شخصي مع أفراد. وقد اعتمدت شركات أمريكية عدة النظام ذاته. لذلك قد نشاهد نمواً في استخدام التكنولوجيا والروبوت لتلبية طلبات التوصيل دون الاحتكاك مع أفراد".

يتطرق العبدالجادر إلى أبرز القطاعات التي أفادت في الأزمة الصحية العالمية، والتي يتقدمها "قطاع التجارة الإلكترونية مثل شركة أمازون (Amazon). بل بعد تداعيات الاحتكار ضدها، يرى البعض اليوم أن الشركة استطاعت البرهنة على أنها تمثل أحد الاحتياجات الأساسية في الاقتصاد، حيث تمكنت من أن تقدم مستلزمات أساسية لعدد كبير من أفراد المجتمع مع التزامهم بالبقاء في البيت". ويؤكد الباحث أن وجود بيئة ريادة الأعمال حول قطاع التكنولوجيا يساهم في تحقيق «اقتصاد رقمي جديد» (New Digital Economy)، وتعزز قدرة الدول على مواكبة العصر التكنولوجي مما يجعل اقتصاد البلد أكثر قوة وقدرة على المنافسة مع تطورات الاقتصاد العالمي.

اقتصاد السوق الاجتماعي: هل يشكل بديلاً عن الليبرالية الاقتصادية

يرى الخبير والاستشاري الاقتصادي اللبناني: كمال حمدان، أنه "خلال الأزمات الكبرى التي تمهّد السبيل أمام انعطافات مؤثّرة في مجرى التاريخ، تميل النماذج الفكرية أو البراديغمات السائدة نحو الاهتزاز، لتفسح المجال أمام تبلور وصعود نماذج أو براديغمات أخرى بديلة، تكون مستوحاة ممّا استجدّ من تحوّلات عميقة وطويلة الأجل في الوقائع، والآليات الناظمة لحياة البشر في حقول السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع والتطوّر التكنولوجي".

تحاول هذه الورقة البحثية الإجابة عن إشكالية محدّدة: «اقتصاد السوق الاجتماعي: هل يشكل بديلاً عن الليبرالية الاقتصادية؟».

يخلص حمدان إلى أن "الخلطة الراهنة للعوامل الذاتية والموضوعية المؤثّرة في الانتقال من الليبرالية الاقتصادية إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، لا تصبّ كلّها في اتجاه واحد يخدم عملية تسريع هذا الانتقال، إذ في حين يظهر الانسجام والتفاعل والتلاقي في مفاعيل جزء مهمّ من هذه العوامل، فإن تنابذاً وتفارقاً يبرزان في مفاعيل جزئها الآخر. وبالرغم من أن الأزمة الأصلية للنظام الرأسمالي العالمي، التي جاءت تداعيات أزمة كورونا لتزيدها تفاقماً، تدفع موضوعياً في اتجاه إعادة طرح الأسئلة التاريخية حول أساسيات الاقتصاد الرأسمالي وحقيقته النسبية ومدى نهائيته، فإن خريطة الواقع السياسي وتوازنات القوى داخل الكتل الرأسمالية الأساسية وداخل كلّ من دولها، لا تفسح المجال واسعاً في المدى القصير أمام تحوّل أنموذج اقتصاد السوق الاجتماعي إلى مادة أساسية على أجندة عمل تلك الدول والكتل".

أمريكا.. اللايقين الاقتصادي الناجم عن فيروس (كوفيد -19)

هذه الورقة المترجمة من الإنجليزية إلى العربية أعدها كل من الخبراء الاقتصاديين: سكوت بيكر (Scott R. Baker) ونيكولاس بلوم (Nicholas Bloom) وستيفن ديفيس (Steven J. Davis) وستيفن تيري (Stephen J. Terry)، وقد نشرت من قبل «المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية» (National Bureau of Economic Research)، في أبريل (نيسان) 2020.

يُعد تقويم التأثير الاقتصادي لجائحة فيروس كورونا المستجد (المسبب لداء كوفيد -19) أمراً جوهرياً بالنسبة لصانعي القرار السياسي؛ إلا أنه أمر محفوف بالتحديات لأن الأزمة اندلعت وتفشّت بسرعة فائقة. تحدد الورقة ثلاثة مؤشرات من شأنها توفير معايير لقياس اللايقين الاقتصادي بصورة استشرافية، وفي الوقت الفعلي للقياس وهي: التذبذب أو التقلب في سوق الأسهم، واللايقين الاقتصادي القائم على ما ورد في الجرائد والصحف، واللايقين الذاتي في استطلاعات الرأي والدراسات الاستقصائية بشأن التوقعات (التنبؤات) المتعلقة بالعمل.

استأنس الباحثون بهذه المؤشرات لتوثيق الزيادة الهائلة في حالات اللايقين الاقتصادي، وتحديدها وفق مقاييس كمية خلال الأسابيع الأولى لإنتشار الوباء في الولايات المتحدة. وتلقي الضوء أيضاً على كيفية الاسترشاد بتلك المعايير ذات الطابع الاستشرافي لتقويم التأثير الاقتصادي الكلي لأزمة فيروس (كوفيد -19). ويتمثل هدف الورقة في تقويم الآثار الاقتصادية الكلية الشاملة لحالات اللايقين الناجم عن (كوفيد -19) على المديين القريب والمتوسط في أمريكا.

جائحة كورونا: الآثار الاقتصادية وتداعيات الأمن الغذائي

تسعى دراسة عاصم أبو حطب (أستاذ مشارك في قسم الاقتصاد بالجامعة السويدية للعلوم الزراعية، أوبسالا (Uppsala)- السويد) إلى إلقاء الضوء على بعض آثار الجائحة على الاقتصاد العالمي في المديين القصير والمتوسط، وتداعياتها على الأمن الغذائي العالمي، وتخرج بمجموعة من التوصيات للتقليل من انعكاساتها على الجهود الدولية للقضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي في المدى القصير.

في نظرةٍ سريعةٍ إلى التحليلات الاقتصادية المتعلقة بالآثار الكائنة والمتوقعة للجائحة، وجد الباحث "أن أغلبها قد ركزت على تداعيات انتشار فيروس كورونا على الأسواق المالية والنمو الاقتصادي العالمي؛ في حين أغفلت هذه التحليلات -إلى حدٍ بعيد- انعكاسات الجائحة على القطاعات الزراعية والنظم الغذائية، وما ينبني على ذلك من تأثيرات على الأمن الغذائي العالمي، وخصوصاً في الدول النامية. ففي ظل كل هذه التداعيات الاقتصادية والتوقعات، لا شك أن تجاهل انعكاسات جائحة كورونا على الأمن الغذائي العالمي، يشكل خللاً ضخماً قد يؤثر سلباً في جهود المجتمع الدولي لتحقيق أجندة الأمم المتحدة 2030، وأهداف التنمية المستدامة المتعلقة بمكافحة الفقر والقضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي. ووفقاً للجنة الأمن الغذائي العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للزراعة والغذاء، فإن الأمن الغذائي يتحقق «عندما تتوافر لجميع الناس، في كل الأوقات، الإمكانات المادية والاجتماعية والاقتصـادية، للحصـول على أغذية كافية وسليمة ومغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية، وتناسب أذواقهم الغذائية للتمتع بحياة موفورة النشـاط والصحة». ويرتكز تحقيق الأمن الغذائي على محاور أربعة هي: توافر الأغذية، وإمكانات الحصول عليها، واستخدامها والبعد التغذوي لها، واستقرار إمداداتها".

جائحة كورونا والتحديات أمام الاقتصاد الخليجي

يدرس أسامة سويدان (أستاذ الاقتصاد المشارك في قسم الابتكار في الحكومة والمجتمع- جامعة الإمارات العربية المتحدة) تأثيرات جائحة كورونا والتحديات التي فرضتها على الاقتصاد الخليجي، تحديداً على سوق النفط، وأسواق الأسهم.

بخصوص سوق النفط يرى سويدان أنه "لفهم حجم التحديات الناجمة عن انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد الخليجي، لا بد من معرفة سعر النفط المناسب لكل دولة، لتحقيق التوازن المالي الداخلي في الموازنة العامة لكل دولة خليجية. ويُلاحظ أن انخفاض أسعار النفط أسفل مستوى (39) دولاراً للبرميل، يؤكد أن جميع دول الخليج -ودون استثناء- ستعاني من عجز في موازناتها العامة إذا ما استمر هذا المستوى لأسعار النفط لفترة طويلة.

أما أسواق الأسهم الخليجية التي غطتها الدراسة خلال الفترة الممتدة بين شهري مارس (آذار) ويونيو (حزيران) 2020 فتؤكد المؤشرات تراجعاً واضحاً وكبيراً في مؤشرات معظم هذه الأسواق. يظهر هذا التراجع بصورة جلية ومشتركة بعد تاريخ 2 مارس (آذار) 2020. تدل هذه التراجعات –كما يبين سويدان- "على خسارة الأفراد المتعاملين في دول الخليج لجزء مهم من ثرواتهم، الأمر الذي سينعكس سلباً على استهلاكهم وعلى مستوى الطلب الكلي.