مستقبل التطرف في أفريقيا: إرهاب الملاذات الآمنة


يتناول الكتاب التنظيمات الإرهابية في دول أفريقية عدة، مستكملاً سلسلة دراساته عن الإرهاب في القارة، بعد عددٍ من الإصدارات، منها: «المسلمون في جنوب أفريقيا: التاريخ- الجماعات- السياسة» (2011)، و«الحركات الإرهابية في أفريقيا: الأبعاد والاستراتيجيات» (2018)، و«الإسلام في غرب ووسط أفريقيا» (2019)؛ ويسلّط هذا الإصدار الضوء على تنظيمات إرهابية أفريقية قويت بعد سقوط دولة «داعش".درس الكتاب توسع نشاط تنظيمات إرهابية بارزة مثل بوكو حرام (نيجيريا) والشباب المجاهدين (موزمبيق)، وغيرهما من جماعاتٍ نشأت من جذور محليّة، ثم تمددت إقليمياً وعالمياً، وتنازعها الولاء بين داعش والقاعدة، خصوصاً بعد تحول أفريقيا بفعل الفراغ الأمني فيها إلى ملاذٍ آمن للمتشددين الهاربين من المعارك في سوريا والعراق.


تم النشر في: September 2020


front165

قائمة الفصول


# اسم الكتاب
1 عوامل صعود التطرّف والإسلاموية في أفريقيا
2 القارة الأفريقية والحواضن الآمنة لتنظيم داعش
3 بوكو حرام من البداية حتى الانضمام إلى تنظيم داعش
4 حركة «الشباب المجاهدين»: من المحاكم الشرعية إلى الدينامية الإرهابية
5 تنظيم القاعدة في بلاد المغرب: النشاط والتهديدات الأمنية
6 الإرهاب العرقي والمحلي في أفريقيا
7 أسواق العنف في الساحل الأفريقي: الصراعات المحلية وعلاقتها بالإرهاب
8 الإرهاب ومكافحته وشرعية الدولة في موزمبيق
9 دور الاتحاد الأفريقي في مكافحة الإرهاب
10 دعم دول مجلس التعاون الخليجي لأفريقيا في مكافحة الإرهاب
11 التعاون الأمريكي مع أفريقيا في مجال مكافحة الإرهاب
12 التعاون الأوروبي الأفريقي في مكافحة الإرهاب
13 التعاون الصيني الأفريقي في مكافحة الإرهاب
14 المصالح الروسية في القارة الأفريقية وسياسات مكافحة الإرهاب

شرح الكتاب


ملخص بحوث العدد (165)

مستقبل التطرف في أفريقيا.. إرهاب الملاذات الآمنة

سبتمبر (أيلول) 2020

دبي

يتناول مركز المسبار للدراسات والبحوث في كتابه، التنظيمات الإرهابية في دول أفريقية عدة، مستكملاً سلسلة دراساته عن الإرهاب في القارة، بعد عددٍ من الإصدارات، منها: "المسلمون في جنوب أفريقيا: التاريخ- الجماعات- السياسة" (2011)، و"الحركات الإرهابية في أفريقيا: الأبعاد والاستراتيجيات" (2018)، و"الإسلام في غرب ووسط أفريقيا" (2019)؛ ويسلّط هذا الإصدار الضوء على تنظيمات إرهابية أفريقية قويت بعد سقوط دولة "داعش".

يدرس الكتاب توسع نشاط تنظيمات إرهابية بارزة مثل بوكو حرام في نيجيريا، والشباب المجاهدين في موزمبيق، وغيرهما من جماعاتٍ نشأت من جذور محليّة، ثم تمددت إقليمياً وعالمياً، وتنازعها الولاء بين داعش والقاعدة، خصوصاً بعد تحول أفريقيا بفعل الفراغ الأمني فيها إلى ملاذٍ آمن للمتشددين الهاربين من المعارك في سوريا والعراق.

عوامل صعود التطرّف والإسلاموية في أفريقيا

تناقش دراسة لويندو كامبلا -باحث في مجال حقوق الإنسان في «مركز ليفي مواناوازا الإقليمي» بزامبيا- العوامل التي تسهم في صعود التطرّف والجماعات الإسلاموية في أفريقيا، ضمن إطار أوسع عن الإرهاب في القارة. إذ يشكّل الإرهاب إحدى القضايا الأمنية الأساسية التي تتهدد الأمن الإنساني على المستوى العالمي، وقد بات على نحوٍ متصاعد، تكتيكًا حربيًّا جديدًا وتهديدًا أمنيًّا محوريًّا في الشرق الأوسط وأفريقيا. عملت الدراسة على نقاش مجموعة من العوامل التي أسهمت في صعوده تشمل هشاشة القارة المتأتية من الصراعات العنيفة، والمستويات المرتفعة من الفساد في معظم بلدانها، وتوق التطرّف الإسلاموي وجماعاته المسلحة إلى الهيمنة على القارة، وكذلك قدرتهم في التأثير على المجموعات السكانية التي يوجدون فيها. كما صعّدت التنظيمات المتطرّفة جهودها إلى حد أنها باتت تقدم نفسها بديلًا عن أوضاع يسودها تهاوي الدولة؛ إذ تعتبر نفسها ملاذًا أخيرًا في تقديم الأمن والتوظيف والتحرر السياسي الشامل؛ في سياق ادعاء سعيها لتحقيق تغيير اجتماعي بقوة العنف اللاشرعي.

القارة الأفريقية والحواضن الآمنة لتنظيم داعش

درس محمد مختار قنديل -باحث في مركز المسبار للدراسات والبحوث بدبي- الأسباب الدافعة نحو اهتمام التنظيمات الإرهابية و"داعش" بأفريقيا، وبيّن طبيعة الوجود الداعشي في القارة، مبرزًا العوامل المؤثرة فيها. فجاءت أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، لتعلي من شأن تنظيم القاعدة. أثّرت هذه العملية على الولايات المتحدة وشكل تحركاتها، في أفغانستان وباكستان والتوجه نحو العراق، وساهم ذلك في ظهور منظمات إرهابية في القارة الأفريقية مرتبطة بالقاعدة. فظهر تنظيم "بوكو حرام" في نيجيريا الذي كان مرتبطاً منذ بدايته بالقاعدة، التي أعلنت الولاء لـ"داعش" لاحقاً. ثم ظهرت "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وهي "الجماعة السلفية للدعوة والقتال".

يرى الباحث أن رؤية أبي عزام الأنصاري (مسؤول تحرير مجلة صدى الجهاد)، الذي كتب مقالاً بعنوان "القاعدة... تتجه نحو أفريقيا"، نُشِر بالعدد السابع من إصدارها، الصادر يونيو (حزيران) 2006؛ تعد التشريح الأبرز لاهتمام التنظيمات الإرهابية بأفريقيا، في سياق أدبيات السلفية الجهادية، فقد عدد الأنصاري المميزات التي تدفع للاهتمام بالقارة على النحو الآتي:

إن أشهر قيادات تنظيم القاعدة قد أتوا من دول أفريقية: مصر، ليبيا، الجزائر، وموريتانيا. كما نشأت جذور "السلفية الجهادية" في التاريخ المعاصر -في الغالب- من بلدان القارة الأفريقية. انتشار المد الجهادي في بلدان القارة، ويذكر منها الأنصاري أمثلة: مصر، الجزائر، السودان، موريتانيا، المغرب، ليبيا، الصومال، إريتريا، وتشاد. والضعف العسكري والسياسي الذي تعاني منه البلدان الأفريقية، والاقتتال الداخلي والفساد، هذه العوامل تسهل عمل تلك المجموعات. ترتب على العوامل السابقة وحالة الضعف العام، والاقتتال القبلي الداخلي، وما نشب عنه من صراعات، إنشاء عقيدة قتالية وأفراد مستعدين للتضحية بأنفسهم، مما يسهل عملية الضم لصفوف التنظيمات. واستغلال الحالة الاجتماعية في القارة، حيث يساهم الفقر، كحافز لدفع الأفراد للتحرك في طريق التنظيمات. أما طبيعة النشاط الداعشي في القارة الأفريقية؛ فمع تراجع التنظيم في العراق وسوريا، اتجه صوب "الولايات"، لإثبات بقائه كما تروج شعاراته. وبدت القارة الأفريقية أرضاً يظنها خصبة، وملاذاً يراه آمناً، بالنسبة له. فمنذ مطلع 2020، حتى مطلع يونيو (حزيران) 2020، نفذ التنظيم من خلال ست ولايات مزعومة في أفريقيا (غرب أفريقيا، وسط أفريقيا، سيناء، الصومال، الجزائر، ليبيا): (326) عملية إرهابية من أصل (1408) عمليات ادّعى التنظيم تنفيذها بشكل عام، ومن أصل (428) عملية نفذها التنظيم خارج العراق وسوريا.

بوكو حرام من البداية حتى الانضمام إلى تنظيم داعش

ألقت دراسة جاكوب زن -أستاذ مساعد في برنامج الدراسات الأمنية بجامعة جورجتاون، وزميل في الشؤون الأفريقية والأوروبية الآسيوية في مؤسسة جيمس تاون في واشنطن- الضوء على تطور جماعة أهل السنّة للدعوة والجهاد، وكيف ارتبط بولاية تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا، وقد استصحب ذلك العديد من الاعتبارات الداخلية. لذا لم يكن تقديم البيعة و فروض الولاء والطاعة للبغدادي بمثابة بيعة لهفحسب؛ وإنما كان تعلقاً بطريقة عمل التنظيم الداخلي لجماعة أهل السنة للدعوة والجهاد. وبالنسبة لكل من البرناوي ونور، كانت البيعة بمثابة طريقة للجماعة لكي تتخلص في نهاية الأمر من شيكاو من خلال الاستفادة من مشروعية أوامر الدولة الإسلامية. ومع هذا، تمت تنحية البرناوي نفسه في مارس (آذار) 2019 من قيادة ولاية تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا بعد أشهر قليلة من صدور الأوامر من تنظيم الدولة الإسلامية بقتل مامان نور.

لقد بدأت الشكوك تساور تنظيم الدولة الإسلامية فيهما كليهما، ليس بالضرورة لأنهما غير مخلصيْن للبغدادي، ولكن لأنهما لم يكونا يدينان بالولاء الكامل لتنظيم الدولة الإسلامية، الأمر الذي ظهر جلياً في كتابات البرناوي التي انطوت على إطراء وتقريظ أو تعاطف مع القاعدة وجماعة «أنصارو» التي تعد ممثل القاعدة في نيجيريا. وعطفاً على العداء المستحكم لتنظيم الدولة الإسلامية مع تنظيم القاعدة، كان من الضروري أن تتم الإطاحة بالرجُلين. فضلاً عن هذا، فإن البرناوي نفسه لقي مصرعه في أوائل عام 2020 في اقتتال داخلي بولاية تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا.

حركة «الشباب المجاهدين»: من المحاكم الشرعية إلى الدينامية الإرهابية

خلصت نرمين توفيق -باحثة مصرية متخصصة في دراسة الحركات المتطرفة في أفريقيا- في دراستها إلى أن المتتبع للعمليات الإرهابية التي شنتها حركة الشباب المجاهدين في السنوات الأخيرة في الصومال؛ يجد أنها استطاعت أن تعيد ترتيب صفوفها بعد الضربات التي تلقتها، وقد ساعدها على ذلك أسلوب حرب العصابات واستراتيجية الكر والفر التي تتبعها في قتال القوات النظامية، خصوصاً مع استمرار غياب الأمن في الصومال، وعدم قدرة الحكومة الصومالية على القضاء على هذه الحركة بشكل كامل أو تأمين الحدود؛ بسبب ضعف سيطرتها المركزية على كامل إقليم الدولة، كما أن سعي داعش في ترسيخ حضورها في منطقة القرن الأفريقي، ومواجهة تفوق القاعدة عليه، يزيد من احتمالية حدوث عمليات مواجهة بين الطرفين في حال وجد داعش حليفاً قبلياً قوياً يساعده على تقوية أوضاعه، حيث يتطلع داعش إلى تعويض الأماكن التي فقدها في سوريا والعراق، والهشاشة التي تعاني منها بعض الدول الأفريقية مثل الصومال تجعلها وجهته المفضلة، وكل هذا يؤثر على الأمن والاستقرار في تلك المنطقة بالغة الأهمية والاستراتيجية.

تنظيم القاعدة في بلاد المغرب: النشاط والتهديدات الأمنية

تناول جان بيير فيليو -مؤرخ فرنسي وأستاذ تاريخ الشرق الأوسط، والعلوم السياسية في معهد الدراسات السياسية في باربس- التنظيمات الإرهابية الجزائرية التي انطلقت من الإطار المحلي إلى الإرهاب العالمي، متطرقاً إلى استيلاء التنظيمات الإرهابية في بلاد المغرب على شمال مالي، ثم شرح طبيعة المنافسة الداخلية بين الجماعات الإسلاموية، مشيرًا إلى الاستجابة الأفريقية والعالمية في مكافحة الإرهاب.

الإرهاب العرقي والمحلي في أفريقيا

يشير حسين سولومون -محاضر في قسم الدراسات السياسية والحوكمة بجامعة فري ستيت بجنوب أفريقيا- إلى أن الانتشار الجغرافي المتزايد للإرهاب وشدة الهجمات أدى إلى فشل الجهود الدولية المبذولة لدعم الجهود الوطنية لمكافحة الإرهاب حتى الآن. وأن هذا الفشل، ليس ناجماً عن تضاريس جغرافية وعرة، أو طبيعة عمليات مكافحة التمرّد أو الحصول على معلومات استخباراتية تكتيكية عن المقاتلين، إنما يتعلق بكيفية النظر إلى الإرهاب في القارة الأفريقية باعتباره مجرد نتاج منظمات إرهابية عالمية. يتفاقم سوء هذا التشخيص الخاطئ لطبيعة الإرهاب الأفريقي باعتماد إطار واقعي يمنح امتيازات للدولة، وذلك غير مناسب للوقائع الأفريقية بالنظر إلى أن للدولة الأفريقية تقليدياً علاقة عدائية مع مواطنيها. بعبارة أخرى، غالباً ما يُشترَى أمن الدولة (أي النظام) على حساب الأمن البشري. ولا يمكن الحديث عن مصلحة وطنية في مثل هذه الحالة.

يخلص الباحث إلى أن رواية «الإرهاب العالمي» غير ذات صلة بمنطقة الساحل؛ ففي الساحل، بدا التمرّد المسلح بمثابة جماعات إرهابية لا ترتقي إلى مصافّ الدولة. لكن الدعم الغربي لدول المنطقة الفاسدة والسلطوية في الغالب، التي تواجه هذه التمردّات على شكل مساعدة لمكافحة الإرهاب، يؤدي إلى حصول هذه الحركات الإرهابية، التي لا ترتقي إلى مصافّ الدولة، على الدعم من مصادر خارجية أخرى أيضاً. ويسهّل ذلك عندئذٍ دخول الإرهابيين العالميين إلى الساحل تحت عباءة القاعدة وداعش. بدلاً من ذلك، على الدول الغربية أن تنشد حلاًّ لإشكالية الدولة الأفريقية، باستخدام نفوذها على الحكومات الأفريقية لفتح المجال الديمقراطي في كياناتها السياسية. ويجب التشديد أيضاً على بناء الدولة الشاملة للجميع بالنظر إلى التنافس بين القوميات المتركّزة على العرقية في المنطقة. وكما قال أحد مسنّي الطوارق في كيدال، شمال مالي: «إننا بحاجة إلى تعريف جديد للأمة يشملنا»، ويجب أيضاً إعطاء المجتمع المدني الصوفي الإسلامي المعتدل دوراً في مشروع بناء الدولة.

أسواق العنف في الساحل الأفريقي: الصراعات المحلية وعلاقتها بالإرهاب

تناقش دراسة مصطفى زهران -باحث مصري متخصص في الحركات الإسلامية- إحدى الظواهر الوثيقة الصلة باستدامة الصراعات والاضطرابات في الساحل الأفريقي؛ حيث برزت «أسواق العنف» بشدة خلال الثلاثة عقود الأخيرة في محيط إقليمي الساحل والصحراء.

تفترض الدراسة أن ثمة أربعة أشكال من أسواق العنف، وفقاً للتحليل الذي وضعه عالم الاجتماع الألماني «جورج إلويرت» (Georg Elwert)، جاءت على النحو الآتي: «الصراع بين الريفيين والرعاة»، «أنظمة الحكم واضطرابات المشهد السياسي»، «الصراع القبلي وأثره على التطرف في الساحل»، و«التهريب والتجارة غير المشروعة». ويرى الباحث أن ثمة حاجة إلى فهم ظاهرة «أسواق العنف» بما تمثله من أهمية كبرى في تسليط الضوء على الكثير من القضايا والإشكالات المتعلقة بدوائر الصراع المتعددة أنواعه وأشكاله، وما ينتج عنه من أزمات واضطرابات تهدد الاستقرار والأمن في العالم، خصوصاً إذا تم النظر إليها باعتبارها رافداً أساسياً في تغذية العنف واستدامته لما يعود على المندرجين فيه بقدر كبير من المكاسب، إما بحثاً عن نفوذ أو تحقيقاً لمنافع اقتصادية لا حصر لها، في خضم علاقات «براغماتية» نفعية قائمة على -المقايضة- داخل أسواق العنف.

يخلص زهران إلى أنه في سبيل التفكير والسعي لوقف تمدد نشاط الجماعات الإرهابية في الساحل الأفريقي، يجب القضاء على أسواق العنف من خلال إصلاح أوضاع الرعاة والمزارعين، عبر وضع قوانين رعوية تضمن حقوق كل طرف في دول الساحل، وحماية الدولة لها، من خلال وضع إطار ناظم يؤدي إلى تأمين الاستقرار والأمن، مما يقلص من نفور القبائل والجماعات الإثنية من الدولة ويحد من حال الاستنزاف، كما حدث مع قبيلة الفولاني من قبل الجماعات المتطرفة. كما يرى ضرورة تعزيز دور الدولة والحوكمة الوطنية، ورأب الصدع بين السلطة السياسية والمجتمع، والانتقال من توصيف الدولة الهشة والضعيفة إلى الدولة المستقرة ثم القوية، لمواجهة الواقع الحالي الذي يشهد أكبر موجة لصعود التنظيمات الإرهابية في الوقت الراهن.

الإرهاب ومكافحته وشرعية الدولة في موزمبيق

تحاول دراسة تريسا نوغويرا بينتو -باحثة برتغالية في الشؤون الأفريقية- المساهمة في فهم آليات الإرهاب واستراتيجيات مكافحته في أفريقيا، عبر تحليل حالتين مختلفتين تمثلهما مجموعة «بوكو حرام» في نيجيريا وحركة «الشباب» التي بسطت هيمنتها على ولاية «كابو دلغادو» في موزمبيق. وعلى الرغم من الفوارق الأساسية بين الحالتين، فإن عقد مقارنة منهجية لأوجه التشابه والتناقض بينهما، تتيح إمكانية التوصل إلى فهم أفضل لتطور الوضع الأمني في موزمبيق.

تستطلع الدراسة آفاق المستقبل بشأن كيفية تطوير آليات التصدي للإرهاب ومكافحته في الحالتين (نيجيريا وموزمبيق)، مع الأخذ بعين الاعتبار التغيّرات الجارية في السياقات الداخلية والإقليمية والعالميّة. فتبدأ من نقطة انطلاق قوامها أن الإرهاب له طابع سياسي. واستطرادًا، يسير الإرهاب وفق المنطق السياسي، ويستند إلى خيارات منطقيّة، ووفق التمييز بين «الصديق» و«العدو».

تخلص الباحثة إلى أن استراتيجيات مكافحة الإرهاب في أفريقيا أظهرت نوعين من الميول: يركز الأول، على الردود العسكرية، ويستند الثاني، على سيطرة مقاربات إقليمية أو دولية وفق ما يظهر في مبادرات «دول الساحل الخمس» و«عملية بارخان»، و«مبادرة شرق أفريقيا لمكافحة الإرهاب» و«القوة المشتركة المجمعة للمهمة في القرن الأفريقي»، وكذلك زيادة الحضور العسكري لواشنطن في القارة خلال العقد الأخير. ويتوافق الخيار المتمثّل في المقاربات العسكرية والمتعددة الأطراف، مع الأنموذج السائد في أفريقيا من الحرب على الإرهاب. وقد نجم هذا الأنموذج عن عالم ما بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، والإحساس بالإلحاح الطارئ الذي خلقته تلك الهجمات. وانتقل الإرهاب من مرحلة التعامل معه عبر أنموذج الجريمة والعدالة، إلى إدارته ضمن أنموذج الحرب، مما عنى –أيضًا- إحلال القوة الصلبة بديلًا عن القوة الناعمة.

دور الاتحاد الأفريقي في مكافحة الإرهاب

تهدف دراسة فرانسيس ميلِلا -محاضر في دراسات السلام والأمن في جامعة لوساكا بزامبيا- إلى تحفيز النقاشات عن المعنى الحقيقي لمكافحة الإرهاب، واستكشاف الخطوات العملية التي يوظفها «الاتحاد الأفريقي» في دعم الدول الأعضاء فيه ضد ذلك الخطر.

يقدم تعريف الإرهاب بالنسبة للاتحاد الأفريقي وفق «ميثاق» منظمة الوحدة الأفريقية. ويستعرض دور منظمة الوحدة الأفريقية في مكافحة الإرهاب، وصولاً إلى الاتحاد الاتحاد الأفريقي، ويختتمها في استعراض مكافحة الإرهاب في سياق حفظ السلام.

يرى الباحث أنه كي يستطيع «الاتحاد الأفريقي» أداء دور فاعل في جهود مكافحة الإرهاب، يتوجب عليه –كمنظمة- ألا يحصر تركيزه في المستويين: الدبلوماسي والسياسي. ثمة انتقال حيوي مطلوب، خصوصًا في زمن أضحت فيه قضايا الإرهاب أشد تعقيدًا مما تستطيع السياسة والدبلوماسية أن تتعامل معه، عندما يُطبّقان بطريقة ضيقة على مسألة انعدام الأمن الناجم عن الإرهاب. ويتوجّب على الدول الأعضاء في «الاتحاد الأفريقي» عبر القارة كلها، أن تعمل أولًا وكأولوية، على رفع مستوى أجهزتها الأمنية في ما يخص جمع المعلومات الاستخباراتية والتشارك في المعلومات. بالطبع، يتوافر هذا المنحى نظريًّا على طاولة التعاون بين الدول الأعضاء في «الاتحاد الأفريقي». ويشير إلى أن ثمة حاجة للتحرّك من النظرية إلى التآزر الفاعل لإجراءات مكافحة الإرهاب، في سياسات الدول وطنيًّا، وكذلك الحال بالنسبة إلى إدارة الأمن الخارجي. وعلى نحوٍ مماثل، تتطلّب قضايا البطالة بين الشباب مقاربة تقدمية وشرسة مِنْ قِبَل الدول الأعضاء في «الاتحاد الأوروبي»، كي تستطيع مجابهة عمليات التجنيد التي تنهض بها المجموعات الإرهابية. من الواضح أيضًا أن تعريفًا عالميًّا عن الإرهاب يتيح للدول سن قوانين محلية لمحاربة الإرهاب، بطريقة أكثر عملانية خصوصًا في ما يتعلق بالتمويل غير الشرعي، والترحيل، والسيطرة على الحدود، وحماية المعلومات وتشاركها وغيرها. من شأن تلك النقاط وما يشاكلها من الأهمية، أن يعزز الدور الضخم لـ«الاتحاد الأفريقي» في مكافحة الإرهاب.

دعم دول مجلس التعاون الخليجي لأفريقيا في مكافحة الإرهاب

قدم أحمد عسكر -باحث مصري متخصص في شؤون شرق أفريقيا والقرن الأفريقي- جهود مجلس التعاون الخليجي لأفريقيا في مكافحة الإرهاب. مشيرًا إلى دوافع الاهتمام الخليجي، والآليات والأدوات الخليجية المستخدمة في مكافحة الإرهاب في أفريقيا، مثل المشاركة في التحالفات العسكرية، وعقد الاتفاقات الأمنية والعسكرية والمناورات المشتركة، والدعم المالي واللوجستي، والمشاركة في المحافل الإقليمية والدولية، وتقديم المساهمات التنموية.

يرى الباحث أن استمرار تصاعد نشاط الإرهاب في القارة الأفريقية يمثل مصدر تهديد مستمراً للمصالح الخليجية، خصوصاً مع تزايد الاهتمام الخليجي بتعزيز التعاون الاقتصادي، وضخ المزيد من الاستثمارات في دول القارة. لذلك، من الطبيعي أن تستمر المشاركة الخليجية في المساعي الدولية والأفريقية لتسوية الملف، والقضاء على تهديد التنظيمات الإرهابية في أفريقيا.

التعاون الأمريكي مع أفريقيا في مجال مكافحة الإرهاب

تناول مسعود الرحمن خطاك -أستاذ مساعد في قسم السياسة والعلاقات الدولية في الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد- التهديدات في أفريقيا والمناطق المعرضة للخطر، مسلطاً الضوء على الإرهاب والتطرف في منطقة الساحل بغرب أفريقيا، كما تناول الجهود الأمريكية في مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل وغرب أفريقيا، كما يشير إلى التعاون الأمريكي في مكافحة الإرهاب بالقرن الأفريقي.

تقرر الدراسة أن حالات فرد العضلات العسكرية، وشن الغارات الجوية، وتنفيذ العمليات التخصصية لمكافحة الإرهاب، وفرض سياسة القوة من قبل الولايات المتحدة في أفريقيا، ليست إلا علاج قصير الأمد؛ وقد لا تفضي إلى استئصال الإرهاب والتطرف من هذه المنطقة، ما لم تجنح الولايات المتحدة إلى تغيير مقارباتها وأساليبها من النواحي العسكرية المحضة إلى الجوانب المتعلقة بالأمن البشري، الذي يتضمن مستوى أفضل للحوكمة والعدل والمساواة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات الأكثر تعرضاً للخطر، وإدارة الموارد بحيث يستفيد منها جميع المعنيين وأصحاب المصلحة والشأن لأقصى درجة ممكنة وعلى الوجه الأكمل. هذه هي الطريقة المثلى لجلب السلام المستدام والاستقرار المستدام في أفريقيا التي دمرتها الحروب.

التعاون الأوروبي- الأفريقي في مكافحة الإرهاب

تدرس برندام غيثينغو -باحثة من جمهورية جنوب أفريقيا، متخصصة في التنظيمات الإرهابية العالمية- التعاون بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي، في مكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية، وتبدأ بتقديم معلومات عامة عن ظهور الجماعات الإرهابية في مناطق التعاون، لعرض العوامل الرئيسة التي تسهم في بروز هذه الظاهرة.

يشكّل ذلك مدخلاً لمناقشة تدابير الاتحاد الأفريقي وأجهزته في مكافحة الإرهاب، التي تدور في المقام الأول حول معالجة الأسباب الجذرية والتحدّيات القائمة في مجالات مثل: الحوكمة الرشيدة، وإنشاء الهياكل والاستراتيجيات الرئيسة، فضلاً عن الحاجة إلى بناء القدرات. ويلي ذلك مجالات اهتمام الاتحاد الأوروبي الرئيسة في مكافحة الإرهاب في أفريقيا قبل الخوض في أدواتها وأجهزتها الرئيسة.

يحدد هذا البحث مجالات التعاون الرئيسة التي يعرضها الاتحاد الأوروبي على أفريقيا، على شكل بعثات وعمليات عسكرية ومدنية ودعم مالي. ويناقش العلاقات بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي على المستويات الثنائية والمتعدّدة الأطراف، قبل تحديد التحدّيات غير المعالجة في قضايا مثل: انتهاكات حقوق الإنسان في مكافحة الإرهاب، والمقاتلين الأجانب العائدين، وكيف تحافظ المنظمات الإرهابية على قدرتها على الصمود بالتعاون فيما بينها.

التعاون الصيني- الأفريقي في مكافحة الإرهاب

ركّز عمران علي ساندانو -أستاذ مساعد في جامعة سند بباكستان- في دراسته على التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بين الصين والدول الأفريقية، وتالياً قدّم موجزاً عن الفهم الصيني للأمن والتنمية، مشيراً إلى أن المفكّرين أولوا اهتماماً منخفضاً للعلاقة بين الأمن والتنمية، بينما تدرك الحكومة الصينية أن الأمن جزء لا يتجزأ من التنمية.

يرى الباحث أن حضور الصين في أفريقيا منذ عقود تركّز أساساً على الأنشطة الاقتصادية والتجارية وأنشطة حفظ السلام. واليوم، توسّع بكين وجودها العسكري في أفريقيا لحماية أصولها واكتساب نفوذ جيوسياسي أكبر. ويجري الجيش الشعبي للتحرير -في الغالب- تمارين مشتركة مع الدول الأفريقية. وتزايد نشاط الصين، خصوصًا بعد مشاريع البنية التحتية الواسعة النطاق في إطار مبادرة الحزام والطريق.

يخلص الباحث إلى أن الصين غدت ذات خبرة كبيرة في الإصلاحات الاقتصادية والتنموية الداخلية، تحاول تقاسمها مع الدول الأفريقية. كما يشير إلى أن الاستثمار في تنمية الموارد البشرية ونقل التكنولوجيا وخلق العمالة الماهرة، يضع حلولاً مهمة للإرهاب والتطرّف والصراعات في أفريقيا. ويرى أنه يتعين على الصين وأفريقيا التعامل مع الإرهاب والتطرّف من جذورهما، بمعالجة الفقر، وضعف الحوكمة، والنزاعات العرقية، وعدم المساواة بين الجنسين، وبطالة الشباب، وتزايد الأنشطة غير القانونية مثل تهريب الأسلحة والاتجار بالبشر، واستخدام المنظمات الإرهابية للتقنيات الجديدة من أجل التجنيد والتحريض.

المصالح الروسية في القارة الأفريقية وسياسات مكافحة الإرهاب

سلط أحمد الباسوسي -أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المصرية -الروسية (القاهرة)- الضوء في دراسته على المصالح الروسية في القارة الأفريقية، متناولاً الاستراتيجية الروسية لمكافحة الإرهاب في أفريقيا، والدور الروسي في مواجهة تنظيم بوكو حرام.

يخلص الباحث في دراسته إلى أن روسيا استغلت فرصة التراجع النسبي الغربي وخصوصًا الأمريكي في أفريقيا لتوسيع دائرة نفوذها في النصف الجنوبي منها، ذلك في الوقت الذي وضعت فيه أساساً راسخاً في شمال القارة، مما بات يؤهلها للعب دور مؤثر وملحوظ في القارة برمتها، وهو ما أصبح يمثل مصدر قلق للقوى الغربية الكبرى من جانب، وعامل أمان للبلدان الأفريقية، ناهيك عن توفير هامش أكبر لها للمناورة من جانب آخر. وبما أن قضية الإرهاب وسبل مكافحته تقع في قلب الاستراتيجية الروسية، فقد اعتمدت روسيا على تطويع ما تمتلكه من أدوات، لا سيما قدرتها على التصنيع العسكري، وتقديم الخدمات التدريبية، والدعم الفني للعناصر الأمنية كأحد أبرز مداخل توسيع نفوذها، وهي بذلك تكون قد حققت أمرين. أولهما: أن تكون قد ساهمت في تقويض وتحجيم أنشطة التنظيمات الإرهابية المسلحة، بما يخدم رؤيتها حول ضرورة القضاء على الإرهاب في العالم. وثانيهما: تأكيد دورها العالمي كإحدى أبرز القوى المحورية على الساحة الدولية، بما يساهم في تحقيق الرؤية الروسية، لا سيما في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، التي تسعى للعودة مرة أخرى لنظام دولي يميل لكونه متعدد الأقطاب، كبديل للمنظومة الحالية القائمة على هيمنة القطب الواحد بقيادة الولايات المتحدة.