يتناول هذا الكتاب استراتيجيات مكافحة الإرهاب المصرية، مع التركيز على تجربة إعادة دمج الأفراد والتنظيمات المتراجعة عن الإرهاب في المجتمع المصري، متناولاً عناصرها الأمنية والنفسية والسياسية، وتنظيم المقترحات العلمية من حقول الدراسات الاجتماعية والسياسية والأمنية، مع تفصيلٍ في دراسة أنموذج الجماعة الإسلامية المصرية؛ بتقلباتها التي انتهت إلى إعادة تصنيفها جماعة إرهابيةً بعد اصطفافها إلى جانب تنظيم الإخوان المسلمين بعد ثورة يونيو (حزيران) 2013، وتبنِّي المنهج القطبي. واستنطق الكتاب شهادات باحثين من صُنّاع التجربة نفسها، سواء في جانب الجماعات المتراجعة، أو القيادات الأمنية صاحبة الإنجاز، وخبراء علم النفس والعلوم الاجتماعية من راصدي التجربة.
تم النشر في: March 2023
يتناول مركز المسبار للدراسات والبحوث في هذا الكتاب تجربة الدولة المصرية في إدماج المتراجعين من متطرفي الجماعات الإسلاموية في المجتمع، مرورًا بما سُمّي بـ«المراجعات» الفكرية لجماعات العنف والإرهاب الإسلاموية في العقود الماضية، عبر رصد نموذجي الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد وأوجه القصور في الحد من العنف، وآليات التحديث المطلوبة لهذه «المراجعات».
سعت دراسة أحمد زغلول شلاطة -باحث مصري متخصص في الحركات الإسلامية- إلى قراءة الاستراتيجيات العامة لمكافحة الإرهاب من قبل الدول العربية عمومًا ومصر خصوصًا، وحللت نتائجها وحددت أبرز تحدّياتها وإنجازاتها؛ فأخذت بالاعتبار أهمية وجود تقييم دوري لمختلف السياسات العامة المستخدمة في هذا المجال، والنتائج المتحققة عبر تقييم مختلف المراحل. تقترح الدراسة مجموعة من المسارات الأمنية والإقليمية والسياسية والتعليمية والاجتماعية على برامج نزع التطرف في العالم العربي.
أولاً: سياسات مكافحة الإرهاب والتطرف؛ ثانيًا: برامج نزع التّطرف: محاولة تقييم ما بعد المواجهات والسياسات البديلة، وعرج فيه على أزمات التطبيق، والعوامل المؤثرة في التطرف العنيف؛ ثالثًا: تحدّيات برامج مُكافحة التطرف، متناولاً المشروعات التنموية ومؤشر الإرهاب من جهة، ومن جهة ثانية، سلط الضوء على تحديات المنظومة التعليمية وبناء الوعي؛ رابعًا: تحدّيات برامج مكافحة الإرهاب وسبل دعمها.
توصّل الباحث إلى أن برامج مكافحة التطرف في العالم العربي في حاجة إلى إعادة بناء لإنتاج سياسات أكثر قدرة وكفاءة في التعامل مع العوامل المركبة التي تُفضي لإنتاج الإرهاب. ولا يمكن أن يَحدث ذلك بالتركيز على العنصر الأمني في المواجهة مع التطرف العنيف وحركاته في المنطقة. فهذه الحركات، وإن تشهد أفولًا، فإن عوامل صعودها مُجددًا ما زالت مُتحققة. لافتًا إلى أنه مع عمق الرافد الديني للمجتمعات العربية والإسلامية، تبرز أهمية وجود آلية للتعامل مع تزايد الدّور المركزي للدّين في المجالين العام والخاص، حيث يحتاج ذلك لتحديد طبيعة ذلك الحضور، وصورهِ المَسموح بها، وكذلك أدوار المؤسسات الدّينيّة وحُدودها في ظل التّغييرات الحَادثة في بنية التدين -للفرد والمجتمع- نتيجة سَابق حُضور تلك التنظيمات والاستخدامات السّياسية لها. ويتفرع عن ذلك أهمية وجود خُطوات تنفيذية واضحة تستهدف تحديد أنماط ومستويات التدين القائمة في المجتمع وبيان مُستوياتها، وأسباب التحول من نمط لآخر. وتحديد مُستويات التطرف القائمة والمحتملة وسُبل التعامل معها، وكذلك دوافع التحول من أنماط التدين المقبولة إلى التطرف. وتبيان سبل التفاعل تجاه تحول أي من تلك الأنماط تجاه التطرف مع بيان مستوياته، وكيفية التمييز بين مختلف تلك الأنماط وأسباب مثل هذا التحول. ويمكن توفير برامج مُتخصصة تَستهدف تدريب المختصين على التّعامل مع مختلف التحولات، التي تحدث بين أنماط التّدين والتطرف المختلفة بهدف العمل على تفكيك مُسببات ذلك.
تناولت دراسة حُسين حمُّودة مُصطفى -مُحامٍ ومُستشار قانوني مصري- إعادة إدماج عناصر التنظيمات الإرهابية «المُتَأَسْلِمة» في المجتمع المصري، من خلال التطرق إلى إطار مفاهيمي وتطبيقي، محلي ودولي، وكذا الوقوف على خبرات عملية لعناصر سبق وأن انخرطت في تلك التنظيمات والجماعات، ثم فكَّت ارتباطها التنظيمي بها، وأدمجت نفسها في المجال العام الثقافي والفكري –في أغلب الأحيان- من واقع التجربة الذاتية، وإعادة الإدماج «الطوعي». تركز الدراسة على الخبرات الميدانية في مكافحة الإرهاب، ومنها تجربة الباحث من خلال عمله لمدة ربع قرن في مجال الأمن السياسي والقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.
قسم الباحث دراسته إلى خمسة أقسام: أولاً: مفهوم إعادة إدماج العناصر الإرهابية ومسارات إنهاء الانخراط في الإرهاب؛ ثانيًا: الأمن الفكري وإنفاذ برامج وآليات إعادة الإدماج، متناولًا فيه ماهية الأمن الفكري وأهميته ووسائل حماية الأمن الفكري؛ ثالثًا: مكافحة الإرهاب وإعادة إدماج الإرهابيين: دراسة الحالة المصرية، متناولًا فيه مكافحة الإرهاب على صعيد الأمن الفكري من جهة، ومن جهة ثانية، مواجهة الإرهاب على صعيد إعادة إدماج العناصر الإرهابية، قبل أن يعرج على أنماط إعادة إدماج عناصر التنظيمات الإرهابية في المجتمع المصري؛ (خرج الباحث بتقسيم ثلاثي لأنماط إعادة الإدماج: نمط إعادة الإدماج القسري: لم ترصد الدراسةُ تبني أو تفعيل أية برامج مؤسسية من قِبَل النظام؛ لإنفاذ إعادة إدماج عناصر التنظيمات الإرهابية في المجتمع المصري، بالمعنى الاصطلاحي له؛ لعدم توفُّر الإرادة السياسية؛ ولغياب المؤسسة الراعية لها على أرض الواقع، بصفة أساسية. نمط إعادة الإدماج التوافقي: أكثر أنماط إدماج العناصر الإرهابية تطبيقًا وشيوعًا في الواقع العملي، وإن كان أخطرها، وهذا النمط حدث بجلاء في سبعينيات القرن المُنصرم في عهد الرئيس الراحل السادات، بين رئاسة الجمهورية والقيادة السياسية من جهة، وقيادة تنظيم الإخوان بوساطة وصناعة مُحافظ أسيوط الأسبق –كما سلف الإيضاح– ولم تخلص نوايا هذا التنظيم وتيارات الإسلام السياسي التي دارت في فلكه آنذاك، وخرج الأمر عن السيطرة، وأودى بحياة رئيس الدولة –راعي التوافق– نفسه. نمط إعادة الإدماج الطوعي: إن الإدماج الطوعي أو «الذاتي»، من الناحية النظرية والعملية، هو أكثر أنماط الإدماج الممكن تحقيقها مستقبلًا؛ حتى ولو قلَّت أعداد العناصر المنخرطة فيه واقعيًّا، والتي يغلب مجال إدماجها المجتمعي في مجال أو صورة الإدماج الثقافي والفكري، بممارسة أكثر عناصر تلك الجماعات نضجًا ثقافيًّا وفكريًّا، وأكثرها تحملًا نفسيًّا لضغوطات الماضي؛ حيث أرتأت تلك العناصر الاندماج والانصهار في الحياة الثقافية والفكرية، بمنتوج فكري مختلف تمامًا عما نشروه واعتقدوه في أوساط مجتمعهم المغلق من ذي قبل، بل ويتصادم معه؛ ولذا فقد نجحت تلك العناصرُ في إصدار مطبوعات تحمل مراجعات فقهية تدحضُ فيها الأفكارَ المنحرفة التي تبَّنتها سابقًا. أما القسم الرابع فتناول مُعوقات إعادة الإدماج ومجالاته في الحالة المصرية؛ والقسم الخامس: مُقابلات مع عينة مُمثّلة من الخبراء.
ركّزت دراسة محمد المهدي -أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر- على آلية فهم سيكولوجية الشخص المتطرف، وسيكولوجية المجموعة المتطرفة، وسيكولوجية وسلوك من يقاومون التطرف (السلطة والمجتمع)، وتضمنت توصيات للعلاج الرشيد والتأهيل وإعادة الدّمج في المجتمع بخطوات علمية.
قسّم الباحث الدراسة إلى خمسة أقسام: أولاً: أنواع التطرف: التطرف المعرفي، التطرف الوجداني، التطرف السلوكي؛ ثانيًا: سيكولوجية المتطرف العنيف (مستوى الفرد المتطرف)؛ ثالثًا: التدين الصراعي وعلاقته بالتطرف (مستوى المجموعات المتطرفة)، ويعرج على سمات التدين الصراعي واستدعاءاته؛ رابعًا: تأهيل المتطرفين وإعادة دمجهم في المجتمع، يتناول فيه مذكرة روما لإعادة تأهيل وإدماج المتطرفين، وأول تجربة مصرية للمراجعات والتأهيل وإعادة الدمج في المجتمع، ويتناول مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، والذاكرة الرصدية والمكتبة الإلكترونية بدار الإفتاء المصرية، ومشروع دار الإفتاء لإعادة تأهيل المتشددين في السجون المصرية؛ خامسًا: تفكيك العقل المتطرف وإعادة التأهيل والدمج الاجتماعي.
يخلص الباحث إلى أنه من المهم تدريس أدب الخلاف الديني والفكري والسياسي والاجتماعي ضمن المناهج الدراسية، لتطوير المواجهة الشاملة متعددة المستويات وطويلة الأمد، على مستوى السلطة والشعب والمجتمع المدني والمؤسسات الدينية والفكرية والثقافية والسياسية، لأن اقتصار المواجهة على المؤسسات الأمنية والطرق العقابية وحدها، قد يغذي التطرف ويخلق حالة من الثأر، ويوسع دوائر العنف والعنف المضاد، فضلًا عن فقد الأرواح، وانتهاكات حقوق الإنسان، والكلفة السياسية والدولية المرهقة. ومن المهم أيضًا بحث الخطاب الإعلامي التحريضي والعدائي الذي قد يزيد من استفزازات المجموعات المتطرفة، ويشعل نار العداوة ويوسع دائرة الصراع، ويخلق حالة من النبذ والإقصاء والتخوين والعنصرية.
اقترحت دراسة حسن محمد -باحث مصري ومدير تنفيذي في مركز سلام لدراسات التطرف بمصر-، عددًا من الإجراءات الضرورية والمهمة لمواجهة التطرف وتحقيق عملية إعادة الدمج للمتطرفين في مصر، وأخذت بالاعتبار الخبرة المصرية في هذا المجال، والتي تنوعت مخرجاتها، إضافة إلى عدد من الإجراءات والسياسات الجديدة، التي يمكن أن تشكل لبنة في بناء عمليات مواجهة التطرف وإعادة الدمج والتأهيل. تنقسم الدراسة إلى أربعة محاور رئيسة: عمليات التجنيد ومراحلها؛ هياكل ومؤسسات الدمج وإعادة التأهيل؛ الجوانب الفكرية والأيديولوجية لعمليات الدمج والتأهيل؛ وأخيرًا، الرعاية الاجتماعية اللازمة لعمليات الدمج والتأهيل.
خلص الباحث إلى أن للتطرف مستويات تزيد وتنقص، وله مؤشرات يمكن قياسه بها ورصدها بشكل دقيق، مما يعني أن حركة الأفراد نحو التطرف والعكس هي حركة مستمرة نتيجة العديد من المؤثرات الاجتماعية والدينية والنفسية والاقتصادية، إلا أن الدور الهام والحيوي الذي يمكن أن تقوم به الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني، هو العمل على تقليل أعداد المتجهين للتطرف، وزيادة أعداد العائدين منه، وضمان أن العودة من التطرف لا يتبعها انتكاسة فكرية وإعادة للكرة مرة أخرى، والسبيل نحو ذلك هو تبني وتطوير استراتيجيات وطنية للتأهيل والدمج يتم تطويرها بشكل دائم، تلبي حاجة الأفراد العائدين أو المقلعين عن التطرف، وتضمن بقاءهم ضمن نسيج المجتمع، وتشكل الضمانة لعدم انزلاق الأفراد والجماعات نحو متواليات العنف والتطرف.
لا يمكن نجاح مشروعات التأهيل والاندماج دون بناء المؤسسات الفاعلة في هذا المجال، والتي تقوم بأدوار البحث والتطوير لبرامج التأهيل والدمج، وهي بمثابة بيوت الخبرة التي تقدم أنسب الطرق والوسائل لمحاربة التطرف وتحقيق أمثل للتأهيل والدمج، كما أن مراعاة الجوانب الفكرية في مسألة الدمج هي أمر حيوي يمثل حائط صد فكريًا أمام دعايات المتطرفين، ويهدم غالبية تصوراتهم عن العالم والحياة والمجتمع.
فمسألة التحول من تبني الأفكار المتطرفة إلى ممارسة العمل العنيف (الإرهاب)، معضلة تواجه العاملين في حقل التطرف والإرهاب، ولا يوجد تحديد دقيق لكيفية أو توقيت حدوث هذا التحول، وإن كانت هناك بعض العوامل المحفزة على هذا التحول، إلا أنه لا تعني بالضرورة ممارسة العنف، حتى وإن توافرت في العديد من الحالات الفردية. إذن؛ فممارسة العنف قد تحدث في أي لحظة، مما يعني أن بقاء عدد كبير من الأفراد ضمن خريطة التطرف، يعني أن فرص تعرض المجتمع للعنف باتت كبيرة للغاية، ومن ثم وجب على الدولة والمجتمع العمل معا من أجل تقليل مساحة التطرف وضمان تجفيف منابعه، عبر عدد من البرامج والسياسات التي تنطلق من الخصوصية المحلية، وتستفيد من التجارب الدولية والخارجية.
لا يوجد نهج أو سياسات واحدة يمكن أن تكون مناسبة للجميع، أو ملائمة للدول، أو فاعلة في السياقات كافة، فالبرامج والسياسات التي قد تؤتي ثمارها في دولة، قد لا تكون مناسبة لدولة أخرى، وبرامج الدمج لا بد أن تضع في اعتبارها الخصوصية المجتمعية والتاريخية للمستهدفين بالدمج والتأهيل، كما أنه يقع عبء كبير على مراكز الفكر والبحث للوصول إلى أفضل الطرق، وأنجح السياسات المناسبة لتلك الخصوصية.
سعت دراسة ماهر فرغلي -باحث مصري متخصص في الحركات الإسلامية- إلى قراءة التحولات والمراجعات التي قامت بها الجماعة الإسلامية في مصر والتراجعات التي أعقبتها، فتُركّز على نشوء الجماعة قبل حقبة التحول وكيفية تفاعلها مع مبادرة وقف العنف عام 1997، والصراعات الدائرة داخلها، وانشدادها تجاه حركة الإخوان لا سيما الجناح القطبي، والتحولات الجديدة التي عرفتها، والتي تُعد بمثابة الانقلاب الناعم على قيادات المراجعات الفكرية، مما طرح سؤالًا حول الجدوى من عمليات الإدماج، التي قام بها اللواء أحمد رأفت مع قيادات الجماعة داخل المجتمع. قسّم الباحث دراسته إلى سبعة أقسام: أولاً: النشأة وما قبل التحول؛ ثانيًا: أيديولوجية ما قبل التحول والدمج؛ ثالثًا: التحول نحو وقف العنف والخروج على المراجعات؛ رابعًا: فشل الإدماج والمبادرة والتحول الجديد؛ خامسًا: الجماعة والمواقف الضبابية؛ سادسًا: تحولات حركية استثنائية؛ سابعًا: الجماعة ما بعد تحولات عام 2022.
يرى الباحث أن الجماعات الإسلاموية هي كيانان كبيران؛ الأول إخواني، يمكن أن نضع أسفله القطبيين والأحزاب التابعة لهما، وكيان آخر سلفي أصولي تكفيري، لكن هناك في المنتصف بين الكيانين الأكبرين يمكن أن نضع تصنيفًا ثالثًا لكيان بينهما له ملامح مختلفة تأخذ من هذا وذاك، وهو أقرب للحركية الإخوانية والسلفية في آن واحد، مثل جبهة تحرير الشام في سوريا، وحركة طالبان في أفغانستان، والجماعة الإسلامية المصرية.
من هنا يخلص الباحث إلى أن الجماعة الإسلامية لا تزال تمثل رقمًا في حالة الحركات الأصولية داخل مصر، إلا أنها فقدت الكثير في معادلة قوتها، إذ مع تحولاتها المتعددة فقدت المميزات الأيديولوجية، التي كانت تستقطب بها المجندين الجدد، وفقدت الحضور الجماهيري، وأثّر تحالفها مع الإخوان في جعلها تعود للمحاصرة والإقصاء من جديد، مما أدى في النهاية لتشتت قياداتها ما بين الداخل والخارج، وأصبح لها خطابان مختلفان يتعاطيان مع الحالة السياسية المحلية في مصر، أو داخل الإقليم، فضلًا عن اختلاف قياداتها حول تلك التحولات.
تحاول الجماعة العودة الآن من باب محاولة اختراق الحوار الوطني، وإضفاء شرعية قانونية على وجودها داخل مصر، إلا أنه من المبكر الحكم على تلك العودة.
سوف تظل الجماعة موجودة لكنها ستصبح في حالة ضعيفة بعد خسارتها قدراتها الحقيقية المتمثلة في جيل الشباب، عقب الانقطاع الجيلي بين أجيالها المؤسسة والحالية.
أضاءت الشهادة المقدمة من القيادي السابق في الجماعة الإسلامية المصرية، ناجح إبراهيم، على مبادرة وقف العنف التي قامت بها الجماعة الإسلامية، تحت مظلة الأمن المصري، وركزت على السجالات والمبادرات التي قام بها عدد من الضباط المصريين لدفع قيادي الصف الأول لإطلاق المبادرة. فتناول أولًا: إرهاصات مبادرة وقف العنف؛ ثانيًا: تفعيل المبادرة والمحاضرات في السجون؛ ثالثًا: التجربة المصرية وتحدّيات المبادرة.
خلصت الشهادة إلى أنه بعد تفعيل المبادرة وتحسين السجون واطمئنان الجميع لها؛ رغب كل الهاربين في تسليم أنفسهم، فجاء بعضهم من بريطانيا وألمانيا واليمن والخليج، وعاملتهم الدولة معاملة حسنة. فمن كان معتقلًا أفرج عنه وسمح له بالخروج مرة أخرى إلى ألمانيا أو بريطانيا وعاد ورجع مرات عدة، ومن كان عليه حكم مكث يقضي حكمه. حافظ على الكرامة الدينية والإنسانية للمعتقلين، علم أن هذا هو الطريق الصحيح لعودة كل الهاربين وقناعة الباقين بالمبادرة.
رافق نبيل نعيم صاحب هذه الشهادة أيمن الظواهري لفترة طويلة، وأوكله قيادة التنظيم في مصر، وسافر إلى أفغانستان وشارك في الكثير من العمليات الإرهابية، وأعلن توبته داخل السجون المصرية، وأصبح بعد عام 2011 من أكبر الداعمين للدولة المصرية. وقد كان شاهد عيان على تجارب إدماج عناصر الجماعات الإسلاموية داخل المجتمع المصري؛ وقد عايشها عن قرب، منذ سبعينيات القرن المنصرم، وحتى خروجه عقب المراجعات التي قام بها سيد إمام الشريف، التي سميت «ترشيد الفكر الجهادي».
يتناول الباحث في هذه الشهادة: أولًا: سجالات التكفيريين وتجربة الدولة المصرية في السجون؛ ثانيًا: كتب المراجعات من السبعينيات إلى سقوط المرشد. يخلص فيها إلى أن المنهج المصري انطلق لدمج المتطرفين من عدد من المحاور، كان أهمها عمليات الحوار والمراجعات بالسجون، كما تم توظيف العناصر خارج السجون ومساعدتهم، وصدرت المؤلفات والكتب المعنية بمكافحة هذه الظاهرة، على اعتبار أن الجماعات الدينية المتطرفة تتمحور حول الأيديولوجيا، ويمكن تدمير أيديولوجيتها العنيفة عبر مناقشة وتدمير أفكارها.
تسعى دراسة محمد كمال محمد -باحث مصري في العلوم السياسية- إلى التعرف على الملامح الأساسية المشتركة لعدد من التجارب الدولية لدمج المتطرفين والإرهابيين الذين قضوا فترة عقوبتهم وأُفرج عنهم، وكيفية الاستفادة من بعض ما يصلح منها لمصر في الفترة المقبلة، وقد اختارت عينة من التجارب من الدول العربية والإسلامية في أفريقيا وآسيا وعدد من تجارب الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
تعتمد الدراسة تعريفًا لإعادة الدمج مفاده أنها العملية التي يساعد فيها الممارسون على دمج الفرد المعاد تأهيله بالكامل في المجتمع، كما يعمل الممارسون في الوقت نفسه في المجتمع لضمان التجاوب الإيجابي مع الأفراد المعاد تأهيلهم. يتمثل الهدف النهائي لإعادة الدمج في تعزيز الاندماج الاجتماعي للفرد ومنع الانتكاسة، وعودته إلى سلوكه المتطرف والإرهابي، كما تشير عملية دمج المتطرفين إلى مغادرتهم السجن بعد قضاء عقوبتهم أو الإفراج عنهم، تحت إشراف رسمي للاندماج في مجتمعهم المحلي. ويقسم دراسته إلى سبعة أقسام: أولًا: تحديد المستهدفين بالدمج وتهيئتهم للإفراج في التجربة الأميركية؛ ثانيًا: برنامج "العودة إلى المسار الصحيح" في الدنمارك؛ ثالثًا: إشراك منظمات المجتمع المدني والاتصال بالأسر؛ رابعًا: تهيئة الضحايا والمجتمع وتدابير الحماية؛ خامسًا: التدخلات والدعم بعد الإفراج عن السجناء، في كل من السعودية وإندونيسيا وسنغافورة؛ سادسًا: الرصد والإشراف بعد الإفراج عن السجناء: التجربة الماليزية؛ سابعًا: الجهود المصرية في دمج المتطرفين والاستفادة من التجارب الدولية.
بعد استعراض عدد من التجارب الدولية في دمج المتطرفين، يقدم الباحث المقترحات التالية في كيفية استفادة مصر من تلك التجارب الدولية في دمج المتطرفين:
استعرض إبراهيم عبدالرحمن -كاتب منشق عن تنظيم الإخوان وكادر وشاهد على نشاطه- خريطة الإسلاميين الهاربين في الخارج ، ثم تناول الجماعة الإسلامية واستنساخ تجربة مبارك والمشروع الإخواني في الإطار الإقليمي والعالمي وعرج على الخطاب الديني في مشروع الإخوان بالمنفى؛ وأخيراً استشرف مستقبل الكوادر الإخوانية.
خلص الناشط الإسلامي إلى أن الإسلاميين المطاردين في المنفى يواجهون سيناريوهات كثيرة، في ظل تورطهم في قضايا استقبال أو الحصول على تمويلات أجنبية لنشاط سياسي يقوض الدولة. لذلك فإن القناعة المترسخة لدى القطاع الأكبر من المتورطين، هو أن الدولة المصرية لن تقبل بأي حال من الأحوال دمج الإسلاميين في الحياة السياسية مرة أخرى، وحتى في حال الوصول إلى صيغة من التفاهمات بين الدولة المصرية والإسلاميين، فالدولة لا تثق فيهم ومن ثم ستحتاج هذه التجربة سنوات طويلة لإنضاجها واختبار مصداقية أطرافها، فضلا عن أن الظرف الإقليمي والدولي لا يسمح بسيناريو عودتهم.
يتمتع الإخوان في الخارج بعلاقات استخباراتية كبيرة، ومنهم من له علاقات قوية بتنظيمات مسلحة في سوريا وليبيا وأفغانستان، سيكون أمام الدولة مهمة صعبة للغاية للسيطرة على هذا المسار وضبطه، وضمان عدم تسلل مثل هذه النماذج إلى الداخل المصري، حتى لا يشكل ذلك تهديدا للأمن بعد ذلك. لذلك فالمسارات الخاصة بدمجهم؛ لا تعدو كونها مسارًا من اثنين: إما أن يكون عودة هادئة بعد التصالح مع الدولة والالتزام بكل شروطها أيا كانت تلك الشروط، والفصل بين من بداخل السجون ومن بالخارج، يعني أن تكون توبة فردية وتفاهمًا فرديًا مع الدولة المصرية، وهذا المسار وقته طويل، وغير قابل للتطبيق في هذه الفترة على الأقل.
تسعى دراسة تُقى النجار -باحثة مصرية في وحدة مكافحة الإرهاب بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بالقاهرة- إلى بحث العلاقة بين المرأة والتنظيمات الإرهابية، مستعرضة تطورها ودوافعها وأدوارها المختلفة، وتهدف إلى إلقاء الضوء على مدى تأثير وتأثر «النوع الاجتماعي» بالظاهرة الإرهابية، لا سيما وأنه يُعد بعدًا أساسيًا ومحوريًا في تفسيرها. تنقسم الدراسة إلى ثلاثة محاور: الأول: أدوار النساء داخل التنظيمات الإرهابية؛ بالتركيز على دور النساء في تنظيمات: الإخوان، والقاعدة، وداعش، وبوكو حرام. ثانيًا: ممارسات التنظيمات الإرهابية تجاه النساء؛ حيث تنوعت بين الخطف، والسّبي، والاغتصاب. ثالثًا: الأدوار المتعددة التي تقوم بها النساء بهدف تقويض الظاهرة الإرهابية، حيث يمارسن أدوارًا مختلفة، بداية من الوقاية والإنذار، مرورًا بمحاولة مواجهتها، وصولًا إلى توفير الدعم المعنوي. وفي الختام تُحدد أبرز نتائج الدراسة.
خلصت الباحثة إلى أن فهم الدوافع الأصلية لمغادرة بلدانهن للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية، هو جزء لا يتجزأ من فهم تلك الظاهرة من ناحية، والعمل على معالجتها من ناحية أخرى، وإعادة تأهيلهن من ناحية ثالثة.
ورأت أن هناك حاجة لدراسة التناقض بين تجنيد التنظيمات الإرهابية للنساء وبين الأيديولوجيا التي تتبعها، القائمة على فرض قيود صارمة على النساء من جهة، والتناقض الصارخ بين الطبيعة العاطفية للنساء والطبيعة الدموية للتنظيمات الإرهابية من جهة أخرى.
وجدت الدراسة أن الدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب تُعاني فيها المرأة من التهميش وعدم التمكين -وفق مؤشر الإرهاب- مما يحمل دلالات عدة على أن هناك علاقة ارتباطية بين عملية تمكين المرأة ومكافحة الإرهاب، لذلك هناك حاجة إلى التوسع في عملية دعم وتأهيل وتمكين النساء، سواء على الصعيد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
نجحت التنظيمات الإرهابية في استقطاب النساء عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت. ومن ثم يتعين على شركات وسائل التواصل الاجتماعي حظر المحتويات المتطرفة من أجل الحيلولة دون نشر الفكر المتطرف، على أن يأتي ذلك بالتوازي مع جهود الدول في الحدّ من المحتوى المتطرف عبر الرقابة الفاعلة، وتوفير محتوى موازٍ معتدل على ساحات التواصل الاجتماعي.
يقدم الكتاب قراءة في كتاب تأثير سيد قطب في الثورة الإسلامية الإيرانية للكاتب: يوسف أونال، ترجمة وتحرير وتعليق حمد العيسى.
ينتمي الكتاب إلى فئة الكتب ذات الوحدة الموضوعية، لأنه من ثلاثة مصادر إنجليزية مختلفة ومتنوعة، المصدر الأول: ورقة الباحث التركي يوسف أونال «تأثير سيد قطب في الثورة الإسلامية الإيرانية»، والمصدر الثاني: ورقة مهدي خلجي «معضلات الوحدة الإسلامية»، والمصدر الثالث: ورقة شادي حامد «هل نجح الإخوان في محو إرث تعاطفهم المبكر مع الثورة الإسلامية الإيرانية».
وفي الفاصل ما بين الورقة والتي تليها، تدخل مترجم الكتاب حمد عيسى بوضع صور معبرة عن حال الورقة السابقة، إذ إن الكتاب بالكامل وفق المترجم، هو من جمعه وصناعته، وهو الكتاب رقم (11) في سلسلة المختارات «دراسات نادرة»، وفق قوله: «وهكذا صنعت الكتاب من العدم، أي بدون أن يكون له كتاب أصلي بأي لغة أخرى».
تناولت القراءة تأثير سيد قطب في الثورة الإسلامية الإيرانية وأشارت إلى ترجمة أعماله، ومنظوره في قلب الثورة الإيرانية، وعرضت لمقولات الوحدة الإسلامية عند الإخوان والخمينية؛ ولاحظت التعاطف المبكِّر للجماعة مع ثورة 1979.