يتناول هذا الكتاب مناهج وبرامج مكافحة التطرف ونزع الراديكالية في أميركا والهند وإندونيسيا والمغرب ولبنان وغيرها من الدول، فيدرس الإطار المفاهيمي لممارسات نزع التطرف، وبرامجها، ويتطرق إلى جدوى تعاون المتطرفين السابقين في مشاريع مكافحة الإرهاب، ونزع التطرفية، ودور منظمات المجتمع المدني وتأمين قنوات حوارٍ نفسية وفكرية.
قيَّمت الدراسات، التي ساهم فيها خبراء صناعة برامج نزع التطرف؛ البرامج المتباينة لدى عدد من الدول، وانتهت إلى أهمية مشاركة المرجعيات العلمية النفسية والدينية في هذه البرامج، وضرورة إنشاء رابطة تعاونية بين أجهزة الدول المختلفة، وإشراك المجتمع فيها، واهتمت بالمدربين المناصحين، وفئات الموقوفين، مع التركيز على النساء.
تم النشر في: August 2022
يواصل مركز المسبار للدراسات والبحوث تفصيل مسارات التخلّص من التطرف، وتخليق اتجاهٍ معاكس لاتّجاه التجنيد، فيأتي هذا الكتاب الموسوم بـــ: «تقييم برامج نزع الراديكالية وإزالة التّطرف: المبادرات الأهليّة والرسميّة» (الكتاب الثامن والثمانون بعد المئة، أغسطس/ آب 2022)، لاستكشاف حزمة نماذج وتجارب لدول عربية وأوروبية وآسيوية ومنظّمات أهليّة لبنانيّة وأميركيّة، صممت برامج خاصة لنزع التّطرف، واستعانت بخبراء من تخصّصات عدّة، وبشهادات وتجارب متطرفين سابقين تعافوا من الإرهاب، وساهم بعضهم في تصميم برامج خاصة لنزع التّطرف، ومكافحة الراديكالية.
يكمل الكتاب دراسة برامج مكافحة التّطرف، وتقييم دور التائبين في خلق فهم دقيق لشخصيات المتطرّفين، ويحفّز بناء نُهجٍ دقيقة لمعالجة الأسباب الكامنة، وتأمين قنوات حوارٍ نفسية وفكرية، كما يتناول تقييمًا للبرامج المتباينة لدى بعض الدول، التي اختلطت، بين تجارب تبنّتها أجهزة ردعية؛ ورسمتها، وأخرى اشتركت فيها مرجعيّات نفسية ودينية، وثالثة دخل فيها التّحفيز والتّرغيب، من حيث العناصر؛ أما من جهة الآماد فانقسمت إلى استراتيجيّة دائمة، وأخرى اتصفت بالوقتيّة، ومتابعة الخطر الراهن، لتحيّيده.
درس الباحث الهولندي بيتر نوب (Peter Knoop) والباحثة الجنوب أفريقية أماندا لوسي (Amanda Lucey)، احتمال إعادة إدماج المقاتلين الإرهابيين الأجانب في المجتمع. تُجمل الدراسة استراتيجيات الملاحقة القضائية وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج الواردة في قرارات مجلس الأمن الدولي. ثم تنظر في سبب وجود مقاومة إعادة إدماج المقاتلين الإرهابيين الأجانب، قبل أن تقدّم افتراضها على عدم وجود أساس لمعظم المخاوف من العودة إلى الإجرام. ثم تصف برنامج نزع التطرّف وإعادة الإدماج، والعيوب الأساسية في النُّهُج القائمة، والدروس المستفادة من هذه الجهود بالإضافة إلى النُّهُج السابقة لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج. وتحلّل البعد الجندري (الذكور والإناث) لعودة المقاتلين وإعادة دمجهم. أخيراً، تحاول تطبيق مفهوم العدالة الانتقالية -لا سيّما النُّهُج التي تركز على الضحية- لإعادة إدماج المقاتلين الإرهابيين الأجانب، بوصفها بديلاً محتملاً للسياسات الحالية.
يرى الباحثان أن الإفراط في الملاحقة القضائية يمكن أن يؤدي إلى إرهاق الموارد من دون داعٍ، ويقدّم لأعضاء المنظمات الإرهابية أحد خيارين: البقاء أو المحاكمة، ويقلّل من جهود إعادة التأهيل وإعادة الإدماج. ويعتقدان أن أي استراتيجيات لإعادة تأهيل المدانين أو المرتبطين بالإرهاب، يجب أن تكون مصمّمة خصيصاً لاحتياجات المجتمع.
تخلص الدراسة إلى أن هناك حاجة إلى نُهُج بديلة لمعالجة مشكلة عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، بالإضافة إلى الأفراد المدانين أو المرتبطين بالإرهاب على نطاق أوسع. وغالباً ما تفتقر الدول إلى القدرة على إدارة نُهُج شاملة للعدالة الجنائية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي أيضاً إلى توليد التطرّف. وعلى الرغم من انخفاض معدّلات العودة إلى الإجرام، فإن المقاومة الشعبية لإعادة إدماج الإرهابيين ظاهرة عامّة، مما يتطلّب قبول المجتمعات نهجاً دقيقاً ومتعدّد الأوجه. وذلك عائد إلى مجموعة من العوامل التي تبدأ بالتوجّهات الأساسية للنُّهُج التي تركّز على أفكار الجناة ومواقفهم، وتُناقض الروايات والمفاهيم الإرهابية، وتُنكر مصالح من يعتبرون أنفسهم ضحايا. ومع أن نُهُج نزع التطرّف أثبتت نجاحها، فإنه يجب إيلاء مزيد من الاهتمام لإعادة إدماج المقاتلين بناء على التشاور مع المجتمع ومشاركته. لذا يجب إيجاد حلّ لهذا الضعف في آلية تسمح بمنح الضحايا موقعاً مركزياً.
وجد المؤلّفان مصدر إلهام في النموذج الذي طوّره نيلسون مانديلا وديزموند توتو في آلية الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا، وفي العدالة الانتقالية على نطاق أوسع، وأنه تجدر إعادة النظر في تفكيره لإيجاد حلول في إطار مكافحة الإرهاب.
تتناول هذه الدراسة التي أعدتها كل من مديرة المركز الدولي لدراسة التطرف العنيف (ICSVE) في الولايات المتحدة، آن سبكهارد (Anne Speckhard) والباحثة في قسم علم النفس في جامعة ميريلاند ( University of Maryland) الأميركية مولي إلنبرغ (Molly Ellenberg)، مشروعين مرتبطين يهدفان إلى المساهمة في التدابير التي يمكن اتخاذها لمواجهة التطرّف العنيف، من خلال أولاً: مشروع بحث نفسي يدرس تواريخ حياة (270) منشقًّا وعائداً وسجيناً، كانوا ينتمون لداعش والمسارات التي اتبعوها لدخول داعش والخروج منه. وبعد ذلك يناقش استراتيجية ونتائج مشروع الوقاية والتدخّل على الإنترنت. كما تستكشف الدراسة كيف يمكن أن يطبّق ممارسو منع التطرّف العنيف ومكافحته والمتخصّصون الأمنيون نتائج هذين المشروعين عمليًّا، لمواصلة عملهم المهمّ في مكافحة التجنيد الذي يقوم به داعش وجهاً لوجه وعلى الإنترنت.
استخدم الباحثان المقابلات لتدوين الملاحظات. ويحددان ستة موضوعات في دراستهما: مَواطن الضعف، والتأثيرات، والدوافع، والأدوار، والتجارب، ومصادر خيبة الأمل، حيث تقع معظم المتغيّرات الفردية ضمن هذه الفئات العريضة الست:
يخلص الباحثان إلى أنه يمكن منع التجنيد والتطرّف عن طريق الإنترنت باستخدام روايات شخصية ذات مصداقية ومثيرة للعواطف، تدحض الحجج التي يقدّمها الإرهابيون وتكشف الحقيقة القاتمة وراء وعود تحقيق المدينة الفاضلة والمجد التي يطلقونها. كما أن الإجراءات الوقائية الوجاهية مهمة أيضاً بطبيعة الحال، لا سيّما تلك التي تعالج الظروف الفريدة التي تؤدّي إلى تطرّف فرد معين وتجنيده.
ناقشت دراسة الباحث والأكاديمي الأميركي سامي ويكس (Sammie Wicks) مدير برامج أول في مركز دراسات الاستجابة للعنف الجماعي التابع للمعهد الوطني للشرطة (National Policing Institute) بالولايات المتحدة، دور المتطرفين التائبين عن شرعنة الإرهاب، ومدى أهليتهم للانخراط في برامج مكافحة التطرف العنيف، واحتمالية نكوصهم وعودتهم إلى التطرف. تقيِّم الدراسة تجربة جمعية "آباء من أجل السلام" (Parents for Peace) الأميركية، تفاصيل مواكبتها انخراط المتطرفين السابقين في جهود الوقاية من التطرف العنيف في بعض السجون الأميركية.
يلفت الباحث إلى أن استراتيجية الحكومة الأميركية رَكَّزَتْ على ثلاث مساحات أساسية من النشاطات لصنع مقاومة مرنة ضد التطرف العنيف. هي: (1) تعزيز الانخراط مع المجتمعات المحلية التي قد يستهدفها التطرف العنيف، وتقديم الدعم لها؛ (2) مراكمة خبرات لدى الحكومة وقوى إنفاذ القانون في مكافحة التطرف العنيف؛ (3) مواجهة بروباغاندا التطرف العنيف بالترافق مع الترويج للمُثُل الأميركية.
يستعرض الباحث ما أوصت به "شبكة التوعية بشأن الراديكالية" بضمان أن يكون المتطرفون السابقون منخرطين "في الحياة اليومية العادية. ويشير إلى أن سلطات مكافحة الإرهاب أبدت مخاوف بشأن وجود أعباء كبيرة على الضباط المولجين بحالات مُطلَقي السراح المشروط، وكذلك أعربت تلك السلطات عن قلقها من أن الضباط في عشرات الحالات التي ستكون تحت سلطتهم، ليسوا مُدرّبين لتقصي العلامات المحددة التي تدل على العودة إلى العنف المتطرف، إضافة إلى عدم معرفتهم بكيفية التعامل معها أيضًا.
تنظر منظمة "آباء من أجل السلام" إلى الأيديولوجيات المتطرفة والكراهية بوصفها إدمانًا، وتتعامل مع الراديكالية باعتبارها مخدرًا مفضلًا لدى من يتعاطاه. وقادها هذا المنظور إلى استعمال المتطرفين (السابقين)، في أداء أدوار متنوعة، مع قناعتها بأن السابقين يستطيعون أن يكونوا مصدر إلهام وتوجيه بصورة مذهلة، بوصفهم أفرادًا استطاعوا التغلب على إدمان السرديات المؤذية عن كونهم ضحايا بأيدي مجموعات قوية معينة.
حددّت الباحثة والأكاديمية والخبيرة في مكافحة الإرهاب ونزع التطرف زورا سوكابدي (Zora Sukabdi)، استراتيجيات إعادة تأهيل عملية، للعمل مع المدانين بجرائم الإرهاب. تحاول في دراستها تحديد ما إذا كانت ثمة صفات شخصية للمستشارين ربما تكون مفيدة عند المشاركة في أنشطة إعادة التأهيل.
تشمل الدراسة تحليلاً لمقابلات مع أحد عشر خبيراً متمرّساً في إعادة تأهيل الإرهابيين، ممن لديهم خبرة في إعادة تأهيل مرتكبي جرائم الإرهاب القائمة على الأيديولوجيا في مختلف برامج نزع التطرفيّة والراديكالية (Deradicalisation) في إندونيسيا. وقد اختير المشاركون بناء على توصية الوكالة الوطنية لمكافحة التطرف؛ لسمعتهم الواسعة على نطاق الدولة في إدارة برامج إعادة التأهيل ونزع التطرفيّة والراديكالية الناجحة تحت رعاية الوكالة. عُقدت مقابلات معمّقة وأجري تحليل نوعي للبيانات. وحدّدت سبعة جوانب لإعادة التأهيل (مركز إعادة التأهيل، وأساليب التدخّل، وطرق التدخّل، ونُهُج إعادة التأهيل، وأهداف التدخّل، وعملية التعلّم، وإجراءات إعادة التأهيل).
تشير الباحثة إلى أن الجناة مرّوا بخمس مراحل من التحوّل النفسي الداخلي: 1) البحث عن معنى وهدف في الحياة مرتبط بنظام الإيمان الخاص، 2) مراجعة الذات والاستراتيجيات والأدوات والسلوك (مثل التأمل الذاتي والنقد الذاتي)، 3) اكتساب الثقة بالنفس والاعتماد على الذات في برامج التمكين، 4) تحقيق النتائج (كأن يصبحوا من دعاة السلام في المدرسة وداخل مجتمعاتهم)، 5) تطوير القدرة على التحمّل أو المرونة بتقبّل النتائج السلبية والإيجابية.
أبلغت الباحثة عن سبعة تغيّرات سلوكية ملحوظة عند المجرمين أثناء برامج إعادة التأهيل: 1) الارتباك، 2) النقد الذاتي، 3) الإدراك والاستعداد للتعايش مع السياق والثقافة الإندونيسية، 4) التفاعل مع المجموعة الخارجية (الدائرة غير الجهادوية)، 5) التزام جديد بالابتعاد عن العنف، 6) تقبّل العواقب، مثل ترهيب شبكتهم الجهادية السابقة، 7) إدانة العنف في وسائل الإعلام.
تقترح نتائج دراسة السلوكيّات المستحسنة لمؤهّلي الإرهابيين، وتوصي بأن يتبع مؤهِّلو الإرهابيين السلوكيّات التالية لتحقيق التدخّل الفاعل: إظهار النزاهة، وكسب ثقة الجناة، وإظهار التواضع، وإظهار الاعتدال، وفهم الجناة، وإظهار الأصالة، وتقدير الإنسانية، وإظهار اتساع الحيلة، وامتلاك فهم واسع لعدد من وجهات النظر والثقافات، وفهم اللغة العربية، إذا لزم الأمر، واستخدام نُهُج متعدّدة (تشمل النُّهُج التعليمية، والأسرية، والاقتصادية الاجتماعية، والدينية والثقافية)، وكسب الدعم الاجتماعي، والاهتمام بالعملية، واستخدام الزخم، والتركيز على الاستدامة، وإتقان حسن التنظيم الذاتي (أي السلامة الذاتية، الأمن الذاتي)، وإقامة العمل الجماعي مع المؤهِّلين وأصحاب المصلحة الآخرين، وتقديم تفسيرات واضحة عند التحدّث إلى الجناة، وضخّ الإيجابية، وإعطاء الأمل للجناة، وإجراء قياسات واضحة لإعادة التأهيل، وتحديد أهداف واضحة للتدخّل، ووضع برامج تطوير مكثّف، وتحدّي الجناة بطريقة بنّاءة، والتخطيط للتدخّلات المصمّمة للأفراد، وتوجيه الجناة للتوصّل إلى استراتيجية إيجابية للتعامل مع الحياة اليومية، وإدخال تحوّل على الجناة لإحداث تغيّرات إيجابية، وتقديم برامج مناصرة لاحقة مكثّفة للجناة، وإدارة التعلّم الشخصي المستمر، وتقديم الحكمة.
سلّطت دراسة الباحث المشارك في «مؤسسة فيفيكانادا الدولية» (Vivekananda International Foundation) بالهند، أنوراغ شارما (Anurag Sharma)، الضوء على ظاهرة التطرّف الإسلاموي وميّزت بين مكافحة الراديكالية ونزع التطرّف بوصفه تدبيراً لمكافحة التطرّف. يعرض البحث دراسات حالة في الهند ودور الإنترنت في التطرّف ونزع التطرف.
يرى الباحث أن عملية الردكلة أو التشدد تنطوي على نوع من فك الارتباط بالمعايير الأخلاقية السائدة -وهو إجراء نفسي متعدّد الخطوات يسلكه أعضاء الجماعات الإرهابية في الغالب. فالفرد يمكن أن يصبح راديكالياً عن طريق تفاعلات متعدّدة وفي مناسبات مختلفة، مثل التفاعل مع دعاة التجنيد أو التعاطف مع أيديولوجية جماعة إرهابية، وغالباً ما يقترن ذلك بعوامل تحفيزية شخصية مثل الإحساس بالمغامرة أو الاعتقاد بوجوب فعل شيء للأمّة (Ummah ) أو المجتمع، وتأثير الأسرة أو الأصدقاء أو أفراد المجتمع الديني. لكن برغم كل هذه العوامل، فإن "السبب الجذري" الحقيقي للإرهاب والتطرّف يكمن في عقلية الفرد، لذا لا بدّ من دراسة النواحي العاطفية والفكرية للتطرّف.
يشير الباحث إلى أن انتشار عكس أدلجة التطرف (De-Radicalisation) قليل جداً في السياق الهندي، وقد يكون سبب ذلك عدم وجود دليل -إحصائي متحصّل عليه بالتجربة والرصد العلمي- يثبت نجاح أي عملية لنزع التشدد من إرهابي؛ سبق أن تمت أدلجته وردلكته. مضيفًا أنه يظل هناك شكّ في ما إذا كان تطرّف المشاركين قد نُزع بأكمله، وهل تستمر أجهزة إنفاذ القانون في مراقبتهم.
يرى الباحث أن معالجة التهديد، أو مَواطن الضعف، هي الخطوة الأولى التي يمكن فرضها لكي تكون استراتيجية مكافحة الراديكالية ونزع الراديكالية فعّالة. فغالباً ما يقال: إنه لا يمكن اعتبار التشدد التطرفي (Radicalization) ظاهرة خطيرة إذا لم يؤدِّ إلى فعل عنيف. متناولا مسألة الحاجة إلى رواية مضادّة، يمثّلها الإسلام التقليدي المعتدل في الهند.
يختتم الباحث دراسته بالإشارة إلى أنه ربما تستمرّ الهند في مواجهة تحدّي الراديكالية والجهادوية المؤدية إلى الإرهاب، لأن هذا التهديد يحظى بدعم جارة الهند في الغرب، أي باكستان. وتتمتّع الجماعات الجهادوية أو المتطرّفة في باكستان بملاذات آمنة، إلى جانب عوامل التهديد الخارجية، فإن موجة التطرّف القوية والمدارس الإسلامية المحلية (المتطرّفة) أو المدارس الدينية المتورّطة في نشر التفسير الخاطئ للدين الإسلامي في جميع أنحاء البلاد، تشكّل قضايا مثيرة لقلق بالغ للأمن الوطني الهندي وسلامته.
سعت دراسة الباحث المصري "أحمد سلطان" إلى عرض المقاربة المصرية في نزع التطرف، وتحديد مكامن القوة والضعف فيها، وتناولت ملامح المبادرات المصرية الجديدة لنزع الراديكالية، التي لا يتم الإشارة إليها بصورة علنية –غالبًا- نظرًا لأنها تجري في إطار شبه سري تحت إشراف الأجهزة الأمنية والجهات الرسمية، كما تستشرف مستقبل التجربة المصرية في التعامل مع المتطرفين.
يُلاحظ الباحث من شهادات وروايات الإرهابيين السابقين الذين انخرطوا في مبادرة وقف العنف، أن العامل الحاسم الذي رجح فكرة القبول الرسمي للمراجعات كآلية لنزع التطرف وإعادة الدمج كان جهد اللواء أحمد رأفت، المهندس الحقيقي للمبادرات، فبحسب رواية ناجح إبراهيم، فإن مسؤول مكافحة النشاط الديني المتطرف بجهاز أمن الدولة (سابقًا) أبلغ قيادات الجماعة الإسلامية بأن مهمتهم أسهل من مهمته؛ لأن دورهم إقناع من هم أدنى منهم بفكرة المراجعات، أما مهمته فكانت إقناع من هو أعلى منه بالتجاوب الرسمي مع المبادرة، أي إقناع وزير الداخلية المصري ورئيسي مجلس الوزراء، والجمهورية بهذا التصور.
يشير الباحث إلى أن المبادرات الجديدة المصرية أخذت طابعًا شبيهًا بتجربة المناصحة السعودية، فلم يتم الاقتصار على المحاضرات الشرعية (الدينية) لتصحيح الأفكار المتطرفة والرد عليها، كما حصل في تجربة الجماعة الإسلامية المصرية وتجربة تنظيم الجهاد، بل قُسمت المبادرة إلى ثلاث مراحل: أولاها: عملية المراجعة الشرعية التي تتم بمشاركة دعاة من مؤسسة الأزهر الشريف، وتُركز على نبذ العنف والتكفير، والتدليل على شرعية الرئيس والحكومة المصرية وحرمة الخروج على الحاكم... إلخ. فيما تتضمن المرحلة الثانية من المبادرة، إجراء تقييمات أمنية للمشاركين في المبادرة بواسطة ضباط جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية المصرية، (يمثل الجهاز الاستخبارات الداخلية في مصر، وهو مسؤول عن التعامل مع القضايا الحساسة كقضايا التطرف الديني، وذلك عن طريق إدارات متخصصة داخله)، ويتم إجراء لقاءات مع السجناء وخوض نقاشات معهم لاستكشاف آرائهم بشأن المشاركة السياسية والموقف من قضايا العنف والتكفير والخروج على الحاكم. أما في المرحلة الثالثة، فيخضع المشاركون في البرنامج لتقييم نفسي يجريه أطباء نفسيون متخصصون، للتأكد من استجابة هؤلاء المشاركين إلى التغيير.
يخلص الباحث إلى أن مصر تعتبر من أوائل الدول التي لجأت للحوار مع الجماعات المتطرفة، واعتمدت آلية المراجعات الشاملة كأسلوب لنزع التطرف وإعادة دمج المتطرفين التائبين داخل النسيج المجتمعي. وضمت مبادرات جديدة لنزع التطرف، معتمدةً على خطوات ومراحل برامج نزع التطرف المعروفة، واستعانت في إطارها بعلماء دين وخبراء نفسيين واجتماعيين، بهدف المساعدة في احتواء المتطرفين وإعادة تقويم أفكارهم وسلوكهم، بما يضمن ألا يُشكلوا خطورة أمنية ومجتمعية حالية أو مستقبلية. لافتًا إلى أن التجربة المصرية في هذا المجال لا تتسمى بـ"البرنامج المصري لنزع التطرف"، بل تُعرف بتجربة "المراجعات"، وهي في جوهرها تتضمن الخطوات والمراحل نفسها المعتمدة في برامج نزع التطرف الرائدة، بما فيها من إجراءات مقاومة التطرف ومعالجة المنخرطين فيه، والدخول في عملية حوار ونقاش معهم، والعمل على حل المشكلات وعلاج المظالم التي تحفز التطرف، وتهدف كل تلك الخطوات لفك الارتباط بين الأفراد المتطرفين والجماعات التي ينتمون لها، ومن ثم تأتي خطوة إعادة الإدماج المجتمعي التي نجحت في مصر، بنسبة كبيرة، بعد تطبيقها مع أعضاء تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية المصرية.
درست آية جراد تنوع الأدوار والدوافع المختلفة في مجموعة العائدين (المحتملة) من بؤر التوتر باعتبارها شرطًا أساسيًا لتقدير التحديات والمخاطر التي قد يمثلونها، ويجب أن تُبنى عليه سياسات الوقاية ومكافحة الإرهاب.
ترى الباحثة أن فهم الدوافع الحقيقية للعودة للتطرف تعد خطوة ضرورية لتقويم المخاطر والتهديدات وتصميم برامج مناسبة لفك الارتباط ونزع الراديكالية.
يرتبط قرار العودة بقبول المساءلة القانونية عند الوصول للأراضي التونسيّة، التي تثار بمجرد الدخول إلى التراب التونسي. وتشير إلى أنه في سنة 2019، تمت إعادة (56) طفلاً و(40) امرأة عبر القنصلية التونسية في تركيا. كما أن المواقف الرسمية تضاربت بين امتعاض الجهات المسيطرة على المحكمة الليبية من تلكؤ نظرائهم التونسيين عن اتخاذ حلول جدية لإعادة هؤلاء الأطفال إلى تونس، بينما اتهمت السلطات التونسيّة (ممثلة حينها في وزير الخارجية خميس الجهيناوي) بعض الجهات الليبية بـ"عدم التجاوب".
تذكر الباحثة أن تونس تبنت سنة 2016 الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف والإرهـاب التي ارتكزت "على أربعة أركان أساسية هي: الوقاية، والحماية، والتتبع، والرد، تفعل في إطار الحكم الرشيد، واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان". وتلفت إلى أنه إبّان الحركة الاحتجاجية، تحولت المساجد في تونس إلى ساحات معارك تنافس فيها العديد من اللاعبين الدينيين للسيطرة عليها، سيطر لاحقا المتشددون على عدد منها، وشجعوا روادها على السفر للقتال في ليبيا وسوريا. في المقابل، كانت مؤسسات الدولة الدينية غير قادرة على المواجهة نتيجة إضعافها من قبل الأنظمة السابقة ونزع شرعيتها في حقبة ما بعد بن علي.
تخلص الباحثة إلى أنه مع تحوّل بؤرة الإرهاب العالمي إلى أفريقيا، تواجه تونس خطر نشوب نزاع شبيه بما حصل في العراق وسوريا. من جهة أخرى، وإن تراوحت المدة السجنية للمتهمين في قضايا إرهابية في تونس، فإن أغلبهم يحكمون بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات، وهو ما يطرح وبشكل جدي إشكال عودتهم للنشاط الإرهابي في المستقبل القريب. وبالتالي، يجب على تونس التوقّع والتجهيز لمواجهة موجات من العنف يوجّهها العائدون، ما لم يشاركوا في برنامج مكافحة التطرف. بل إن جزءا من العائدين المشاركين في برامج إعادة التأهيل والإدماج يواجهون خطر الانتكاس والعودة، ويمكن أن يلعبوا دور المجندين للهجمات الإرهابية المستقبلية، وبالتالي يكونون بمثابة حافز لعودة أو إعادة تنشيط الإرهابيين. وأنه في غياب مراجعة شاملة لمسألة العائدين، تقوم على التنسيق متعدد الوكالات وإعطاء الأولوية للتأهيل وإعادة الإدماج، وإنشاء ودعم الشبكات الاجتماعية البديلة لتفادي الإقصاء المجتمعي، الذي قد يؤدي للانتكاس والعودة بحثًا عن الانتماء الذي حفز انخراطهم منذ البدء، فإن المقاربة الأمنية الزجرية تبقى قاصرة على تحصين المجتمع ضد التطرف.
تهدف الباحثة المغربية في الدراسات الدولية والسياسية بجامعة مُحمد الخامس مها غازي إلى شرح السياقات والعوامل التي دفعت إلى تبني برنامج المصالحة المغربي؛ وتدبير ظاهرة العائدين من مناطق الصراع في سوريا والعراق. تحلَّل الدراسة محاور وتقنيات الاشتغال من خلال شروط الإفادة والفاعلين والموارد المرصودة، وتقيِّم البرنامج ونتائج إعادة إدماج المُستفيدين. تتأسس الدراسة منهجيًا على توظيف البيانات والمُعطيات الإحصائية الرسمية، فترصد أعداد المُستفيدين من البرامج والحاصلين على العفو الملكي في المغرب ومُعدلات الارتداد، كما تُناقش التقارير السنوية الصادرة عن المندوبية العامة لإدارة السجون والبرلمان، وكذلك البلاغات والمصادر المفتوحة والقوانين.
يعد برنامج "مُصالحة" إحدى ركائز التجربة المغربية الفريدة التي أدت إلى افتتاح مكتب مكافحة الإرهاب والتدريب في أفريقيا، التابع لبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (UNOCT) بالعاصمة الرباط، في أكتوبر (تشرين الأول) 2020.
ترى الباحثة أن مفهوم الإدماج المغربي يتمثل في محاولة إبقاء السجناء السابقين والحفاظ على سريتهم في مشاركتهم في برنامج "مُصالحة"، وعلى عكس كثير من التجارب التي أبقتهم قيد الاشتغال في مجال مكافحة التطرف والوقاية منه، حصرت أدوار السُجناء السابقين في الوقاية، وأيضًا في المُكافحة ولو بشكلٍ غير رسمي، وذلك انطلاقًا من حقهم كمواطنين في مزاولة الأعمال المدنية والسياسية، لكنهم مقصيون من عملية إزالة الراديكالية نفسها وذلك لسببين: ينبني السبب الأول على حالة الحقد والإحباط التي تُرافق المدانين في قضايا التطرف والإرهاب تجاه هؤلاء الشيوخ الذين أفرج عنهم، برغم أنهم كانوا المُحفزين الرئيسين على الأيديولوجية المتطرفة في ظل بقاء باقي النزلاء الذين يعتبرون أنهم "ضحايا" التحريض داخل السجون، وهذا يولد -حسب "نظرية الحرمان النسبي ( Relative Deprivation Theory) (RDT)"- عدم انسجام بينهم أحيانًا بل قد يُعطي نتائج عكسية.
تخلص الدراسة إلى أن برنامج "مُصالحة" أحدث عام 2017 تفاعلاً مع السياق الدولي مع بروز ظاهرة العائدين من مناطق الصراع في سوريا والعراق، وانسجامًا مع المُتغيرات الداخلية طورت المندوبية العامة لإدارة السجون سياستها لمكافحة التطرف الديني داخل المؤسسات السجنية بدءاً من عام 2016. بناءً عليها، اتخذت المندوبية عددًا من الإجراءات الأمنية أهمها إحداث برنامج "التثقيف بالنظير" كبرنامج وقائي، وسياسة التصنيف والفصل لمنع الاستقطاب، وبناء مؤسساتٍ بتقنياتٍ رقابية حداثية تستجيب للمعايير الدولية حتى في حقوق الإنسان، وتكوين الموظفين وإصدار دلائل مرجعية ومذكرات داخلية، والتعاون الدولي، وتطوير آليات تقييم المخاطر الديناميكي. تشير الباحثة إلى وجود عدد من النواقص التي يعي مصممو البرنامج نفسه أهمية تداركها مستقبلاً، تتجلى في أهمية إحداث برنامج تأهيلي خارج عن البيئة السجنية، يأخذ بعين الاعتبار العوامل النفسية وغيرها، تكون شمولية لتضُم أيضًا عائلات السجناء والنساء والأطفال العائدين، وأيضًا هناك حاجة إلى مواكبةٍ لاحقة لما بعد الفترة السجنية بعد الإفراج، وتكثيف جهود المُصاحبة الاجتماعية اقتصادياً.
تركز مادة الباحث في الدراسات الإسلامية محمد عبدالوهاب رفيقي، على ما يعرف بـ"شيوخ السلفية"، والمقصود بهم رجال الدين السلفيين المؤثرين في المشهد الديني المغربي وهم: محمد الفزازي، عمر الحدوشي، حسن الكتاني، ومحمد عبدالوهاب رفيقي، صاحب الشهادة الذي عرف بأبي حفص والذي خرج من التطرف. ثم تقف الورقة على مراجعات المستوى الثاني من الإسلاميين من الأقل تأثيرًا سواء قبل الاعتقال، أو حتى داخل السجن، والأضعف حضورًا بعد السجن، سواء على المستوى الإعلامي، أو على وسائل التواصل الاجتماعي، وستركز على حالتي عبدالكريم الشاذلي وحسن الخطاب.
ساهمت عوامل عدة في عملية التحول لدى رفيقي ليؤسس "مركز الميزان لمحاربة الإرهاب والتطرف"، وموقعاً على الإنترنت، وبرغم أن جهده كان فردياً ودون تدخل حكومي أو مدني، فإنه لا يمكن التغاضي عن تفاعل الدولة مع هذا التحول، أو ما يعرف بالحوافز الانتقائية، خصوصاً في مرحلة ما بعد السجن والإفراج، من خلال السماح بظهوره في وسائل الإعلام العمومية. وحتى الإفراج لم يكن تحت غطاء أي برنامج أو في إطار أي مبادرة، وهو الأمر الذي سيعرف تغييرًا انطلاقًا من سنة 2017، مع إطلاق برنامج "مصالحة"، حيث إن التمتع بالعفو الملكي في هذه الملفات أصبح مرهونًا بالمشاركة في هذا البرنامج.
يلفت رفيقي إلى تجارب المراجعات التي قام بها الإسلامويون، ويلاحظ أنه في التجربة الجزائرية، اعترفت الدولة بتأثيرهم وركزت على إقناعهم، لإقناع الباقي بترك السلاح والعودة إلى المجتمع، وهو ما لا ينطبق على الحالة المغربية. وفي ليبيا، اعتمدت غالبية المراجعات في طرحها الجديد أدبيات جماعة الإخوان المسلمين، على الرغم مما كان من خلاف بين الفريقين، فإن التأصيل الشرعي الغالب ما كتب في المراجعات، ومخرجات ذلك وتنزيله على المواقف السياسية، يتماهى مع فكر جماعة الإخوان ومواقفها، وهو ما يعني أن هذه الجماعات انتقلت من تيار الإسلام الجهادي إلى تيار الإسلام السياسي، وهو ما يعني عدم تخلي هذه التنظيمات عن مشاريعها الأيديولوجية، فهي وإن أعلنت تخليها عن العنف، والتزمت بمسالك التدافع السلمي، إلا أن هذا الانتقال يطرح أكثر من سؤال حول إن كانت هذه الجماعات حاسمة في هذا الخيار، أم إنه مسلك تكتيكي قد يتغير حسب السياقات السياسية.
يخلص رفيقي إلى أنه لا يمكن في الحالة المغربية الحديث عن عمليات فك ارتباط جماعية، وإنما هي حالات فردية وبحث عن الخلاص الذاتي، ولا يمنع ذلك من تأثير هذه الحالات في محيطها، ونقلها لتجربتها لأشخاص آخرين تمكنوا من مراجعة قناعاتهم بتأثير من تلك القيادات الرمزية. لم يكن للدولة تدخل مباشر في كل عمليات المراجعة التي كانت قبل 2017، ولكنها مارست التحفيز الانتقائي، بفتح الأبواب أمام المراجعين، وتمكينهم من الوصول سواء للمنابر المسجدية أو وسائل الإعلام العمومي، للحديث عن تجاربهم وتحولاتهم الفكرية. على الرغم من أن مبادرة "مصالحة" هي برنامج جماعي، وهو أول تحرك للدولة في هذا الموضوع، فإن المراجعات الفردية التي سبقته، ونجاح هذه الحالات، شجعت على إطلاق المبادرة، برغم ما قد يثار من تخوفات أمنية.
قدمت الباحثتان نانسي ومايا يموت، تجربة جمعية "ريسكيو مي" (Rescue Me) اللبنانية التي تشرفان عليها في قيادة أبحاث غير نمطية للسجون اللبنانية مع المتطرفين العنيفين والمجموعات المتطرفة وأعضاء من المجموعات المتشددة، من ضمنها: داعش، و"جبهة النصرة"، و"فتح الإسلام"، و"سرايا القدس"؛ وعائلاتهم. مشيرتين إلى توزع نطاق دراستهما على مناطق عدة في لبنان من ضمنها سجنا رومية شرق بيروت وبربر الخازن في العاصمة اللبنانية وبلدات بر إلياس ومجدل عنجر في محافظة البقاع، لفهم أفضل للأسباب المنضوية خلف الراديكالية، وتعميم وتنفيذ مشاريع لتفكيكها، بالإضافة إلى مشاريع إعادة التأهيل المدعومة والمدارة بالعلاج النفسي الاجتماعي.
تخلص الدراسة إلى تمكن الجمعية من إجراء مسح لهؤلاء النساء وأخذ قصصهن، وتمكنت بذلك من بناء علاقات مع الأمهات في هذا المجتمع اللاتي قدن الجمعية إلى مصادر جديدة وسرية، كما قامت الجمعية بإلهام المبادرات الجديدة بناءً على الحقائق والأرقام التي قدموها حول هذه المجتمعات الجديدة. إضافة إلى ذلك تمكنت الجمعية من كسر الجليد مع النساء في طرابلس بشمال لبنان، لكن النساء في البقاع الأوسط كن أكثر تحفظًا للمشاركة.
سلطت دراسة الباحثة اليمنية وحدة الشاعري الضوء على التحديات التي تحول دون التنفيذ الأمثل لعملية إدماج الجماعات المسلحة في اليمن بعد الصراع؛ وتقرأ أبرز نصوص اتفاقيات السلام اليمنية التي عالجت عملية الإدماج، ومسارات المطالبة بإعادة الإدماج بعد إعلان نقل السلطة في أبريل (نيسان) 2022، وأخيراً التحديات التي تواجهها عملية الإدماج في اليمن.
تلفت الباحثة إلى أن مبادرة مجلس التعاون الخليجي بشأن اليمن وآليتها التنفيذية تُعد إحدى الأسس التي تحظى بقبول الأطراف اليمنية كافة، وقد أرست الآلية التنفيذية للمبادرة نقاطاً عدة هامة حول تحقيق الأمن في اليمن، يمكن الاستفادة من الأسس التي جاءت بها الآلية التنفيذية بعد انتهاء الصراع في اليمن، خصوصًا فيما يتعلق بمنهجية الإدماج التي ذكرتها الآلية للأفراد الذين هم في حاجة إلى تأهيل يتناسب مع شروط الخدمة في الجيش الوطني والمؤسسات الأمنية الحكومية، تحت قيادة "نظامية وموحدة" في إطار سيادة القانون.
تخلص الباحثة إلى أن اليمنيين يعولون على نجاح عملية الإدماج وتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية؛ بالرغم من أن تاريخ الجيش اليمني في الشمال والجنوب مليء بالانقسامات والولاءات المتناقضة والصراعات الداخلية. كما يمثل إدماج الجماعات المسلحة في اليمن في كيان وطني موحد، إنهاءً لمراحل من المواجهات والصراعات التي شهدتها الساحة اليمنية، وبداية لحقبة جديدة يكون فيها الجيش اليمني حامياً للأراضي اليمنية بهوية وطنية يمنية يلتف حولها كافة أبناء اليمن. كما في إطار عملية الإدماج للجماعات المسلحة اليمنية، يمكن استنساخ بعض التجارب السابقة للدول التي عانت من نزاعات مسلحة وتمكنت من التوصل إلى تسوية، على إثرها تم دمج الجماعات المسلحة في الجيش الوطني للاستفادة منها، مثل تجربة كولومبيا أو تجربة رواندا.