يدرس الكتاب تكيّف الجماعات مع التحولات السياسية والإقليمية، ويركز على أنماط التجنيد الجديد لدى جماعة الإخوان في مصر خلال العشرية الأخيرة، يترصد محاولاتها التوغل واختراق المؤسسات الدينية وجامعات العلوم الشرعية والفضاء الثقافي ودور النشر والاتحادات الطلابية. وتطرق الكتاب إلى دور السينما والدراما والمسرح في التوعية بخطر الإرهاب في مصر، وتتبع استراتيجية إنشاء الإسلام السياسي لمؤسسات موازية للمنظمات الإقليمية والإسلامية، مركزًا على أنموذج المؤتمر الشعبي الإسلامي العالمي.
تم النشر في: August 2023
أشارت مقدمة كتاب «مناورات الإخوان: كمون العنف ومكائد التجنيد والاختراق» (الكتاب المئتان، أغسطس (آب) 2023) إلى تكيّف الجماعات المتطرفة مع التحولات السياسية؛ فيبحث في عناصر بقاء التنظيمات، ودرس آلياتها المبتكرة لتجنيد متعاطفين معها، والاستثمار في الظرف السياسي والمظالم المفترضة، كما يلاحظ آليات تهيئة الخطاب الثقافي والديني والمؤسساتي عبر واجهات تخدم أفكارها، وتشكيل مؤتمرات وكيانات عابرة للطوائف تسهم في تطويرها، واستغلال الفضاء الديني لتثوير المجتمعات المسلمة في أميركا وأوروبا، عبر ربطها بقضايا التنظيمات وتحريضها على الوفاء لدولها، وتناول الكتاب جزءًا من الرؤية الفلسفية الأوروبية للعنف الأصولي الجديد، بين الأنسنة التي تقترب من التبرير إلى اجتهادات التفهّم ومحاولات التجاوز.
تجيب دراسة أحمد زغلول شلاطة -باحث مصري متخصص في دراسات التطرف والإرهاب- عن تساؤل رئيس هو: ما أبرز مَعالم البيئات البديلة للتنظيمات العنفية وأسباب اختيارها؟ وكيف يمكن تجاوزها؟ ويقسمها في ثلاثة أقسام؛ الأول: يتساءل فيه: كيف تنشأ التنظيمات؟ باحثًا عن العوامل الداخلية والخارجية، ثانيًا: المسارات البديلة الآمنة: إفريقيا وأميركا اللاتينية، متناولاً البيئات الجاذبة للتنظيمات العنفية، ومُحفزات ظهور التنظيمات الإرهابية، ثالثًا: سوابق ظهور التنظيمات الإرهابية وبقائها.
يخلص فيها إلى أنه يمكن الحد جزئيًّا من حدّة العُنف القائم وأنماطه، وفق تعامل جزئي مع كل عُنصر عبر مسارين: بناء حزم برامجيّة مُتخصّصة، كل على حدة في إطار تنموي يناسب كل بيئة، ورفع وعي سكان تلك المُجتمعات المستهدفة بإشراكهم في أزمات بيئاتهم، للحيلولة دون انخراطهم أو تحولهم لبيئات حاضنة للعنف. ويتطلب ذلك استراتيجيات مكافحة متنوعة ومتطورة دوريًا، بما يتناسب مع حالة نشاط التنظيم مع تحليل سياقات تلك الهَجمات وبيئاتها والعوامل المُغذّية. وهو ما يعمل على تجفيف مَنابع العُنف المُتجددة، مما يدفع بالتّالي نحو كبح جماح عُنفها دوريّا، وبالتّبعية خَفض حدّة وكَثافة الهَجمات للحدود الدنيا.
ويدعو إلى التحديث المستمر لاستراتيجيات التعامل مع التنظيمات الإرهابية والاهتمام بتباينات البيئات المحلية، وهذا يتطلب إشراك الفاعلين الأمنيين المحليين، خصوصًا على حدود الدول التي تعتبر معابر للمُقاتلين والتنظيمات وتطوير مهاراتهم وتحديث أدواتهم التكنولوجية، التي تُعينهم على إحكام الضّبط الحُدودي بصورة أكبر.
تتناول دراسة ماهر فرغلي -باحث مصري متخصص في الحركات الإسلاموية- المنهج التجنيدي الجديد لدى جماعة الإخوان، وكيفية اختراقها للمجتمع، وتقسيمها العناصر المستهدفة إلى فئات، ودور الجماعة والتنظيم في استغلال الظروف النفسية والاجتماعية للعناصر المستهدفة، ثم ترصد الآليات المباشرة وغير المباشرة في عملية التجنيد، والمحاضن التي تولدت عقب سقوط الجماعة سنة 2013، والوسائل المستحدثة في عمليات الاستقطاب. تستند الدراسة إلى مجموعة من الكتب التي صدرت حول عملية التجنيد، سواء من داخل الجماعة أو المنشقين عنها، بالإضافة إلى اعترافات المنضمين إلى حركة حسم ومحاضر تحقيقاتهم الرسمية في القضاء، وعدد من المقابلات مع عناصر انضوت في هذه التنظيمات. ويقسم دراسته إلى أربعة أقسام: أولاً: الاستهداف الفئوي في عمليات التجنيد. ثانيًا: وسائل التجنيد المباشرة وغير المباشرة. ثالثًا: التجنيد عقب عزل الجماعة. رابعًا: تحولات في محاضن التجنيد.
ويخلص إلى أن جماعة الإخوان اكتسبت مناهج الدعوة والاستقطاب والتجنيد من المؤسسين، وأولهم حسن البنا، وأدت خبراتها المتراكمة إلى تطوير المحاضن والوسائل، لكن مع عزلها من الحكم، دخلت في العمل السري معتمدة على التكنولوجيا الحديثة. وأول ما يلفت الانتباه في مسألة التجنيد والاستقطاب داخل جماعة الإخوان، هو الطريقة ذاتها، سواء قديمًا أو حديثًا، وأنها تستند بالأساس على البعد الديني، والتجنيد من خلال اللعب على نغمة الخلافة وإقامة دولة الإسلام، واستثارة الحس الديني، واستغلال شبكة العلاقات الاجتماعية والعائلية لتوسيع دائرة المتعاطفين، ومن ثمّ الراغبين في الانخراط في الجماعة لاحقًا. كما لم تفقد الجماعة بشكل تام محاضنها العلنية مثل المدارس والمستشفيات... إلخ؛ إذ إنها خضعت للإشراف الحكومي، عن طريق موظفين بعضهم ناقمون سياسيًّا على النظام أو متعاطفون بشكل عام مع الإسلامويين، مما أعطى الجماعة فرصة لاستمرار عمليات التجنيد والاستقطاب.
ويرى أن الدعوة الفردية تظل أهم الأدوات في استقطاب وتجنيد أعضاء جدد في الجماعة، بل تكاد تكون الممول الحقيقي للعنصر البشري داخلها، مهما اختلفت الأحوال والظروف. وقد تطورت في السنوات الأخيرة آلية التجنيد، حيث اعتمدت على تشكيل عوالم في العالم الافتراضي، واستخدمت وسائل التواصل الاجتماعي والشبكات الاجتماعية، والتي تليها المرحلة الأخرى وهي الدعوة الفردية، وهي اتصال الداعية بالمدعو اتصالًا شخصيًا مباشرًا بهدف نقله ليكون على استعداد للانضمام للتنظيم، وفي هذه العملية تحدث الصلة بين المدعو والداعية مما يهيئ المدعو للاستجابة.
ويختتمها بالقول: إن جماعة الإخوان اعتمدت -وما زالت- على ما يسمى التدرّج الفكري والانتقائية ببرنامج عملي متسلسل لتجنيد الأشخاص الذين تمت دعوتهم بأسلوب الدعوة الفردية، بما له من مميزات، وركّزت على استخدام ذلك عقب عزلها من السلطة، مما أغرقها في السرية، وجعل من الصعوبة ملاحقة كل أعمالها أمنيًّا بعد أن أصبحت غير مكشوفة.
رصدت دراسة أحمد الشوربجي -باحث مصري متخصص في الحركات الإسلاموية- محاولات الإخوان المسلمين منذ تأسيس الجماعة في مصر سنة 1928 في اختراق الأزهر الشريف وتأسيس حضور ديني وسياسي فيه، فتبرز تاريخ هذه المحاولات وتأثيرها. ويقسمها إلى جزءين: أولاً: محاولات زرع عناصر في المؤسسات الدينية، يستعرض فيها طرق الاختراق التنظيمي والفكري التي تتبعه جماعة الإخوان المسلمين، ويسلط الضوء على طرق التمكين في الأزهر بعد سنة 1952. أما ثانيًا: التطويق والتطبيع، بيّن فيها كيف حدث تطويق وتطبيع عدد من كبار شيوخ الأزهر من خلال مؤسسات بحثية وعلمية إقليمية ودولية، أنشأتها أو أدارتها كوادر إخوانية عملت بكل دأب على تحقيق هذه الاستراتيجية من خلال استقطاب العقول. ويرى أن من أبرز المؤسسات البحثية والعلمية الإقليمية والدولية التي أنشأتها أو أدارتها كوادر إخوانية، وعملت بكل دأب على تحقيق هذه الاستراتيجية، كلية الشريعة القطرية، والجامعة الإسلامية بباكستان، والمعهد العالمي للفكر الإسلامي بالولايات المتحدة الأميركية.
ويخلص إلى أن محاولة اختراق جماعات الإسلام السياسي للأزهر الشريف، سواء من خلال الأفراد أو الأفكار، قمة من قمم الخطر التي تواجه الدولة الوطنية، وتفرض عليها تحديات يمكن تحويلها لفرص، إذا ما سعت وساعدت على انطلاق قطار التجديد، الذي يبدأ أولى محطاته من محو أفكار الإسلام السياسي في عقل طالب العلم الشرعي وجعله قادرًا على تفكيكها، ونقدها، وإحداث قطيعة معرفية معها، ثم يجري بعد ذلك إلى ما شاء الله من ترسيخ قيم الحضارة والبناء والتنمية والخير والسلام لصالح الأوطان والإنسان.
تتناول دراسة سامح فايز -باحث وروائي مصري متخصص في القضايا الثقافية- استغلال جماعة الإخوان في مصر، للثقافة في سبيل تمرير أفكارها، وتأطير العقل والوعي المصري، فتركز على ثلاثة محاور: الأول: مسارات الجماعة منذ السنوات الأولى لتأسيسها؛ والثاني: نظرية التنظيم الدولي للإخوان عن «أسلمة المعرفة»، التي تبناها إسماعيل راجي الفاروقي، عضو التنظيم الدولي للإخوان؛ والثالث: نفوذ الجماعة في مؤسسات صناعة الكتاب والنشر في مصر، مما سمح لها بالسيطرة على اتحاد الناشرين المصريين، المؤسسة الرسمية لإدارة مصالح المشتغلين بصناعة الكتاب والنشر، سيطرة انتهت سنة 2020 باستقالة آخر أمين عام للاتحاد على علاقة مباشرة بالجماعة.
ويخلص إلى أن معركة تزييف الوعي هي المعركة الأكبر، التي يضع التنظيم عليها كل أهدافه في المرحلة الراهنة، بعد أن عجز عن المواجهة المباشرة مع مؤسسات الجيش والشرطة في مصر، وهي معركة ليست وليدة اللحظة، بل هي ذات جذور ممتدة منذ أيام حسن البنا، ثم زاد تأثيرها بعد التأسيس الثاني للجماعة، منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وصعود نجم التنظيم الدولي للإخوان، والعمل على نشر نظرية «أسلمة المعرفة» وهي بالأحرى «أخونة المعرفة»!
بعد أحداث الربيع العربي اضطر التنظيم الدولي للإخوان إلى تغيير مخططاته، وبدأ في تمرير أفكار الجماعة من خلال منافذ أخرى من الصعب اكتشافها بسهولة، منافذ تعمل على ملء العقل الباطن للشباب المصري بملايين المعلومات، التي تضرب في ثوابت الهوية المصرية، وتقضي على معاني الانتماء للوطن. على رأس تلك الأدوات الجديدة للتنظيم، الكتابة للطفل من خلال مئات دور نشر الأطفال، ثم الكتابات الروائية، ثم الشعر وكتب الخواطر والمقالات.
تتناول دراسة أسامة أبو العطا -فنان ومخرج مصري- دور قطاع الفن الدرامي في مصر في مكافحة التطرف، وتحاول الإجابة عن عدد من الأسئلة: هل يمكن أن يساهم الفن عمومًا والسينما والمسرح والدراما التلفزيونية خصوصًا في مكافحة الإرهاب؟ هل ما قُدِّم في الفن الدرامي المصري كان له تأثير في ذلك؟ وهل كانت ردّة فعل الإسلام السياسي من التمثيل المخصص لتوعية المجتمع المصري على مخاطر التطرف، مؤثرة في موقف الفنانين المصريين وقدرتهم على أداء أدوارهم؟ يجيب عن تلك التساؤلات في خمسة أقسام يوزعها تحت العناوين التالية: أولاً: الدراما أداة للمواجهة. ثانيًا: السينما وجدل التدين والتطرف. ثالثًا: المسرح على طريق المواجهة والإدماج. رابعًا: الدراما والسينما والمسرح في فخ السياسة. خامسًا: وظيفة الفن ومكافحة التطرف.
يلاحظ الباحث أنه لكي يصبح الفن قادرًا على أداء دوره كوسيلة للتعبير وكنشاط اجتماعي مؤثر، كان يجب على مصر أن تمنح زيادة مساحات الاستثمار في الفنون كجزء أساسي، وألا تصبح الأعمال الفنية المواجهة للظاهرة موسمية حسب الطلب، وإنما ضمن مشروع شامل. مشيرًا إلى أن الفن ليس وسيلة للحكم، بل هو وسيلة للتفسير وتقديم رؤية عن أي ظاهرة، والتطرف ودمج المتطرفين يحتاج إلى تفسير واضح ورؤية فنية شاملة.
رصدت دراسة طارق أبو السعد -باحث مصري متخصص في الحركات الإسلاموية- محاولات جماعة الإخوان في مصر ضرب الحركة الطلابية الجامعية في مصر، سواء على المستوى الأيديولوجي، بتغيير تصورات ومعتقدات بعينها، وإعادة ترتيب أولويات العمل الطلابي، أو على مستوى التنظيم بخلق تنظيمات شبابية إخوانية، تمتص الطاقة الطلابية لصالحها أو تبددها، أو تشوهها عن طريق الدعاية المضادة. تركز الدراسة على فترتين: الأولى، بين عامي (1937-1945) والثانية بين عامي (1970-2000). وتناولها ضمن أربعة عناوين: أولاً: الطلبة.. قوة سياسية غير حزبية. ثانيًا: ظهور الإخوان في مجتمع الطلبة (1937–1948). ثالثًا: الإخوان والطلبة في السبعينيات. رابعًا: الحركة الطلابية من الثمانينيات حتى بداية الألفية الثالثة.
يختتمها بالقول: لم يكن الإخوان قادرين في مرحلة السبعينيات بقدراتهم على إدارة الحركة الطلابية، لولا مساندة السلطات المصرية، وتسبب هذا في انتشارهم بكثافة وبقوة أصابت بعضهم بالغرور الفكري والتنظيمي، وظن أنه يمتلك القدرات الخارقة لإدارة الدولة. مضيفًا أن سيطرة الإخوان على الحركة الطلابية فيما بعد الثمانينيات، وحتى بداية الألفية الثالثة، كانت سببًا في تجريف الحركة من قادتها ومن مستواها الفكري، وبالتالي حرمت الحياة السياسية والحزبية من رموز، كان من الممكن أن تكون حياتهم الطلابية تدريبًا لهم للعب دور سياسي واعد.
سلّطت دراسة عبدالمنعم همت -أكاديمي وباحث سوداني متخصص في ال‘سلام السياسي- الضوء على العلاقات بين جماعة الإخوان في السودان وإيران، وركّزت على الحقبة الممتدة بين سنة 1979 حتى وصول نظام الجبهة إلى السلطة سنة 1989، وما أعقب ذلك من تطورات وتحولات سياسية وحركية. قسم الدراسة إلى ثمانية أقسام: أولاً: الإخوان وإيران؛ لافتًا فيه إلى أن حسن الترابي سعى لإنجاز مشروعه ببناء «دولة إسلامية» مركزها الخرطوم، وجاء ذلك ضمن محاولاته الانعتاق من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ولكن طموحاته كانت تسير في توسيع قاعدة علاقاته وتأثيره، فدعا إلى المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي، ليكون مركزًا إسلاميًّا عربيًّا جديدًا، وهذا المؤتمر يصب في مصلحة إيران أيضًا، وهو تحالف تديره فكرة التحالف السني- الشيعي، ولعل ذلك قريب من الدعوة التي أطلقها تقي القمي في إنشاء التقريب بين المذاهب الإسلامية في القاهرة. ثانيًا: العلاقات السياسية؛ وأشار فيه إلى أن العلاقة بين النظامين الإيراني والسوداني اتسمت بالمرونة الظاهرية والانسجام؛ ويعود ذلك لغريزة البقاء والتحدي المتدثر بالخوف من الغرب، فانتهجت إيران استراتيجية التوسع وبناء تحالفات مع دول إفريقية لا تهددها أمنيًّا، وفي الوقت ذاته تجعلها ساحة معركة واسعة، تشغل بها الأعداء وتستفيد من مواردها المادية والبشرية. ثالثًا: العلاقات العسكرية والأمنية؛ بيّن فيه أن العقل القيادي الإيراني لم يستطع مفارقة الدور التاريخي والديني الذي يجب أن يقوم به، فعمل على إعادة مجد الإمبراطورية الفارسية، وعلى تجذير فكرة الدور القيادي لإيران للعالمين العربي والإسلامي. رابعًا: العلاقات العقائدية الثورية؛ يلفت فيه إلى كيفية قيام الخميني (بتثوير) التشيع مستفيدًا من التراكم المعرفي الذي وصله ممن سبقوه في هذا المنحى؛ بالإضافة إلى توظيف الظرف الذاتي المتمثل في البحث عن حكومة تخرج الذات من التقية إلى الفضاء العام، محميةً بنظام حكم لا يتعارض أو يتصادم مع الفقهاء أو عامتهم، والظرف الموضوعي الذي تجلى في انتفاضة 1963 ضد الشاه محمد رضا، التي تعرف بانتفاضة الخامس عشر من خرداد، بيّن كيف درس الخميني قابليتها للتحول من الاحتجاج المحدد إلى الثورة الشاملة التي تستبدل الحكم. خامسًا: العلاقات الاقتصادية؛ يبحث فيه التوجه الإيراني نحو إفريقيا لفك الحصار المفروض عليها، وإيجاد استثمارات خارجية تسمح لها بدفع حركة اقتصادها المحاصر إلى الأمام، ومن ضمن هذه الدول كان السودان الذي يتسم بالتنوع المناخي، وتوافر الموارد الطبيعية والبشرية والمائية والثروة السمكية والحيوانية، كما أن هنالك توافرًا في مصادر المياه المتمثلة في حوض النيل، المياه الجوفية، تدفقات الأودية الموسمية والأمطار. سادسًا: المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي؛ ويلفت فيه الباحث إلى أن فكرة المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي، أتت كتطور طبيعي لنزعة إخوان السودان لاحتواء الحركات الإسلامية والثورية في العالم العربي والإسلامي، فكان المؤتمر مزيجًا من اليسار واليمين دون أن تكون هنالك مشتركات موضوعية واضحة تضمهم. سابعًا: الآليات والأذرع لتنفيذ خطة المؤتمر؛ وفيه يبيّن كيف جمع المؤتمر مناديب لحركات إسلامية، رجال المال والأعمال، منظمات عسكرية، مناديب دول، إعلاميين. ثامنًا: الانقلاب. ويوضح فيه كيف بقيت الدعوة إلى الأممية الإسلامية بثوبها القديم المتجدد، حالة عاطفية سرعان ما تفقد جاذبيتها عند المنعطفات التي لا فكاك منها. مستشهدًا بتجربة الترابي التي لم تقم على المؤسسية التي تتيح التراكم والمراجعة، بل ظلت تصعد بزهو محققة محطات نصر، فتضخمت الذات الإخوانية ظنًّا أن الفتح قد تحقق.
ويختتم دراسته بالقول: إن العزلة التي عاشها تنظيم الإخوان في السودان ساهمت في تبنيه طريق الانقلابات العسكرية والسياسية والعقائدية، وتم ذلك من أجل تحقيق حلم السلطة خلف ستار التدين، كما أن فترة حكم الإخوان للسودان شهدت اهتزازًا وخللًا في التماسك الاجتماعي، حيث استغلت سلطة الإخوان، الدين الإسلامي، فتضاءلت قيمة المواطنة وتخلت الدولة عن مسؤولياتها تجاه المواطن، فانهار مشروع الإخوان أخلاقيًّا قبل أن يسقطه الفعل السياسي. شكّل الوجود الإيراني ببعده الطائفي مهددًا للوحدة الاجتماعية السودانية، وللأمن الروحي الذي عبثت به حكومة الإخوان بسبب تحالفها مع إيران.
تناولت دراسة عماد الدين إبراهيم عبدالرازق -أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة، رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة بني سويف في مصر- أطروحات أربعة مفكرين ألمان حول الأصولية والعنف؛ وهم: حنة آرندت (Hannah Arendt)، ويورغن هابرماس (Jürgen Habermas)، وفريتس شتيبات (Fritz Steppat)، وراينر فورست (Rainer Forst). متناولًا إياهم في أربعة أقسام: أولاً: حنة آرندت: فينومينولوجيا الإرهاب بوصفها مظلة للأصولية؛ باحثًا في جدلية العنف والإرهاب بوصفها أيديولوجيا عند آرندت، والإرهاب الديني باعتباره أفق الأصولية، ويقدم مقاربة منهجية بين الإرهاب الكلي والعنف الفوضوي. ثانيًا: يورغن هابرماس: الأصولية الإسلامية ظاهرة حديثة بغطاء سياسي، وبيّن كيف ينتقل العنف الأصولي إلى الإرهاب الدولي. ثالثًا: فريتس شتيبات والأصولية الإسلامية؛ التي يرى فيها المستشرق الألماني أن الأصولية الإسلامية إذا اعتبرناها رد فعل لموقف تاريخي محدد، فإنه يجوز أن نتوقع لها أن تفقد أهميتها وتأثيرها، قبل أن يتغير الموقف تغييرًا جذريًّا. رابعًا: راينر فورست: التسامح في النزاع؛ حيث يرى فورست أن التسامح يعمل على صون السلام والنظام العام والاستقرار والقانون. وفي هذا السياق يساند راينر -بدوره- أطروحة هابرماس في الحاجة إلى اعتبار الاضطهاد والتفاوت العرقي مشابهًا للاضطهاد الديني، حيث يحث على ضرورة صياغة مقاربة معيارية جديدة للأخلاق ولهوية الأشخاص. ويرى فورست أن التسامح هو العلاج الناجع للاختلافات الأيديولوجية والدينية، وفي مواقف النزاع بين الأفكار. وهذا يحدث في الأصوليات الدينية التي تعمل على إقصاء الآخر، وتحاول فرض معتقداتها بالقوة.
ويخلص الباحث إلى أن الفلاسفة والمفكرين الألمان المعاصرين حللوا ظاهرة الأصولية، وألقوا الضوء على نشأة المصطلح، وطبيعته ومتعلقاته مثل العنف والإرهاب وغيرهما.
ربطت حنة آرندت بين العنف والسلطة، لحفاظ السلطة على وجودها، وميزت بين الإرهاب والعنف. لقد درسنا كيف حلل هابرماس ظاهرة الأصولية الدينية، فرأى أن من أسباب الأصولية الإسلامية وانتشارها ظاهرة العولمة والحداثة، وعدم قدرة المجتمعات الإسلامية على مسايرة ومواكبة التقدم، وغياب الديمقراطيات الحقيقية في المجتمعات العربية.
رفض هابرماس إقحام الأصولية في الإطار الفكري الديني، فرأى أن الأصولية ظاهرة حديثة. ومن هنا وصفها بأنها ذهنية متصلبة تصر على فرض أفكارها وقناعاتها بالقوة والعنف.
أكد فريتس شتيبات أن الإسلام بوصفه ظاهرة تاريخية ليس بحكم طبيعته أصوليًا على الإطلاق. وعالج راينر فورست سلبيات الأصولية الدينية بمنظار آخر، هو التسامح بوصفه علاجًا ناجعًا للاختلافات والنزاع بين الفرقاء، وكيف يحقق التسامح هدفًا ساميًا بإنهاء الصراعات والانقسامات داخل المجتمع الواحد. ومن هنا يدعو إلى التسامح كفضيلة أخلاقية تعمل على تحقيق الأمن والسلام، بل الحفاظ على الاستقرار داخل المجتمع. وهو يتفق مع هابرماس في ذلك الأمر، لأن التسامح يمثل قوة ناعمة تنهي العنف الذي تستخدمه الأصوليات الدينية، عندما تحاول فرض أفكارها بالقوة والعنف.
قدّم إبراهيم أمين نمر -باحث أردني وعضو هيئة التحرير في مركز المسبار للدراسات والأبحاث- مراجعة لكتاب رولا الخطيب، المؤلفة والإعلامية اللبنانية، التي تناولت فيها تجربتها في تغطيتها الميدانية، للحرب على تنظيم داعش. تطرقت الخطيب إلى دور الحروب والصراعات الطائفية المساهمة في تشكّل تنظيم داعش وصولًا لتمدده، وتناولت أفكار وتطلعات وطموحات التنظيم، ودواعي اعتناق عناصره للمعتقدات المنحرفة، والتفسيرات المشوهة للإسلام. وسردت تسلسل الأحداث، وكشفت أماكن تمركز التنظيم في العراق وسوريا، وعرضت التهديد الذي يمثله «المقاتلون الأجانب» وأُسر عناصر داعش في مخيمات اللاجئين.
تنوع الكتاب في مضامينه بين العمل البحثي العلمي، والبحث الميداني. يستقصي الكتاب الاستراتيجية العسكرية التي أطلقها التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وفعاليتها، ويحلِّل نتائجها الناجعة. وُزّع الكتاب بعد التقديم والملخص إلى خمسة فصول: الفصل الأول «المدخل المنهجي»، والفصل الثاني: «تاريخ العراق وسوريا المعاصر»، الفصل الثالث: «وجهًا لوجه مع داعش»، الفصل الرابع: «أين أصبح تنظيم داعش اليوم؟»، الفصل الخامس: «هل دُحر تنظيم داعش؟ المقابلات والاستبيان الإلكتروني»، ثم يأتي ملحق صور.