التربية على المواطنة في المناهج العربية


  يتناول هذا الكتاب حضور قيم المُوَاطَنَة في مناهج التعليم في نماذج عربيّة مختارة، فتطرقت الدراسات إلى التجربة الجزائرية في التَّرْبِيَة على الْمُوَاطَنَة لا سيما بعد العشرية السوداء، أمّا في الأنموذج العِرَاقيّ، فحُلِّلت البيانات المتعلّقة بقِيم الْمُوَاطَنَة ضمن المناهج التَربَوِيَّة للدراسة الابتدائية والمتوسطة والإعدادية. وناقشت التّجربة الأردنية؛ وطرحت مقترحاتٍ إيجابية لتطوير المناهج، كما غطت تجارب التدريب على الْمُوَاطَنَة في لبنان في المراكز والمناهج، وتناولت المبادرات الإيجابية لدولة الإمارات العربية المتحدة التي رسّخت المواطنة الإيجابية؛ وعملت على تعزيز الهوية الوطنية عبر التعليم والفعاليات الثقافية وتحصين الأجيال، وغطت دراسة التحديات في التجربة التونسية؛ التي بدأ الدرس المواطني فيها مبكرًا، وتعرّض في السنوات الأخيرة لتحديات. وفي الختام تَضمَّن الكتاب حزمة من المواد الداعمة لقيم المواطنة، التي تعزز التسامح والتعايش وقبول الآخر، وتكافح التنظيمات الإسلاموية العابرة للأوطان.


تم النشر في: February 2022


front182

قائمة الفصول


# اسم الكتاب سعر اشتري الآن
1 التربية على المواطنة في الجزائر: تحديات وإصلاحات قبل وأثناء «العشرية السوداء» وبعدها 45 د.إ
2 التربية على قيم المواطَنة في العراق: قراءة في البرامج التربوية 45 د.إ
3 تطوير المواطَنة في المناهج التعليمية العربية: الأردن أنموذجاً 45 د.إ
4 تجارب التربية على المواطَنة في لبنان 45 د.إ
5 التربية والتدريب على المواطَنة في الإمارات العربية المتحدة 45 د.إ
6 التربية على المواطَنة في مناهج التعليم التونسية 45 د.إ
7 ببليوغرافيا (54) دراسة حول تطوير مناهج التعليم الديني في العالم العربي: قيم المواطنة وتحدياتها 45 د.إ
8 التّسامح في التّجربة الرّوحانية الإسلامية من خلال تراث جلال الدّين الرّومي 45 د.إ
ملاحظة: الدراسات متاحة فقط كملف تنزيل في إصدار PDF.

شرح الكتاب


ملخص بحوث العدد (182)

التربية على المواطنة في المناهج العربية

فبراير (شباط) 2022

دبي

يتناول هذا الكتاب حضور قيم المُوَاطَنَة في مناهج التعليم في نماذج عربيّة مختارة، فتطرقت الدراسات إلى التجربة الجزائرية في التَّرْبِيَة على الْمُوَاطَنَة لا سيما بعد العشرية السوداء، أمّا في الأنموذج العِرَاقيّ، فحُلِّلت البيانات المتعلّقة بقِيم الْمُوَاطَنَة ضمن المناهج التَربَوِيَّة للدراسة الابتدائية والمتوسطة والإعدادية. وناقشت التّجربة الأردنية؛ وطرحت مقترحاتٍ إيجابية لتطوير المناهج، كما غطت تجارب التدريب على الْمُوَاطَنَة في لبنان في المراكز والمناهج، وتناولت المبادرات الإيجابية لدولة الإمارات العربية المتحدة التي رسّخت المواطنة الإيجابية؛ وعملت على تعزيز الهوية الوطنية عبر التعليم والفعاليات الثقافية وتحصين الأجيال، وغطت دراسة التحديات في التجربة التونسية؛ التي بدأ الدرس المواطني فيها مبكرًا، وتعرّض في السنوات الأخيرة لتحديات. وفي الختام تَضمَّن الكتاب حزمة من المواد الداعمة لقيم المواطنة، التي تعزز التسامح والتعايش وقبول الآخر، وتكافح التنظيمات الإسلاموية العابرة للأوطان.

التربية على المواطنة في الجزائر: تحديات وإصلاحات قبل وأثناء «العشرية السوداء» وبعدها

تناقش دراسة عبدالله لبوز -باحث وأكاديمي جزائري، أستاذ التعليم العالي في علوم التربية بجامعة قاصدي مرباح في ورقلة بالجزائر- البعد التربوي، المتمثل في التربية على المواطنة قبل وأثناء وبعد فترة ما سمي بـ«العشرية السوداء» في الجزائر وتحدياتها، تلك الفترة التي كانت حاسمة في تاريخ المجتمع الجزائري المعاصر، التي لم تنفصل عن ماضيها وما تلاها من أحداث، منذ بداية الاستقلال السياسي، وإنشاء مؤسسات الدولة الجزائرية الحديثة وإرساء قواعدها مرورًا بفترة الأحداث الدامية خلال تسعينيات القرن الماضي، وما بعد الوئام المدني والمصالحة الوطنية.

على غرار كل المجتمعات الحديثة، جعلت المنظومة التربوية في الجزائر الهدف الأقصى للتربية تكوين مواطن إيجابي صالح واعٍ بحقوقه وواجباته. جاء مفهوم التربية على المواطنة، ليركز على مفهوم اكتساب كفاءات أو تنميتها لدى المتعلم، وذلك بتجنيد وتوظيف ما اكتسبه من معارف، قيم، ومهارات لتحقيق الانتماء والفعالية، بمعنى ترسيخ المواطنة كممارسة واعية تسهم في تطوير وازدهار الفرد والمجتمع.

تُجمع كل تعاريف مفهوم المواطنة، على أنها ممارسة قبل أن تكون معارف صرفة، شريطة أن ترتكز هذه الممارسة على قيم موجهة نحو الأداء الفعال والنافع. لكن يستنتج من استبدال مناهج التربية الاجتماعية بمناهج التربية المدنية، أن هذه الأخيرة انتقلت بالأهداف من الطابع المعرفي والمهاري لتشمل أيضًا الطابع الوجداني، حتى يتجاوز البعد الأخلاقي في التربية المدنية معرفة الظاهرة الاجتماعية كما هي في الواقع، وإلى التفاعل معها مع وجوب اتخاذ موقف منها، وبالنسبة لتوقيت الحصة أسندت لها ساعة واحدة أسبوعيًا، وتوزع الساعة إلى حصتين ذات نصف ساعة لكل حصة، وأرفقت بسندات بيداغوجية متمثلة في دليل المعلم وكتاب التلميذ.

أصبحت مفاهيم المواطنة وحقوق الإنسان، متبناة في المناهج الجزائرية بعد برمجة مادة التربية المدنية، وهذا في نهاية «العشرية السوداء». حيث أدرجت مواضيع جديدة على غرار انتخاب مندوب القسم، الحق في الإعلام، وطني الجزائر، العلم، التضامن، العدالة، رموز السيادة الوطنية، اليوم العالمي للطفولة، الأمية، والمواطنة.

خلصت الدراسة إلى وجود مستوى متوسط من وعي المدرسين بقيم المواطنة المعبر عنها في الدراسة، مما يعني أنها مفهوم دينامي ومتغير باستمرار، وجب على المدرسين التكوين فيه بشكل متواصل ومستمر خلال الأنشطة المتعددة.

يرى الباحث أن التربية على المواطنة، أو التربية من أجل التشبع بثقافة حقوق الإنسان، هي تربية متجددة باستمرار، تقتضي التركيز على إدراج مواضيع تلبي حاجيات الفرد الجزائري في القرن الحادي والعشرين، وما تفرضه العولمة في كل مجالاتها، إضافة إلى إعادة النظر في منهجيات تدريس المواد الحاملة لهذه القيم، من خلال الاعتماد على استراتيجيات التعلم النشط الفاعل، والتركيز على إعطاء وضعيات التعلم دلالة من خلال ربطها بواقع المتعلم المعيش، وإتاحة الفرصة له لينخرط في التعلم الذاتي، والانفتاح على المحيط الخارجي محليًا وإقليميًا ودوليًا.

التربية على قيم المواطَنة في العراق: قراءة في البرامج التربوية

تناولت دراسة حسام الدين علي مجيد -أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين (أربيل- العراق)- ووليد سالم محمد -أستاذ في كلية العلوم السياسية بجامعة الموصل- مناهج الدراسة والتدريب على المواطنة في العراق. حلل الباحثان البيانات المتعلّقة بقِيم الْمُوَاطَنَة ضمن المناهج التَربَوِيَّة للدراسة الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في العراق عدا إقليم كردستان، وغطت الدراسة وجود (11) قيمة رئيسة تشتمل عليها الْمُوَاطَنَة بصفة عامة، وتتمثل هذه القيم في كل من: العدل والمساواة والحرية والحقوق والنزاهة والتسامح والمحاسبة والولاء للوطن والسلام والحفاظ على المال العام والتعاون.

جاءت الدراسة في قسمَين رئيسَين: يتمثل أولهما في الإطار العام للدراسة، حيث حاولا فيهِ تسليط الضوء على ماهيّة قيم المواطنة محل الدراسة، وأهميتها والكيفية التي تمَّ بموجبها استخراج البيانات ذات العلاقة. أما القسم الثاني فيشتمل على تحليل البيانات المتعلقة بقيم المواطنة ضمن المناهج التربوية للدراسة الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في العراق.

خلصت الدراسة التي تضمنت جداول إحصائية غطت السنوات الدراسية المدرسية، إلى مجموعة من النتائج من بينها: أن الانخفاض الحاد في مستوى التركيز على قيم الْمُوَاطَنَة يعد سمة مهيمنة على المناهج الدراسية في العراق، بل إن بعض هذه القيم مثل العدل والتسامح والمحاسبة لم يرد ذكرها إلاّ في (17) موضعاً لكل منها من مجموع (1812) صفحة للدراسة الابتدائية، هذا نَاهِيكَ عن نسبها الإجماليّة المنخفضة للغاية التي تتراوح بين (1.06 و8.52%) على امتداد إجمالي (5459) صفحة للكتب المنهجية، مَحَل التحليل، والتي غطت التَّرْبِيَة الإسلامية، وكتاب القراءة العربيّة، وكتاب الاجتماعيّات، وقواعد اللغة العربيّة. لمِست الدراسة نقصاً حاداً في تناول قِيَم الْمُوَاطَنَة في المناهج التَربَوِيَّة العراقية، ولعل ذلك يعود إلى نقصٍ تربويّ في إدراك أهميّة تنشئة الطلاب على مبادئها.

يرى الباحثان أن التدريب على المواطنة يقتضي ممارستهُ أولاً في أوساط المُدرسين، ويُعدُّ هذا أمراً في غاية الأهمية. فالمدرس -شأنه شأن التلاميذ والطلبة- يحتاج إلى دوراتٍ متخصصة بشأن المواطنة، والوقوف على أبعادها القيمية بصورةٍ مُعمقة، وكذلك التدريب على كيفية تدريس القيم والمبادئ التي تشتمل عليها المناهج والمقرّرات الدراسية التي يقوم هو نفسهُ بتدريسها. فإذا كان المنهج الدراسي يعتريهِ النقص في جودتهِ العلمية، والمُدرس يفتقر إلى كفاءة التدريب بذاتهِ أو بغيره من الأسباب، فمن الصعوبة بمكان توليد هوية المواطنة في أوساط غير البالغين، ناهيك عن البالغين أنفسهم. فالبنيان لن يبلغ تمامهُ إذا كان البنَّاء نفسه مفتقراً إلى أدوات إتمام البناء، ولعلَّ من أهمها «كفاءتهُ الذاتية» والجودة النوعية للمناهج الدراسية.

تطوير المواطَنة في المناهج التعليمية العربية: الأردن أنموذجاً

تتناول دراسة ذوقان عبيدات -أكاديمي وخبير تربوي أردني- المواطنة في مناهج التعليم العربية وتركز على التجربة الأردنية، وتقترح استراتيجيات تنفيذ منهاج المواطَنة كأنموذج يمكن تطبيقه على المناهج التعليمية العربية، وقبل هذين المحورين تدرس تطور مفهوم المواطنة على المستوى السياسي والفلسفي.

يناقش الباحث تعدد أشكال ونماذج تدريس المواطنة بين مادة مستقلة في كتاب مستقل، أو موضوعات في عدد محدد من المواد، أو إدماجها كمجموعة من المفاهيم والقضايا في جميع المواد الدراسية وفي جميع الصفوف. مشيرًا إلى أن التجربة الأردنية -مثلاً- اهتمت بتدريس المواطنة عبر كتب التربية الوطنية، وإدماج مفاهيمها عبر أنشطة ونصوص في جميع المواد الدراسية، مثل: الرياضيات والعلوم وتمرينات اللغة والفن والمواد الأخرى. أما تدريس هذه المادة فقد تنوع بين الاستراتيجيات التقليدية في التلقين وبين استراتيجيات حديثة كالنمذجة وتعليم التفكير بأنواعه. ركز المنهج الدراسي على أن المواطنة تعني أن يحبك وطنك بخلاف الوطنية التي تعني أن تحب وطنك. وهكذا فإن المواطنة هي شعور المواطن بالاعتزاز بالعيش في وطن يحترم كرامته، ويوفر له حقوقه.

رأى الباحث أن المواطنة ليست موضوعاً مستقلاً يطرح في مادة التربية الوطنية أو التربية المدنية فحسب، بمقدار ما هي سلوك يومي يظهره المعلمون من عدم تمييز أو تحيز أو انتهاك للعدالة، وكذلك هي مجموعة من مبادئ ومفاهيم أساسية، يمكن أن تتخلل كل مادة دراسية، وفي كل صف. وقد حددت مفهوم المواطنة الشامل في الآتي:

  • تأكيد أهمية المساواة بين جميع المواطنين
     
  • إبراز دور العدالة الإنسانية.
     
  • التعامل مع الجميع بما يضفي الكرامة لكل فرد.
     
  • الحرية في التعبير.
     
  • احترام النوع الاجتماعي.
     
  • تأكيد أهمية الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان.

قدمت الدراسة أمثلة لإدماج هذه المفاهيم عبر عدد من المواد الدراسية. ففي مادة الرياضيات يمكن إبراز المساواة في النوع الاجتماعي في المسائل الحسابية المختلفة، سواء من حيث الكم أو النوع. وفي مادة العلوم الإنسانية يمكن تأكيد جميع مفاهيم المواطنة، من دون أن تكون موضوعات مستقلة.

يمكن تقديم أمثلة على إدماج مفاهيم المواطنة في مختلف المواد والفصول الدراسية، وهذا الإدماج سوف يقلل الضغط على المناهج، وحجم الكتاب المدرسي ووقت المعلم والطالب، ويزيد بهجة الحياة المدرسية، ويقلل توتر البيئة المدرسية.

يتطلب تنفيذ هذه الاستراتيجية في تنمية المواطنة تحديد الخطوات الأساسية الآتية:

  • تحديد مفهوم المواطنة.
     
  • تحديد المفاهيم الأساسية ذات الصلة بها مثل (المساواة، العدالة، الحقوق، الكرامة، الاحترام، وعدم التمييز...).
     
  • تكليف فريق بتقديم نماذج الإدماج هذه عبر المواد المختلفة جميعها.
     
  • تدريب فريق مؤلفي الكتب المدرسية على إدماج هذه المفاهيم.
     
  • تدريب المعلمين على تدريس المفاهيم المدمجة وتأكيدها في نقاشاتهم.
     
  • يتطلب تنمية سلوك المواطنة بناء عدد من الحصانات، مثل:
    • الحصانة القانونية، والالتزام بالقانون وعدم الخروج عليه، كما تعني الحصانة المطالبة بتعديل القوانين بالطرق المعروفة،
       
    • والتمسك بالحصانة الأخلاقية القائمة على تحمل المسؤولية والإخلاص وإتقان العمل، وبناء المناعة الأخلاقية التي تعمل على الارتقاء بحاجات الإنسان، من الحاجات الفيزيولوجية إلى الحاجات النفسية المتمثلة بالاحترام والحب والتقدير والتضحية وتحمل المسؤولية.
       
    • والحصانة التربوية أيضاً هي الضلع الثالث للمواطنة التي تشمل: بناء الشخصية والتربية الشخصية والتربية الأسرية والتعلم مدى الحياة، واستخدام العقل في حل المشكلات.
       
    • أما الحصانة الرابعة فهي حصانة اجتماعية تتمثل في احترام القيم المختلفة للآخرين، وحلّ الصراعات والخلافات بأسلوب رابح– رابح، وممارسة التفكير الريادي والإبداعي والناقد.
       

تجارب التربية على المواطَنة في لبنان

يتناول عفيف عثمان -باحث ومترجم لبناني،، أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية- تجارب التربية على المواطنة في لبنان، مركزاً على تجربتين: الأولى: «معهد الْمُوَاطَنَة وإدارة التنوع» التابع لمؤسسة أديان، والثانية: «مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية».

يشير الباحث إلى أن معهد المواطنة وإدارة التنوع وضع عدداً من الأهداف والأولويات في إطار التدريب، فكان الانشغال الرئيس له بين 2017 و2018، تدريب نحو (110) أفراد من (13) دولة عربية على «المواطنة الفاعلة والحاضنة للتنوّع الثقافي والديني»، وقد شمل التدريب المحاور الآتية: الفرادة والهوية الفردية والآخر، والمواطن الفاعل/ المواطنة الفاعلة ودوائر التأثير، والعقد الاجتماعي والمجال العام، والتنوع في العالم العربي والحرية الدينية، وأخيراً، المواطنة الحاضنة للتنوّع.

في مشروع «تدريب المدرّبين والمدرّبات حول حرّية الدين والمعتقد باللغة العربية» (2019-2020)، اهتمام بمواجهة خطاب الكراهية والعنف، ومحاولة نشر وعي يدرك المعنى الحقيقي لحرّية الدين والمعتقد. وكان من الضروري «استخدام سرديّة يقبلها ويفهمها الجميع». وقد ركّز المشروع على بناء قدرات (50) مدرباً في مجال حرّية الدين والمعتقد من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى دورة تدريبيّة حول حرّية الدين والمعتقد مصمَّمة خصيصاً للصحافيين.

أما في «مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية» وهو الأنموذج الثاني الذي درسه الباحث، فقد عرض للندوات والمؤتمرات عن الْمُوَاطَنَة والعيش المشترك التي أقامها المركز التي من بينها: التربية على المواطَنة الرقمية: لتحقيق الاندماج الوطني والعالمي، المواطنيّات الحرجة: عدم الرضا الفردي حيال الأوضاع العامة في البلاد وموجات الاحتجاج ، والتكوين الديني والمواطنية.

التربية والتدريب على المواطَنة في الإمارات العربية المتحدة

ألقت فاطمة الصايغ -باحثة إماراتية، أستاذ في قسم التاريخ بجامعة الإمارات العربية المتحدة، العين- الضوء على المواطنة وارتباطها بالهوية الوطنية والثقافية في الإمارات العربية المتحدة، وطرحت تفاعل المجتمع والدولة الناجح معها وسبل التدريب على «المواطنة الصالحة». جاءت الدراسة في قسمين: أولًا: آليات ووسائل تحفيز التربية والتدريب على المواطَنة، في برامج التوعية الوطنية حول المواطنة والمناهج التعليمية والمجال العام. ثانياً: واقع المواطَنة في الوعي الوطني الإماراتي.

تخلص الباحثة إلى أن التصدي للتحديات الحضارية التي تواجه مجتمع دولة الإمارات قضية مهمة للحفاظ على المنجز التنموي والإنساني المشترك الذي تحقق حتى الآن. فلا يمكن الاستمرار في التنمية المستدامة إلا بالتنمية المتوازنة التي تحفظ المنجزات الحضارية والتلاحم الاجتماعي، وتحافظ على العلائق الاجتماعية بين كل المكونات. مشيرة إلى أنه لا بد من تعزيز وتكريس المؤسسات الاتحادية في مقابل المؤسسات المحلية، وهذا في واقع الأمر ما نصت عليه المبادئ الخمسون، التي أعلن عنها بمناسبة احتفالية دولة الإمارات باليوبيل الذهبي لتأسيسها في 2021.

تحاول دولة الإمارات إيجاد نوع من التوازن في خططها التنموية بين البناء المادي وبناء الإنسان، بهدف خلق إنسان واعٍ بمسؤولياته المجتمعية ودور الدولة كحلقة وصل بين الشرق والغرب. فقد بُذلت على الصعيد الاتحادي جهود جبارة، بحيث تتوافق التنمية المادية مع التنمية الاجتماعية، حيث ركزت خطط التنمية على رعاية الإنسان اجتماعياً، وجسدياً ونفسياً وتعليمياً. فالجذور التاريخية لهذا الوعي الاجتماعي قديمة، وهي مرتبطة بقيم المجتمع والمقومات التاريخية التي تربط الإمارات بعضها ببعض.

التربية على المواطَنة في مناهج التعليم التونسية

سعت دراسة الطاهر بن قيزة -باحث وأكاديمي تونسي متخصص في الفلسفة الحديثة- إلى التعرف على قدرة المجتمع المدني على تعزيز عقليّة المواطنة الفاعلة، وعلى مكانة التربية على المواطنة في مناهج التعليم التونسية. وفي هذا الشأن، تطرح الدراسة إشكاليات عدّة: هل تطوّرت التربية على المواطنة في النظام التربوي التونسي منذ الاستقلال إلى اليوم؟ هل التربية على المواطنة مهمّة يضطلع بها النظام التربوي وحده، أم إنّها شأن يخصّ المجتمع برمّته فيتكفل المجتمع المدني بإنجاحها بما يضمن رُقيّه ورَفاهه؟

يرصد الباحث ترسانة التربية القانونية من خلال: قانون التربية لسنة 1958، ولسنة 1994، ولسنة 2002، ومشروع قانون التربية لسنة 2012.

يتناول الباحث قيم المواطنة في المنهج التربوي التونسي من خلال مادة التربية المدنية، والكتاب المدرسي، قبل أن يناقش واقع تدريس التربية على المواطنة في دراسة محمد بالراشد الميدانية.

ببليوغرافيا (54) دراسة حول تطوير مناهج التعليم الديني في العالم العربي: قيم المواطنة وتحدياتها

قدّمت وحدة البحوث في مركز المسبار ببليوغرافيا ملخصات موجزة لـــ(54) دراسة نُشرت في كتب المركز الشهرية، في مجال إصلاح التعليم الديني ودراسات التسامح، صدرت بين عامي (2010-2019)، لتزود القارئ والجهات التربوية المعنية بتطوير المناهج، بالخلفية التاريخية الوافية حول الإشكاليات والتحديات التي يطرحها التعليم الديني في المجتمعات العربية وتعزيز طرائق العيش معاً؛ في مساحاتٍ جغرافية غطّت أيضًا تركيا وإيران وباكستان، انكشف بها المأزق الخطر الذي تواجهه عملية الإصلاح التربوي، حين يتدخل الإسلامويون في وضع المناهج وتغييرها لصالح الأجندة الحزبية والانغلاق الحضاري.

التّسامح في التّجربة الرّوحانية الإسلامية من خلال تراث جلال الدّين الرّومي

هدفت دراسة خالد محمد عبده -باحث مصري متخصص في دراسات التصوف- إلى رفع الوعي بأهمية التسامح الذي يعد أحد دعائم قيم الْمُوَاطَنَة، والتنويه بقيمة التسامح في الثقافة الإسلامية ومركزيتها في التصوف. أبرزت دراسته مكانة التسامح في تراث جلال الدين الرومي، فركز على رؤية جلال الدين الرومي للاختلاف ودروسه في التسامح، وانعكاس التسامح في فكره وسلوكه.

يلخص الباحث أسباب اختيار الرومي على سابقيه، ومن هؤلاء على سبيل المثال: الجنيد والحلاّج والبسطامي ورابعة العدوية، وغيرهم كثير، وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: المكانة المتميّزة التي يحظى بها الرّومي وطريقته الصّوفية في الشّرق والغرب جميعًا، وإن كان الاهتمام الغربي به أكبر وأعمق. ومن هنا حاول التّعرف على هذا الصّوفي الكوني الذي استطاعت كلماته أن تخترق حجب المسافات وتقرّب العوالم، وتصبح جسرًا للحوار بين الحضارات، ومادّة خصبة للإبداع في فنونٍ شتّى.

ثانيًا: في العودة إلى صوفيٍّ فارسي مسلم من القرن السّابع الهجري التماسٌ لمعاني الجمال والروحانيات التي زخرت بها الثقافة الإسلاميّة، ومحاولة للاقتراب من تراث الصّوفية الفارسي الذي ظلّ مجهولاً لعهد طويل عند المتلقّي العربي، فما تُرجم من هذا التراث في بدايات القرن الفائت لم يعد يلقى اهتمامًا ودرسًا كما كان من قبل، فإذا قارنّا ما أنتجه أعلام الدراسات العربية بالأمس وما أنتج حاليًا، وقفنا على هوّة كبيرة في الاهتمام الأكاديمي العربي برموز العرفان الإسلامي.

ثالثًا: إعادة قراءة الرّومي اليوم ومحاولة التعرف على حضوره العربي، تعيد رسم الخريطة المعرفية بشكل صائب، فإذا كان تقييم الرّومي من المحبّين يقتصر على ترديد أحكام العظمة والمبالغة في التّبجيل، ومن المخاصمين يقتصرُ على القدح في مكانة الرّومي، فإننا من خلال القراءة نستعيدُ موقعنا الثقافي من جديد.

رابعًا: من خلال قراءة النصوص المولويّة، رأى الباحث كيف يعيد الرّومي بناء الذّات وتأسيسها من خلال التقاطه لمظاهر الجمال والفن من صور الحياة اليوميّة، ونشاطات أهل الحِرف والصّناعات والباعة والمهمّشين، رادًّا إيّاها إلى أصولها الإلهيّة ومذكّرًا بالأصل الإنساني المغيّب اليوم، فالغالب على أهل التّديّن ما يُنشر من صور العنف والانغلاق، لذا فإن استحضار نموذج الرّومي يصبح ضرورة ملحّة اليوم.

خامسًا: إذ يجمع المفكّرون والمحقّقون –كما يقول المخلصون لنقل تعاليم الرّومي إلى العربية– على أن كتاب المثنوي يُعدُّ في طليعة المأثورات الأدبيّة العالميّة، وقد علت مكانته، وذاعت شهرته في كلّ مكان، حتى لا تكاد تخلو لغة من اللّغات الحيّة من ترجمة للمثنوي، وقد سيطرت ألوانه الفنيّة على القلوب منذ مئات السنين، وقد كان الرّومي تجسيدًا كاملاً للعشق، وكلماته هي التّعبير عن رسالة العشق من البداية إلى النّهاية، وعلى حدِّ تعبيره: «لو خلا قلب الإنسان من العشق لم يبق من آدميته إلا صنم من لحم ودم بدل الحجارة، والشّعب الخالي من العشق لا يعدو أن يكون أكواماً من التراب».

سادسًا: قدَّم الرّومي رسالته في صور من القصص والحكايات، وتناول معالجة الأسرار الخلقيّة، وحلَّ رموز التّصوف الدّقيقة، يقول العلاّمة شِبلي النُّعماني في كتابه «سوانح مولانا روم»: «إننا لو تصفّحنا الآداب الفارسيّة منثورها ومنظومها، فإننا لا نجد مثيلاً لهذا الإبداع الذي استفاض به المثنوي في حلّ الرّموز وكشف الأسرار، والإبانة عن الخفايا من الحكم والعظات البالغة».