يتناول هذا الكتاب مرور عامٍ منذ سيطرة طالبان على الحكم في أفغانستان، آخذاً في الاعتبار العوامل التاريخية والأبعاد الاستراتيجية، ومحللاً مواقف وأفعال دول الجوار والنفوذ؛ متمثلةً في روسيا والصين وباكستان والهند وطاجيكستان ودول آسيا الوسطى، ويشرح مواقف الحركات المتطرفة داخل هذه البلدان؛ وتأثرها بما دار داخل أفغانستان.
سلّطت الدراسات الضوء على مراحل تشكّل الدولة الأفغانية والعلاقة بين المركز والهامش، واستغلال حركة طالبان لمطالب تمردية، وتحالفها مع تنظيم القاعدة، وتأثرها بحركة الإخوان المسلمين؛ وأفكار سيد قطب في التكفير. غطّى تقرير ميداني، مشاهد حية، عن سقوط كابُل وأبرز أوضاع الموظّفاّت والمتعلمّات الأفغانيات المخذولات.
تم النشر في: October 2022
يعرض الكتاب التحولات التي شهدتها أفغانستان بعد عودة حركة طالبان إلى الحكم مجددًا (2021_)، وتأثير ذلك على دول الجوار والمنطقة وجهود مكافحة الإرهاب. تناول الكتاب بداية التاريخ الاقتصادي لأفغانستان منذ التأسيس حتى عودة طالبان، وتطرق إلى بدايات المشاريع التنموية (1919-1945) وصعود وسقوط نموذج التحديث الأفغاني (1950-1978)، ثم الحرب الأهلية وانهيار الدولة (1979-2001).
قسّمت إحدى الدراسات السنوات العشرين الماضية في التاريخ الاقتصادي لأفغانستان إلى قسمين: الأول: شهد مزيدًا من الديناميكية والتحولات؛ والثاني: ضياع بعض المكاسب الأولية بسبب ظروف الحرب الأهلية. كما تناول الكتاب مفهوم النظام البيئي لطالبان، وعلاقة طالبان بكارتل المخدرات، ودرس التعقيدات الإثنية التي تتعامل معها الحركة، وقدم مقاربة في تقييم حقوق المرأة في ظل حكمي طالبان الأول (1996-2001) والثاني (2021- ).
قدّم الكتاب تقريرًا استقصائيًا عن سقوط كابُل بأيدي طالبان، ولاحظت كاتبته دور القبيلة في تعزيز قوة الحركة وأبرزت شهادات عن نساء أفغانيات يناضلن من أجل حقوقهن.
يُبرِز الكتاب تعامل الحركة مع الطائفة الشيعية والحركة الصوفية في ظل حكم طالبان الثاني، ويُقدِّم قراءة في دبلوماسية الحركة بعد عام من الحكم، ويبيّن العلاقة المربكة بينها وبين دول عدة؛ مشيرًا إلى تقاطع المصالح الإقليمية والدولية بين طالبان ودول مثل: الصين والهند وروسيا وباكستان وأوزباكستان وطاجيكستان، وتركيا، مبرزًا سياساتها المتبعة تجاه الحركة والتحديات والمخاطر القائمة.
يدرس الكتاب الأثر الذي تركته الحركة على تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، خصوصًا في بنغلاديش وميانمار، ويبيّن كيف غيَّر مقتل أيمن الظواهري مسار السياسة الأميركية تجاه أفغانستان. وفي الختام، يستعرض سيناريوهات ثلاثة في طموحات إحياء تنظيم القاعدة في أفغانستان: السيناريو الأول: تجميد نشاط القيادة المركزية للقاعدة. السيناريو الثاني: استمرار اللامركزية، السيناريو الثالث: إعادة إحياء القيادة المركزية.
استهل تقديم مركز المسبار للدراسات والبحوث الكتاب، بتبيان فكرته، والمسارات التي يعرض لها، مشيرًا إلى تناوله ردود أفعال الدول والحركات في مسارين بعد مرور عام على حكم طالبان الثاني: يرتبط المسار الأول بسياسات ونفوذ باكستان، والهند، وتركيا، وطاجيكستان وأذربيجان، وروسيا والصين، في أفغانستان، ويعرض المسار الثاني للحركات الإرهابية والمتطرفة مثل القاعدة وداعش والإخوان، بالإضافة للحركات المتطرفة الإقليمية التي تهدد دول الجوار.
سلّطت دراسة المؤرخ الاقتصادي الهندي تيرثانكار روي (Tirthankar Roy)، الضوء على التاريخ الاقتصادي لأفغانستان، متطرقةً إلى محاولات التحديث الاقتصادي التي عرفتها البلاد في تاريخها الحديث والمعاصر، محاولة الإجابة عن إشكالية أساسية: هل أدت الاضطرابات الأمنية والسياسية إلى تعطيل العملية الداخلية طويلة المدى للتغيير الاقتصادي؟ وهل كانت السنوات الأخيرة انحرافًا عن التاريخ الاقتصادي الأفغاني؟
يخلص الباحث إلى أن التاريخ العنيف لأفغانستان يجعلنا نعتقد أن البلاد دولة فاشلة. الأمر بعيد عن ذلك تمامًا، إنها ليست دولة فاشلة، لكنها دولة منقسمة، وجذر هذا الانقسام يكمن في تاريخها وجغرافيتها. وأنه لمدة قرن من الزمان بالضبط، ومنذ أن بدأت حملة التحديث الاقتصادي الموجهة من الدولة في أفغانستان، كان اقتصاد البلاد ممزقًا بين قوتين: المركزية والتشرذم. كان البرنامج التنموي المصمم والموجَّه من العاصمة لا يمكن أن يصل إلى الريف والمحافظات. وأدى الفقر الحاد في الموارد، وتقاليد الحكم الذاتي الإقليمي الذي استمر لأن يصبح المركز ضعيفًا عسكريًا أو يعتمد على النخبة المحلية، وهو ما أدى لانهيار مشروع التحديث.
يرجع نجاح المجموعات المتحاربة في البلاد جزئيًا إلى انخفاض تكلفة التكنولوجيا المستخدمة بشكل شائع في الحروب الصغيرة. من ناحية أخرى، يعود نجاح الدولة المركزية المرتبطة بالتنمية في السنوات الأخيرة إلى التحسينات في التكنولوجيا والمؤسسات في خدمة الرعاية الصحية والبنية التحتية.
يرى روي أن العامل الأخير الذي يحمل الكثير من الأمل، هو مرحلة التعافي في بناء الأصول والمؤسسات التي يجب أن تستمر إذا نجح تحقيق السلام في البلاد، يعتمد المستقبل على هذه الأصول والمؤسسات التي تمتلك فيها المناطق حصة لا بأس بها، و سيتضح ما إذا كان سيستمر أم سينهار مجددًا بعد سيطرة طالبان على حكم البلاد.
تناولت دراسة الباحث السياسي الروسي ورئيس تحرير موقع جيوبولوتيكا، ليونيد ساڤين (Leonid Savin) (Леонид Савин)، حركة طالبان في أفغانستان وفق رؤية متكاملة لنشأة التنظيم وتطوره، بما في ذلك المكوِّن الديني، والمواصفات الإثنية، وتاريخ أفغانستان المعاصر في سياق الصراع الجيوسياسي ومصالح اللاعبين الآخرين في المنطقة، وتغيرات الحالة السياسية وانسحاب قوات الولايات المتحدة الأميركية من هذا البلد، الأمر الذي اعترفت به قيادة البنتاغون بوصفه هزيمة.
تولي الدراسة اهتماماً بمشكلات الأمن، ونشاط مختلف التشكيلات الإرهابية والمتطرفة في الأراضي الأفغانية وبلدان الجوار، أي «القاعدة»، و«حركة توركستان الإسلامية» (الحزب الإسلامي التركستاني)، و«شبكة حقاني»، و«الدولة الإسلامية في خراسان».
تعرض الدراسة وقائع تشكيل ما يسمى «حركة المجاهدين» لمواجهة السلطات الرسمية في جمهورية أفغانستان الديمقراطية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ونشوء حركة طالبان، وتلقي الضوء على باكستان والصين. إذا كانت الصين معنية بحل مسألتين، هما: الانفصاليون الأويغور، إلى جانب العوامل الاقتصادية- اللوجستية المتعلقة بتوسيع مبادرة «الحزام والطريق» (حزام واحد وطريق واحد)، والثروات الطبيعية؛ فأفغانستان وطالبان تمثلان لباكستان مشكلة وجودية وتهديدًا مصيريًا جراء عدم اعترافهما بالحدود وفق خط دوراند (Durand Line)، واحتمال انتشار ظاهرة التمرد في أراضي باكستان من خلال حركة طالبان في هذا البلد.
يخلص الباحث إلى أنه في الوقت الذي لا تزال فيه بلدان عديدة ترى أن هذه الحركة منظمةٌ إرهابية (ولو أن ذلك لا ينفي مفاوضات طالبان وزيارات وفودها إلى دول أخرى) ثمة احتمال كبير أن تنال الشرعية الدولية. لا تقتصر المسألة على توصيف طالبان بـ«المعتدلة» واستعدادها للتفاوض وإقامة علاقة شراكة، إنما في مطالبتها من قبل الدول الأجنبية بـتشكيل «حكومة شاملة»، الأمر الذي تبينُ السوابق التاريخية أنه قابل للتحقُّق كما يزعم الباحث الذي يرى أن المقاربة الأكثر صوابًا، في واقع الأمر، بالنسبة لأفغانستان طالبان، تكمن في إعداد استراتيجية يُتفق بشأنها مع الكيانات الإقليمية بالمعنى الواسع لهذه الكلمة (جمهوريات آسيا الوسطى، الصين، روسيا، إيران ودول الاعتدال)، بالتزامن مع السعي إلى تطوير موقف البلدان الغربية القائم على مقولة: «إنه من الأفضل تقبل عودة طالبان إلى السلطة ومحاولة التأثير عليها، وليس الانعزال».
يؤكد ساڤين أن خطاب كل من إسلام آباد وطهران وموسكو وبكين ينسجم مع توقعات الغرب: أي ضرورة تشكيل حكومة شاملة، والالتزام بعدم إيواء المجموعات الإرهابية. والمسألة تتلخص في كم من الوقت سيستغرق تنفيذ ما هو مرسوم، وكيف يمكن الحصول على تنازلات من طالبان مقابل الدعم الاقتصادي في إعادة إعمار البلد وتقديم المساعدة الإنسانية الضرورية.
كشف الباحث الأفغاني المتخصص في الدراسات الإسلامية نور الهدا فرزام، مواقف طالبان من القيم الإنسانية العالمية وتساءل: هل تغيرت طالبان كما كان يُقال، أم هي على ما كانت عليه قبل عقدين ونصف؟ وكيف نقيّم حكمها بعد مرور عام على سيطرتها على السلطة في أفغانستان؟
يخلص الباحث إلى نتائج عدة أبرزها: أن حركة طالبان تستند إلى العمل أكثر من القول، وقد تقول شيئًا ولكن تخالف قولها في العمل، مثلما حدث في شأن مدارس الفتيات، ووعدها بالعفو الشامل عن مخالفيها، ولكن في أرض الواقع نقضت كل تلك الوعود. كما لا تؤمن حكومة طالبان الحالية بالمشاركة السياسية مع غيرها من المكونات، والرجوع إلى الانتخابات والاستماع إلى آراء الناس. لا ترى طالبان نفسها مسؤولة عن الناس في جميع شؤونهم، لا في اقتصادهم ولا أمنهم ولا تعليمهم؛ بل تنظر إلى الناس على أنهم هم المسؤولون أمام الحركة وليس العكس. كما لم تغير الحركة أفكارها بل هي على ما كانت عليه، حيث فرضت القيود نفسها على الناس التي كانت في حكمها الأول.
يرى فرزام أن أيديولوجيا الحركة ليس لها مثيل في الحكومات الأخرى من العالم الإسلامي، بل هي نوع خاص اجتمع فيه التشدد من كل التيار. وأن الحركة فرضت قيودًا لتضييق العيش على الناس، ولهذا السبب نشهد موجات من هروب الناس ولجوئهم إلى بلاد الجوار والعالم. بينما يزداد وضع الناس سوءا يوما بعد يوم، ولا يرى الباحث قرائن تشير إلى تحسن الأوضاع. كما تمر الفتيات الأفغانيات بأصعب الأيام، حيث إن مصيرهن بيد الحركة، ويمكن أن يفقدن أهم حقوقهن الطبيعية، وهو حق التعليم، كما فقدن حق العمل والمشاركة السياسية. تعتبر قضية المرأة من القضايا الحساسة عند طالبان، وهي تعاني من علة لم تجد حلاً لها منذ ظهور طالبان إلى اليوم. لا ترغب حركة طالبان في حضور المرأة في المجتمع، ولا تصرح بذلك، ومن خلال فرض القيود تتصدى للنساء، وتستمر في منع حضورهن في المجتمع.
تأتي ورقة الباحثة والصحفية الاستقصائية المصرية صفاء صالح، خلاصة معايشة حية ميدانية لكاتبتها كمراسلة حربية، قامت بتغطية الأحداث في أفغانستان عقب سقوط العاصمة الأفغانية كابُل في يد مقاتلي حركة طالبان في منتصف أغسطس (آب) 2021.
ترصد الورقة حالة الشارع الأفغاني ومخاوفه، حيال حكم طالبان، وتتضمن حوارات مع قيادات الحركة في الفترة الممتدة من 10 سبتمبر (أيلول) 2021 إلى 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. تحاول الورقة الإجابة عن تساؤلات عدة: لماذا سقطت كابُل بهذه السرعة، وهل حقاً تركت القوات الحكومية مواقعها دون قتال؛ أم نتيجة عدم حصولها على دعم أميركي؟ وتقدم شرحاً للمشهد العام لدخول العاصمة وأسبابه؛ وكيف استقبل الأفغان عودة طالبان إلى كابُل من جديد؟ وهل حقاً تغيرت طالبان في تعاملها مع المرأة والأقليات؟
تتناول دراسة الباحث المصري المتخصص في الحركات الإسلامية والتصوف مصطفى زهران، تعامل حركة طالبان في أفغانستان بعد عام من سيطرتها على الحكم في أغسطس (آب) 2021 مع ملف الأقليات الدينية وتضييقها على الصوفية الطرقية على اختلاف جماعاتها وتنظيماتها، وتقييد حركتها في فترة حكمها الأولى والمرحلة الراهنة، كما تركز على أوضاع الطائفة الشيعية في البلاد.
يخلص الباحث إلى أن تجربة طالبان في السلطة للمرة الثانية، وبعد مرور عامها الأول، كشفت أنها تعيد إنتاج نفسها مع الاحتفاظ بأيديولوجيتها الدينية القديمة، مع إجراء عمليات تجميلية في شكلها الخارجي، بحيث تبدو جديدة ومغايرة، إلا أنها في واقع حقيقتها ما هي إلا نسخة مكررة من صورتها القديمة قبل الإطاحة بها في 2001.
يرى زهران أن ملف الطائفة الشيعية والتحولات التي تعايشها حركة طالبان في التعامل معها، يظل خاضعًا بدرجة كبيرة إلى الاعتبارات السياسية البراغماتية، رغبة في استرضاء الدولة الإيرانية وليس قائمًا على انفتاح فكري وعقدي على الآخر المذهبي، بمعنى أنه في حال اقترب الجانبان الطالباني والإيراني ووثقا علاقاتهما الإقليمية، انعكس ذلك إيجابًا على شيعة الداخل، وفي حالة تعثرها لا شك وأنها ستلقي بظلالها على حقوق وأوضاع هذه الأقلية، خاصة التي تتبع بشكل مباشر وتقلد المراجع الشيعية في قم وطهران، ويدلل ذلك على أن التصور الأيديولوجي الطالباني للشيعة لم يختلف اليوم عن سابق عهده، إنما هي تحولات السياسة ومتغيرات الظرفية الزمنية ورغبة طالبان في الاعتراف الإقليمي والدولي بحكم أفغانستان، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال بعض الخطوات الحكومية المستهدفة تهدئة التنويعات الدينية العرقية والمذهبية في الداخل الأفغاني وخاصة الشيعية منها.
تناول الباحث المصري في التاريخ والسياسات الدولية أحمد لطفي دهشان، دبلوماسية طالبان بعد عام من حكم أفغانستان، تجاه باكستان والصين، والسياسة الاقتصادية للحركة وكيفية استغلالها لثروات البلاد الطبيعية التي مكنت فترة الوجود الأميركي من الكشف عنها، وتعاظم موقع أفغانستان الاستراتيجي في ظل المتغير الجديد الذي خلقته الحرب الروسية- الأطلسية على أراضي أوكرانيا، ومبادرة «الحزام والطريق»، التي تسعى من ورائها بكين لخلق عولمة اقتصادية صينية، وتأثير الاقتصاد على سياساتها وتحالفاتها التاريخية.
يزعم الباحث أنه من خلال الاعتماد على النهج الهجين، يمكن لقوى إقليمية عربية، لديها مصداقية وعلاقات جيدة بالأطراف الرئيسة (الولايات المتحدة – الصين – روسيا – الهند)، التواصل مع طالبان، وتقديم عروض جادة حول التنمية الاقتصادية، والمساعدة في الحصول على اعتراف دولي وغربي، مما يمنح طالبان شرعية جديدة أمام شعبها قائمة على التنمية والرخاء الاقتصادي، بجانب ما تتمتع به الحركة من بُعد قومي بشتوني؛ قد يدفعها للتخلي بشكل تدريجي عن سياساتها، وتقوية الجناح البراغماتي مقابل الجناح الأيديولوجي المتطرف، على أن تتولى هذه القوى الإقليمية الوسيطة دور التواصل بين القوى المختلفة، في ظل توقف اتصالاتهم المباشرة نتيجة النزاع حول تايوان أو في أوكرانيا، واستغلال علاقة الصين القوية مع باكستان عبر الضغط عليها للالتزام بسياسة تساعد على احتواء طالبان، وعدم قيامها بخطوة منح طالبان باكستان، اليد العليا في إدارة منطقة الحزام الحدودي؛ لما ينطوي عليه هذا الأمر من مخاطر.
قدّم الباحث الروسي سيرغي ڤلاديميروڤيتش بيريوكوڤ (Sergey Vladimirovich Biryukov) (Сергей Владимирович Бирюков) في هذا البحث توقعاته للتطورات المستقبلية للوضع في أفغانستان، على أساس سمات البلاد الثقافية والسياسية وخصائص تاريخها السياسي. ويخلص في النهاية إلى أن التحديات والمشاكل الحالية المرتبطة بأفغانستان، تتطلب من المجتمع الأوروبي اتخاذ إجراءات سريعة واتباع نهج شامل، وإلا فلا مفر من كارثة إنسانية وزعزعة الاستقرار في أفغانستان وما حولها، مما يؤثر في أوضاع الدول المجاورة.
طرح الباحث والأكاديمي الروسي كونستانتين بتروڤيتش كوريليڤ (Konstantin Petrovich Kurylev) (Константин Петрович Курылев) المخاطر الناجمة عن العودة الثانية لحركة طالبان في أفغانستان على الأمن في شمال القوقاز الروسي، وقدم لمحة تاريخية عن تطور الحركات الإرهابية في شمال القوقاز وعلاقتها بطالبان، ورصد أبرز المخاطر المحتملة على أوزبكستان بعد استيلاء طالبان على الحكم، وحدد أهم التحديات الأمنية في دول آسيا الوسطى في ظل الواقع الجديد، الذي تبعه ظهور أفرع تنظيم داعش في أفغانستان، وتفعيل نشاط تنظيم القاعدة.
تناول الباحث الطاجيكي فريدون إبراغيموڤيتش أوسمونوڤ (Фаридун Ибрагимович Усмонов) ( Faridun Ibragimovich Usmonov) في القسم الأول من دراسته تأثير الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021 على دول آسيا الوسطى وروسيا، مبرزًا التحديات الأمنية الجديدة الماثلة أمامها، لا سيما سيناريو هجرة الإرهابيين من العراق وسوريا إلى أفغانستان وإيقاظ النزعات الانفصالية.
يتطرق القسم الثاني إلى المشروعات الاقتصادية عبر الإقليمية لهذه الدول في أفغانستان، فيعرضها بالأرقام، مركزاً على الصين والهند وباكستان، أكبر شريك اقتصادي لهذا البلد الذي دمرته الحروب، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو (1.5-2) مليار دولار سنويًا.
تناولت دراسة الباحث الأذربيجاني آغازاد ميرمهتي ميركاميل أوغلو (Агазаде Мирмехти Миркамил оглы) (Aghazada Mirmehdi Mirkamil ogly) ملامح سياسة تركيا في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي منها في أغسطس (آب) عام 2021، وطبيعة علاقتها مع حركة طالبان، وركزت على المعايير الاستراتيجية التركية التي يتداخل فيها التاريخي مع العرقي والسياسي.
تدافع الدراسة عن فرضية أن محاولات أنقرة بناء نفوذها في هذا البلد، تقف أمامها تحديات عدة أهمها قوة النفوذ الصيني والروسي. وتخلص إلى أن تركيا اليوم لديها نفوذ ضئيل لتعزيز موقعها في أفغانستان، مما يجعل من الضروري اتباع سياسة حذرة ليس فقط تجاه حركة طالبان، ولكن أيضًا تجاه الصين وروسيا فيما يتعلق بالحالة الأفغانية.
تناول الأستاذ المشارك في «معهد دراسات الشرق الأوسط» (Institute of Middle Eastern Studies) في «جامعة نورث وست» (Northwest University) وانغ جين (Wang Jin) السياسات الصينية تجاه أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي في أغسطس (آب) 2021، وحدد أهم التحديات التي تواجه بكين في محيطها الجيوسياسي؛ فالوضع الأفغاني بعد استيلاء حركة طالبان على الحكم؛ ازداد تعقيدًا ليس على المستوى الاستراتيجي فحسب، ولكن لجهة المخاوف الرسمية الصينية من تمدد الشبكات الإرهابية.
تحدد الدراسة –من وجهة نظر صينية- ثلاثة أخطاء استراتيجية، وقعت فيها الولايات المتحدة في أفغانستان في أعقاب عام 2001، وتطرح المقاربة الصينية حول «التنمية» لحل كل المشاكل ومن ضمنها الفقر، أحد العوامل المسببة للإرهاب والتطرّف. ويخلص فيها إلى أن الفراغ الجيوسياسي في أفغانستان يفاقم التوتّر بين الدول الإقليمية المختلفة، ويضعف وحدة منظمة شنغهاي للتعاون، والتعاون في إطار مبادرة طريق الحزام. وبما أن الصين تفتقر إلى المعرفة والقدرات للتأثير على الوضع في أفغانستان، فإنها في حاجة إلى التنسيق مع الأطراف المعنية الأخرى لتسوية التحديات التي تثيرها المسألة الأفغانية.
عرضت الباحثة المصرية المتخصصة في العلوم السياسية سهير الشربيني، تطور العمليات الإرهابية في باكستان، والأسباب الدافعة وراء تصاعدها في الفترة الأخيرة، وركزت على محددات الموقف الباكستاني منها، وناقشت اتجاهات تصاعد الإرهاب في باكستان عام 2022 والخيارات المتاحة أمام إسلام آباد للتعامل معها.
ترى الباحثة أن باكستان سوف تشهد عمليات إرهابية جديدة من جانب طالبان- باكستان؛ في ظل استمرارها في التصعيد على الرغم من محاولات التسوية السياسية، مما يضع الحكومة الباكستانية أمام أكثر من سيناريو:
السيناريو الثالث: استهداف طالبان باكستان والانقسامات.
قدّمت دراسة كل من تور ريفسلوند هامنغ (Tore Refslund Hamming) -زميل أبحاث أول في المركز الدولي لدراسة التطرف في كلية كينغز بلندن (King’s College)- وعبدالسيد (Abdul Sayed) -باحث ومحلل مستقل، حاصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة لوند (Lund University) بالسويد- لمحة موجزة عن جذور ما يسمى «تنظيم قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية»، وتأثير الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021، وسيطرة حركة طالبان على البلاد، وكيف يمكن للوضع الأفغاني أن يؤثر في أنشطته داخل (شبه القارة الهندية).
يشير الباحثان إلى أن طالبان أنكرت وجود تنظيم "القاعدة في شبه القارة الهندية" في أفغانستان، ويعكس هذا النفي التحذيرات الطالبانية الواضحة لأعضاء ما يسمى بـ«قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية»، بأن أي «أفعال خاطئة» يمكن أن تحرمهم من ملاذها الآمن في أفغانستان. وبدلاً من ذلك، اختار تنظيم ما يسمى «قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية»، القيام بأنشطة إعلامية ودعائية تهدف إلى حشد جبهة إرهابية جديدة في الهند. واستنادًا إلى الأشهر الاثني عشر الماضية من حكم طالبان في أفغانستان، ظل التنظيم ملتزمًا بهذا الهدف. هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن القاعدة سوف تتطلع إلى الانتقال من أفغانستان، بل ستركز بهدوء على توظيف أفغانستان لإعادة بناء قيادتها العالمية، وجعلها مركزاً لدعم توسيع العمليات في الهند وبنغلاديش، وأجزاء أخرى من منطقة جنوب آسيا، من خلال ما يسمى «قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية».
تتناول هذه القراءة التي أعدتها وترجمتها وحدة البحوث، تقييم الخبراء والباحثين الأميركيين، للعام الأول من حكم طالبان (2022-2021) في أفغانستان، وتركز على تداعيات مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في كابُل (31 يوليو/ تموز 2022)، فتعرض ثلاثة تقارير: طرح الأول «الخطوة التالية للولايات المتحدة في أفغانستان» بعد مقتل الظواهري، وتساءل الثاني: «ما الذي تغير بعد عام من حكم طالبان»، بينما يناقش التقرير الثالث «تداعيات مقتل أيمن الظواهري»، وتأثيره في تنظيم القاعدة.
يرى الباحث والصحفي الاستقصائي المصري أحمد فؤاد أن انتقال زعامة القاعدة إلى من يخلف الظواهري، يفتح الباب أمام العديد من التكهنات حول قدرة الزعامة الجديدة على إحياء تنظيم القاعدة في أفغانستان، خصوصًا إذا انتقلت تلك الزعامة إلى من يتمتع بمؤهلات إعادة إحياء التنظيم وترتيب صفوفه مثل سيف العدل، المرشح الأقرب لخلافة الظواهري.
وعلى الرغم من صعوبة تتبع سيرة سيف العدل (محمد صلاح الدين زيدان) فالمعلومات المتاحة عنه ما زالت ضئيلة، أو بقيت محل شك لفترات طويلة، فيما لم تثبت الأدلة تأثر سيف العدل بأحد مؤصلي أو منظري القطبية، كما كان الحال مع عبدالله عزام أو أسامة بن لادن أو الظواهري، لكن الباحث يستقرئ ذلك التأثر من خلال الأفعال التي قام بها سيف العدل خلال مسيرته القتالية. ويخلص إلى أنه يرجح أن يكون سيف العدل الأقدر على حسم الصراع في صفوف القاعدة إذا تقلّد زعامة التنظيم خلفاً للظواهري. وعلى الرغم من بنيته الفكرية القطبية، فإن تزعمه للقاعدة ربما يصطدم بعدد من العراقيل الناشئة عن نقاط ضعفه. ربما قد ينجح في إعادة إحياء القيادة المركزية للقاعدة في أفغانستان، واستعادة ما حظيت به من زخم في عهد ابن لادن، إذا تقلد زعامة التنظيم، إلا أنه لا يمكن الكشف بدقة عن الوجهات المتوقعة لعمليات القاعدة في حال تولى قيادتها المركزية، فمن المحتمل أن تتحدد وفقا لمتغيرات السياسة الإيرانية والملفات المرتبطة بالملف النووي.