برامج تأهيل وفكّ ارتباط المتطرفين بالعنف: النماذج والمناهج


        يتناول الكتاب برامج نزع التطرف وفكّ الارتباط، في أميركا وفرنسا وألمانيا وكينيا والباكستان، فيركز على أهم اتجاهاتها عبر رصد أهم المنشورات، ويعرض لأبرز القضايا الدينية الملحة في برامجها في المجال الأوروبي، كاشفًا عن تحديات إعادة إدماج المقاتلين العائدين من بؤر النزاع والإرهاب، ومناقشًا البعد السياسي لبرامج نزع التطرف الفرنسية والنهج التي اعتمدتها. عرضت الدراسات لبرامج نزع التطرف في كينيا وحددت معوقاتها وعرجت على استراتيجية مكافحة الإرهاب في منطقتي الساحل وبحيرة تشاد، وتطرقت إلى المقاربات الباكستانية في نزع التطرف بولاية البنجاب، آخذةً  بالاعتبار دمج منظور الجندر في رصد برامج إعادة تأهيل المتطرفين العنفيين.


تم النشر في: April 2023


front171

قائمة الفصول


# اسم الكتاب سعر اشتري الآن
1 اتجاهات برامج نزع التطرف وفكّ الارتباط: عرض ونقد لأهم المنشورات 45 د.إ
2 القضايا الدينيّة المُلِحَّة في برامج فكّ الارتباط ونزع التطرّف في أوروبا 45 د.إ
3 تحدّيات إعادة إدماج المقاتلين الأوروبيين العائدين من سوريا 45 د.إ
4 البُعد السياسي لبرامج نزع التطرّف الفرنسية 45 د.إ
5 نزع الراديكالية من الإرهابيين العائدين وإعادة إدماجهم في كينيا 45 د.إ
6 استراتيجية مكافحة التطرف وإعادة الإدماج في بحيرة تشاد والساحل 45 د.إ
7 برامج ومقاربات باكستان في إزالة الراديكالية في سارغودها وجانغ بولاية البنجاب 45 د.إ
8 دمج منظور الجندر في رصد برامج إعادة تأهيل المتطرّفين العنيفين 45 د.إ
9 تأهيل المتطرفين داخل السجون: السياق والممارسة 45 د.إ
ملاحظة: الدراسات متاحة فقط كملف تنزيل في إصدار PDF.

شرح الكتاب


ملخص بحوث العدد (196)

«برامج تأهيل وفكّ ارتباط المتطرفين بالعنف: النماذج والمناهج»

(أبريل/ نيسان 2023)

دبي:

يتناول الكتاب برامج نزع التطرف وفكّ الارتباط، في أميركا وفرنسا وألمانيا وكينيا والباكستان، فيركز على أهم اتجاهاتها عبر رصد أهم المنشورات، ويعرض لأبرز القضايا الدينية الملحة في برامجها في المجال الأوروبي، كاشفًا عن تحديات إعادة إدماج المقاتلين العائدين من بؤر النزاع والإرهاب، ومناقشًا البعد السياسي لبرامج نزع التطرف الفرنسية والنُّهج التي اعتمدتها. عرضت الدراسات لبرامج نزع التطرف في كينيا، وحددت معوقاتها، وعرجت على استراتيجية مكافحة الإرهاب في منطقتي الساحل وبحيرة تشاد، وتطرقت إلى المقاربات الباكستانية في نزع التطرف بولاية البنجاب، آخذةً بالاعتبار دمج منظور الجندر في رصد برامج إعادة تأهيل المتطرفين العنفيين.

اتجاهات برامج نزع التطرف وفكّ الارتباط: عرض ونقد لأهم المنشورات

هدفت دراسة كاتيا دي كارفالو (Cátia de Carvalho) -باحثة برتغالية ومستشارة في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) ومحاضرة في كلية بورتو في البرتغال- إلى وصف حالة الكتابات المنتجة والركائز الأساسية لبرامج نزع التطرف وفكّ الارتباط، وأهمية تطبيق المعرفة القائمة على الأدلّة في هذه البرامج، ومقدار إلحاحها.

تستكشف الدراسة مفاهيم نزع التطرّف، وفكّ الارتباط وتعريفاتهما، بالإضافة إلى المستويات الثلاثة التي يمكن أن يحدث عندها نزع التطرّف وفكّ الارتباط وهي: الفرد والجماعة والبرامج. توضح الدراسة الالتباس المفاهيمي بشأن برامج نزع التطرف وفكّ الارتباط، وبما أنها تستهدف التركيز على الافتقار إلى النُّهُج القائمة على الأدلّة في البرامج المعدّة، تقدّم وصفًا وتحليلًا شاملين للاستراتيجيات المستخدمة -في الغالب- والمبادئ الأساسية للبرامج، يليه تحليل نقدي لهذه الاستراتيجيات. وبعد هذا الوصف، تنقد الدراسة حالة تأخر الكتابات والافتقار إلى البحث التجريبي. وللتغلّب على هذه التحدّيات وتحسين مجال نزع التطرّف وفكّ الارتباط، تقدّم مجموعة من التوصيات، وتحديدًا الاستثمار في مزيد من الأبحاث، وتطوير النُّهُج القائمة على الأدلّة، وخلق التآزر بين الأوساط الأكاديمية والممارسين وصنّاع السياسات وتوضيح المفاهيم والتعاريف، مثل النجاح في هذه البرامج. يقدّم الاستعراض للأبحاث المتاحة ونطاقها؛ وصفًا وتحليلًا لجميع الكتابات التي أنتجت في مجال نزع التطرّف وفكّ الارتباط. وخلصت إلى أنه يمكن فهم مقاومة الحكومات الكشف عن المعلومات المتعلّقة بالبرامج أو دعوة باحثين مستقلّين لتقييمها، لأن الإرهاب مسألة تتعلّق بالأمن الوطني والدولي، وتشكّل تهديدات حقيقية للسلم العام. لكن حرصًا على إنفاق الأموال العامة على تدخّلات ناجحة في الحفاظ على سلامة المجتمعات وخلوّها من التطرّف العنيف، يجب التوصل إلى حلّ وسط. ولا بدّ من التوصية بتطوير الشراكات بين الأوساط الأكاديمية والممارسين وصنّاع السياسات؛ لإنتاج برامج فعّالة ومؤثّرة في نزع التطرّف وفكّ الارتباط، وأن البرامج التي تنفذ مجموعة واسعة من الاستراتيجيات، لمعالجة العديد من جوانب حياة المحتجزين، ضرورية أيضًا للتوصّل إلى نزع التطرّف وفكّ الارتباط. في أثناء القيام بذلك، ينبغي ألا ينسى أحد معالجة السياق الاجتماعي والسياسي المحيط بالمحتجز، بالإضافة إلى المجتمع الذي سيعود إليه المحتجز، لما يترتّب على ذلك من آثار على نجاح البرامج خارج السجن. ترى الباحثة أنه من المُلِحّ الاستثمار في الأساليب التجريبية القائمة على الأدلّة والأبحاث المستمرّة لتحسين شروط النجاح، لأن تلك البرامج تتعلّق بالمصلحة العامة وسلامة المجتمعات.

القضايا الدينيّة المُلِحَّة في برامج فكّ الارتباط ونزع التطرّف في أوروبا

تناولت نينا كايساهيجه (Nina Käsehage) -باحثة ألمانية وأستاذة في «أكاديمية غوته للباحثين في بداية حياتهم المهنية» (Goethe Academy For Early Career Researchers) بفرانكفورت- في دراستها أهمية الدين في سياق برامج نزع التطرّف (De-Radicalization)؛ فركّزت على مناهج أوروبية مختارة لمنع التطرّف، واستكشفت السؤال المتعلّق بمعنى الدين لدى «الإسلامويين» المتأثّرين بطريقتين مختلفتين: ما يتعلّق بقيمة الدِّين لدى الشباب المرتبطين بالجماعات المتطرّفة من ناحية، وأهمية المعرفة الدينية لفكّ الارتباط بالتطرف من ناحية أخرى. قسّمت دراستها إلى أربعة أقسام: أولًا: وظيفة الدين بمثابة إطار للحياة، ثانيًا: معاملة الإسلام بوصفه مختلفًا وأثر ذلك في الفئات الضعيفة، ثالثًا: معنى الدين في منع التطرّف العنيف، رابعًا: تحدّيات التعاون مع ممثّلي المؤسّسات الدينية.

تخلص الباحثة إلى أنه يجب اختيار مفهوم منع التطرف العنيف بعناية فيما يتعلق بأهمية المعرفة الدينية للمستشارين، بالإضافة إلى اختيار الشركاء في التعاون الديني للتمكّن من تنفيذ منع التطرّف بالطريقة الأكثر فاعلية.

تحدّيات إعادة إدماج المقاتلين الأوروبيين العائدين من سوريا

قيّمت دراسة إيدو ليفي (Ido Levy) -باحث وخبير أميركي وزميل مشارك في مركز واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بواشنطن- التحدّيات التي تواجه الدول الغربية المرتبطة بإعادة المقاتلين الأجانب في التنظيمات الإرهابية،، وتحديدًا إعادة الأفراد المرتبطين بداعش من سوريا إلى أوطانهم، وركّزت على عيّنة في مخيّم الهول بسوريا، ووقفت على تباين استجابة الدول الغربية لهذه المشكلة؛ ملاحظةً تخلّف مفاهيم إعادة الإدماج وفك الارتباط عن التجارب الحيّة، مما يعيق تنفيذ مبادرات إعادة المقاتلين الأجانب إلى أوطانهم ومجتمعاتهم الأصلية. قسّمت الدارسة إلى خمسة أقسام: أولًا: مشكلة إعادة المقاتلين الأجانب، ثانيًا: تباين موقف أميركا وأستراليا، ثالثًا: معضلة إعادة الإدماج، رابعًا: أخذ الأيديولوجيا على محمل الجدّ، خامسًا: من الرواية المضادّة إلى الرواية البديلة.

بيّنت الدراسة أن الدول الغربية عمومًا متردّدة في استعادة مواطنيها، باستثناء الولايات المتحدة ودول غرب البلقان. ساهم في هذا التردّد معارضة عامّة الناس للإعادة إلى الوطن، والافتقار إلى الآليات القانونية للمحاكمة، والتشديد على التهديد الأمني المحتمل للعائدين، بالإضافة إلى عدم رغبة بعض المقيمين في مخيّم الهول في العودة إلى وطنهم. كما أن هناك نقصًا في البنية التحتية لإعادة إدماج العائدين. ومع أن بعض الدول الغربية التي كانت تعارض في البداية الإعادة إلى الوطن بدأت أخيرًا في إعادة مواطنيها (بعضها أكثر من بعضها الآخر)، فقد أخفق تعديل سياستها في إحداث خفض كبير في عدد الأجانب المرتبطين بداعش في المخيّمات السورية.

ركّز الباحث على أوجه القصور المحتملة في فهم الأيديولوجيا وقياس الالتزام المستمر بالنزعة الإرهابية. وبيّن -على وجه الخصوص- خطأ الاستخدام الافتراضي للتديّن لتقييم الالتزام. وقدّم تحليلًا موجزًا لكيفية التركيز على ثلاثة جوانب لأيديولوجية داعش، يمكن أن تُنتج مقياسًا أكثر دقّة للالتزام -الاعتقاد بقرب نهاية العالم، والجهاد العنيف بوصفه تكليفًا فرديًا، والخلافة بوصفها الشكل الوحيد للحكم. وفي وسع الباحثين والممارسين الآخرين استخدام ذلك بمثابة إطار لتطوير لغة مشتركة بشأن دراسة الأيديولوجيا في سياق إعادة الإدماج.

خلص الباحث إلى أن إعادة الإدماج لا تزال من العقبات الرئيسة التي تواجه تلك الدول الغربية. وقد شهد الاهتمام بإعادة التأهيل ونزع التطرّف ارتفاعًا كبيرًا، مع أن جهود الحكومات كانت فاترة، تولّت جهات فاعلة في المجتمع المدني القسم الأكبر، من هذا النشاط، بموارد محدودة. لكن ندرة مساعي التقييم جعلت تحديد الاستراتيجيات الناجحة لإعادة الإدماج أمرًا صعبًا للغاية.

البعد السياسي لبرامج نزع التطرّف الفرنسية

ركّزت دراسة توماس دورنون (Thomas Dournon) -باحث ومدير المخاطر والامتثال في مجموعة (Square Facts Morocco) ومحاضر في مدرسة الحرب الاقتصادية، ومستشار الحوكمة الاستراتيجية في المغرب- على تحديد وعرض المناهج التي نظّمت تفكير السلطات الفرنسية لناحية نزع التطرّف ومحاربة التطرّف العنيف، وعلى النماذج الهجينة وأثرها في المنهج المؤسّسي الفرنسي. وحَدّدَت الجهات الفاعلة وفقًا للنهج الذي تتبنّاه حيال نزع التطرّف ومنع التطرّف العنيف، ووفقًا لعلاقتها بالسلطة السياسية، والنهج الأمني الذي يغلب عليه المنحى الاجتماعي. أخيرًا، حدّدت نتائج وحدود تلك التجارب المختلفة المتعلّقة بهذه المناهج والتجارب، وسعت إلى تحديد الدوافع الكامنة في صميم تعريف هذه التجارب المختلفة: هل هي نتيجة خبرة حقيقية ورغبة في المشاركة في جهد المصالحة، أو استرضاء المجتمع، أو استراتيجيات تحظى باهتمام أكبر من جانب الجهات الفاعلة العامّة والخاصّة لتحديد الفرص المتاحة للسلطات العامّة، من حيث إعادة تحديد الاستراتيجية الوطنية لنزع التطرّف ومكافحة التطرّف العنيف. قسّم دراسته إلى ثلاثة أقسام: أولًا: الفكر الفرنسي في نزع التطرّف؛ فاستعرض مسارات المنهج الثقافي، ونظرية السيطرة على العقل، ونهج الأجيال، ونهج الأقلوية السياسي، والنموذج الهجين (Hybrid Paradigm). أما القسم الثاني: التجارب الفرنسية في نزع التطرّف، فتناول الوعي السياسي، متسعرضًا تقرير الأمانة العامة للدفاع والأمن الوطني لسنة 2013 ، وأول خطة وطنية لمكافحة التطرّف العنيف والشبكات الإرهابية 2014، ومبيّنًا الدور الحاسم لوحدة تنسيق مكافحة الإرهاب، ويعرج على خطة العمل المعنية بمكافحة التطرّف والإرهاب لسنة 2016، والخطة الوطنية لمنع التطرّف لسنة 2018. أما في القسم الثالث: فتناول نتائج المنهج الفرنسي؛ وبحث في فشل تجربة بونتورني (Pontourny)، ثم درس تجربة برنامج بحوث التدخّل ومدى نجاحه، ووقف على أثر الدعم السياسي لتجربة برنامج الدعم الفردي وإعادة الانتساب الاجتماعي.

خلصت الدراسة إلى أن الدوائر السياسية والأمنية الفرنسية تأثرت تاريخيًا بتعارض النظم الفكرية، التي تجسّدها تيارات كتلك التي عبّر عنها جيل كيبيل أو دنيا بوزار منذ تسعينيات القرن العشرين. ومع ذلك أظهرت هذه المناهج حدودها ولم تكن كافية لشرح تعقيد سُبُل ومسارات الأفراد المتطرّفين، باستثناء العوامل الاجتماعية والاقتصادية والجيلية، كما في أفراد مثل محمد مراح أو الأخوين كواشي. فقد كانت أنماط حياتهم، أو خطابهم المنفصل عن المجتمع، أو حتى مساراتهم الأولية بوصفهم جانحين أو مجرمين، لا أعضاء فيما يسمى الدوائر السلفية أو جماعة الإخوان المسلمين أو حتى «متحمّسين لله»، تتميّز باضطرابات نفسية عميقة، وتميل إلى تخصيص مزيد من القراءات الدقيقة والاجتماعية، مثل النماذج الجيلية والسياسية والهجينة. وهي قراءة نجدها الآن في اختيار محاوري الدولة الفرنسية لتعريف برامج نزع التطرّف، الملتزمة بالتعامل مع الاختصاصيين الاجتماعيين والمربّين وغيرهم من المراجع في المناطق الحضرية، التي تتعرّض أحيانًا للتهميش الاجتماعي والاقتصادي. لافتًا إلى أنه منذ ظهور داعش في العراق وسوريا، وموجة رحيل الشبان الفرنسيين عن المنطقة، والهجمات في أواخر العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، تزايد الاهتمام الذي أبداه الممثّلون السياسيون بالمسائل المتعلّقة بالتطرّف وتحديد أصوله، ودور الدولة والسلطات المحلية.

وهكذا شُكّلت لجان برلمانية ومن الخبراء مسؤولة عن تقييم السياسات والآليات المطبّقة وإعادة تعديلها لصالح المجتمع، متجاوزة ما كان يسمّى في وقت ما «تجارة التطرّف» التي تسوّغ تدخّل من نصّبوا أنفسهم خبراء في وسائل الإعلام ولدى السياسيين. ويرى أن تجديد الخطط الوطنية مستمرّ في هذا الاتجاه، من دون التحرّر من المنظورين المعرفي والثقافي، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتنظيم الرأسي للإسلام الفرنسي. وقد بدأ دمج المكوّنات الاجتماعية والجندر والقضايا الاقتصادية في آليات عملها. وأضاف أنه إذا قُدّمت التجربة الفرنسية في المشهد الإعلامي على نحو خاطئ، بأنها حقّقت نجاحًا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإن إخفاقات أنظمة منع التطرّف ونزعه دفعت الإدارة إلى مزيد من التوجّه نحو الجهات الفاعلة التي لديها شرعية علمية وخبرة ميدانية وأساليب ثبتت فعاليتها. وقد مكنت هذه الملاحظة من إنشاء أنظمة مثل برنامج البحوث والتدخّل المعني بالعنف والمتطرّفين، وبرنامج الدعم الفردي وإعادة الانتساب الاجتماعي، اللذين برغم قابلية تحسينهما، يحظيان الآن بمصداقية على المستوى الدولي، من حيث الدعم في فك الارتباط ونزع التطرّف، ويمكن اعتبارها بداية لتجربة حقيقية في هذا الشأن.

نزع الراديكالية من الإرهابيين العائدين وإعادة إدماجهم في كينيا

سعت دراسة علي نور حسن حاج (Alinur Hassan Haji) -باحث وأكاديمي كيني، كبير محللي مكافحة الإرهاب في المركز الوطني لمكافحة الإرهاب (NCTC)- إلى استكشاف جهود نزع الراديكالية (Deradicalization) وإعادة الإدماج (Reintegration)، والثغرات التي يعاني منها العائدون من الإرهاب في مقاطعتي «مومباسا» (Mombasa) و«كوالي» (Kwale) في كينيا. يتمثّل الهدف من تلك البرامج؛ في دفع أولئك الأفراد إلى ترك الإرهاب وتقبُّل أيديولوجيات بديلة أو مناهضة للأيديولوجيات العنيفة، مما يتيح إعادة إدماجهم في المجتمع. يلفت الباحث إلى أنه في إفريقيا يستخدم ذلك النوع من البرامج في بلدان تشمل تنزانيا وموزمبيق، بالتآزر مع اللجوء إلى عمليات عسكرية. قسمت الدراسة إلى ثلاثة أقسام: أولًا: الإطار التحليلي والمنهجي الذي اعتمد عليه الباحث، ثانيًا: تجربة كينيا في نزع الراديكالية عن "المقاتلين الإرهابيين الأجانب" وقضية مقاطعتي مومباسا وكوالي؛ ثالثًا: تحديات برنامج العفو وإعادة الإدماج في كينيا، والتي تمثلت في: عدم وجود قانون للعفو، حالات القتل خارج نطاق القضاء وغياب المشاركة الكافية للمجتمعات المحلية، وضعف نظام العدالة الجنائية.

يرى الباحث أن «برنامج العفو وإعادة الإدماج» يجسّد فكرة هادفة، تحاول تحقيق التوازن بين الأهداف الأمنية الكينية، والحاجة إلى البراغماتية من أجل فاعلية استراتيجية مكافحة الإرهاب. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال البلاد غير مهيأة لإدارة برامج نزع الراديكالية، نظرًا لافتقارها الأطر القانونية والسياسية المناسبة لتثبيت تلك البرامج، بالإضافة إلى عدم وجود دعم مجتمعي كاف في إعادة إدماج «المقاتلين الإرهابيين الأجانب». وبالتالي ينبغي لحكومة كينيا أن تتحرك بسرعة بغية ضمان وضع تشريعات ملائمة، وصوغ سياسات تتوخى التخلص من الراديكالية بهدف مساعدة الشركاء في تنفيذ «برنامج العفو وإعادة الإدماج»، وكذلك الحال بالنسبة إلى «المقاتلين الإرهابيين الأجانب» ممن تطوعوا في ذلك البرنامج، على التمتع بالحماية القانونية والإرادة السياسية من قِبَل الحكومة.

ينبغي حدوث مزيد من التعاون بين الحكومة وغيرها من الوكالات المنفذة غير الحكومية أو أصحاب المصلحة، بهدف التوصل إلى المشاركة الفاعلة للمجتمعات المحلية المتضررة، لكي تسهم في صوغ تصورات إيجابية عن «برنامج العفو وإعادة الإدماج» وتعزيز دعمه وإدارته محليًّا في المجتمعات المتضررة. وعلى غرار ما تسير عليه الحال الآن، يتوجب على الحكومة الكينية أن ترفع غطاء السرية عن «برنامج العفو وإعادة الإدماج»، مع عملها على تكوين وعي عام أوسع نطاقًا بشأنه، بالإضافة إلى تبادل البيانات بحرية حول نجاحاته وإخفاقاته وتجنب انتهاك شروط السرية. وأخيرًا، يبدو أن وكالات الأمن الكينية تتبع استراتيجيتها الموازية الخاصة باستهداف [المقاتلين الإرهابيين] العائدين بهدف القضاء عليهم أو قتلهم بدلًا من تقديم الدعم الكامل لهم. واستطرادًا، فمن شأن عمليات القتل تلك أن تزيد تبني الراديكالية في صفوف الفئات المنكشفة على خطورة الانتقال إلى الراديكالية، مع ملاحظة أن تلك العمليات تقوض أيضًا استعداد «المقاتلين الإرهابيين الأجانب» للمشاركة في برنامج «العفو وإعادة الإدماج».

استراتيجية مكافحة التطرف وإعادة الإدماج في بحيرة تشاد والساحل

تناولت دراسة مادي إبراهيم كانتي -باحث مالي، محاضر في جامعة العلوم القانونية والسياسية، وفي مدرسة حفظ السلام ببماكو في مالي- استراتيجية منطقة الساحل وبحيرة تشاد في مكافحة التطرف والإرهاب، وأبرزت كيفية انتهاز المتطرفين لحالة الفقر وتهميش المجتمعات المحلية. عرض المحور الأول من الدراسة التدخلات الخارجية، تحت مسمى «الحرب على التطرف العنيف في إفريقيا»، وركز المحور الثاني على استراتيجية مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل وبحيرة تشاد، وتطرق إلى برامج إعادة الإدماج فيهما.

خلص الباحث إلى أن ظاهرة الإرهاب في إفريقيا تتجاوز حدود الدول والأقاليم، وقد حاولت كل دولة مكافحتها وإعادة الإدماج. وعلى الرغم من العدد الكبير من مشاريع منع التطرف العنيف التي تُنفذ في إفريقيا، فلا يزال انعدام الأمن والعنف والأعمال العدائية تهدِّد التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتماسك المجتمعي. وحيث إن تحقيق السلم في منطقة الساحل الإفريقي يتطلب ضرورة وضع آليات للتكيف مع التحديات والرهانات، من خلال ربط الحل الأمني بالحل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي... إلخ. كما لا يلغي الحل الأمني وحده المخاطر والتحديات التي تعيشها المنطقة، ولن ينجح ما لم يصحبه تبني حلول وخيارات أخرى، كالبدء في مشاريع وبرامج التنمية، والقضاء على البطالة، وتوفير الفرص في كل المجالات والاتجاهات وعلى كل المستويات، وهو ما يتم التعبير عنه بمرتكزات تحقيق الأمن الإنساني، أي مقاربة الأمن مع التنمية المستدامة، من خلال معالجة الأسباب العميقة والجوهرية للتحديات الأمنية كالفقر والجهل، وعليه قامت لجنة حوض بحيرة تشاد بالتعاون مع مفوضية الاتحاد الإفريقي بتبني استراتيجية جديدة معنية بمنطقة حوض بحيرة تشاد، لتكون مقاربة شاملة للتعامل مع الأوضاع الأمنية والإنسانية والاقتصادية في المنطقة.

برامج ومقاربات باكستان في إزالة الراديكالية في سارغودها وجانغ بولاية البنجاب

تناولت دراسة تهمينا أسلام رانجها (Tehmina Aslam Ranjha) -باحثة ومحاضرة باكستانية في مركز «الأمن القومي ومكافحة التطرف العنيف» (National Security and CVE)- استراتيجيات إعادة الإدماج والبرامج الموجهة، التي تركز على إعادة اليافعين ممن جرى إخراجهم من الراديكالية، إلى التيار العام في المجتمع الباكستاني، وسلّطت الضوء على التحديات التي يواجهونها، وأبرزت أفضل الممارسات التي يمكن استخدامها بغية دعم إعادة إدماجهم بنجاح، عبر استكشاف العوامل المؤدية إلى التطرف العنيف بينهم، وترتيبها؛ وضمانات عدم عودة التائبين منهم إلى التطرف، مع بحث أهمية استخدام نهج نقدي يهدف إلى تعزيز المرونة لدى الفتيان الصغار الذين أُخرجوا من الراديكالية، كحماية ضد التطرف.

سعت الدراسة إلى التدقيق في العلاقة بين برامج إزالة الراديكالية (Deradicalization)، ومنع التطرف العنيف وإعادة إدماج (Reintegration) الفتيان اليافعين؛ ممن خرجوا من الراديكالية في المجتمع وأطره في الباكستان. واستندت إلى فكرة أن التعليم يستطيع أن يشكل رادعًا ضد التطرف عبر تعزيز خطاب منفتح حول الموضوعات الوازنة، إضافة إلى تعزيزه التفكير النقدي. وأشارت الدراسة إلى أنه يمكن استخدام علم التربية النقدي (Critical pedagogy )، الذي يمثل نهجًا فلسفيًّا في التعليم، بغية تنمية الوعي النقدي والتصدي بفاعلية للتطرف على المستويين: الفردي والجماعي. بالإضافة إلى ذلك، انتقدت الدراسة السياسات والممارسات التعليمية السائدة التي تعطي الأولوية للتوافق وتمنع التفكير النقدي.

استندت الدراسة في مصادرها ومراجعها إلى مقابلات عدة، درست حالات نوعية عن المقاتلين السابقين المنتمين إلى تنظيمات دينية متشددة على غرار: جماعة «سيف الصحابة في باكستان» (Sipahe Sahaba Pakistan)، وتنظيم «عسكر جانغفي» (Lashkare Jhangvi)، وجماعة «عسكر طيبة» (Laskare Taibah)، وجماعة «جيش محمد» (Jaishe Mohammad). وقد أقامت هذه التنظيمات؛ في مدينتين في إقليم البنجاب (Punjab)، هما: سارغودها (Sargodha) وجانغ (Jhang)، وقد اقتصرت المقابلات على المقاتلين السابقين الذين أعيد إدماجهم في المجتمع.

خرجت الدراسة بأربع نتائج رئيسة:

أولًا: شاركت العائلة والأصدقاء في عملية تغيير موقف المتطرفين السابقين وإقناعهم بترك التطرف والتوبة عنه، وينطبق وصف مماثل بالنسبة إلى نهجهم تجاه أنفسهم والآخرين والحياة بصورة عامة. على نحو مماثل، شارك مختصون نفسيون في تلك العملية، وعملوا على إجراء تقييم نفسي لأولئك الأشخاص.

ثانيًا: تبين أن الافتقار إلى التعليم الدنيوي العلمي (Worldly Education) يشكّل العقبة الرئيسة أمام اكتساب أولئك النشطاء المتطرفين السابقين مكانة ملائمة في المجتمع. وبالتالي، جرى توفير تعليم أساسي (يستند إلى المناهج الدراسية المعتمدة، مع تفضيل خاص للعلوم الاجتماعية)، على الرغم من قِصَرِ وقت ذلك التعليم، بهدف تمكينهم من الاندماج في المجتمع.

ثالثًا: يشكِّل الفقر عقبة في طريق النشطاء المتطرفين السابقين في الحصول على حياة مناسبة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المجتمع. وفي ذلك الصدد، جرى تقديم تدريب تقني (مهني)، لكنه لم يستمر زمنًا كافيًا، بغية مساعدتهم على الانضمام إلى التيار العام للعمال والفنيين في البلاد.

رابعًا: سعيًا إلى تقليل فرص الانتكاس، وضعتْ الدراسة خطة (كجزء من خطة إعادة التأهيل الرئيسة) عن وضع المسلحين السابقين قيد متابعة منتظمة من قبل المسؤولين الحكوميين.

استنتجت الباحثة أن عملية إعادة التأهيل تغدو ممكنة إذا عقد المسلحون السابقون العزم على العودة إلى التيار العام في المجتمع. ويضاف إلى ذلك، أنّ دور الأسرة والأصدقاء بدا فائق الأهمية في إعادة تأهيل فردٍ سبق أن التحق بالنشاط المتطرف المتشدد. وكذلك تبدّت ضرورة إدخال التعليم الدنيوي في المدارس الدينية إلى جانب التعليم الديني. وبالإضافة إلى ذلك، جرت عملية غربلة بغية التعرف على مستوى المقاطعة (أو المستوى الوطني) على الطلاب الذين ليس لديهم اهتمام بالتعليم الابتدائي أو الثانوي؛ كي يُنقَلوا إلى التعليم التقني (المهني)، بهدف تمكينهم لاحقًا من التوصل إلى الاكتفاء الذاتي اقتصاديًّا.

دمج منظور الجندر في رصد برامج إعادة تأهيل المتطرّفين العنيفين

تفحّصت دراسة جوليا روشينكو (Julia Rushchenko) -باحثة وأكاديمية بريطانية، مستشارة دولية للنوع الاجتماعي والجريمة وإدارة الحدود لدى المنظمة الدولية للهجرة بالأردن- المؤشّرات المراعية للجندر في عملية إعادة التأهيل وإعادة الإدماج الناجحة لاستخدامها أساسًا لأداة الرصد. كما حددت حاجة مقدّمي الخدمات إلى تدريب يراعي الجندر ويوفّر قائمة مرجعية لقياس استعدادهم لإدراك دور الجندر والتفكير فيه في برامج إعادة التأهيل وإعادة الإدماج. إذ تتناول مؤشّرات البروتوكول الناجح للرصد الذي يراعي الجندر، وإدماج منظور الجندر في بناء قدرات مقدّمي الخدمات الذين يعملون مع المتطرّفين العنيفين السابقين.

تخلص الدراسة إلى أن ثمة فجوة معرفية بشأن استراتيجيات الرصد المستخدمة في العمل مع المتطرّفين السابقين، مع أن هناك مجموعة واسعة من الدراسات عن إعادة تأهيل العائدين وإعادة دمجهم. ولم يُكتب إلا القليل عن أدوات التقييم الخاصة بالجندر. في الوقت نفسه، تقدّم دراسات الامتناع عن السلوك الإجرامي والهجرة عددًا كبيرًا من المصادر عن أدوات الرصد والتقييم. كما أن فهم احتياجات الأفراد التي يجب تلبيتها للخروج من الحركات المعادية للمجتمع من دون العودة إلى البيئة نفسها، أمر بالغ الأهمية عند تصميم التدخّلات وتقييم تقدّمهم.

ترى الباحثة أن الرصد المنتظم والمنهجي للبرامج ومقدّمي الخدمات، يمكّن من وضع نهج أكثر كفاءة لنزع التطرّف وإعادة تأهيل المتطرّفين العنيفين السابقين وأفراد أسرهم. كما أنه يساهم في ضمان تحسين سياسات إعادة التأهيل وإعادة الإدماج وتوجّهها نحو الاحتياجات الخاصة بالجندر والمخاطر المحتملة. ونحثّ هيئات الرصد والحكومات على استخدام هذا البحث في تعميم منظور الجندر في أنشطتها المعنية بالرصد والتقييم. مع أن نقص القدرات يعدّ -في الغالب- أحد العقبات أمام التنفيذ الفعّال لبرامج إعادة التأهيل وإعادة الإدماج، فمن الضروري ضمان تطبيق منظور الجندر في جميع برامج بناء قدرات مقدّمي الخدمات وتدريبهم بشأن دور الخصائص النسوية والخصائص الذكورية والاحتياجات القائمة على الجندر، مع مراعاة السياقات السياسية والثقافية المحلية. ولا بدّ من أن تشمل أي مبادرات لبناء القدرات عمليات القولبة النمطية والتحيّزات القائمة على الجندر، وكيف يمكن أن تؤثّر الأخيرة على تنفيذ البرامج.

تلفت الباحثة إلى النهج المتعدّد التخصصات يجب أن يقود أصحاب المصلحة، لإعادة إدماج جهود الإعادة إلى الوطن، بما في ذلك تصميم برامج وسياسات خاصة بالجندر، تركّز على مواجهة التحدّيات التالية: دمج منظور الجندر في بناء قدرات مقدّمي الخدمات وعلماء الدين؛ الأنشطة التي تهدف إلى فهم الاحتياجات النفسية والاجتماعية للعائدين القائمة على الجندر ومعالجتها؛ برامج التمكين الاجتماعي الاقتصادي للمرأة؛ حوار بشأن عدم المساواة بين الجنسين وتأثيره المحتمل على إعادة الإدماج.

تأهيل المتطرفين داخل السجون: السياق والممارسة

قدّمت دراسة إبراهيم مجدي حسين -باحث وأكاديمي وخبير نفسي مصري، شارك في تصميم برامج تأهيل المتطرفين- لمحة عن أدبيات تأهيل المتطرفين داخل السجون، مستصحبةً السياق العربي، تستند منهجيًا إلى تطبيق برامج التأهيل على أعداد محدودة من المسجونين، تتراوح أعدادهم بين (30) و(40) مسجونًا. كانت مدة البرنامج في الدول التي تغطيها الدراسة، لا تقل عن (6) أشهر، بجانب برامج متابعة وتأهيل لمن تم الإفراج عنهم في الدولة المصرية. تركزت المعايير لمن انضموا لبرامج التأهيل على: السن: من (18) إلى (35)؛ التعليم: فوق المرحلة المتوسطة والجامعي؛ سابقة أولى؛ وأن لا يكون شارك في عمليات قتل «عضو غير تنفيذي في التنظيم»؛ واﻻلتزام بتعليمات وقوانين السجن.

لفت الباحث إلى أن الحكومات في المجتمعات الغربية، والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، أدركت أنه من الضروري مكافحة التطرف العنيف من خلال: منع التطرف، ولا سيما بين السكان الضعفاء؛ وتحصين المجتمع ضد الأيديولوجيات العنيفة؛ وتحديد وفك الارتباط (عن طريق الاعتقال أو برامج العفو أو التخويف البسيط؛ ومحاولة إزالة التطرف لأولئك الذين هم على وشك، أو ارتكبوا بالفعل أعمال عنف نيابة عن الجماعات.

خلصت الدراسة إلى أنه على الرغم من ادعاءات النجاح التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة، والمرتبطة ببعض مبادرات الحد من مخاطر الإرهاب، فإن هناك حواجز كبيرة أمامها؛ إذ لا توجد معايير واضحة للنجاح مرتبطة بأي مبادرة، وهناك القليل من البيانات المرتبطة بأي من هذه المبادرات التي يمكن تأكيدها بشكل موثوق، بشكل مستقل. ولفتت إلى أنه قد يكون تطوير هذه الأنواع من البرامج مكلفًا للغاية، لأنها قد تتطلب مرافق جديدة وتدريبًا مكثفًا للمهنيين المشاركين في البرنامج، من بين نفقات أخرى. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون بناء أماكن التأهيل نفسه مكلفًا، لأن فرق المساعدة الفنية يمكن أن يكون لديها خبراء من مجموعة من التخصصات، وأن يكونوا في الموقع لفترة طويلة من الزمن. كما أوضح المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب بالفعل، أنه يمكن أن يساعد في جمع الأموال لهذه الأنواع من الجهود.