الإخوان بعد السقوط إعادة التشكل واستغلال التحالفات


نجحت «ثورة 30 يونيو» في إزاحة شبح الإخوان عن التحكم في شعب مصر، واختارت الإرادة الشعبية حظر التنظيم وإبعاد أجهزته، وتولت الدولة محاكمة قياداته المتورطة في تأجيج العنف والإرهاب. ولكن كيف يبدو وضع الجماعة اليوم؟ وما التداعيات الحقيقية لهذه الإجراءات على التنظيم وهيكليته؟ وما حكاية «لعبة» صراع الأجنحة «الراديكالية» و«الوسطية» المزعومة داخل التنظيم، وكيف تحدد عبرهما خياراتها التنظيمية والسياسية؟ ومن يسوّق لسيناريوهات مواصلة «المواجهة» أو المصالحة المزعومة، متناسياً أبوّة التنظيم للإرهاب؟ وما حقيقة وحجم المراجعات الفكرية التي يقوم بها «جيل من الإخوان»؟ وما وضعية الإسلاميين الآخرين داخل مصر كالجماعة الإسلامية والتيارات المتشددة؟ هل هي أدوات احتياطية، أم معابر، أم تجليات لبعث مختلف؟

يسعى هذا الكتاب إلى الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، فيرصد ويحلِّل أبرز التحولات والصراعات التي مرت بها حركة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية والتيارات المتشددة في مصر خلال العامين 2017 - 2018.


تم النشر في: March 2019


front147

قائمة الفصول


# اسم الكتاب
1 إعادة تشكل الإخوان بمصر والمراجعات بعد السقوط
2 محددات مستقبل الإخوان المسلمين... الأوهام والواقع
3 حتمية فشل دمج الإخوان المسلمين والمصالحة
4 شهادة حية: مصطفى مشهور وتأسيس حماس وبيت المقدس المصرية
5 تطورات السلفية المصرية في ضوء متغيرات السياسة
6 تطورات السلفية المصرية في ضوء متغيرات السياسة
7 شهادة: الجماعة الإسلامية في مصر وأوهام وقف العنف
8 الجماعة الإسلامية في مصر: مستقبل غامض
9 العملية الشاملة (سيناء 2018) وتدفق المقاتلين الأجانب
10 أثر «العملية الشاملة» في بنى الجماعات الإرهابية في مصر
11 الكتاب: حواريون بلا نبي، التحولات الفكرية والتنظيمية لحركات الإسلام السياسي
12 قراءة في مؤشر الإرهاب العالمي 2018 (GTI)

شرح الكتاب


ملخص بحوث العدد 147

الإخوان بعد السقوط إعادة التشكل واستغلال التحالفات

مارس (آذار) 2019

يسعى مركز المسبار للدراسات والبحوث في كتابه «الإخوان بعد السقوط: إعادة التشكل واستغلال التحالفات» (الكتاب السابع والأربعون بعد المئة، مارس (آذار) 2019) إلى الإجابة عن التساؤلات التالية: كيف يبدو وضع الجماعة اليوم؟ وما التداعيات الحقيقية لهذه الإجراءات على التنظيم وهيكليته؟ وما حكاية «لعبة» صراع الأجنحة «الراديكالية» و«الوسطية» المزعومة داخل التنظيم، وكيف تحدد عبرهما خياراتها التنظيمية والسياسية؟ ومن يسوّق لسيناريوهات مواصلة «المواجهة» أو المصالحة المزعومة، متناسياً أبوّة التنظيم للإرهاب؟ وما حقيقة وحجم المراجعات الفكرية التي يقوم بها «جيل من الإخوان»؟ وما وضعية الإسلاميين الآخرين داخل مصر كالجماعة الإسلامية والتيارات المتشددة؟ هل هي أدوات احتياطية، أم معابر، أم تجليات لبعث مختلف؟

إعادة تشكل الإخوان بمصر والمراجعات بعد السقوط

يرى ماهر فرغلي، الباحث المصري المتخصص في الحركات الإسلامية، أنه مع بداية عام 2016 برزت متغيرات سياسية عدة أهمها: تزايد التصدع الداخلي لإخوان مصر، وخروجه إلى العلن، ثم تغيرت معادلة الصراع في سوريا، وانحسر نفوذ داعش في العراق، وحوصرت إيران اقتصادياً، وانهارت شعبية ما يعرف بالتيار الإصلاحي لصالح تيار المحافظين، وهذا كله في النهاية دفع الإخوان للتحول وتغيير البوصلة، فهم ليسوا بعيدين عن انعكاسات وتعقيدات المنطقة، وكانت المحصلة النهائية هي إمساك الجماعة العصا من المنتصف، وتسويقها لما يسمى (المصالحة)، فلم يكن إخوان مصر بعيدين عن رياح التغيير التي أصابت فروع تنظيمهم العالمي، والزلازل الكثيرة التي ضربته في عدد كبير من أفرعه الرئيسة مثل تونس، والأردن، والسودان، واليمن، بسبب الخلافات التي تحولت إلى انقسامات وانشقاقات إثر الخسائر السياسية الكبيرة التي تلقتها الجماعة في معظم الدول العربية. وعلى الرغم من الأحداث المتسارعة التي تؤصل لهذا التغيير الحتمي داخل الإخوان المسلمين والقريب من عملية إعادة تكوين للجماعة، فإن التنظيم الدولي المسؤول عن كل فروع يؤكد استمرار الجماعة على شكلها، ويحاول بالطرق كافة منع الصراعات داخل فروعه من التحول إلى انقسامات وانشقاقات تغير من شكل الجماعة بالكامل، ومنها التنظيم المصري، حيث يوجد نزاع كبير بين شباب الإخوان والقيادات التاريخية على حكم الجماعة، ووصل هذا الخلاف إلى حد انشقاق التنظيم إلى جماعتين كلاهما يحكمهما المرشد محمد بديع، إلا أن لكل جماعة مكتب إرشاد ومجلس شورى خاصاً به، ولوحظ ذلك في دول عربية مجاورة، حيث أجرى شباب الجماعة الهاربون إلى هناك انتخابات جديدة، لعمل هيكل جديد بعيداً عن القديم الذي يقوده القطب الإخواني محمد الحلوجي. تراهن الجماعة على دور جديد يمكن أن تلعبه لو تم قبول مراجعاتها، وهي تحاول بكل ما تقدمه، والرسائل التي ترسلها تغيير الموقف المصري، وإحراز تغيير في وضع الجماعة، وإنهاء أزمتها مع المجتمع والدولة وفكرتها.

محددات مستقبل الإخوان المسلمين... الأوهام والواقع

يدرس الباحثان المصريان طارق البشبيشي وطارق أبو السعد -المتخصصان في الحركات الإسلامية، والناشطان السابقان في جماعة الإخوان المسلمين- محددات مستقبل الإخوان المسلمين. يتناول البحث تنظيم الإخوان المسلمين في مصر للتعرف على واقعه وقراءة لمستقبله بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، على المستوى الفكري والتنظيمي، مع رصد لطبيعة خطاب الجماعة على الصعيد المجتمعي ومحاولاتها إعادة التموضع السياسي والاجتماعي مرة ثانية، وآثار الضربات الأمنية التي منيت بها إلى جانب الخسائر في الشارع المصري، وتأثير ذلك في مستقبلها.

تفيد هذه الدراسة في التعرف على العوامل الكامنة في بنية التنظيم الإخواني، التي يظنون أنها تسمح لهم بالبقاء، ويحللها الباحثان للتعرف على مدى قدرة التنظيم على الاستمرار في ظل الرفض المجتمعي، وفي ظل الصدام مع الدولة، كما يمكن أن تفيد في قراءة مستقبل الجماعة الفكري والأيديولوجي، وبالتالي يستعد المجتمع وقادته لمواجهة التحول الإخواني القادم، والتجهز بما يكفي من إجراءات، تمنع تدوير فكر الإخوان في المجتمع مرة أخرى. ويحاول الباحثان الإجابة على التساؤلات التالية: هل تمكنت جماعة الإخوان من امتصاص واستيعاب الضربات التي وجهت إليها خلال السنوات الخمس الماضية؟ وهل يمتلك الإخوان القدرة التنظيمية على إعادة تنظيم صفوفهم؟ وما ملامح التغيير في شكل التنظيم؟ ما العوامل الإقليمية والدولية التي تؤثر على تنظيم الإخوان، سواء التي تساهم في بقائه وإعادة تموضعهم في الحياة السياسية والاجتماعية في مصر، أو التي تعمل على إضعافه؟

يرى الباحثان أنه يبدو أن العوامل الخارجية بدأت تكون الأكثر إلحاحاً في رسم واقع الإخوان ومستقبلهم. فعلى قدر حاجة عناصر مفوضة من النظام العالمي لوجود قوى الإسلام السياسي في الحكم أو في المعارضة أو حتى في الشارع السياسي، من أجل ترجيح كفة بعض الدول في صراعها مع الصين ودول شرق آسيا، من المحتمل جداً أن يتم توظيف للإخوان مشروط بعدم تجاوزهم للدور المرسوم لهم، وهو بالتحديد (الدعاية الإسلامية ضد الصين وروسيا).

حتمية فشل دمج الإخوان المسلمين والمصالحة

يقول الباحث المصري المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، هيثم أبو زيد، أنه خلال الأعوام (٢٠١٤-٢٠١٩)، لم تتوقف مبادرات المصالحة، التي يطرحها مقربون من تنظيم الإخوان، أو رموز من التيار الديني بصفة عامة، في مصر وخارجها، وهي مبادرات لم تنجح بسبب حالة الرفض الشعبي لعودة الجماعة إلى الحياة السياسية، لا سيما بعد تورط كثير من عناصرها في أعمال عنف وإرهاب دموية.

وفي مسار موازٍ، وبعد أن أصبح في حكم المؤكد أن مبادرات المصالحة ومحاولات إعادة الإخوان للمشهد السياسي لن تجدي نفعاً، ارتفعت أصوات كثيرة تدعو إلى ضرورة التفريق بين شباب الإخوان وشيوخهم، بين القواعد والقيادات، باعتبار أن الشباب دائماً أبرياء، أو مخدوعون!

يرى أبوزيد، ليس لشباب الإخوان تمرس سياسي، ولا حنكة إعلامية، أما قادة الجماعة، من المتمرسين، فأكثرهم يتقن المراوغة، والإجابات المميعة، ولنحو ربع قرن مضت، صرفت الجماعة للأوساط الإعلامية متحدثَين من رموزها، هما: عبدالمنعم أبو الفتوح، وعصام العريان. عندما فقدت الجماعة الزخم القيادي، وانقطع التسلسل الهرمي بسبب الملاحقات الأمنية؛ مارس شباب الإخوان كل ما اختزنوه عبر سنوات من عنف عملي ولفظي، وتكفير لكل من خالفهم أو وقف ضدهم، أو رفض عودة رئيسهم المعزول. في حين عززت مناهج الإخوان على ترسيخ سطوة التنظيم على الأفراد. فيما يخلص الباحث إلى أن البنية الفكرية والتنظيمية لجماعة الإخوان، تجعل مسألة المصالحة، والدمج في المجتمع، هي المستحيل بعينه، لأن تخلي الجماعة عن هذه البنية الفكرية والتنظيمية لا يعني إلا حل التنظيم، وتحرير الأفراد من تبعاته فكرياً وإدارياً. وهو ما يعني انتهاء الوجود الفعلي للجماعة.

شهادة حية: مصطفى مشهور وتأسيس حماس وبيت المقدس المصرية

هذه المادة شهادة من الباحث ثروت الخرباوي، قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين، الذي عرف التنظيم من الداخل، قبل أن يخرج منه. يرى الخرباوي أن الجماعة اكتسبت الجرأة على التعبير عن بعض أفكارها المخفية وعقيدتها المستترة، فوقف محمد مرسي أثناء حملته الانتخابية في ملعب مدينة المحلة وهو يشرح للجماهير مشروع الجماعة الفكري فقال: سنعيد الفتح الإسلامي لمصر! يشير الباحث إلى أقنعة الإخوان المسلمين المتمثلان في رفض العنف، وتقبل المواطنة. ويقدم موجزا لحقيقة موقف الإخوان من العنف، فيرى أن الأمر لم يكن يتعلق بتحولات الإخوان من وسطية مزعومة إلى إرهاب، ومن فكرة المواطنة إلى فكرة الدولة الدينية، ومن ديمقراطية إلى عمل مسلح، ولكنه يتعلق بالمؤجلات. ويستعرض الباحث التاريخ العنفي للإخوان المسلمين وفق شهادات الإخوان الكبار. فسجل التاريخ عليهم قتلهم لرئيس وزراء مصر أحمد ماهر، وكان ذلك في 24 فبراير (شباط) 1945، ثم عمليات تفجير سينمات، واغتيال الإمام يحيى حاكم اليمن وأولاده في فبراير، ، والقاضي أحمد الخازندار، وغيره الكثير من الحوادث الإرهابية التي يمر عليها الباحث. ويتناول تجربة مصطفى مشهور وتأسيسه لتنظيم بيت المقدس، وعلاقته في تأسيس تنظيم القاعدة.

تطورات السلفية المصرية في ضوء متغيرات السياسة

درس علي عبدالعال، باحث مصري متخصص في الحركات الإسلامية، تطورات السلفية المصرية، متناولا التيارات السلفية، والائتلافات السلفية بعد 25 يناير، ودور السلفيين في عزل الإخوان المسلمين. فلم تكن الحركة السلفية المصرية منفصلة عن واقعها وهي تخطو نحو الانتشار، وبناء القاعدة الشعبية لها في طول البلاد وعرضها، بل أثر هذا الواقع كان واضحاً على خياراتها العامة والمجتمعية، وأيضاً على توجهاتها الدعوية وطبيعة عملها. لا أحد يستطيع الجزم بأي اتجاه سيسير السلفيون المسيسون في المستقبل، فالسيناريوهات المتوقعة لأوضاع السلفيين في مصر، وحدود الأدوار التي يمكن أن يقوموا بها تتحكم فيها مجموعة من الاعتبارات المحيطة بهم. واجه السلفيون -وما زالوا- مجموعة من التحديات الكبيرة، التي ستؤثر حتما في حاضرهم ومستقبلهم، أهمها: التحدي السياسي: تلخصه ماهية وجودهم ضمن المنظومة السياسية الحالية، وحجم المصالح التبادلية بينه وبينهم، والأدوار التي يمكن أن يلعبوها. التحدي الدعوي: جاءت حزمة متتابعة من القرارات الحكومية مثل قرار منع غير الأزهريين من صعود المنابر كعائق كبير أمام السلفيين، فأغلقت المنابر في وجه دعاتهم ورموزهم وعلمائهم، مثل: محمد حسان، وأبي إسحق الحويني، وحسين يعقوب، ومصطفى العدوي، وعشرات غيرهم. كل ذلك عرقلهم العمل بالمساجد بقصد تحجيمهم وإضعاف القاعدة الشعبية المؤيدة لهم وقطع تواصلهم مع الجماهير. التحدي الإعلامي: تتعامل أغلب النُّخب الإعلامية والسياسية مع السلفيين كأنهم من «كوكب آخر»، وهو تحدي آخر أمام السلفيين للتعامل معه.

الجماعة الإسلامية المصرية: التحالف مع الإخوان والسلفية الجهادية

استعرض هشام النجار، باحث مصري في شؤون الحركات الإسلامية، قيادي إسلامي سابق.، طبيعة التحالفات بين الجماعة الإسلامية المصرية من جهة، والإخوان والسلفية الجهادية من جهة أخرى. ويرى أن الجماعة الإسلامية دعمت الإخوان عبر مواقف وممارسات حادة وعنيفة، وكان هدفها الرئيس هو إنقاذ وضع الإسلاميين الذي بات هشًا بعد عزل الإخوان عن السلطة في يوليو (تموز) 2013، وأيضًا لتحصين خياراتها السياسية وتبرير مغامرات قادتها وتفادي نقدها، وعندما باتت عودة الإخوان للحكم ميئوسًا منها حاول قادة داخل الجماعة الإسلامية التحرر من هيمنة الإخوان على غير رغبة الأخيرة للخروج من الورطة التاريخية بأقل الخسائر. ويضيف الباحث أنه من جانبها حرصت جماعة الإخوان على ألا يطرأ جديد على حال وواقع الأحزاب الدينية التابعة لجماعات حليفة لها؛ بحيث تظل على وضعها منذ ثورة الثلاثين من يونيو(حزيران) 2013، بحيث تكون حاضرة في المشهد السياسي فقط بعناوينها، لكن بلا عمل ولا نشاط ولا مشاركة سياسية. تخدم عزلة أحزاب الجماعات الإسلامية، وعلى رأسها حزب حليفتها الجماعة الإسلامية «البناء والتنمية»/ رؤية جماعة الإخوان من جهة مساعي نزع الشرعية عن المسار السياسي الحالي، وعدم الانخراط في العمل السياسي إلا تحت راية الإخوان بعد عودتهم -وهو الوهم الذي رسخته جماعة الإخوان في أذهان شبابها وحلفائها منذ عزلها عن السلطة إلى اليوم- علاوة على أن راغبي التمرد والعمل السري والعسكري في أوساط الإسلاميين سيجدون في وضعية تجميد نشاط الأحزاب الإسلامية مبررًا لينخرطوا في الصراع المسلح والنشاط السري. كما يعرج الباحث إلى منطلقات العنف ومسوغاته كما تقرأها الجماعة الإسلامية، متناولا معضلة الانفكاك عن الإخوان، ومستقبل الجماعة الإسلامية وحزبها السياسي. ويخلص إلى أن المشهد المصري لا يحتمل في عمومه بما يواجهه من تحديات، وأيضًا تيار الإسلام السياسي بما يعانيه من تشتت وانهيار، المزيد من تكتيكات ومناورات قيادات الجماعة الإسلامية الحاليين؛ فقد سبق وأن مكنتهم تلك الخدع والمناورات من الإفلات من العقاب عدة مرات، ولا أحد يتصور أن تُتاح لهم الفرصة من جديد ليخدعوا الجميع كما فعلوا في التسعينيات وتاليًا في حوارات المبادرة، فقد وضح أنهم يستغلون الأحداث ويظهرون خلاف ما يضمرونه، وصولًا لمرحلة يمتلكون فيها القوة التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم وتطبيق أفكارهم التي لم يغيروها يومًا. علاوة على أن الواقع العربي قد وصل لمرحلة تضطر أي كيان مهما بلغ تمرده بالماضي للانضواء داخل الحدود خاضعًا لحسابات الدولة لأمنها ومصالحها، وليس هناك تصور مفترض لأدوار قيادات جماعات احترفت الخداع ومناقضة ما أعلنته في السابق من توبة ومراجعات فكرية. الحاصل أن الإعلان عن مسار تصحيحي وعن خروج للجماعة الإسلامية من تحالف دعم الشرعية الذي تقوده جماعة الإخوان، جاء في توقيت لم يعد لهذا التحالف فيه وجود ولا تأثير، وضعفت فيه جماعات الإسلام السياسي برمتها، وبعد أن فشلت بكل السبل ومنها العسكرية المسلحة أن تعوق المسار السياسي الحالي، وبالتالي فإن هدف تراجع الجماعة الإسلامية ونشر بيانات استسلامية هو مجرد امتصاص للضربات، وإعادة ترتيب الأوراق لاستعادة القوة والتموضع ولإنقاذ حلفائها داخل الإسلام الحركي والسياسي وداخل السلفية الجهادية، ثم العودة إلى نهج العزلة والصراع على السلطة من جديد.

شهادة: الجماعة الإسلامية في مصر وأوهام وقف العنف

يشير ناجح إبراهيم، مفكر إسلامي وقيادي سابق في الجماعة الإسلامية المصرية، إلى أن الجماعة الإسلامية المصرية مرت منذ تأسيسها وحتى اليوم بمراحل عدة، ولن يفهم أحد مستقبلها إلا إذا أدرك هذه المراحل وتعمق في فهمها. يحدد الباحث في هذه الورقة تلك المراحل متناولا أبرز محطاتها التاريخية، مضيفا أن هذا التنظيم يُعد من أولى التنظيمات التي حملت السلاح ورفعت شعار الجهاد المسلح ضد المجتمع والدولة.

يلخص الباحث المراحل التي مرت بها الجماعة الإسلامية في مصر على النحو الآتي: مرحلة تأسيس الجماعات الإسلامية في الجامعة، مرحلة انقسام الجماعة الإسلامية الطلابية، مرحلة استقلال الجماعة الإسلامية، مرحلة بناء تنظيم مسلح، مرحلة تأصيل الفكر المسلح والكر والفر ضد الدولة، مرحلة مبادرة وقف العنف. الجماعة الإسلامية وثورة 25 يناير(كانون الثاني). ويخلص إلى أن الجماعة الإسلامية فقدت نتيجة للتحالف مع الإخوان بعض أبنائها الذين قتلوا في رابعة، وبعض قادتها الذين صعدوا على منصة رابعة وفروا في البلاد المختلفة وحكم عليهم بالإعدام، وبعضهم سافر إلى سوريا ليعيد تجربة أفغانستان وقتل هناك مثل رفاعي طه. وأهم ما خسرته الجماعة من التحالف هو ضياع جزء كبير من هيبة المبادرة في النفوس، وقيمة هذه التجربة الفريدة التي نقلت الجماعة إلى مربع السلمية، فجاءت تجربة التحالف مع الإخوان والمشاركة في رابعة وفي التظاهرات المتكررة بعد خلع محمد مرسي لتعيد الجماعة مرة أخرى إلى المربع صفر، لتحتاج مرة أخرى إلى مبادرة جديدة أكثر جرأة وتحولاً.

الجماعة الإسلامية في مصر: مستقبل غامض

يرى علي بكر، باحث مصري متخصص في شؤون الحركات الإسلامية، أن الجماعة الإسلامية تواجه احتمال الاضمحلال خلال بضعة سنوات قادمة، في ظل عدم وجود موارد بشرية جديدة، لا سيما وأنها قامت على أكتاف مجموعة من الشباب، الذين كانوا وقتها طلاباً في الجامعات المصرية، وهؤلاء حاليا هم شيوخ الجماعة، وهو ما جعلها تعرف وقتها في أوساط التنظيمات الأخرى بأنها «جماعة شبابية»، حيث إن جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين وغيرهما من الجماعات الأخرى في ذلك التوقيت كانت تعج بالشيوخ، وبالتالي فإن الجماعة بدون وجود العنصر الشبابي لن تتمكن من مواصلة طريقها، لا سيما في ظل الظروف الحالية والأزمات الطاحنة التي تواجهها، وعلى رأسها رفض الدولة المصرية بقاء الجماعة على وضعها الحالي، في ظل بطئها الشديد في تصحيح أخطائها الفكرية والتنظيمية، خصوصاً وأنه منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي حكم البلاد بعد انتخابات رئاسية صيف 2014، والعلاقة بين الجماعة الإسلامية والسلطات «مرتبكة وغير واضحة المعالم»، وهو ما كشفت عنه تصريحات القيادي السابق في الجماعة ناجح إبراهيم، بقوله: "لا الدولة منفتحة على الجماعة، ولا الجماعة في حالة حرب مع الدولة" ويشير إلى أن أزمة الجماعة ما بعد عزل الإخوان، تتمثل في خلل الرؤية، فقد كانت هناك رؤية قبل المبادرة، ترى علنية الدعوة وسرية التنظيم، والاستعلاء على المجتمع، ثم القفز على السلطة للتغيير الفوقي لكل الدولة، وبعد المبادرة تغيرت الرؤية فأصبحت انكفاء التنظيم على ذاته، ومحاولة إنقاذ أفراده بأي ثمن، ثم الانفتاح على المجتمع، وجعل الدعوة اتجاهاً فكرياً عاماً، والتغيير الاجتماعي للدولة من أسفل القاع، وليس من قمة السلطة للدولة. إن الجماعة الإسلامية ينتظرها مستقبل غامض، لا سيما العوامل السابقة تشير بقوة إلى أنها في طريقها للفناء والاختفاء من الساحة، ما لم يتدخل تنظيم ما لتعديل مسارها الفكري والتنظيمي.

العملية الشاملة (سيناء 2018) وتدفق المقاتلين الأجانب

يسعى منير أديب، باحث مصري متخصص في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي، في دراسته إلى تبيان دلالات استهداف العملية الشاملة للمقاتلين الأجانب، وأهميتها، وأهدافها وتأثيرها، حيث تُعد العملية الشاملة في (سيناء2018) من أهم العمليات ذات المهام العسكرية التي استهدفت الجماعات والتنظيمات الدينية المتطرفة في سيناء بعد 30 يونيو(حزيران) 2013، على الرغم من انطلاقها بعد هذا التاريخ بخمس سنوات كاملة، نجحت في تقليم أظافر الإرهاب في المحافظة الحدودية، وقطع خطوط الإمداد بين تنظيم "داعش" في مصر ورأسه في الخارج عبر المقاتلين الأجانب، الذين يمثلون أحد أهم خطوط الإمداد للتنظيم في الداخل. ويرى الباحث أنه على الرغم من شمولية العملية (سيناء 2018) العسكرية، فإنها عملية ممتدة ولن تنتهي إلا بانتهاء الهدف منها، والذي ما زال قائمًا حتى إعداد هذه الدراسة في 2019، والمتمثل في القضاء على الإرهاب من خلال تحجيم تدفق المقاتلين الأجانب والتحامهم مع التنظيمات داخل القطر المصري، وهو ما يُعطي قوة للتنظيمات المتطرفة في الداخل ويُصعب من فكرة مواجهتها. ويمثل نجاح العملية الشاملة الذي انعكس في القضاء على عدد كبير من العناصر الإرهابية وتدمير مخازن العبوات الناسفة، مع تدمير العديد من الأهداف التي تستخدمها العناصر التكفيرية في الاختباء، بداية انطلاق نحو الهدف النهائي المتمثل في التطهير الشامل من الإرهاب وضبط الحدود.

أثر "العملية الشاملة" في بنى الجماعات الإرهابية في مصر

درس أحمد الشوربجي، باحث مصري متخصص في الحركات الإسلامية، أثر العملية الشاملة في بنى الجماعات الإرهابية في مصر، واستعرض خريطة الجماعات الإرهابية في مصر بعد 2011، متناولا أبرز العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية، وأهدافها ونتائجها. كما يشير إلى انهيار تنظيم أجناد مصر وتنظيمات الإخوان الإرهابية. ويشير الباحث إلى أن الجيش المصري أدرك مبكرًا خطورة التنظيمات وتدفق العناصر الإرهابية إلى أرض سيناء، فاتخذ قرار المواجهة ووضع استراتيجية مدروسة ومنظمة للوصول للهدف، وقسم سيناء لـ(27) نقطة حسب تمركز التنظيمات الإرهابية، ثم استحدث قيادة موحدة لمنطقة شرق القناة لمكافحة الإرهاب، سميت «مركز العمليات الدائم بقطاع تأمين شمال سيناء»، ثم بدأت عملية التطهير وفقًا لهذا التقسيم نقطة ليحصره في النقطة التي تليها، فانتهى عام 2017 وقد استطاع الجيش أن يحرر (23) نقطة ويطهرها من التنظيمات الإرهابية، وجاءت العملية الشاملة استكمالاً لهذا المشروع الكبير، وفي نهاية العام المنصرم (2018) أعلن الجيش تطهير الأربع نقاط الباقية. تزامن مع ذلك وضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب داخل المدن وفي عمق الأراضي المصرية، فيما أطلق عليه «العملية الشاملة (2018)» بالإضافة لتأمين الحدود المصرية من الاتجاهات كافة، واستُعملت الطرق المتاحة للوصول إلى نوع من التعاون من قبل الدول أو الفاعلين على الحدود المصرية، فقطعت طرق الإمدادات اللوجستية، وضيقت الخناق على هذه التنظيمات بطريقة مدروسة وممنهجة، ونشطت أجهزة جمع المعلومات، فوجهت القوات ضربات قاتلة للقيادات والأفراد الفاعلين داخل هذه التنظيمات، واستهدفت القيادات في سيناء، فأثر ذلك على البنى التنظيمية لهذه الجماعات فتهاوت واختفت تنظيمات عدة فاعلة في العمق والداخل المصريين، مثل تنظيم «كتيبة الفرقان»، وتنظيم «أجناد مصر» وتقلص وجود التنظيمات الإخوانية «حسم»، و«لواء الثورة»، وانتهى وجود ما يقرب من (20) تنظيماً مسلحاً على أرض سيناء، وشلت حركة التنظيم الأكبر فيها والمعروف بــ«ولاية سيناء» وترهلت بنيته التنظيمية لفقده أكبر قيادات الصف الأول والثاني والثالث، وبالإضافة للعناصر المدربة الفاعلة، فقد خسر التنظيم سيطرته وانتهت أسطورة رعبه، وأصبح وجوده عبارة عن بعض العناصر الهاربة المحصورة في بؤر مشتتة، بعد أن فقدوا تمركزهم على الأرض تمامًا.

الكتاب: حواريون بلا نبي، التحولات الفكرية والتنظيمية لحركات الإسلام السياسي- محمد رمضان بشندي

قدم محمد الفقي، صحفي مصري متخصص في الحركات الإسلامية، قراءة في كتاب "حواريون بلا نبي، التحولات الفكرية والتنظيمية لحركات الإسلام السياسي لمؤلفه محمد رمضان بشندي"، يعرض فيها التحولات التي شهدتها جماعات الإسلام السياسي ككل، مركزا على جماعة الإخوان المسلمين في مصر، باعتبارها الجماعة الأكبر والأكثر تأثيراً في المجتمع المصري وفي الجماعات الأخرى. وأمام التناقضات والاعتماد على شعارات فارغة دون رؤية محددة وواضحة للإخوان، فإن هناك ثلاثة عوامل تحد من قدرة الجماعة على تحقيق طفرة فكرية وسياسية، وهي: ضعف تيار التجديد الديني داخل الجماعة، فضلاً عن عدم وجود موروث اجتهادي في إطار مشروع فكري كامل، وأخيراً معاناة الخطاب السياسي للجماعة من التردد والغموض، وفقاً لبشندي. يشدد الكاتب على سيطرة الطابع الجماعاتي على برنامج الإخوان ورؤيتهم، من خلال ارتباك في تحديد وظائف الدولة، لناحية الاستفاضة في إدراج وظائف كثيرة للدولة ليس في اختصاصاتها الأساسية. لم ينشغل الإخوان كثيراً بالتحولات الفكرية في هذه الفترة، ولكن الوصول للسلطة كان أكبر الاهتمامات، عبر تنظيم قوي، وللخروج مع حالة المواجهة الدائمة مع نظام مبارك التي بدأت في قضية سلسبيل 1992. لجأت الجماعة إلى المشاركة في انتخابات النقابات بداية من عام 1997 تحت شعار المشاركة لا السيطرة والاستحواذ، وفقا لبشندي. يوضح الكاتب أن النقابات كانت مجرد ستار للجماعة لممارسة أنشطة بعد انسداد العمل السياسي باعتبارها جماعة محظورة، فكانت مجالس النقابات التي يوجد فيها الإخوان تتسم بمعارضة النظام، دون التطرق للقضايا المهنية لكل نقابة. كما يحدد بشندي أبرز الأزمات التي دخلت فيها جماعة الإخوان ومحمد مرسي بعد وصوله للحكم كالتالي: غياب الأولويات في خطاب مرسي دون الاهتمام بقضايا المواطن المصري، والدخول في صدامات مع أطياف المعارضة السياسية، وغياب الرؤية لإصلاح الدولة والانصراف إلى التمكين للجماعة ولنفسه، وأزمة الوضع القانوني للجماعة والانصراف عن أنها جماعة محظورة دون محاولات لتقنينها، فضلاً عن الأزمات الأمنية والاقتصادية، هذا بخلاف الصدام مع المؤسسة العسكرية والأزهر والمثقفين.

قراءة في مؤشر الإرهاب العالمي 2018 (GTI)

قدم ياسين بوشوار، باحث مغربي في مركز باحثون للدراسات والأبحاث الاجتماعية –الرباط، قراءة في مؤشر الإرهاب العالمي 2018 (GTI، حيث يسلط في نسخته الضوء على نقاط التحول في المعركة ضد التطرف العنيف. المؤشر هو تقرير يُنشر سنويًا من قِبَل معهد الاقتصاد والسلام (IEP)، يُقدم المؤشر ملخصًا شاملاً للاتجاهات والأنماط العالمية الرئيسة في مجال الإرهاب على مدى السنوات العشرين الماضية. كما يقدم محاولة تصنيف دول العالم بشكل منْتظم، حسب درجة تردد النشاط الإرهابي. يجمع المؤشر بين عدد من العوامل المرتبطة بالهجمات الإرهابية لبناء صور واضحة عن تأثير الإرهاب في العالم، حيث يوفّر سلسلة من البيانات والمعلومات أمام الباحثين وصانعي السياسات. جاء التقرير مفصلاً في أربعة أقسام:

يُحلل القسم الأول نتائج التحولات الطارئة على الخريطة الإرهابية والجماعات الإرهابية خلال العام 2018. ويسلط الضوء على البلدان الأكثر تأثرًا بالإرهاب. ويستكشف القسم الثاني الاتجاهات العامة للإرهاب على مدى السنوات السبع عشرة الماضية. كما يناقش القسم الثالث التحولات التي شهدتها بعض الجماعات الإرهابية. ويطرح القسم الرابع الخصائص الفردية للإرهابيين وأنماط تجنيد المقاتلين. أما القسم الأخير، فيعرض مساهمات بعض الخبراء والأكاديميين والممارسين حول طرق فهم ومكافحة الإرهاب.