تطرّف العصبيات في لبنان: الدولة، الأحزاب، الإرهاب


يتناول الكتاب مؤشرات التعصّب والتطرف والتحديات التي تقف أمام الدولة ومؤسساتها في لبنان، فيركز على العصبيات وصراعاتها وسبل مواجهتها، والمخاطر الناجمة عن مشاريع تعزيز النزعات الانفصالية.

        تطرق الكتاب إلى الأحداث السورية (2023-2011) وتأثيرها في خطاب حزب الله الطائفي والمقاتلين في تنظيم داعش، آخذًا في الاعتبار وضعية  المقاتلين اللبنانيين في سوريا في ضوء القانون اللبناني. وعرض ملف الموقوفين الإسلامويين والسجالات حوله، والنفوذ التركي في طرابلس، وتأثيره في الجماعة الإسلامية التي دخلت بطور جديد بسبب تنامي نفوذ حزب الله وحركة حماس داخلها.


تم النشر في: July 2023


front171

قائمة الفصول


# اسم الكتاب سعر اشتري الآن
1 العصبيات الطائفية اللبنانية وصراعاتها والسبيل إلى نهايتها 45 د.إ
2 مشاريع الفيدرالية والتقسيم في لبنان.. صعود التطرّف وتداعياته 45 د.إ
3 استخدام التطرف للهيمنة: دور حزب الله في إثارة العصبيات 45 د.إ
4 المناسبات الدينية في عاشوراء عند حزب الله في لبنان: الشعائر، الجمهور، الأناشيد 45 د.إ
5 حزب الله والصراع السوري: تشابك المصالح وأبعاد الانخراط 45 د.إ
6 سوريا وإعادة تطييف الأصوليات اللبنانية: حزب الله وسلفيو لبنان 45 د.إ
7 الحراك النسائي المتطرف في لبنان (2011 - 2022) 45 د.إ
8 المقاتلون اللبنانيون في سوريا في ضوء القانون الجزائي الدولي وقانون العقوبات اللبناني 45 د.إ
9 الموقوفون بتهم الإرهاب في طرابلس.. قضيّة أمنيّة أَمْ سياسيّة؟ 45 د.إ
10 فرضيات المظلومية الطائفية وتبني الإرهاب الداعشي والانفصال 45 د.إ
11 هل تملك تركيا نفوذًا على سُنَّة طرابلس والكريتيين والماردينيين في لبنان؟ 45 د.إ
12 الجماعة الإسلامية في لبنان (2022-2010) 45 د.إ
13 مظاهرات (2020-2019) في لبنان والشعارات المناهضة للطائفية والتطرف 45 د.إ
ملاحظة: الدراسات متاحة فقط كملف تنزيل في إصدار PDF.

شرح الكتاب


ملخص بحوث العدد (199)

تطرّف العصبيات في لبنان: الدولة - الأحزاب – الإرهاب

يوليو (تموز) 2023

 

دبي

يتناول الكتاب مؤشرات صعود التعصّب والتطرف والهُويّات الفرعية، والتحديات الجديّة التي تفرضها أمام الدولة ومؤسساتها في لبنان، في ظل بروز تنظيراتٍ سياسية تستعيد مشاريع الفيدرالية الموسَّعة. فيدرس العصبيات الطائفية والنزعات الانفصالية المتباينة، من أقصى الحالات الإسلاموية الداعشية المتجددة، إلى طروحات «الانفصالية المدنية» الراهنة، مناقشًا آلية توظيف التطرف لتبرير الهيمنة الحركية على الطوائف، عبر إعادة هندسة المجتمع لاستدامة الصراع، واستغلال الأزمة الإقليمية للتطبيع مع تنامي النفوذين الإيراني والتركي في لبنان.

العصبيات الطائفية اللبنانية وصراعاتها والسبيل إلى نهايتها

عالجت دراسة مصطفى حجازي، الباحث والأكاديمي اللبناني وأستاذ علم النفس في معهد الدكتوراه في الجامعة اللبنانية، صراع العصبيات الطائفية اللبنانية وحللت سيكولوجيتها؛ أي بنيتها وآليات اشتغالها، وبحثت في احتدام هذا الصراع وأخطاره المستقبلية؛ وتنتهي بخلاصة ورؤية حول كيفية الخروج منها.

تكشف الدراسة عن قضيتين أساسيتين حول مسألة العصبية في لبنان: تتمثل الأولى في أن لبنان وصراعاته الطائفية ليس فريدًا من نوعه، وإنما هناك -راهنًا- العديد من الحالات المشابهة، لا تتخذ بالضرورة طابعًا طائفيًّا، وإنما قد تتخذ طابعًا مذهبيًا أو إثنيًّا، كما هو الحال في العراق، أو هي تتخذ طابعًا قبليًّا أو جهويًّا، كما هو الحال في ليبيا. أما القضية الثانية فتتمثل في أن طرح صراع العصبيات الطائفية اللبنانية، راهنًا ومنذ تأسيس دولة لبنان الكبير سنة 1920، يكشف المسكوت عنه في بنى العديد من المجتمعات العربية؛ إذ تتكاثر الكتابات عن أمثال هذه الصراعات محليًّا وعربيًّا، بدون الإضاءة على بناها العميقة: إنها صراعات عصبية في الأساس، ولو اختلفت الحدة والتلاوين: طائفيًّا بين المسيحيين والمسلمين ومذهبيًّا بين السنة والشيعة، وإثنيًّا بين عرب أكراد وعرب أمازيغ وسواها.

جاءت الدراسة في خمسة أقسام: أولاً: المقاربة المنهجية في فهم الواقع؛ ثانيًا: سيكولوجية العصبيات؛ ثالثًا: بنية لبنان الكيانية الملغمة عصبيًا؛ رابعًا: تفجر الصراعات الطائفية العصبية اللبنانية؛ خامسًا: احتدام صراع العصبيات الطائفية منذ 2011.

يخلص الباحث إلى أن أمام لبنان فرصتين: أولاهما بناء مشروع إنتاجي وطني كبير يقوم به الجميع، ويكون من أجل الجميع، بحيث يتحول الولاء من التبعية للعصبيات إلى الانتماء للوطن الجامع. ويشير إلى أمثلة: الغرب الصناعي واليابان على رأسها، ومن ثم ماليزيا وسنغافورة وبقية النمور الجدد. كلها كانت بلاد عصبيات وحكم إلهي وطوائف وإثنيات، ولكنها أنجزت التحول من خلال الانخراط في المشروع الإنتاجي الوطني الكبير. كما كانت سنغافورة بؤرة للفساد والانحطاط والرشى، وأتى لي كوان يو (Lee Kuan Yew) (1923-2015) فحولها إلى أكثر المدن والدول تقدمًا، وهي تتبوَّأَ أعلى المداخيل الفردية عالميًّا. بدأ مشروعه بالتعليم حيث خصص له نصف ميزانية الدولة، وأعطى المعلم مكانة الوزير وحصانة السفير، طالبًا من المعلمين إعداد جيل يتمتع بقوة المعرفة، وهي في أساس القوى العسكرية والسياسية والتقنية، في عالم يحكمه قانون القوة.

أما الفرصة الثانية، فتتمثل في خوض غمار الحضارة الرقمية التي سوف تغير الإنسان والحياة على سطح كوكبنا. وهي نقلة أصبحت ملحة وملزمة حتى لا نسقط في التبعية الكاملة، بل العبودية للتقنيات الرقمية ومالكي زمامها. وهنا أيضًا لبنان قادر ولديه الإمكانات، إذا توافرت القيادة والإرادة لإنجاز المشروع النهضوي الفعلي ولعب الدور والشراكة، وبالتالي احتلال المكانة.

مشاريع الفيدرالية والتقسيم في لبنان.. صعود التطرّف وتداعياته

تناولت دراسة زهير حطب -أكاديمي وباحث لبناني في علم الاجتماع- السجالات السياسية اللبنانية حول نظام الحكم في لبنان، المتفاقمة في العشرية الأخيرة، على خلفية الأزمات السياسية والاقتصادية، فترصد الدعوات إلى إقامة نظام حكم فيدرالي ظهر لثلاثة عوامل أساسية: تنامي قلق الطوائف على وجودها وموقعها في الحكم، تفاقم فائض القوة عند «الشيعية السياسية» ورهاناتها المحلية والإقليمية، وعجز النظام السياسي الحالي عن حل الأزمات.

قُسِّمت الدراسة إلى ستة أقسام: أولاً: أنظمة الحكم في لبنان: صراع لا ينتهي بين الطوائف، تناول فيه تقسيم الجبل أو القائمقاميتين 1843 - 1861 ونظام المتصرفية 1861 – 1918، ومرحلة الانتداب الفرنسي وإعلان دولة لبنان الكبير، ومرحلة الاستقلال. ثانيًا: تداعيات النظام السياسي في لبنان وأزماته الراهنة، تناول فيه حلقات العنف وأشكال الأزمات وتمثلاتها في مختلف الميادين وانتظام الحكم في لبنان. وفي القسم الثالث تناول أشكال أنظمة الحكم. وفي القسم الرابع درس نشأة الفيدرالية وشروط قيامها. وفي القسم الخامس رصد المشاريع البديلة لنظام الحكم في لبنان، وحددها في أربع مجموعات، المجموعة الأولى: "مشروع لبنان للحياة"، المجموعة الثانية: "جمهورية لبنان الاتحادية"، المجموعة الثالثة: تطبيق اتفاق الطائف، المجموعة الرابعة: إعادة إنتاج النظام السياسي الحالي. أما في القسم السادس، فقدم مقاربة تحليلية لهذه المشاريع مناقشًا طروحاتها من خلال: التداخل السكاني الطائفي ومصير المناطق المختلطة، ومدى السيادة الوطنية والتدخّل الخارجي لصالح الطوائف، ودور تقاسم السلطة في اختلال التوازن الطائفي، والمعوقات الجوهرية التي تمنع الفيدرالية، ونقاط التفاوت في الإمكانات الاقتصادية وجباية الضرائب والرسوم بين المناطق، بالإضافة إلى المواقف حيال المشاريع المطروحة.

يخلص الباحث إلى أن طبيعة تركيبة لبنان السكانية، تقتضي نظامًا دستوريًّا جامعًا لا موجبًا للتجزئة والتفكيك، فإذا لم يؤدِّ اعتماد الفيدرالية إلى قيام فيدرالية مركزية أقوى من الدولة المركزية السابقة، فإنه لا جدوى من تطبيقها. إنَّ تطبيق الفيدرالية سوف يكون على حساب تفتيت نظام الدولة الموحدة، أي نظام الدولة البسيطة. يمكن بسهولة تلّمس تطرف المتداخلين عندما يُعطي الواحد منهم نفسه الحق في إطلاق الأحكام المسبقة والاستنتاجات، ويكيل التهم للطرف الآخر، دون إثبات مستمد من واقعٍ أو من علمٍ أو من وقائع جرت في الماضي، نجمت عنها ذيول كارثية. وأنَّ معظم المعالجات كان أصحابها ينطلقون من أنهم وحدهم يمتلكون الآراء الصحيحة التي لا تحتمل الخطأ، بل يبنون عليها التحذيرات والتهديد، ويرسمون أبشع النهايات في حال لم يتم الاقتناع بمواقفهم وتأييدها. وهم ينطلقون على الدوام من سوء الظن وعدم التقدير لكل ما يصدر عن الآخرين، وبذلك يوصدون أبواب النقاش الهادئ حول مواضيع حساسة تتطلب التبصّر والتفكير الرصين من أجل إقناع الآخرين لا الفرض عليهم، ومقارعة المشكّكين والمتسرّعين بأمثلة عن حالات معروفة ومتداولة، عن أشكال وأنواع الصدامات التي نشأت بين سكان المناطق في جبل لبنان وغيره، خلال حقبات حكم القائمقاميتين أو المتصرفية. ويرى أنّ أفضل سبيل لطرح موضوع الفيدرالية في لبنان، يتمثّل بتوسيع قاعدة المعرفة والوعي وتبادل المعلومات عن نتائج ميدانية مستّمدة من تجارب مجتمعات مشابهة، والتوجه نحو البحث لاجتراح حلول فعّالة تتناسب مع المعطيات اللبنانية ومسارات الحكم، في الفترات والعهود التي نجحت في إرساء انتظام مجتمعي مستقر. ومن جهة ثانية أكّدت معظم المواقف أنَّ معايير إنشاء الفيدرالية غير متوافرة في الحالة اللبنانية، من مثل تطبيق سياسة خارجية واحدة، واحتكار الدولة الفيدرالية للعلاقات الدبلوماسية مع الخارج.

اتضح للباحث أنه مهما كانت صيغة المشاريع دقيقةً، ومشغولةً بعناية، فإنه يغلب على تصور الجانب التطبيقي منها، طابع الإبهام وعدم الوضوح، وضعف تصوّر التداعيات المرتقبة، وتبسيط الأمور مثل قول أصحابها: «بدنا خدمات وما بدنا سياسة» علمًا أنَّ كل ما هو مطروح لا يخلو من السياسة، وبالأخص عند تعيين الحدود الجغرافية الفاصلة بين كانتون وآخر. ويرى أنَّ أي شكلٍ لفيدرالية يُمكن أن تؤدي إلى انعكاسات ونتائج تطيح بالاستقرار على الأرض، هو نموذج فاشل لا يصلح للتطبيق في لبنان أو غيره، لأنَّ أضراره تكون أكبر من حسناته وإيجابياته.

استخدام التطرف للهيمنة: دور حزب الله في إثارة العصبيات

تتناول دراسة منى فياض -باحثة وأكاديمية لبنانية، أستاذة علم النفس في الجامعة اللبنانية- تأثير نفوذ حزب الله في لبنان على تصاعد التطرف وإثارة العصبيات الطائفية، وتأخذ بالاعتبار العوامل الأخرى المؤدية لذلك، لا سيما منذ سنة 2005. تركز الدراسة على التناقضات التي سببها الحزب بسبب سياساته المؤدية إلى بروز الدويلة وازدواجية السلطة العسكرية والانقسام المذهبي، مقابل تصاعد قوته المحلية والإقليمية، التي دفعته لاعتماد أساليب عدة في مناوءة معارضيه بينها التنكيل السياسي.

جاءت الدراسة في خمسة أقسام: أولاً: دور الأحزاب في صناعة التأزّم الطائفي. ثانيًا: حول النظام ونشأة الدولة وطموحاتها المُعطَّلة. ثالثًا: دور حزب الله في الوضع الراهن. رابعًا: الدويلة وازدواجية السلطة العسكرية واحتكار المظلومية. خامسًا: إثارة التعصب والتنكيل السياسي.

خلصت الباحثة إلى أن إيران تحاول الإمساك بورقة لبنان، الذي تحول إلى نقطة ارتكاز لنفوذها عبر هيمنة حزب الله على مفاصل الدولة، فتسعى بكل الطرق للحفاظ على هذا النفوذ وعدم التفريط فيه؛ وهكذا يجد لبنان نفسه في مأزق متعدد الأوجه. وفي المحصلة، بما أن حزب الله لم يتمكن من وضع يده على مقدرات لبنان واللبنانيين إلا بتواطؤ وتهاون الطبقة السياسية، بجميع مكوناتها وطوائفها، فلا يمكن أن يكون الحل إلا باتخاذ الخطوات المضادة التي يمكنها أن تستعيد سيادة لبنان واستقلاله وحماية الدستور والقوانين، خصوصًا الحريات. وبما أن المشكلة ليست بتغيير النظام، على ما هو شائع في التداول اليومي، بل بتغيير السياسات، فالمطلوب تخلي المسؤولين الحاليين، أو بعضهم على الأقل، عن أولوية الحفاظ على مصالحهم الأنانية، لصالح تبني سياسات وطنية تتحرر من السياسات التي تفرضها هيمنة السلاح، وتعتمد الشفافية ومحاربة الفساد وتطبيق السياسات النقدية والمالية، التي تمكن الاقتصاد اللبناني من استعادة عافيته، باعتماد مطالب صندوق النقد الدولي. رأت الباحثة أنه إذا ما عجزت هذه الطبقة، مجتمعة -على الرغم من ضغوط المجتمع الدولي- عن القيام بما يتوجب عليها، وهو المرجح، فليس على القوى المعارضة سوى أن تتجمع لكي تنشئ جبهة مواجهة وطنية عابرة للطوائف، تنسق مع كل من يبدي استعداده لمقاومة هيمنة الحزب وسلاحه الإيراني، وتدعو إلى البدء بحركة إصلاح شاملة.

المناسبات الدينية في عاشوراء عند حزب الله في لبنان: الشعائر، الجمهور، الأناشيد

تتناول دراسة علي خليفة -أستاذ التربية على المواطنية في الجامعة اللبنانية، وباحث مشارك في مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنيّة في لبنان- توظيف حزب الله في لبنان للشعائر الدينية مثل ذكرى مراسم عاشوراء، إذ تصبح حمّالة لأبعاد سياسية، وثقافية واجتماعية؛ ولا يمكن اقتصارها على البعد الديني. تفرد الدراسة بالتفصيل مساحةً لذكر الشعائر، التي يمارسها اليوم حزب الله في لبنان وجمهوره، طيلة فترة أربعين يومًا.‎

وتقسم الدراسة إلى أربعة أقسام: أولاً: مظاهر وافدة من إيران لإحياء عاشوراء والموقف منها قبل نشوء حزب الله. ثانيًا: الشعائر كما يمارسها حزب الله وجمهوره في لبنان، ويحدد جوانب منها: مجلس العزاء والبكاء المتضمن لذكر المصيبة والرثاء، ومواكب العزاء واللطم والسلاسل، والحسينيات في الأماكن العامة، والتعزية أو تمثيل الواقعة أو التشابيه، متسائلاً عمّا يميّز الزيارة والدعاء والأعمال الخاصة بجمهور حزب الله. أما القسم الثالث فحمل عنوان: اللاعقلانية في خطب عاشوراء: المنهج التربوي الخفي، وفيه يعرض ويحلل محتوى الخطبة. أما رابعًا: من النشيد الوطني إلى "سلام يا مهدي".

يرى الباحث أن بعض طقوس عاشوراء في بعدها السياسي والديني تبرز وكأنها تفتح صراع الهويات الدينية/ الطائفية، أو هي تجسيد حقيقي لذلك الصراع ومتعلقاته السياسية. فممارسة طقس يبرز الهوية، مسألة تثير الجدل باعتبارها تحمل دالّة الحضور، فالهوية حاضرة قوية صامدة، وإن لم تفعّل ضد هوية الآخر، أو حتى إن لم تتضمن عملًا واضحًا بهذا المعنى، خصوصًا في أيام عاشوراء. ويشدد الباحث على أن الحضور الطاغي للهوية الشيعية في ممارسات الطقس يستفزّ، لا من جهة أن الطقس يحوي مصادمة للهوية الأخرى بالضرورة، كأن يتضمن تعريضًا بثقافة الآخر ورموزه، وممارسات الطقوس العاشورائية غير معنية بهذا الصدام ولا تتقصّده، بل لأن حضور الطقس هو حضور لثقافة منافسة، لرؤية دينية مختلفة، يرى البعض أن لا حق لها بالعيش، ولا حق لها بالتعبير عن نفسها. لافتًا إلى أنها تبدو ممارسة الطقس على طرفي نقيض من حيث النظر إليها: هي استعلان للهوية، واستقواء على الهوية المنافسة.

حزب الله والصراع السوري: تشابك المصالح وأبعاد الانخراط

تتناول دراسة عبدالمنعم علي -باحث مصري متخصص في الشؤون الإفريقية- دخول حزب الله اللبناني في الصراع السوري منذ سنة 2013، فتركز على العوامل التي تقف وراء هذا التدخل العسكري في سوريا وانعكاسه على الداخل السوري.

جاءت الدراسة في خمسة محاور: أولاً: أهداف ومصالح تدخل حزب الله في سوريا. ثانيًا: تدخل حزب الله في سوريا منذ 2011. ثالثًا: الاستراتيجية العسكرية لحزب الله في سوريا. رابعًا: استراتيجية حزب الله في المعادلة الطائفية السورية منذ 2011. خامسًا: حزب الله والتغيرات الديمغرافية في سوريا منذ 2011.

يؤكد الباحث أن تدخل حزب الله في الصراع السوري جاء متسقًا مع الارتباط الأيديولوجي والجغرافي والأبعاد السياسية والعسكرية المشتركة للنظامين السوري والإيراني، وقد وظّف ذلك الصراع لخدمة مصالحه السياسية في لبنان، وعمل على تطوير مشروعه، وتغيير استراتيجية المواجهة مع إسرائيل عبر الصراعات المفتوحة العابرة للحدود الوطنية، فمنذ بداية الأحداث في سوريا سنة 2011 أطلق الحزب حملة إعلامية داعمة للنظام السوري. لعب الحزب دورًا مهمًا في التغيير الديموغرافي في المدن الاستراتيجية السورية، وأسس ميليشيات مُسلحة تابعة له، ساهمت في نهاية المطاف في تمكين وتعزيز النفوذ الإيراني لضمان استمرارية النظام السوري وعدم زعزعة الترابط بينه وبين سوريا وإيران.

سوريا وإعادة تطييف الأصوليات اللبنانية: حزب الله وسلفيو لبنان

تعالج دراسة الباحث السوري حمّود حمّود، تعاطي مثالين لبنانيين مع الأزمة السورية ومساهمتهما في إعادة هيكلة وتطييف الطوائف اللبنانية، وفق حدود جديدة، فرضتها أطراف الصراع في سوريا على لبنان. قسمها إلى قسمين: أولاً: الطائفية-الأصولية. ثانيًا: حزب الله اللبناني... «سوريًا» وسياسة ما وراء الدولة.

يرى الباحث أنه على الرغم من أن سلفيي لبنان قد ساهموا في نقل أبعاد الصراع السوري إلى البلد، الأمر الذي تجسد في كثير من أعمال العنف الطائفية التي شهدتها مناطق لبنانية بحجة الدفاع عن السنة، فإنهم أثبتوا فشلهم في ذلك، لا بل أثبتوا طفولة أصولية لا تقارن بتلك الأصولية الطائفية التي يمارسها حزب الله، والذي قدمت له الأزمة السورية ولادة إقليمية جديدة، نقلته إلى موقع استراتيجي أكثر استطالة في المنطقة، الأمر الذي ساهم في زيادة قبضته على لبنان، تلك القبضة التي تسندها إيران من ورائه.

لقد أثبت حزب الله -كما يشدد الباحث- قدرته على التمنع عن التلوّن بلون واحد، بل وقدرة الحزب على امتصاص التناقضات الأيديولوجية والسياسية المتعددة بالوقت نفسه، وتحديدًا التناقضات بين أهدافه الجهادوية الطائفية، وبين التحالفات السياسية التي يقيمها مع أطراف سياسية، لا تقاسمه هذه الأهداف الدينية، بيد أنها تقاسمه المحافظة على الخراب السياسي وغياب الدولة. إن غياب الدولة، بل وعدم الاعتراف بشرعيتها هو أهم ما يجمع السلفيين الطائفيين السنة مع أشقائهم من أصوليي حزب الله. وللأسف، فإن هذه الأصوات الأصولية، المدفوعة طبعًا بثقل الصراعات السورية التي تلبس الكثير منها بأثواب الطوائف، هي التي استطاعت نقل جزء كبير من الصراعات الإقليمية إلى لبنان، كما رأينا، الأمر الذي ساهم في تعزيز تغييب مشروع الدولة في لبنان، وهو الغياب الذي يجسد البنية العميقة التي يستقي منها الأصوليون استطالاتهم في الخراب. وما الطائفية-الأصولية لسلفيي لبنان وأصوليي حزب الله سوى مثال على هذا.

الحراك النسائي المتطرف في لبنان (2011 - 2022)

تعرض دراسة الباحثتين اللبنانيتين مايا يموت ونانسي يموت التطرف النسائي الإسلاموي في لبنان عند المنتميات إلى تنظيم داعش وحزب الله، وترصد تداعياته وانعكاسه على المجتمع اللبناني. تقسم الباحثتان الدراسة إلى ثلاثة أقسام: أولاً: التطرف الإسلاموي الداعشي منذ سنة 2011. ثانيًا: نشاط حزب الله العنيف منذ بداية 2011. ثالثًا: آليات التجنيد.

تخلص الدراسة إلى أن التطرف لا يميِّز بين الرجل والمرأة، وإن اختلفت أدوارهما، حيث إن أدوار النساء لدى حزب الله والتنظيمات السنية الإسلاموية، لها تأثير في محيطهن. إن دراسة التطرف النسائي مجال له أهمية كبيرة، ومن المفيد إجراء المزيد من الأبحاث لرصد أسباب انضواء النساء في التنظيمات الإسلاموية، بهدف الكشف عن طرائق التفكير وأساليب التأثير الأيديولوجي والقدرة على التجنيد.

المقاتلون اللبنانيون في سوريا في ضوء القانون الجزائي الدولي وقانون العقوبات اللبناني

تبحث دراسة الباحثة القانونية اللبنانية مها مهدي في المسؤولية الجزائية لحزب الله واللبنانيين المنضوين في تنظيم داعش، وتجيب عن إشكاليات عدة: هل ثمة انتهاكات مرتكبة من قبل هذه الجماعات للقانون الدولي الإنساني في سوريا؟ وهل بالإمكان مساءلتهم استنادًا إلى قانون العقوبات اللبناني؟ وهل اللجوء إلى الاختصاص الجنائي الدولي هو الوسيلة الأفضل للمساءلة.

تقسم الباحثة دراستها إلى أربعة أقسام: أولاً: المقاتلون الأجانب والنزاع السوري. ثانيًا: التكييف القانوني للنزاع في سوريا. ثالثًا: انتهاكات القانون الدولي الإنساني من الأطراف المتنازعة. رابعًا: المسؤولية الجزائية لحزب الله وتنظيم داعش عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني.

رأت الباحثة أن من شأن توجه الضحايا إلى الدول الأوروبية، تعزيز مبدأ الولاية القضائية العالمية، مما يشكل أداة رئيسة لضمان منع الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، ويشكل تصديًا فاعلاً للثغرات السائدة التي تسبب الإفلات من العقاب، والمضي قدمًا نحو المساءلة عن الانتهاكات الخطيرة التي ترتكب خارج حدود الدول. وتؤكد أن الجرائم الدولية ما زالت تثير قلق المجتمع الدولي بأسره، لذلك يُقتضى أخذ تدابير على الصعيد الوطني، وتعزيز التعاون الدولي، وعقد العزم على وضع حد لثقافة الإفلات من العقاب، من خلال قيام كل دولة بممارسة ولايتها القضائية الجنائية على أولئك المسؤولين عن ارتكاب جرائم دولية، وإن الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، هو أول الخطوات التي من شأنها تعزيز المساءلة.

الموقوفون بتهم الإرهاب في طرابلس.. قضيّة أمنيّة أَمْ سياسيّة؟

تتناول دراسة أمين قمورية، -باحث ومحلل سياسي لبناني- «ملف الموقوفين الإسلامويين» في السجون اللبنانية وتدرس الخلفية السياسية والاجتماعية للتطرفهم، لا سيما من ينتمي منهم إلى مدينة طرابلس في شمال لبنان. تركز الدراسة على السجالات المثارة، منذ أكثر من عقدين بين الأحزاب اللبنانية، حول الإسلامويين، الموقوف عدد كبير منهم بتهم الإرهاب، فتبرزها وتحدد خلفياتها.

يقسم الباحث الدراسة إلى ثلاثة أقسام: أولاً: محددات تطرف الطرابلسيين من الموقوفين في السجون اللبنانية. ثانيًا: إشكاليّة قانون العفو. ثالثًا: تيّار المستقبل وما بعده.

يلفت الباحث إلى أن بقاء جزء من المعتقلين الإسلامويين دون محاكمة هو تحدٍّ رئيسٍ آخر للدولة اللبنانيّة. ومن شأن عدم وجود آليّة متماسكة لتصنيف السجناء وفق جرائمهم، أن يساهم في انتشار الأيديولوجيّات السّلفيّة المتشدّدة في السّجن، ذلك أنّ صغار تجّار المخدّرات واللصوص والمتّهمين بِجُنح، يمتزجون في الزنزانات مع قادة وعقائديّي الجهادوية.

ثمّة خطورة بأنّ هذا الدمج المترافق مع أشكال الإهانة أو الظّلم، يمكن أن يؤدّي إلى ظهور خلايا جديدة قد تعجز الأجهزة الأمنيّة عن متابعة نشاطها بالكامل. وإذا كان الإصرار على إبقاء المشتبه بهم في السّجون من دون محاكمة، يريد البعض من ورائه إبعاد هؤلاء عن الشارع والمشاركة في العمل التنظيمي المباشر، فإن تجربة السّجون والاعتقال التعسّفي في العراق وأفغانستان، شكّلت بالنسبة للكثير من المعتقلين «جامعات» جهادويّة ضاعفت من الظاهرة في المرحلة التي تليها. وإذا لم يتخرّجوا إرهابيين، يمكن أن يتخرّجوا مجرمين خطيرين من الطراز الرّفيع.

فرضيات المظلومية الطائفية وتبني الإرهاب الداعشي والانفصال

تتناول دراسة محمد علوش -أكاديمي وباحث لبناني في الجماعات الإسلاموية- محاولات الانفصال الحركية الإسلاموية في لبنان، وتركز على نماذج في مدينة طرابلس (منذ الثمانينيات) والمخيمات الفلسطينية. ترى الدراسة أنه من خلال فهم جذور وأسباب الحركات الإسلاموية المتطرفة في لبنان، يمكن تحديد العوامل المؤدية إلى نمو هذا النوع من التطرف، وتطوير استراتيجيات لمواجهته وتقليل تأثيره. يسعى الباحث في دراسته إلى فهم أفضل للتأثيرات الخارجية المؤثرة في الحركات الإسلاموية المتطرفة في لبنان، والتي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الصراعات والتوترات في المنطقة. تركز الدراسة على ثلاثة نماذج رئيسة: حركة التوحيد الإسلامي في طرابلس في الثمانينيات من القرن المنصرم، وتنظيم فتح الإسلام الإرهابي في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، والحركات الجهادوية في المخيمات الفلسطينية.

جاءت الدراسة في أربعة أقسام: أولاً: محاولات الانفصال الحركية الإسلاموية في لبنان. ثانيًا: التيارات الجهادوية اللبنانية؛ (حركة التوحيد الإسلامي، ومجموعة الضنية، وكتائب عبدالله عزام، والتيارات الجهادوية في المخيمات الفلسطينية). ثالثًا: الاضطرابات في العراق وسوريا. رابعًا: المزاج الغاضب من الواقع السياسي وظهور التطرف.

يشدد الباحث على أن التعاطي مع ظاهرة الإرهاب في لبنان من خلال بعدها الأمني فقط، قد يجدي نفعًا في المستويات الزمنية القريبة، إلا أنه على الأرجح سيعجز عن احتوائها على المستويين: المتوسط والبعيد. يتوجب على الحكومة اللبنانية أن تجد طريقة لتحقيق التوازن؛ بين مصالحها الأمنية، والتزاماتها في مجال حقوق الإنسان. ويجب عليها معالجة الأسباب الجذرية للتطرف، مثل الفقر والبطالة ونقص التعليم، وعليها أن تجد طريقة للتعامل مع قضية المعتقلين الإسلامويين بدون محاكمة.

هل تملك تركيا نفوذًا على سُنَّة طرابلس والكريتيين والماردينيين في لبنان؟

تحلّل دراسة يغيا تاشجيان (Yeghia Tashjian) -محلّل وباحث سياسي لبناني أرمني- العوامل السياسية التي دفعت تركيا إلى تعزيز نفوذها في لبنان عبر القوة الناعمة، في سياق الأعمال الإنسانية والتعبئة السياسية في الغالب، وتقيِّم التحدّيات الرئيسة الناجمة عن ذلك، في الإطار الطائفي اللبناني. تراجع الدراسة الأدبيات السابقة وتتناول خلاصات الخبراء بشأن القوة الناعمة التركية ونفوذها السياسي في الطائفة السنّية، وتحاول الإجابة عن إشكالية أساسية: هل تسعى تركيا إلى أن يكون لها نفوذ على الطائفة السُنية في طرابلس وعلى الكريتيين والماردينيين؟

قُسِّمت الدراسة إلى أربعة أقسام: أولاً: النقاشات والجدالات الرئيسة. ثانيًا: الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للجاليات التركية في لبنان. ثالثًا: هل تشكّل الجاليات التركية في لبنان أداة لسياسات القوة الناعمة لتركيا؟ رابعًا: التحليل: التعبئة السياسية والطموح الاقتصادي؛ بدءًا من الأعمال الإنسانية إلى التعبئة السياسية، بالإضافة إلى الطموحات الجيواقتصادية والمنافسة الجيوسياسية على شرق البحر المتوسّط.

يخلص الباحث إلى أنه على الرغم من السياسة الخارجية «الاستباقية» لتركيا تجاه لبنان، وجهودها في تمكين شرائح من الطائفة السنّية (التركمان والجالية التركية والمنظمات أو الأفراد المؤيّدون لتركيا بالدرجة الأولى)، نفهم مما تقدم أن أنقرة واجهت العديد من التحدّيات فيما يتعلّق بالاستفادة من هذه السياسة. وعلى الرغم من جهود أنقرة لتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للتركمان واللبنانيين من أصل تركي، يتفق معظم الباحثين الذين اعتمدنا عليهم في هذه الدراسة، على أن القيادة التركية تواجه تحدّيات في الاستفادة من هذا الاستثمار السياسي، إذ فشل التركمان حتى الآن في الحصول على مناصب سياسية مؤثّرة في لبنان. بل إن القيادة السنّية التي تميل إلى تعزيز علاقاتها التقليدية مع المملكة العربية السعودية، بدلًا من تركيا، همّشت هذه المجموعة. من ناحية أخرى، نجحت تركيا في بناء قاعدة مؤيّدة عند التركمان، للمشاركة في التجمّعات أو الفعاليات الدعائية أو ردود الفعل على الأحداث أو التطوّرات التي قد «تهدد» مصالح تركيا في لبنان. وتشكّل الهجمات المدعومة من تركيا على مذيع تلفزيوني أرمني والفعاليات المؤيّدة للأرمن جزءًا من السياسة التركية لتعزيز موقعها في لبنان. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الأقليات اللبنانية لا تزال تتقاسم ذكريات مؤلمة ونظرة معادية -في الغالب- للعصر العثماني، وهو ما يضيف مزيدًا من القيود على مقدار مشاركة السياسة الخارجية الاستباقية التركية في لبنان. أخيرًا، من القيود الأخرى المنافسة الجيوسياسية الشرسة على موارد الطاقة في شرق البحر المتوسّط بين تركيا ومنافسيها الإقليميين، لا سيما فرنسا. وسيحدّد المحور الذي سيختار لبنان الانضمام إليه في المستقبل، السياسة الخارجية لتركيا في البلاد ويؤثّر فيها، وربما يعرّض تركيا لمزيد من القيود أو يعمّق تعاونها مع الطائفة السنّية.

الجماعة الإسلامية في لبنان (2010 - 2022)

تتناول دراسة عفيف عثمان -أكاديمي وباحث لبناني في الفلسفة- حال الجماعة الإسلامية في لبنان، منذ تأسيسها سنة 1964 بتأثير مباشر ورعاية من تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، وتعرض كيفية تعاطيها مع الوقائع اللبنانية والتحولات في الإقليم بين عامي (2022-2010) وتناقش تأثير انتخاب محمد فوزي طقوش، أمينًا عامًّا جديدًا لها سنة 2022، بوصفه مؤشرًا على دخولها مرحلة جديدة.

يُقسم الباحث دراسته إلى خمسة أقسام: أولاً: من دعاة إلى "جنود". ثانيًا: نشأة الجماعة الإسلامية. ثالثًا: فتحي يكن: المراوحة بين الداعية والسياسي. رابعًا: تسلل أفكار قطب والمودودي. خامسًا: الجماعة في طور لبناني جديد.

يرى الباحث أن إعلان الجماعة الإسلامية في لبنان عن «وثيقة وطن» المُعلنة سنة 2017، حيث تتواتر عبارات المواطنة والدولة الدستورية والشراكة، لا يعني أنها في مرحلة «ما بعد الإسلام السياسي» التي نظَّر لها آصف بيّات، بمعنى وقوع تحولات داخلها وفي أفكارها ومقاربتها وممارساتها، فهي لم تنجح في توكيد حضورها خارج البيئة السنية اللبنانية الضيّقة، ولم تنجح في الفصل بين العمل الدعويّ والسياسي، وبقيت أسيرة الخطاب الإخواني بنسخته القديمة، كما اصطدم خطاب الجماعة بوقائع «السوسيولوجيا» (الجماعاتية والطائفية، والعشائرية) وهي أعند من «أوهام الأيديولوجيا»، كما يقول عبدالغني عماد.

مظاهرات (2019 - 2020) في لبنان والشعارات المناهضة للطائفية والتطرف

تناولت دراسة فادي نصّار -باحث وأستاذ في معهد العلوم الاجتماعية، الجامعة اللبنانية- مآلات المظاهرات في لبنان بين عامي (2020-2019) المعروفة بــ«انتفاضة 17 تشرين»، وسعت للإجابة عمّا إذا تمكَّنت من تخطي الانقسام الطائفي، وهل كانت مظاهرات سلمية مناهضة للتطرف وساعية للتوافق بين اللبنانيين على أسس جديدة؟

يقسم الباحث دراسته إلى ستة أقسام: أولاً: انطلاق الانتفاضة واتساعها. ثانيًا: أسباب الانتفاضة ومكوِّناتها. ثالثًا: شعارات الانتفاضة. رابعًا: موقف القوى السياسية من "انتفاضة 17 تشرين". خامسًا: المرحلة الثانية من الانتفاضة. سادسًا: أخطاء 17 "تشرين".

يخلص الباحث إلى أن الانتفاضة أزالت لفترة معينة الكثير من الحواجز الطائفية بين المواطنين اللبنانيين، إلا أن تعثرها وانقساماتها وشعبوية بعض الشعارات التي رفعتها، والانهيار المخيف في الأوضاع الاقتصادية، وجملة من العوامل الداخلية والخارجية، لم تمكِّنها من الصمود أمام القوى السياسية المتمرسة. ويعود ذلك -إلى حد كبير- للاستقطاب السياسي- الطائفي الحاد في الساحة اللبنانية. في المقابل، لم تتمكن السلطة إجمالًا من مواجهة الشعارات التي رفعت ضدها بفاعلية، بل اتهمتها بالغوغائية والتبعية للسفارات، كما لعبت لعبة الوقت بعناد ونفسٍ طويل، وبرعت في المناورة في وجه المطالب، معتمدة على إرهاق المتظاهرين وتعبهم وانقساماتهم، وتحول المواطنين نحو مواجهة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة بسرعة. وقد نجحت في هذه اللعبة إلى درجة كبيرة.