يتناول هذا الكتاب النُهج والاستراتيجيات المتعددة التي استخدمتها جماعة الإخوان لاختراق الدولة والمجتمع، عبر استهدافها مؤسساتهما الثقافية والسياسية والمدنية، أو محاولتها اختراع مؤسسات وكيانات موازية للدولة.
رصدت الدراسات الاختراق الإخواني للمجالات المعرفية والثقافية والتعليمية، سواء في التجنيد في التعليم المدرسي أو التشويش على النظريّات العلمية وتوظيف الظواهر الثقافية. كما غطّى الكتاب مسارات التّحكم بالعمل المدني ومنظماته، وزَرْع كوادرٍ في أحزابٍ سياسية مختلفة، والسّعي للسيطرة على روابط الأندية الرياضية.
تم النشر في: November 2022
يتناول الكتاب النُهج المختلفة التي استخدمتها جماعة الإخوان، لاختراق المجتمعات عبر: توظيف المنظمات؛ والسيطرة على الأحزاب السياسية، وسعيها للهيمنة الثقافية والاقتصادية باختراع مؤسساتٍ وكياناتٍ موازية للدولة من جهة، وتوظيف نظريات معرفية للعبث بصنّاع المحتوى الأكاديمي الغربي من جهة أخرى.
تناولت دراسة طارق أبو السعد -باحث متخصص في الحركات الإسلامية- التعليم كأحد مسارات نفوذ الإخوان، وأحد أدواتهم التي يمتلكونها، سواء في الشق التربوي وغسل أدمغة الطلاب، أو الشق التنظيمي بالعمل على ضم وتجنيد من يصلح من معلمين وطلاب. ترصد الدراسة التحول عند جماعة الإخوان في اختراق الحقل التعليمي في مصر والعالم العربي منذ سبعينيات القرن الماضي، من الاهتمام بالمدارس إلى الاهتمام بالمعلمين والنقابات المهنية، وتُحدد استراتيجيات الإخوان في التعامل مع أركان العملية التعليمية ودورهم في الاستحواذ على أكبر عدد من المعلمين، سواء في النقابة أو الكليات التربوية. فسلّط الباحث في دراسته الضوء على تاريخ الإخوان مع المؤسسات التربوية في العالم العربي في خمسة أقسام: القسم الأول: مرحلة حسن البنا (1928 - 1949)، ومرحلة ما بعد البنا (1951 - 1973)، وفي القسم الثاني تناول مرحلة التأسيس الثاني (1973 - 2011)، وفي القسم الثالث تناول استخدام الإخوان التعليم كوسيلة للتجنيد ونشر الأفكار لدى الإخوان. أما في القسم الرابع، فدرس النفوذ الإخواني الناعم في المدارس والمراكز التعليمية والنقابات، وفي القسم الخامس والأخير استعرض الآثار السلبية لتوغل الإخوان في الحقل التعليمي.
خلص الباحث إلى أن قوة الإخوان الناعمة في حقل العملية التعليمية، سواء بمحور الطالب أو المعلم أو المدرسة أو النقابة، تهدف في الأساس، إلى نشر أفكار الجماعة تدريجيًا، وتربية التلاميذ عليها لتكون عادة وسلوكًا، مع الارتباط العاطفي بينهم وبين المعلمين، مستغلين مكانة المعلم لدى طلابه في تسريب فكرهم إليهم، كما استغل الإخوان العملية التعليمية عبر تاريخهم، وما يمكن أن تتيحه القوانين لهم في التوغل في المجتمع المصري أو العربي. لافتًا إلى أن الإخوان لم يهتموا بأي قضية تعليمية مستقلة عن أهداف الجماعة، ولم ينشغلوا بمشاكل الطلبة أو بالمعلمين، إلا بالقدر الذي يتيح لهم تجنيدهم أو خلق تيار يؤمن بأفكارهم إذا تعذر انضمامهم إلى التنظيم.
ألقت دراسة وائل صالح -باحث وأكاديمي متخصص في تفكيك الإسلاموية، رئيس وحدة متابعة الاتجاهات المعرفية في العالم في مركز تريندز للبحوث والاستشارات- الضوء على «اليقظوية» (Wokisme)، التي تمثل جانبًا آخر يمكن له أن يفسر تعاطف التيار السائد من الأكاديميين، خصوصًا الغربيين والمتأثرين بهم من مختلف أكاديميات العالم، مع هذه الظاهرة في الفضاء الغربي، واضعًا خريطة ذهنية للفاعلين المتعاطفين مع الإسلاموية الإخوانية، وفهم ونقد أسباب هذا التعاطف في إطار من الحوار الأكاديمي بين مختلف الأكاديميات في العالم.
يقسم الباحث دراسته إلى أربعة أقسام: أولاً: الإسلاموية بين الأكاديميا ومراكز البحث الغربية، ثانيًا: اليقظوية (Wokisme): التعريف والسياق، ثالثًا: الأفكار المؤسسة لليقظوية ووسائلها، رابعًا: ما يفرق ويجمع الإسلاموية (Islamism) و"اليقظوية". لا يساوي الباحث «اليقظوية» بالإسلاموية، فهما اتجاهان مختلفان، ولكن يجمعهما التطرف والتحالف المدرك وغير المدرك، أحيانًا لهدم النظام الحالي واستبداله بالطوباويات، التي علمنا التاريخ أنها تتحول دائمًا إلى فوضى بعد هدم القديم. وكلا الأيديولوجيتين يتسامح مع العنف الذي يمارسه المتعصبون، بل ويمجدونه في كثير من الأحيان. فمن جانب اليقظوية لم يعد الأمر خلافًا تقليديًا أو حتى «صراعًا ثقافياً» بين التقدميين والمحافظين، فاليقظوية تدّعي أنها ثورة ثقافية تهدف إلى القضاء على كل ما كان يبدو مشتركا في الغرب، مثل العلمانية والمساواة والديمقراطية. والصحوة -من جانبها- هي أن «الصحوة» عبارة عن حركةٍ ثورية سياسيةٍ إخوانية المنشأ، اختارت مصطلح «الصحوة الإسلامية» لاختطاف الدين لحسابها. ومفهوم الصحوة الإسلامية اصطلاح يطلق على ظاهرة اجتماعية تعتمد على الإسلام في توصيفها ونعتها، وتتخذ من الإسلام أداة تقييم لكل ما في المجتمع القائم. ويخلص إلى أن الإسلاموية واليقظوية تجذب -كأي أيديولوجية أخرى- الناس إليها في المقام الأول، لأنهما تقدمان لهم إجابات عن تساؤلاتهم الوجودية. كما يقدم كل منهما للناس مسالك يمكن لهم اتباعها في العالم الذي يعاني من أزمة المعنى الذي نعيش فيه. ولهذا يتوجب طرح سرديات أكثر جذبًا وأكثر إقناعًا من اليقظوية والإسلاموية، وهي الطريقة الوحيدة القادرة على مواجهتهما.
تناولت دراسة سامح إسماعيل -باحث ومحاضر في العلوم السياسية وفلسفة التاريخ، والمدير التنفيذي لمركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي بالقاهرة- واقع التمدد الإخواني داخل منظومة العمل الأهلي والمدني في مصر، وتتبع مسارات هذا الاختراق الناعم، الذي جرى عن طريق استغلال تراجع دور الدولة، وتوظيف أموال التبرعات، ومداخيل البنية الاقتصادية للجماعة، من خلال تدويرها في أنشطة ريعيّة وتجارية، وإنفاق جزء من هامش الربح على العمل الخيري، كغطاء ووسيلة لتحقيق التمدّد الاجتماعي ومن ثمّ السياسي. وتتناول دراسته التي قسّمها إلى ستة أقسام: أولاً: الجمعيات الأهلية الدينية في مصر. ثانيًا: تمدّد الإخوان في حقل العمل الأهلي. ثالثًا: الإخوان والعمل الأهلي بعد 25 يناير (كانون الثاني) 2011. رابعًا: الجمعيات الأهلية وأزمة التمويل الأجنبي. خامسًا: الإخوان واستغلال الأزمة. سادسًا: مصير جمعيات الإخوان الأهلية بعد "ثورة 30 يونيو".
يخلص الباحث إلى أن جماعة الإخوان حرصت على تقديم نسق من المساعدات الخيرية؛ يقوم على الاستثمار في الفقر، فهي من جهة حرصت على ابتزاز الفقراء بتقديم الإعانات لهم، ومن جهة أخرى حرصت على استمرار حالة الفقر هذه، وابتعدت عن إقامة أيّة مشروعات تنموية، يمكن من خلال تقديم قروض حسنة للتنمية، أو تأسيس تعاونيات تقضي وفق مخطط اقتصادي على حالة الفقر في القرى والنجوع، لتظل الحاجة دائمة ليد الجماعة، وتبقى المساومة كذلك دائمة؛ من أجل الحصول على أصوات الفقراء.
أهملت الجمعيات الإخوانية على مدار نشاطها لعقود، العمل في الحقل الثقافي والمعرفي؛ فلم تؤسس الجماعة جمعيات لرعاية المواهب وتنمية الإبداع، ولم تنشئ مكتبة عامّة أو مسرحًا للطفل، كما أنّها ركزت بشكل رئيس على قطاع الخدمات الذي يشرف عليه قسم البرّ، وهي بذلك أهملت حقلاً مهمًا من حقول القوى الناعمة؛ كان يمكن خلاله تكريس وجود التنظيم، لكنْ ربما يكون ذلك راجعًا إلى البنى المعرفية والأيديولوجية للإخوان؛ الرافضة للآداب والفنون، والمخاصمة للإبداع. وعلى الرغم من كثافة العمل الذي قام به الإخوان، عن طريق جمعياتهم الخيرية، وقطاع العمل المدني، ظلّ التأثير سطحيًا، حيث ارتبط بالمواسم الانتخابية، وبمساومات جرت عن طريق وسطاء؛ لابتزاز الفقراء، كأداة وظيفية لأجندة الجماعة، ولم تقم روابط إنسانيّة حقيقية، وفق أبسط آليات العمل الاجتماعي، بين الجماعة والحواضن الاجتماعية التي نشطت فيها، وهو ما تجلى أثره بوضوح، إبان ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، حيث تخلى الجميع عن الجماعة، بعد أن انكشفت مخططاتها، فسقطت سقوطًا مدويًا، بعد وقت قصير من وصولها إلى السلطة، لم تستطع، بفعل تناقضاتها، أن تنعم بها طويلًا.
بدأت دراسة أحمد الجدي -باحث وصحفي مصري وصانع محتوى رقمي- بتاريخ تأسيس الألتراس في مصر والدور البارز الذي لعبته في 25 يناير (كانون الثاني) 2011؛ وتنتهي بالدور الذي لعبه بعض الشباب المنضوين فيها في خدمة أجندة الإخوان خلال الفترة الممتدة بين عامي (2011 - 2018).
يقسم الباحث دراسته إلى خمسة أقسام: أولاً: علاقة الألتراس والإخوان بعد "25 يناير"، يمر فيها على محاولات الأخير الاحتواء عن طرق التجنيد، ثم محاولة الاختراق من خلال نهج تطويع الألتراس ، ثم محاولة الإخوان الدخول في الشراكة، وتوظيف الإخوان للإغراءات، ثم يبحث في دور المؤثرين وقدرتهم على التأثير، مبرزًا شواهد حالات في الاستقطاب الفردي. أما ثانيًا: فيبحث في المواقف المشتركة بين الألتراس وجماعة الإخوان في قضايا عدة، منها: مليونية الضغط على المجلس العسكري. والانتخابات الرئاسية: "ألتراس نهضاوي"، وحصار مدينة الإنتاج الإعلامي. ثالثًا: يبيّن موقف روابط الألتراس من ثورة 30 يونيو (حزيران): اعتصام رابعة، تظاهرات ما بعد اعتصام رابعة، تظاهرات الجامعات، أحداث الدفاع الجوي. أما رابعًا: فيبين موقف الألتراس من العنف المسلح وتشجيع الإخوان. وأخيرًا، يقف على نهاية الألتراس.
يخلص الباحث إلى أن جماعة الإخوان نجحت في اختراق الألتراس وتجنيد عدد كبير من شبابه بالعديد من الاستراتيجيات والتكتيكات، واستغلتهم في كل أغراض الجماعة، خصوصًا فيما يتعلق بالتظاهرات كون شباب الألتراس هو الشباب الأكثر تنظيمًا وتأثيرًا في الشارع المصري في هذه الفترة مع بعض شباب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011. لافتًا إلى أن روابط الألتراس لم تعترف يومًا بتأييدها للإخوان أو مشاركتها بشكل رسمي كروابط في أي من نشاطات أو فعاليات الجماعة، ولكنها لم تنف في الوقت ذاته اختراقها وتجنيد عدد كبير من شبابها وقادتها من قبل جماعة الإخوان، وكذلك العديد من الأحزاب والكيانات السياسية الأخرى، معتبرة الأمر بعيداً عنها، وأن كل شخص انضم لجماعة أو حزب لا يمثل إلا نفسه. ويلفت إلى أن الأدلة والأحداث أكدت أن شباب الألتراس الذي نجح الإخوان في استقطابهم، كانوا محور قوة كبيرة للجماعة، خصوصًا أنهم لم يتدربوا يومًا على أن يقودوا تظاهرات، أو أن يدخلوا في مناوشات مع الأمن، وهذا ما دربهم عليه الإخوان طوال فترة تحالفهم.
تناولت دراسة سوزان حرفي -باحثة وصحفية مصرية، متخصصة في الإعلام ورصد الخطاب المتطرف- اختراق جماعة الإخوان المسلمين للأحزاب السياسية في مصر منذ نشأتها عام 1928، وسعت إلى قراءة هذا التمكين السياسي باعتباره من الحقائق الثابتة عندها، فالجماعة في مذكرات عدد من قادتها وأعضائها الثقات التاريخيين، وبإقرار من مرشدي الإخوان (حامد أبو النصر، مصطفى مشهور) اعترفت بزرع عناصرها داخل الأحزاب السياسية، وأعلنت عن نجاحها في حالات عدة. وقسّمت الدراسة إلى ستة أقسام: أولاً: اختراق الأجهزة والأحزاب السياسية: البدايات. ثانيًا: الاختراقات الإخوانية للأحزاب المصرية في السبعينيات. ثالثًا: اختراق الإخوان للحزب الوطني. رابعًا: اختراق الإخوان لحزب الغد. خامسًا: اختراق حزب مصر القوية وجبهة الإنقاذ الوطني. سادسًا: صدمة السقوط في "ثورة 30 يونيو". وتستنتج أن الاعتقاد بأن الجماعة بعد 30 يونيو (حزيران) 2013 عادت للمواجهة والصدام العنيف، واستحضرت كل عناصر وآليات العمل السري، اعتقاد لا يطابق الواقع، فالجماعة عبر كل مراحلها، وفي كل أحوالها لم تفارق العمل السري وأساليبه وأدواته من تجسس واختراق وزرع الخلايا النائمة. فالجماعة ما زالت تستخدم التفسيرات الدينية، والنصوص لتخدم أفكارها وتسيطر على وجدان وعقول أعضائها، بما يبرر كل سلوكها؛ من تجسس إلى استحلال، وتخلق عزلة بين الأخ وبين المجتمع الجاهلي الذي لا يرى إلا موبقاته فيموت لديه الشعور بالذنب نحوهم.
ناقشت دراسة أحمد فؤاد -باحث وصحافي استقصائي مصري- الاتجاه السائد لدى عدد من دارسي الإسلام السياسي حول وجود جناحين في جماعة الإخوان المسلمين: الجناح الإرهابي المسلح والعنيف لتأثره بأيديولوجيا سيد قطب؛ ويمثل الجناح الثاني من يسمون بـ«الحمائم» المتأثرين بأيديولوجيا المرشد الإخواني الثالث عمر التلمساني الذي يروج لخيار العمل السياسي السلمي والإصلاحي.
تنقسم الدراسة إلى ثلاثة محاور رئيسة: جذور العنف في أدبيات ومرجعيات جماعة الإخوان من حسن البنا إلى سيد قطب؛ مناقشة أدلة بعض الباحثين وقيادات الجماعة حول «الإصلاحية التلمسانية»؛ وتأثير التلمسانية في عمل الجماعة والمكاسب التي حققتها في خديعة وجود جناح إصلاحي وسلمي. فجاءت دراسته في ثلاثة أقسام: أولاً: العنف والإرهاب من البنا إلى قطب. ثانيًا: مزاعم السلمية والإصلاح عند عمر التلمساني. ثالثًا: تأثير التلمسانية على عمل جماعة الإخوان.
تخلص الدراسة إلى أنه من خلال أدبيات حسن البنا وسيد قطب، تتضح استحالة تحول جماعة الإخوان –أو حتى تيار داخلي فيها– إلى العمل الإصلاحي والسلمي، لتنافي طبيعة ذلك العمل مع المبادئ المستقاة من أدبيات البنا –الذي أباح «الجهاد المسلح»– وقطب الذي أوجبه، وما اجتمعا عليه من إنكار الهوية الوطنية على الدول، ومحاولة إسباغ الثيوقراطية على كافة المجتمعات. لا يتعدى احتساب عمر التلمساني وتياره (التلمسانيون) على الإصلاحيين والسياسيين السلميين، كونه خللا في قراءة المشهد الذي نضح بتبجيل التلمساني للبنا دون نقد أو مراجعة، كما نضح بالاستماتة في تبرئة قطب بما يتنافى مع قول قطب عن نفسه وأدبياته. تشوش الرأي العام المصري والعربي والإسلامي بخطاب التلمساني البراغماتي، الذي دفعه إلى تجاهل وصايا البنا بخصوص رفض العمل الحزبي، عندما ظن –متسرعًا– ضرورة تحول الإخوان إلى حزب لاستكمال العمل السياسي. ولم تقترن مساعيه في تحويل الجماعة إلى حزب بقطع اتصالاته بالتنظيمات القطبية المسلحة، مما يثبت أن العلاقة بين القطبية والتلمسانية هي علاقة تكاملية لا تصادمية كما يظن البعض؛ إذ يعمل التيار التلمساني كجناح سياسي لمشروع الإسلام السياسي أو مشروع الإخوان العالمي، بينما يمثل التيار القطبي الجناح العسكري. تكامل التيارين أتاح لجماعة الإخوان تشويش الرأي العام، وخول لها تنوع الأساليب المحتمل أن تؤدي بهم إلى الحكم، ما بين الأسلوب السياسي الذي اكتسب زخمًا في تجربة نجم الدين أربكان، والأسلوب الانقلابي الذي ثبت الخميني على رأس السلطة في إيران.
تناول كريم شفيق -باحث مصري في الحركات الإسلامية وشؤون الأقليات- في ورقته البحثية كيفية توظيف الإخوان المسلمين في مصر خطاب المظلومية منذ مرحلة التأسيس حتى سقوط نظام المرشد في ثورة «30 يونيو» عام 2013. يعود الباحث إلى كتب سيد قطب التي استعانت بها الجماعة في تكريس ما يسمى «أدبيات المحنة». فيقسم دراسته إلى أربعة أقسام: أولاً: خطاب "المظلومية" لدى الإخوان. ثانيًا: القطبية والتأسيس الثاني. ثالثًا: الإخوان بعد "ثورة يوليو" 1952. رابعًا: توظيف فكرة الجاهلية في الصراع مع الدولة.
يخلص الباحث إلى أن خطاب المظلومية ظل يقوم بوظائفه على المستوى الحركي والتنظيمي. فمن ناحية توافرت له شروط المقدس لإحداث العصمة تجاه كوادر وقيادات التنظيم الذي سيظل «الجماعة الربانية». ومن ناحية أخرى، سيتمكن من توليد شعور أو بالأحرى طاقة العنف للحفاظ على «الفرقة الناجية». وهذه المجموعة التي تصل إلى أقصى درجات الأدلجة والتعبئة تواصل صداماتها العنيفة مع السلطة في حالة من العنف والعنف المضاد. إذ يتحول المظلوم، في ظل هذه الوتيرة الصعبة، إلى أداة للقتل المقدس.
تجيب دراسة عمرو عبدالمنعم -باحث مصري في الحركات الإسلامية وسوسيولوجيا العنف- عن تساؤلات عدة: كيف بدأت الأنشطة الاقتصادية للإخوان المسلمين في مصر؟ وما مصادر أموال الإخوان؟ من الذي يدير الأنشطة والأذرع المالية للجماعة؟ وما حقيقة علاقة الأنشطة الخيرية الإغاثية بجماعة الإخوان؟ وما علاقة كل ذلك بالتنظيمات الإرهابية مثل داعش؟ وهل هناك بدائل تستعد لها الجماعة لتكوين ملاذات آمنة في حال أغلقت مؤسساتها الاقتصادية الحالية، وما تأثير ذلك عليها في المستقبل؟ للإجابة عن ذلك، يقسم الباحث دراسته إلى سبعة أقسام تحت العناوين الفرعية التالية: أولاً: الإخوان.. التغلغل والتمكين والفساد. ثانيًا: إخوان مصر.. شجرة العائلة المالكة والحاكمة. ثالثًا: انفتاح السادات وبداية السلاسل التجارية الإخوانية الكبرى. رابعًا: مصادر "بيت مال" الإخوان". خامسًا: من حكم الإخوان.. اقتصاد نيوليبرالي متوحش. سادسًا: الإخوان بعد "30 يونيو" وشركات الأوف شور. سابعًا: القوة الاقتصادية للإخوان المصريين في الغرب.
يرى الباحث أنه على الرغم من حصر أموال الإخوان في مصر وعديد من بلدان العالم، وثبوت ارتباطها غير المعلن بتنظيمات العنف وجماعاته، فإنها لا تزال تشكل تهديدا خطيرا، نظرا لتشابك رأسمالها في العديد من الأنشطة الاقتصادية والاستثمارات في مجالات عدة حول العالم، وتحت مظلة العمل الإسلامي والفكري ومظلات أخرى كثيرة، صحيح أن بلدان أوروبا استحدثت منظومات لمراقبة النشاط الإخواني، لكن التنظيم يظل بارعًا في التخفي تحت أسماء وكيانات تبدو ظاهريا بعيدة عنه، ولكنها -في الحقيقة- تصب في خزانته وترتدي عباءته.
استطاع الإخوان تأكيد أنهم كيان عائلي ضخم، يجتذب الطبقات الثرية ويزاوج بينها، لحماية ظهره، ولا عزاء للبؤساء ممن صدقوا أحلام أستاذية العالم، ثم راحت العواصم الباردة تلهو بغربتهم اليوم بعيدًا عن أوطانهم، وبدون أية ضمانة لهم ولعوائلهم في مستقبل أفضل.
تناولت دراسة منير أديب -باحث مصري متخصص في الحركات الإسلامية- مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وحجم الأصول التي تمتلكها، على الرغم من سقوطها عن الحكم عام 2013، وتبحث في أصول التنظيم المالية استناداً إلى ما نُشر في المحاكمات القضائية، وتحاول تحليل الأرقام المرصودة، وتسلط الضوء على طبيعة استثماراته داخل مصر، وتشير إلى الطريقة التي هرب بها استثماراته، والجهة التي انصرفوا إليها، وحجم الأموال التي خرجت من مصر، وانعكاس الخلافات التنظيمية على بنية التنظيم المالية، وتأثير الاقتصاد في الوقت نفسه على هذه الخلافات. ويقسم الدراسة إلى أربعة أقسام: أولاً: طبيعة النظام الاقتصادي للإخوان. ثانيًا: أصول وأموال الإخوان في مصر. ثالثًا: الخلافات المالية والاقتصادية عند الإخوان. رابعًا: وجهة أموال الإخوان بعد "ثورة 30 يونيو".
يؤكد الباحث أن الإخوان يمتلكون ثروة اقتصادية تقدر بقرابة (300) مليار جنيه مصري، وقد يكون نصف هذا الرقم بالدولار؛ ويفرض التنظيم حالة من التعتيم على استثماراته التي تتوزع حول دول العالم، لتحقيق مستوى آمن. بعض أموال الإخوان واستثماراتهم تكون بأسماء رجال أعمال مرتبطين بالتنظيم بشكل خفي، غير معلن للنّاس، وبالتالي يكون من الصعب الوصول إلى هذه الشركات أو تفكيكها، ولعل هذه الطريقة هي الأكثر أمانًا في الاستثمار، ويقوم الإخوان بدفع مبالغ مالية لمن يديرون هذه الاستثمارات. يبدو من الصعب حصر ممتلكات الإخوان بشكل دقيق، ويمكن الاقتراب من حجم هذه الاستثمارات في نطاق تحقيقات أجهزة الأمن والقضايا التي تنظر التحفظ على أموال التنظيم وقادتهم، وما دون ذلك فلا يمكن معرفته ولا إحصاؤه، وقد يكون أضعاف المبالغ التي تم إحصاؤها. ليس لدى الإخوان مشكلة حقيقية ترتبط بمصادر التمويل، كما أن كثيراً من الدول فشلت في الوصول إلى حجم هذه الثروة أو تفكيكها بشكل كامل، وهو ما يحمل الباحثين عبء البحث والتحليل فيما هو متوافر من معلومات، والوصول إلى معلومات تكشف عن حجم هذه الثروة ومجالات استثمار الإخوان.
سعت دراسة العدد التي قدّمها محمود الطباخ -باحث مصري متخصص في شؤون الإسلام السياسي والجماعات المُتطرفة- إلى رصد دوافع وأسباب وجود تنظيمي «بوكو حرام»، و«ولاية غرب أفريقيا» التابعة لتنظيم داعش في منطقة حوض بُحيرة تشاد، وتبين مدى تأثير عملياتهما الإرهابية في حالة الاستقرار السياسي فيها، وتتناول مخاطر «هشاشة الدولة» وتآكل شرعيتها وانعكاسهما في تنامي مخاطر الإرهاب في المنطقة. فيقسم الدراسة إلى أربعة أقسام. أولاً: "بوكو حرام" وتنظيم "ولاية غرب أفريقيا".. النشأة والمنطلقات الفكرية. ثانيًا: دوافع وأسباب تمدد التنظيمين في حوض بُحيرة تشاد. ثالثًا: تأثير التنظيمات المُسلحة في استقرار المنطقة. رابعًا: وضع التنظيمات المُسلحة في حوض بُحيرة تشاد.
يخلص الباحث إلى أن تنظيمي بوكو حرام وولاية غرب أفريقيا، تمكّنا من الاستثمار في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية الهشة؛ بإقليم حوض بحيرة تشاد والدول المُطلة عليه، لتجنيد مزيد من المقاتلين في صفوفهما، والحصول على مزيد من الدعم لهجماتهما؛ إما باستقطاب الفقراء، أو باستغلال التنوعات العرقية، أو عبر الحوافز الاقتصادية لإغرائهم بالانضمام، وهو ما يضمن بقاءهما وتجدد مصادرهما وتعقيد مُهمة مكافحة الإرهاب بالمنطقة في الوقت ذاته. وأن مقتل زعيم تنظيم بوكو حرام في مايو (أيار) 2021، مثلَ نقطة تحول في الصراع الدائر بين التنظيمين الإرهابيين، لصالح تنظيم ولاية غرب أفريقيا، الساعي نحو توسيع رقعة نفوذه وسيطرته على المنطقة، وسط بحث تنظيم بوكو حرام عن بدائل خارج نيجيريا لتعويض خسائره، وإعادة تقوية نفسه مُجددا مما يُنذر بموجات إرهابية أشد عنفًا في المستقبل، لا سيما في ظل استمرار حالة الوهن التي تُعاني منها قوة المهام العسكرية الإقليمية المُشتركة، وعدم اتخاذ خطوات حكومية جادة في سبيل ترسيخ الحكم الرشيد، والإصلاحات الداخلية والمجتمعية في منطقة حوض بُحيرة تشاد. ويرى الباحث أنه من المُهم وجود تفاهم واضح داخل الدوائر الحكومية والعسكرية لدول حوض بحيرة تشاد، حول أهمية تنحية الخلافات والتركيز على قضية البُحيرة كقضية إقليمية واحدة، مع سعيها للاستفادة من حالة الانقسام بين بوكو حرام وولاية غرب أفريقيا، بالعمل على تعميقها فكريًا وأمنيًا. وأنه على حكومات دول الحوض أن تضع حدًا أمام آلة الاستقطاب التي تتبعها التنظيمات المتطرفة مع السكان المحليين، عبر اهتمام هذه الدول بتقوية روابطها مع السكان، بوقف وصمهم اجتماعيًا أو انتهاك حقوقهم، وسرعة الاستجابة للأزمة الإنسانية التي تعاني منها الفئات السكانية الضعيفة، والعمل على تلبية احتياجاتهم وإدماجهم سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا، مما سيكون له مردود إيجابي على المدى المستقبلي.