الصحوة والإسلام السياسي: جدل البدايات والمستقبل


  يتناول هذا الكتاب ظاهرة صحوة الإسلام السياسي، التي عُرِفت بالصحوة إبان سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي، ويبحث بعض جذورها الإخوانية والسجالات حول نشأتها وتأثيرها ومستقبلها، ويتطرق إلى شقها السروري وصراعات الأجنحة وقدرتها على الكمون والتكيُّف، ويحلل الخطاب الصحوي بالتركيز على قضايا اجتماعية ودينية في الحالة العربية.

  عرضت الدراسات تأثير الإفراج عن الإخوان المصريين في السبعينيات  وتوظيفهم تطور ظاهرة الصحوة تنظيميًا، وتناولت أثر محاولة احتلال الحرم (1979) والحركة الخمينية، والحرب السوفيتية الأفغانية في خلق، فرص استغلتها التيارات الصحوية وتنظيماتها.

          استعرض  الكتاب المنتج الصحوي في السودان؛ كما بحث ما عُرِف بالحملة الإيمانية في العراق، وما أديا إليه. وفحص احتمالات عودة التيار الصحوي في ثياب جديدة، بواجهات متخفية توقظ الأفكار المعادية للمجتمع والدولة.


تم النشر في: October 2023


front171

قائمة الفصول


# اسم الكتاب سعر اشتري الآن
1 الصحوة في شِقها السروري: جدليات التسمية والنشأة والخطاب 45 د.إ
2 الصحوة بالسعودية.. حديث التحول والنهايات 45 د.إ
3 المرأة السعودية في ظل الصحوة الشيعية 45 د.إ
4 قصة علي التميمي وتبني طروحات الإرهاب في أميركا 45 د.إ
5 صعود دور التنظيمات الإسلاموية في مصر (1970-1989) 45 د.إ
6 إخوان مصر والتعبئة الأيديولوجية والحركية للصحوة 45 د.إ
7 شهادة اللواء فؤاد علام عن تجربة المراجعات الفكرية في مصر 45 د.إ
8 الإسلام السياسي في السودان: توظيف مفاهيم الصحوة 45 د.إ
9 الصَّحوة الدِّينيَّة الرَّسميَّة بالعِراق: الحملة الإيمانيَّة الكبرى 45 د.إ
10 الكتاب: كي لا نصحو ثانيةً:تفكيك خطاب الصحوة وآليات الهيمنة على المجتمع 45 د.إ
11 الأسس الدينية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات 45 د.إ
ملاحظة: الدراسات متاحة فقط كملف تنزيل في إصدار PDF.

شرح الكتاب


ملخص بحوث العدد 202

الصحوة والإسلام السياسي: جدل البدايات والمستقبل

أكتوبر (تشرين الأول) 2023

تقديم

جاء في تقديم الكتاب أن مركز المسبار للدراسات والبحوث يتناول في كتابه «الصحوة والإسلام السياسي: جدل البدايات والمستقبل» (الكتاب الثاني بعد المئتين أكتوبر (تشرين الأول) 2023) المسار التاريخي لما عرِف بظاهرة «الصحوة الإسلاموية»؛ التي توظفت فيها الأدبيات الإخوانية لتثوير التدين التقليدي؛ وتحويل قيمه الاجتماعيّة إلى آلة سياسية تنظيمية؛ تسعى لإقامة مجتمعٍ موازٍ ودولة موازية؛ باستغلال الظرف السياسي الإقليمي والدولي؛ منذ أواخر السبعينيات من القرن المنصرم.

يعرض الكتاب لسجالات نشأة الصحوة وعلاقتها بالتيارات الإسلاموية الأخرى، متتبعًا تنقلها، ومنشأها، ومحددًا أبرز منظِّريها، وكاشفًا عن تأثرها بالإخوان المسلمين، وبحركة الخميني، ومستعرضًا تأثيرها في أنماط وسلوكيات المجتمع، ومحاولتها اختطاف المحافظة؛ كما يعرض لمحاولات زراعة «صحوة متحوّرة» مستجدة، وكوابحها.

الصحوة في شِقها السروري: جدليات التسمية والنشأة والخطاب

تناولت دراسة خالد بن سليمان العضاض -باحث سعودي متخصص في الحركات الإسلامية- محاولات جماعة الإخوان التغلغل في المجتمع السعودي، وحللّت المفهوم العام للصحوة في بعده الديني، ودرست العلاقة بين ثلاثية الصحوة والسرورية والإخوان، وعملت على تفكيك خطاباتها ورصدت تحولاتها.

قسّم الباحث دراسته إلى سبعة أقسام: أولاً: الإخوان وبدايات التغلغل في المجتمع السعودي؛ ثانيًا: "الصحوة" و"السرورية": جدلية التسمية؛ ثالثًا: "الصحوة" و"السرورية": جدلية النشأة والانطلاقة؛ رابعًا: جدليات تشكل الخطاب "الصحوي" والسروري؛ خامسًا: خطابات الصحوة وبنيتها العامة؛ سادسًا: كيفية تخلّق الخطاب الصحوي؛ سابعًا: تطور "الصحوة".

وتوصَّل الباحث في نتائج دراسته إلى أن «السرورية»، تسمية غير معتمدة من قبل التنظيم «السروري»، ويرجح الباحث أن أول من أطلق مسمّى «السرورية» هو المصري محمود بن محمد الحداد سنة 1991، والتسمية جاءت نسبة لمؤسس التنظيم محمد سرور بن نايف زين العابدين. وأن البداية الفعلية -من وجهة نظر الباحث- لانشقاق التنظيم السروري عن التنظيم الأم جماعة الإخوان المسلمين، جاء مع قرار رحيل محمد سرور من الكويت إلى بريطانيا، سنة 1984.

ويرى الباحث أن الفترة من 1987 وحتى 1994، شكلت صيغة خطاب ديني سعودي ظاهر وعابر للحدود، اتخذ مسارًا مغايرًا للخطاب الديني السلفي الدارج، وهذا الخطاب تم الاصطلاح على تسميته «بالصحوة»، والذي حوى مظاهر وأدوات وآليات، وكذلك تمرحل في مراحل عدة، وهو قائم على قاعدة أساسية هي تنمية الحس المعرفي والنظري بمفهوم الحاكمية كما صاغها أبو الأعلى المودودي ثم سيد قطب، ولكن بشكل تنفيذي وعملي يعمد إلى الممارسة والحركة والتنفيذ.

ويعتقد أن الخطاب الصحوي السعودي تطور بشكل كبير بعد 2003، وأخذ بنية متماسكة، يمكن قياسها، ومعايرتها.

ولفت إلى أن أبرز محددات الخطاب الصحوي هي: الاحتساب، على الحاكم، علانية بهدف إسقاطه. الإقصاء بالتكفير وتوابعه في مسألة الأسماء والأحكام في العقيدة السلفية. إعلاء قضية الخلافة، وإعادة الدولة المسلمة.

لخّص أهم شعارات الخطاب الصحوي، بأربعة عناصر هي: فقه الواقع؛ وحدة الصف لا وحدة الكلمة؛ الإصلاح؛ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الصحوة بالسعودية.. حديث التحول والنهايات

قدّم فهد سليمان الشقيران -باحث ومفكر سعودي، عضو هيئة التحرير في مركز المسبار للدراسات والبحوث- قراءة في المسار التاريخي لتيار الصحوة في السعودية، وأبرز أسباب ظهوره وحدد أهم تقاطعاته مع التنظيمات الإرهابية، لا سيما تنظيم القاعدة. كما تناولت الدراسة مخاطر التيار الصحوي على المجتمع السعودي، وحدّدت الخطوات التي اتخذتها الحكومة السعودية في تجفيف منابعه. وتناول تلك القضايا في سبعة عناوين: أولاً: انبعاث الصحوة وتحوّلاتها؛ ثانيًا: هل تحول دعاة الصحوة؛ ثالثًا: حوَل حقيقي أم مراوغة داعية؛ رابعًا: الذايدي وأرشيف الصحوة الضروري؛ خامسًا: الجامية جزء من الصحوة الإسلامية؛ سادسًا: الصحوة بالسعودية والوعي السياسي؛ سابعًا: الصحوة إلى زوال؟!

يخلص فيها إلى أن «الصحوة» كانت هي الغطاء والرافعة والمنبع للتنظيم الإرهابي. ثمة من حاول فصل «الصحوة» عن «القاعدة»، وهو خطاب قاده سفر الحوالي وسلمان العودة، ولكن الحقيقة الساطعة أن «الصحوة» هي الذراع السياسية لتنظيم «القاعدة».

ولفت إلى أنه لا بد من تحديد وسحق المؤثر الفكري، فهو الأساس في شرارة العمل الإرهابي، وبقية المؤثرات تأتي بمرحلةِ تابعٍ، ووضع خطة كاملة يتم اتّباعها بين المؤسسات ذات الاختصاص، خصوصًا الدينية منها، بما يتبعها من منابر ومطبوعات وأفراد لديهم صلاحية الحديث وتوجيه المجتمع، والتعليم ومؤسساته وما يقع على عاتقه من مسؤوليات تأليف المنهج، وتأهيل المعلمين والرقابة على أفكارهم، وطرق إيصال المعلومة في أثناء شرحهم للنصوص، وبخاصة منها الدينية، أو الأحداث السياسية، لأنها تسهم في خلق مناخات مأزومة قد تضاعف من أعداد المستعدين للتجنيد من التنظيمات المتطرفة.

المرأة السعودية في ظل الصحوة الشيعية

تناولت سكينة المشيخص -باحثة وإعلامية سعودية- في هذه الدراسة مواقف رموز الصحوة الشيعية في السعودية من المرأة وأدوارها في المجالين الخاص والعام، فتناقش أهم أفكارها وتبرز مدى تأثرها بالتيارين الخميني والشيرازي. قسّمت الدراسة إلى ثلاثة أقسام: أولاً: المرأة في التراث الشيعي. ثانيًا: المرأة في فكر وممارسة الصحوة الشيعية. ثالثًا: المرأة مع تحولات الصحوة الشيعية.

لفتت الباحثة في الدراسة إلى أن استخدام مصطلح «الصحوة الشيعية» في هذه الدراسة هو للدلالة على تخصيص الحديث حول حركات الإسلام السياسي الشيعية؛ وتياراتها الفاعلة في أوساط الشيعة الخليجيين، وتحديدًا في منطقة القطيف التي تعتبر المركز الرئيس لنشاط هذه التيارات، مع الأخذ بالاعتبار أن صعود الحالة الإسلاموية، ساعد في إعطاء عدد من الأصوات الدينية التقليدية مساحة أوسع للتأثير الاجتماعي، ويمكن اعتبارهم جزءًا من الصحوة الشيعية وإرهاصاتها على المستوى الاجتماعي.

وأوضحت أن وسائل الإعلام والاتصال الحديثة ساهمت بالثقافة التي جلبتها، وبرنامج الابتعاث الذي بدأ سنة 2005 وشمل عددًا كبيرًا من الشباب والشابات، في تآكل تدريجي لتأثير الصحوة الشيعية داخل مجتمع القطيف، وظهور أصوات عديدة تُسَائِل الخطاب الصحوي وتنقده.

ولفتت إلى أنه لم يختفِ الخطاب الديني الصحوي، لكن تحول عدد من رموز الصحوة الرئيسين، وتغير الظروف، ساهم في تراجع كبير في هيمنة هذا الخطاب على المجتمع، خصوصًا مع الأجيال الجديدة التي لم تعايش لحظة صعود هذا الخطاب، والحماسة المجتمعية للالتزام الديني وفق معاييره في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن العشرين.

وبيّنت أن العوامل التي ساهمت في تراجع هيمنة الصحوة الشيعية وتأثيرها كانت عواملَ عامة؛ تنطبق على الصحوة السنية، وقد كان لقرارات الحكومة السعودية بتوسيع مشاركة المرأة في سوق العمل، ثم إلغاء سلطة الضبط الخاصة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتاليًا إنهاء مراقبة سلوك النساء ولباسهن، والسماح بقيادة المرأة للسيارة، وإلغاء وصاية الرجل على المرأة في أغلب الأمور، وسائر مظاهر الانفتاح في الفعاليات الترفيهية، أثر بالغ في حصول المرأة على مساحة للتعبير تتجاوز الخطاب الديني وقيوده، إذ لا تحتاج تبرير نفسها أمام أرباب هذا الخطاب، باستخدام أدواته ومفردات المنظومة الفكرية الدينية التي ينطلق منها، وهي قادرة على أن تمارس نوعًا من الاستقلال الاقتصادي، والاعتماد على الذات في ظل وجود حماية كافية لخياراتها.

وأشارت إلى أن الخطاب الديني الصحوي لم يتمكن من مواكبة المتغيرات، وبقي جامدًا، غير قادر على ابتداع لغة يمكن أن تفهمها الأجيال الجديدة، وجاءت التحولات الأخيرة لتسحب البساط من تحت أقدامه، وإذ يبقى له رصيد عند أنصار محافظين من الرجال والنساء، فإنه يخسر قدرته على الهيمنة الفكرية داخل المجتمع. بدا صوت المحافظين التقليديين خافتًا أمام التحولات الخاصة بالمرأة، وإن كان البعض يبدي امتعاضه من بعض أجواء الانفتاح، فيما واكب أصحاب الخطاب المنفتح هذه التحولات بترحيب، ووجدوا في دخول المرأة إلى مختلف المهن في سوق العمل معالجة مهمة لتهميش طويل طالها، مؤكدين عدم وجود مشكلة في الاختلاط بين الجنسين، ومكتفين بمطالبة الرجال والنساء على السواء بالالتزام بمعايير الحشمة والأدب.

وتوصلت إلى أنه يمكن أن تسهم التحولات الحاصلة في شؤون المرأة في إيجاد انقسام أكبر في الفكر والخطاب الديني الشيعي في المملكة؛ حيث يعمل البعض داخل المنظومة على التكيف مع الوقائع الجديدة، كما أن ممانعة هذه التحولات ستظل قائمة عند كثير من أبناء التيار الديني والمحافظين، لكن قراءة تاريخ التحولات الاجتماعية تقول: إن التكيّف في كثير من التغييرات كان سيد الموقف، وإن الآراء تتعدد داخل المجتمع، وتغير الظروف وهبوب رياح التغيير يغير من رأي الأغلبية المجتمعية واتجاهها وقناعاتها.

قصة علي التميمي وتبني طروحات الإرهاب في أميركا

قسّم لورينزو فيدينو Lorenzo Vidino -باحث إيطالي متخصص في الإسلام السياسي في أوروبا وأميركا الشمالية- وألكسندر مِليغرو هِتشنز Alexander Meleagrou-Hitchens -زميل أبحاث أول في برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن- دراستهما إلى أربعة أقسام: أولاً: تاريخ الصحوة وأيديولوجيتها؛

ثانيًا: أثر الصحوة على الإسلام في أميركا؛ ثالثًا: المنار الجديد؛ رابعًا: علي التميمي.

جاء في مقدمة الدراسة أن الباحثين في الغرب أولوا اهتمامًا كبيرًا بحركة الصحوة والتيار السروري، مبدين، أحيانًا، تعاطفًا معهما. ركزت قلّة منهم على عامل آخر مهمّ ومثير للقلق؛ يتعلّق بالصحوة وتأثيرها في الغرب، لا سيّما في تطوير مشهد جهادوي محلي. تتوخّى الدراسة نقاش ذلك، مع التركيز على الولايات المتحدة بقراءة وتتبع رجل دين أميركي اسمه علي التميمي، تحوّل من التدين التقليدي إلى دعم الإرهاب، وتبنى أفكار سيد قطب.

تقدّم قصة تأييد التميمي للنزعة الجهادوية في أعقاب 11 سبتمبر (أيلول) لمحة مفيدة عن التأثير العالمي للصحوة وتوجّهها السلفي الناشط المتأثّر بالإخوان المسلمين. ومع أن الصحوة لم تدعُ مباشرة إلى الإرهاب العالمي ووجّهت النقد للقاعدة، فإنها ساعدت في تطوير السلفية إلى أيديولوجية أكثر عرضة لاحتضان الإرهاب.

ويرى أنه من المستحيل التوصّل إلى إدراك النزعة الجهادوية الأميركية تمامًا، من دون تفهّم كيف تأثّرت بأشكال التطرفات الأخرى خصوصًا السلفية الناشطة. وكان لعلي التميمي علاقات شخصية وثيقة مع بعض كبار الإسلامويين السعوديين، ويمكن العثور على عناصر من معتقداتهم في أعماله. وخلافًا لمعظم السلفيين الساكنين الأميركيين، الذين لم يلجؤوا إلى ما يسمى «الجهاد العالمي» ردًا على أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، فإن مسار التميمي من السلفية الناشطة المفعمة بالإسلام السياسي إلى النزعة الجهادوية، يساعد في التوصّل إلى فهم أفضل للحالات التي يمكن للسلفيين السياسيين فيها الانتقال أحيانًا إلى دعم الجهادوية عندما يتغيّر الواقع الجيوسياسي، فيُجبر النظرية على التحوّل إلى العمل. ويبدو أن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) والرد الأميركي عليها وفّرا، في حالة علي التميمي، التحوّل الجيوسياسي الذي قاده إلى تبنّي وجهات نظر أكثر تطرّفًا وعنفًا. وشكّلت تلك الأحداث اختبارًا جوهريًا لالتزامه النظري باستخدام العنف في صورة الجهادوية، بالإضافة إلى هويته بوصفه مواطنًا أميركيًا يحترم القانون. وقد استمرّ هذا الشكل من السلفية في التطوّر منذ انطلاقه في الولايات المتحدة، وساهم في تطرّف الأميركيين.

صعود دور التنظيمات الإسلاموية في مصر (1989-1970)

تناولت دراسة حسين حمودة -باحث وأكاديمي وخبير أمني مصري- صعود الحركات الإسلاموية في مصر، في مرحلة «الصحوة الإسلاموية»، في حقبة الرئيس المصري أنور السادات (1981-1918) وصولًا إلى اغتياله على أيدي أبنائها، وفي عهد الرئيس حسني مبارك (2020-1928)، وصولًا إلى تنحيه واغتياله المعنوي؛ وحتى ثورة يونيو (حزيران) 2013، وتحدد أبرز العوامل الداخلية والخارجية المؤدية إلى انفجار الإسلاموية، وتبرز التحذيرات المبكِّرة التي أطلقتها أجهزة الأمن المصري حول مخاطر الرهان على الجماعات الإسلاموية.

قسّم الباحث دراسته إلى ثلاثة أقسام: أولاً: الاختراق الإسلاموي المُنظم في مص؛ ثانيًا: تنامي دور التنظيمات الإسلاموية في مصر ؛ ثالثًا: تداعيات صعود التنظيمات الإسلاموية في مصر.

وخلص إلى أن بزوغ نجم جماعات الإسلام السياسي في مصر، في بداية سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم، في حقبة أُطلق عليها مُسمى «الصحوة الإسلامية»، وهو مُسمًى غير دقيق أو مُعبر عن الواقع الحقيقي لهذا الحراك، فهي صحوة تنظيمات وجماعات الإسلام السياسي، وليست الصحوة الإسلامية في مصر لما يُروجون لها؛ للبيئة الداخلية والبيئة الإقليمية والبيئة الدولية وفق محددات أسهمت في نشوء وتنامي دور تلك التنظيمات، وفي بيانها جلاء للصورة الملتبسة؛ فتتمثل تأثيرات البيئة الداخلية في الإخفاق في وجود نموذج سياسي تنموي ناجع، في أعقاب الحقبة الناصرية في مصر ونكسة سنة 1967، وتوافر الرغبة لدى القوى الإسلاموية المُعادية للسياسات وللحقبة الناصرية، في سيادة نموذج إسلامي بديل، لا سيما وأن ذلك قد صادفَ هوًى لدى الرئيس محمد أنور السادات، ذي الميول الإسلامية، والرجال المُقربين منه؛ كمحافظ أسيوط محمود عثمان إسماعيل، والدكتور محمود جامع؛ وذلك لتحجيم القيادات والعناصر الناصرية واليسارية المعارضة له ولمشروعه السياسي، من خلال تقوية التيار الإسلامي المُعادي لهم، على ساحات الجامعات المصرية، وأنشطتها الطلابية، بتسهيلات وميزات سياسية وأمنية غير مسبوقة من قبل، حيث شُكِّلت آنذاك تنظيمات متأسلمة لقمع عناصر الحركة الطلابية الوطنية من الناصريين واليساريين، ولم يلقَ هذا التوجُّه السياسي قبولًا أو رضًى لدى جهاز الأمن السياسي الداخلي الأول في مصر تحت مُسمى الإدارة العامة لمباحث أمن الدولة آنذاك، الذي لم يُستطلع رأيه في الأمر! بل أُكره على غض الطرف عن أنشطة تلك التنظيمات والجماعات، وذلك استصحابًا للحالة السياسية الممتدة منذ ثورة يوليو (تموز) 1952، ولم يُستثنَ من الرضوخ لها، حتى جهاز الأمن السياسي؛ مما نجمَ عنه إخفاقات بل وانهيارات أمنية، أودَتْ بحياة صاحب المشروع الرئيس ذاته.

إخوان مصر والتعبئة الأيديولوجية والحركية للصحوة

تناولت دراسة ماهر فرغلي -باحث مصري متخصص في الحركات الإسلاموية- دور الإسلامويين المصريين في الصحوة ونشأتها، سواء من الناحية الفكرية أو الحركية، لتثبت فرضية أنهم كانوا الأكثر تأثيرًا وتطويرًا في صناعة الصحوة، بشقيها الخاص والشعبي العام. كان الإخوان المصريون الأوائل، الأكثر تأثيرًا في جيل الصحوة، بدءًا من رشيد رضا، وحسن البنا، وسيد قطب، والأخير كانت تُدرس كتبه في بعض المناهج التعليمية، وقام محمد قطب بالتدريس في جامعات الخليج، وقد أثر في الأجيال الأخرى التي ساهمت في تحولات القيادة الفكرية لجيل الصحوة. وقسم الدراسة إلى قسمين: أولاً: رموز التعبئة الفكرية في مصر والصحوة؛ ثانيًا: إخوان مصر والحركية الصحوية.

يخلص الباحث إلى أن الدور الرئيس في نشأة الصحوة كان للمصريين الإخوان، الذين انخرطوا في تجربة منظمة لصناعة صحوة حركية وأخرى شعبية، لكنها بعد سنوات طوال خرجت هذه الصحوة من دائرة الدعوة إلى دائرة البحث عن الدولة والحكم، فأنتج ذلك تنظيمات ترى أن التغيير الفوقي للأنظمة خير من التغيير السفلي المعني باختراق الشعوب والمؤسسات.

ولفت إلى أن الصحوة مرت بمراحل متعددة منذ السبعينيات، مرورًا بالتسعينيات، وحرب الخليج، ثم مرحلة الربيع العربي، وما أعقبها الآن من حصارها وانطلاقها بطرائق حركية جديدة، أيضًا يلعب المصريون فيها الدور الأكبر المركزي، الذين عملوا على صياغة وسائل جديدة في مشروع تربوي حركي مفصل، قابل للتطبيق العملي في دول منشأ الصحوة، أو في دول أخرى عبر عملية تربوية طويلة من خلال بناء «قواعد صلبة» تتغلغل داخل المجتمع، حتى يتغير، وتجد الحركة لها ثقلًا جماهيريًّا قويًّا بين الشرائح كافة، ولذلك نجد النشاط الصحوي في عز ذروته فاعلًا وناشطًا بقوة، على الرغم من الحصار في مؤسسات وواجهات لا تحمل اسم الصحوة أو الجماعة، وهذا يعني أنه بينما قد تُحاصر الصحوة فإنها مدفوعة من ناحية بقائها في دول الخليج بروافع أخرى، ومنها المؤسسات الصحوية العاملة الآن بالخليج.

شهادة اللواء فؤاد علام عن تجربة المراجعات الفكرية في مصر

أفرد الكتاب شهادة عن تجربة المراجعات الفكرية في مصر للواء فؤاد علام -رجل أمن ومؤلف وكاتب مصري، تقلّد مناصب مرموقة في الأجهزة الأمنية المصرية منذ الستينيات، وتخصص في مكافحة التطرف والإرهاب- أملاها على مهدي مبارك -باحث مصري- حيث قدمت هذه الورقة تجربة ودور اللواء المصري فؤاد علاّم في إطلاق «المراجعات الفكرية» للإسلامويين في السجون المصرية، وتكشف عن حقائق تعامل رجل الأمن المصري مع مبادرات وقف العنف وخلفياتها ورموزها، وتتضمن تصريحات من علاّم حول هذه القضية الحيوية من تاريخ المراجعات التي أعقبها تراجعات الإسلاموية المصرية، وهي ترتكز على تسجيل مع صاحب هذه الشهادة.

يرى اللواء فؤاد علام -بخبرته الواسعة- التي تمتدّ إلى نحو (70) عامًا أنه لا استراتيجية علمية لإدارة المراجعات، أو احتواء المتشدّدين دينيًا داخل السجون وإعادة دمجهم في المجتمع، وهو ما يؤجّل تلك الخطوة طويلًا، أو يتركها للزمن. جميع تجارب الدول العربية في التعاطي مع موجات المراجعات الفكرية –وفق رأيه- كانت اجتهادات شخصية «سرعان ما تفقد قيمتها وأهميتها»، ويضرب مثلًا بدولة العراق: «حقَّقت بعض النجاحات وشابها أخطاءٌ، ولا أستطيع القول: إنها نجحت في المطلق، لأنها -كغيرها– اجتهاد غير مبني على أسلوب علمي».

كانت تجربة اللواء فؤاد علام في إطلاق الشرارة الأولى للمراجعات الفكرية وإدارتها، هي الأخرى «اجتهادًا بلا مرجعية علمية»، حسب قوله: «لا أعرف كيف سأدير حوارًا مع التنظيمات، ولا من سيديره برفقتي، ولا الموضوعات التي تجب مناقشتها، وأدير الأمر ساعة بساعة، يحدث حادث طارئ فأضطر لمواجهته بتقدير موقف سريع، تقع واقعة فأواجهها بطريقتي». جاءت الورقة في سبعة أقسام: أولاً: كواليس المراجعات الفكرية؛ ثانيًا: المراجعات لا تُفرض من جانب السلطات؛ ثالثًا: من عطل "توبة" شكري مصطفى؟؛ رابعًا: مفتي "جماعة التكفير والهجرة" قائد المراجعات؛ خامسًا: "الأسود".. رجل المراجعات الفقهية الأول؛ سادسًا: مواجهة التلمساني والهضيبي وقطب؛ سابعًا: مبادرة "وقف العنف" وإدارة الدولة للمراجعات.

ولفت علام إلى أنه من «الهجرة إلى العنف»، حتى «الهجرة من العنف»؛ جرت بين الدولة والتكفيريين مياه كثيرة، ما بدا منها كان فقط «رأس جبل الجليد»، وما خفي أعظم، المحاولات والاجتهادات لاحتواء الميول العنيفة لدى أجيال جديدة تبحث عن دور في التاريخ، بعد أن جرفتها ظروفها المتنوّعة واضطراباتها النفسية الخطرة إلى خدمة التنظيمات الإرهابية وتنفيذ أغراضها، وكان لكل شيخ وكل «قيادة أمنية» طريقة وأسلوب في المواجهة، لكن شهادة اللواء فؤاد علام، نائب رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، تضع الأزمة والوصية الأخيرة -لرجل عاش سبعين عامًا يحمل شعلة «الحوار» بين مجموعات متعاقبة من التكفيريين- أمام الجميع: «لا خطة علمية لإدارة المراجعات الفكرية وضمان توبة المتطرفين وهو ما نريده الآن بشدّة». ولغياب تلك الخطة ظلّ «حديث العنف» مستمرًا، وكامنًا في الصدور، طوال نحو قرن من الزمان، ويشكّل تهديدًا أبديًا، يطل برأسه ليضرب ضربته الغاشمة ثم يختفي حتى يختمر الغضب والشرور، تمهيدًا للعودة بضربة جديدة دون نهاية «حقيقية» للإرهاب.

الإسلام السياسي في السودان: توظيف مفاهيم الصحوة

ناقشت دراسة النور حمد -باحث وأكاديمي سوداني- مفهوم الصحوة، بوصفه تعبيرًا عن الانبعاث الحضاري النهضوي، عقب فترةٍ طويلة من السبات والركود. وتتناول إشكالات ما اصُطلح على تسميته بـ«الصحوة الإسلامية»، التي حصرت مفهوم الانبعاث الحضاري في الجانب الديني، وما واجهه ويواجهه مفهومها هذا، من تحديات في السياق الحداثي، في البلدان العربية. تستعرض الدراسة الجهود النهضوية المنطلقة، حصرًا، من أرضية الشريعة، منذ القرن التاسع عشر، وتأثيراتها الممتدة على الجماعات الدينية المسيَّسة، في مختلف البلدان العربية والإسلامية. تركز الدراسة أخيرًا، على تجربة الإسلام السياسي في السودان، وترصد مختلف جوانب فشله خلال ثلاثين عامًا. قسم الدراسة إلى ستة أقسام: أولاً: بين المرجعية التراثية والفكر الغربي؛ ثانيًا: مراحل الصحوة الثلاث؛ ثالثًا: هل تقوم النهضة على الدين؟؛ رابعًا: دعاوى إنقاذ العالم بالإسلام؛ خامسًا: صعود الإسلام السياسي على سلم اليسار العربي.. العنف والوصاية؛ سادسًا: دولة التنظيم لا دولة الشعب.

اختتمها بالإشارة إلى أن الذي حدث في السودان من إنشاء دولة موازية ومن التضييق على الأحزاب، وعلى قوى المجتمع المدني، هو منع كل القوى السياسية الأخرى من الوصول إلى السلطة. من علل ما يسمى بالصحوة، انحصار مفهومها في الانبعاث الديني، والترويج له، شعبويًا، وسط العامة، واتهام المثقفين والمستنيرين، حتى المتدينين منهم، بالعلمانية. وحتى بعد أن جرى حصر كل شيء في الانبعاث الديني، لم يحدث إصلاح ديني يجعل من الدين إطارًا مفاهيميًا منفتحًا، مما يسمح باستيعاب وتوجيه أوجه النهوض المختلفة في السياق الحداثي بالغ التعقيد.

الصَّحوة الدِّينيَّة الرَّسميَّة بالعِراق: الحملة الإيمانيَّة الكبرى

شرح رشيد الخيُّون -باحث عراقي متخصص في الفلسفة والتراث الإسلاميين، عضو هيئة التحرير في مركز المسبار للدراسات والبحوث بدبي- في مقدمة دراسته المدخل التاريخي في ظهور الصحوات وظروف تشكلها، لافتًا إلى أن الصّحوة الدِّينيَّة بدأت، في المجتمع العراقيّ، بالظُّهور، أوان السبعينيات، مِن القرن الماضي، لكن كانت خلافًا لتوجه السُّلطة، فقد تبنى حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ سياسة ضد الجماعات الدِّينيّة، والمظاهر الصّحويَّة، فلم يسمح للأحزاب ذات التوجه الدِّينيّ بالعمل، السُّنيّة منها والشِّيعيَّة، فكانت جماعة الإخوان المسلمين قد تأسست في بداية الأربعينيات، وتأسس حزب الدّعوة الإسلاميَّة، نهاية عقد الخمسينيات، وهذان التنظيمان يقصران نشاطهما أولًا على تكريس التَّدين، وساحات عملهما هي المساجد والحسينيات، والمناسبات الدِّينية بشكل عام، فبدأت تنتشر الكتب الدّينيّة، ولم يكن المنع صارمًا آنذاك، واستغلال الإعلام، فلا نظن أنّ إذاعة برنامج للطبيب الإسلاميّ مصطفى محمود (تـ: 2009) مِن تلفزيون بغداد، وخصوصًا في رمضان، كانت بريئة، وهذا الرّجل كان ينشر الصّحوة الدّينية بطريقته وأسلوبه، يتظاهر بالتّنوير والتّقدم ومدافعًا عن الإيمان في الوقت نفسه. غير أن الثَّورة الإيرانيَّة (1979)، واعتماد تصدير الثّورة، بعد انتصارها، جعل السُّلطة العراقيَّة تتشدد ضد الجماعات الدينيَّة، التي اتخذت مِن الثَّورة الإيرانيَّة متكأً لها، وكأنها تنظر لانتصارها داخل العراق من شبابيك الثّورة، فحاولت بث فورة دينية، وخصوصًا بين صفوف طلبة الجامعات.

قسم الباحث الدراسة إلى أربعة أقسام: أولاً: انطلاق الحملة الإيمانيَّة؛ ثانيًا: مظاهر الحملة؛ ثالثًا: شرعية الإسلام السِّياسي غير المعلنة؛ رابعًا: محاولة العمل مع المتشددين.

يخلص فيها إلى أنّ آثار هذه الحملة على العراقيين، تكفي دليلًا، على أن الصحوة، بالعراق وغيرها مِن البلدان، لم يُنتظر منها مجتمعٌ مثاليٌّ، بل ولا مجتمع طبيعي، فكان من نتائجها التشوه الاجتماعي، بهيمنة التدين المصلحي، الذي يمكن اعتباره تدينًا تجاريًّا، أدى إلى الهبوط الثقافيّ، وإشاعة الخرافة.

قراءة في كتاب: كي لا نصحو ثانيةً: تفكيك خطاب الصحوة وآليات الهيمنة على المجتمع

قدّم عمر البشير الترابي -باحث متخصص في مكافحة الإرهاب، رئيس التحرير في مركز المسبار للدراسات والبحوث- قراءة في كتاب كي لا نصحو ثانيةً: تفكيك خطاب الصحوة وآليات الهيمنة على المجتمع لمؤلفه سعيد السريحي، مقسمًا دراسته في أربعة أقسام: أولاً: التمهيد وفلسفة الكتاب: الحدث ومنهج التحليل؛ ثانيًا: اختلاق الحكايات وإثارة الرعب؛ ثالثًا: توظيف المرجعية الدينية ونشر ثقافة الكراهية؛ رابعًا: إعادة إنتاج الصحوة.

يُبيّن أن الكتاب انقسم إلى تمهيد يشرح طريقة العمل على تشريح خطاب الصحوة باستخدام تحليل الخطاب في النظريات اللسانية الحديثة، يشدد فيه المؤلف على الحيادية. ثم جاء التقديم بعنوان «الخروج من عباءة الصحوة»، فيه تركيز على توصيف الحدث بــ«حالة الخروج»، التي توّجها خطاب صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، في نيوم، والذي قطع فيه برفض سيطرة خطاب الصحوة على المجتمع أو تعطيله لعجلة التنمية. واعتبر المؤلِّف الخطابَ حالةً فارقة؛ لأنه مثّل تخلّصًا من «هيمنة الصحوة على الدولة»، وفرز القراءات للتغييرات الكبيرة التي تعيشها السعودية؛ مؤكدًا أنّ ما ميّزها هو قطيعتها الأيديولوجية مع الصحوة وفخّ المنشقين الدينيين (السبلة، جهيمان، الإخوان)، وأنّ جوهر التغييرات التي يقودها سمو الأمير، يمثل انتصارًا للدولة المدنية.

قدّم الكتاب فصلين رئيسين: الفصل الأوّل: يشرح المفهوم النظري لاستراتيجية الصحوة، وما تعتمده من «تقويضٍ ممنهج وإعادة إنتاج المجتمع»، بدأه بمراجعة مصطلح الصحوة المخاتل نفسه، الذي وظفّته الصحوة لزعزعة ثقة المجتمع في قيمه وتقاليده، ورافقه استحضارها لمفهوم الجاهلية الذي نقله المودودي لآلة تكفيرية معاصرة، منحها سيد قطب بعدًا سياسيًا ومجتمعيًا تكفيريًا، وبثّه محمد قطب في المجتمع والتعليم والثقافة السعودية؛ عبر نُخب تلاميذه الصحويين الذين طوّروا من آليات الاستقطاب، المنبثقة عن مرتكز «زعزعة ثقة المجتمع في نفسه»، عامِدين إلى تعزيز ذلك بــ«اختلاق الحكايات وإثارة الرعب» باستحضار فزاعة الموت وسوء المصير لمن لا يطيعهم. أما الفصل الثاني: فتناول آليات عمل الصحوة، عبر شرح تركيبة التشدد الصحوي وصلتها بالتنظيم الإخواني، قارئًا الجذر الفلسفي لتشدد السلفية.

الأسس الدينية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات

عرض الكتاب هذا النص المترجم من دراسة: La religion dans les affaires: la Responsabilité sociale de l’entrepris، لكل من أورليان أكييه (Aurélien Acquier) أستاذ الاستراتيجية والاستدامة في الكلية العليا للتجارة في باريس (École supérieure de commerce de Paris).، جاك إغالنس (Jacques Igalens) أستاذ المسؤولية الاجتماعية للشركات في كلية بايز للأعمال (Bayes Business School). ، وجان باسكال غوند (Jean-Pascal Gond) أستاذ فخري في كلية تولوز للإدارة، متخصص في إدارة الموارد البشرية والمسؤولية الاجتماعية للشركات. وترجمة واختيار: حافظ إدوخراز، باحث ومترجم مغربي.

ترى الورقة أنه تستلزم العودة إلى المصادر التاريخية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات –بالضرورة- المرور بالشأن الديني؛ نظرًا لأهمية هذا الأخير في سياق نشأة هذا المفهوم. وإذا كانت الجذور البروتستانتية تبرز بوضوح على مستوى الأسس النظرية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، فإن الديانة الكاثوليكية تبدو -بدورها- قد لعبت كذلك دورًا مهمًا في ذلك ولكن على نحو غير جلي. وتظهر هذه الأخيرة بوصفها مصدر إلهام غير مباشر للمفكرين الأوائل الذين نظّروا لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، وتعد الأبوية الصناعية (Paternalisme Industriel) التي ألهمتها الكاثوليكية أحيانًا بمثابة تصور مسبق للممارسات المعاصرة في مجال المسؤولية الاجتماعية. يثير هذا الأساس الديني المزدوج التفكير حول الصبغة التوفيقية و/أو المسكونية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، وحول التعايش المشترك بين أسس دينية متباينة داخل المفهوم.

يخلص فيها إلى أنه يمكن استعمال الخريطة الأوروبية للمؤسسات العائلية والدينية من أجل صياغة فرضيات محددة بشأن نزوع الشركات نحو تبني ممارسات المسؤولية الاجتماعية على المستوى الإقليمي، وبهدف دراسة درجة تأثر المجتمعات المحلية بهذه السياسات. غير أن القيام بمثل هذه الأبحاث يستلزم تحليلًا قبليًّا يستكشف وضع الدين داخل الممارسات والخطابات المعاصرة المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات. جاءت الدراسة في قسمين: أولاً: البروتستانتية: مصدر للمفهوم؛ ثانيًا: الكاثوليكية والمسؤولية الاجتماعية للشركات.