الاحتجاجات العراقية 2019-2020 هل تفرض أفقاً للدولة المدنية؟


يدرس هذا الكتاب الدوافع السياسية والاجتماعية المسببة لغليان المشهد السياسي في العراق، الذي وصل إلى ذروته في احتجاجات 2019، ويطرح أسئلة عن مستقبل الدولة، ومراوغة أحزاب الإسلام السياسي، والنفوذ الإيراني في البلاد.

تطرّقت الدراسات  إلى قضايا الحراك الاحتجاجي والتفاعلات المترتبة عليها، على المستويين الداخلي والإقليمي، وركزت على مسارها التأريخي، منذ العهد الملكي، مروراً بتظاهرات عام 2011، التي فشلت في كسر الطوق الطائفي المفروض من السلطة منذ عام 2003، وصولاً إلى احتجاجات «تشرين» 2019، شارحةً مغزى تعدد المكوِّنات المشاركة فيها، ومفصلةً التطلعات الشبابية الجديدة، عبر الوقوف على تصنيفٍ علمي لشعاراتها.


تم النشر في: April 2020


front160

قائمة الفصول


# اسم الكتاب
1 الاحتجاجات الشعبية في العراق (2003-2019): التاريخ والدوافع
2 الاحتجاجات العراقية 2019 بين الإسلام السياسي الشيعي ومدرسة النجف
3 صراع النفوذ بين الدولة والقوى الدينية والعرقية في العراق
4 موقف المكوِّنات العراقية من احتجاجات 2019
5 تأزم المسار الديمقراطي في العراق والاحتجاجات الشعبية (2003-2019)
6 أثر الاحتجاجات التشرينية على شكل تنظيم الديمقراطية في العراق
7 المواقف الدولية والإقليمية من الاحتجاجات العراقية 2019
8 الموقف الشعبي العراقي من التدخل الإيراني في احتجاجات 2019
9 الصراع الأمريكي- الإيراني في العراق وانعكاسه على احتجاجات 2019
10 الاحتجاجات العراقية 2019 ودورها في بناء الهوية الوطنية
11 النساء العراقيات في احتجاجات 2019: الفاعلية والأدوار
12 المنصات الافتراضية في الاحتجاجات العراقية: الأساليب والتأثير
13 الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي في احتجاجات 2019 العراقية
14 أثر وباء كورونا على الاحتجاجات في العراق ولبنان
15 الفيروس المستجد (كوفيد- 19) واحتمالات تقويض الديمقراطية

شرح الكتاب


ملخص بحوث العدد (160)

الاحتجاجات العراقية 2019-2020

هل تفرض أفقًا للدولة المدنية؟

أبريل (نيسان) 2020

دبي

يدرس مركز المسبار للدراسات والبحوث في كتابه «الاحتجاجات العراقية 2019-2020: هل تفرض أفقاً للدولة المدنية؟» (الكتاب الستون بعد المئة، أبريل/ نيسان 2020)، الدوافع السياسية والاجتماعية المسببة لغليان المشهد السياسي في العراق، الذي وصل ذروته في الحراك الاحتجاجي عام 2019، ويطرح أسئلةً صعبة عن مستقبل الدولة، ومراوغة أحزاب الإسلام السياسي، والنفوذ الإيراني في البلاد.

شارك في الكتاب باحثون وأكاديميون عراقيون، تطرّقوا إلى قضايا الحراك الاحتجاجي والتفاعلات المترتبة عليها، على المستويين الداخلي والإقليمي. ركزت الدراسات على المسار التأريخي العام للاحتجاجات في العراق، منذ العهد الملكي، مروراً بتظاهرات عام 2011، التي فشلت في كسر الطوق الطائفي المفروض من السلطة منذ عام 2003، وصولاً إلى احتجاجات «تشرين» 2019، شارحةً مغزى تعدد المكوِّنات المشاركة فيها، ومفصلةً التطلعات الشبابية الجديدة، عبر الوقوف على تصنيفٍ علمي لشعاراتها. وجرى تحليل مواقف الأحزاب الإسلاموية المحسوبة على إيران، التي حاولت الالتفاف على مطالب المحتجين المنادين برفع «اليد الإيرانية» عن العراق.

الاحتجاجات الشعبية في العراق (2003 - 2019): التاريخ والدوافع

تتناول دراسة ستار جبار الجابري -الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد بالعراق- تاريخ الحركات الاحتجاجية في العراق، وأسبابها ودوافعها، والشعارات التي رفعتها، وتطورات مطالبها، ابتداءً من تشكيل النظام السياسي الحالي في العراق بعد عام 2003، وحتى قيام الحركة الاحتجاجية الأكبر الحالية، التي اندلعت في بداية أكتوبر (تشرين الأول) 2019. كما يتطرق إلى حرية التعبير والحق بالتظاهر في القوانين العراقية، وبداية بواكير الحركة الاحتجاجية العراقية، والحركة الاحتجاجية في عهد حيدر العبادي، مرورًا بانتفاضة البصرة 2018، ووصولاً إلى احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) 2019.

يرى الباحث أن كل تلك الحركات الاحتجاجية والتظاهرات والاعتصامات التي جرت في العراق، وحتى انطلاق الحركة الاحتجاجية الأضخم في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2019، كانت فرصة ذهبية للسلطة الحاكمة وأحزابها، لكي تعيد اللحمة للنسيج الاجتماعي العراقي، وتصحيح بوصلة نظام الحكم.

الاحتجاجات العراقية 2019 بين الإسلام السياسي الشيعي ومدرسة النجف

يسعى حسن الصرّاف –أكاديمي عراقي- في هذا البحث إلى رصد موقف الإسلام السياسي الشيعي مِن الاحتجاجات العراقية 2019، بالمقارنة مع موقف مدرسة النجف الفقهية، ويقف عند جوانب من أدبيات تيارات الإسلام السياسي الشيعي، يَعرض البحث في المحور الثاني الخطاب الديني المنافس للإسلام السياسي، ويبيّن موقفه مِن حركات الاحتجاج في العراق. ويقدّم البحث ويشرح الخطاب الديني بالمدرسة الفقهية التقليدية ويقدّم أنموذجَين من هذه المدرسة: الأوّل: محمّد كاظم الآخوند الخراساني (1839-1911) الذي ساند الحركة الدستورية ضد الملكية الاستبدادية، والثاني علي السيستاني (1930-). ينبني البحث على فرضيتَين: تفيد الفرضية الأولى بأنَّ الفكر السياسي الإسلامي يقدّم المصلحة العامة والنظام العام على ما سواها، بمعنى أنّ الحفاظ على مصالح الأمّة أو الشعب يبرر بقاء الاستبداد، وبالتالي فإنّ أي محاولةٍ لمحاربة هذا الاستبداد إنما هي محاولة لتقويض المحور الأهم، وهو الصالح العام. أمّا الفرضية الثانية، فإنّها تفيد بأن أتباع الإسلام السياسي ينظرون لأيّ حركةٍ احتجاجية تنبثق من خارج منظومتهم الفكرية والعقائدية، على أنها حركة لإسقاطهم ولمحاربة الدين والمذهب، وحتّى حركات الاحتجاج السلميّة والساعية للإصلاح، يتصدّى لها الإسلام السياسي على أنّها حركات معادية.

صراع النفوذ بين الدولة والقوى الدينية والعرقية في العراق

يرى نصر محمد علي -أستاذ في كلية العلوم السياسية بجامعة النهرين بالعراق- أن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وما تبعه من تدمير ممنهج لأركان الدولة ومؤسساتها أنتج تحدياً غير مسبوق لسيادة الدولة العراقية وقدرتها على فرض سلطتها واحتكارها للعنف المشروع، إذ تنافسها، وتتفوق عليها في بعض الأحيان، العديد من القوى الدينية والعرقية التي استثمرت فشل الدولة وضعف مؤسساتها وعجزها عن فرض سلطتها وتنفيذ القانون. وتأسيساً على توفير القوى «شرعية بديلة» باتت الولاءات تنتظم حول هذه القوى، التي تمثل بالغالب انتماءات فرعية (طائفية-عرقية)، على حساب الولاء للدولة. ولما كانت لهذه المكوِّنات امتدادات خارجية، تجاوزت هذه القوى الاستثمار في البعد المحلي الهوياتي، ليمتد ذلك عبر الحدود حيث بات الاستقواء بالخارج، سمة بارزة في أدائها، ويأتي ذلك في سياق دأبها على تعزيز مواقعها ضمن صراع القوى والنفوذ فيما بينها من جهة ومع الدولة من جهة أخرى. وفي الوقت الذي ارتبط فيه ظهور وانتشار القوى الدينية والعرقية في العراق ارتباطاً مباشراً بضعف الدولة وعجزها عن أداء وظائفها ولا سيما الأمنية، فإن غياب الإرادة والرؤية لإصلاح في مؤسسات الدولة، ولا سيما المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، يعني تزايد نفوذ هذه القوى وتمددها على حساب الدولة واستمرار نهج الاختراق الموازي.

موقف المكوِّنات العراقية من احتجاجات 2019

تناول مصطفى جابر العلواني -أكاديمي وباحث عراقي في العلوم السياسية– في دراسته مطالب الاحتجاجات التشرينية ومكوّناتها ومواقفها من التغيير، فيصف المواقف الرئيسة للمكونات العراقية، إزاء الاحتجاجات، والتغيير، حيث أفرز الموقف للمكوِّن الشيعيِّ -في عمومه- خطَّاً فاصلاً بين اتّجاهين: اتِّجاه أول: ويجعل التشيُّعَ نمطاً مذهبياً، مبنيَّاً على التمايز الفقهي، في استنباط الأحكام، فيما يخصُّ المرجعيةَ النجفيَّةَ، ويقرُّ بحقوق الشيعةِ في الإسهام الأعلى في إدارة شؤون الدولةِ -ومشاركة المكونات الأخرى- وفق الدستور. اتِّجاهٌ آخر، يسعى إلى تعميق الانتماء المذهبي، الذي يقدِّم الجامع الطائفيِّ على الجامعِ الوطنيِّ. أما موقف المكوِّن السنِّي فله اتِّجاهان في إطار المواقف: الاتِّجاه الأول لمن هم في إطار العملية السياسية؛ يؤيدون الاحتجاجات، لكن بما لا يمسُّ «وجود النظام السياسيِّ»، أمَّا الاتجاه السنِّيُّ، الذي ليس له تمثيل في العملية السياسية، فإنَّه يؤيِّد الاحتجاجات، ويعلِّقُ آماله على التغيير القادم، على أساس تعزيز الجوامع الوطنية، وإلغاء المحاصصات، وإعادة ترميم الوحدة الوطنية؛ والانتماء الوطنيّ، والمشاركة المتاحة لأيِّ فردٍ، بعيداً عن هيمنة الأحزاب، وتقاسمها السلطة. أما الموقف الكردي، فقد أنتج اتجاهين رئيسين: يتمثَّلُ الأوَّلُ فيما يجتمع عنده الكرد كلُّهم دونما فرزٍ أو استثناء؛ ولا سيَّما إزاء التغيير، الذي قدْ تأتي به الاحتجاجات، هو الداعم للإبقاء على «الكيان الفدرالي للإقليم»، فثمَّةَ من يعتقدُ أنَّ التغيير، أو المحافظة والإبقاء على الوضع القائم، يخضع لما يمكن تحقيقه من مكاسب؛ وهو أمرٌ خاضعٌ للصفقات. وثمة مواقف: تعاني من التسلُّط، لكنَّ حجم معاناتها يختلف من حزب لآخر؛ فمنها ما يدعم الاحتجاجات بشكل مطلق، لكونه ممثلاً للحراك الشعبي ومنبثقاً عنه؛ ومنها من يسعى إلى الإصلاح، وإقرار حقوق الشعب في الاحتجاج، وفي تحقيق الإصلاح بالتغيير؛ الذي يفسح المشاركة العادلة في السلطة، سواء في بغداد أو في أربيل؛ وتبنَّتْهُ الأحزاب التي تميل للتغيير، أو من يتبنى منها جانب المعارضة في أربيل، لما تعانيه من التسلط فيها. أمَّا التركمان، فهم يشعرون مع حكومة بغداد بالأمان والاطمئنان، وهو أمر يجعل سياساتهم في التعامل مع الحكومة المركزية، وأحزاب المكونات متوازنةً؛ فشغلها الشاغل: تجاوز ما يثيرُ التوجُّس من رغبة الإقليم، في ضم كركوك والاستئثار بها؛ أو في إدارة شؤونها، والمسك بملفاتها، تمهيداً لإتباعها للإقليم؛ وهو أمرٌ جعلهم في حذرٍ في التصريح بشأن الاحتجاجات، وبقيت تصريحاتهم عامَّةً، تدور حولَ العمل في ظلِّ الدستور، ومحاولة دعم الإنجاز، ورفع المظالم، لكن؛ بشكلٍ عامٍّ.

تأزم المسار الديمقراطي في العراق والاحتجاجات الشعبية (2003 - 2019 )

يناقش سرمد أمين –أكاديمي عراقي في قسم العلوم السياسية بالجامعة العراقية- في دراسته تأزم المسار الديمقراطي في إطار عملية تقييم شاملة للتجربة العراقية في الديمقراطية بعد عام 2003، ويحاول فيها إحياء هذه التجربة بالإفادة من زخم الاحتجاجات الشعبية المستمرة حتى هذه اللحظة لتصحيح المسار، أو على النقيض من ذلك إضافة ما يجري إلى قائمة الفشل وضياع الفرص المتتالية، وضياع العراق. فيقف على مرجعية الخيار الديمقراطي في العراق بعد عام 2003، ويشرح آليات الديمقراطية العراقية المأزومة بين الأكثرية والتوافقية ويبين حصاد التجربة الديمقراطية في العراق و"موتها". فهو يرى أنه بدلاً من أن تقود الديمقراطية إلى الاستقرار السياسي والسلم الأهلي والتنمية واستعادة المكانة والدور، فقد تسببت طرق تطبيقها في كل الكوارث وشكلت البيئة الفعلية لانطلاق سلسلة من أعمال الاحتجاج على مدى سنوات متفرقة.

أثر الاحتجاجات التشرينية على شكل تنظيم الديمقراطية في العراق

ينظر عبدالعزيز عليوي العيساوي -أستاذ في كلية القانون والعلوم السياسية في جامعة الأنبار (العراق)- بواقعية إلى التجربة العراقية في التحول الديمقراطي، مشيرًا إلى أن النظام السياسي العراقي الجديد، الذي تعكز منذ بداية تشكيله بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 على الديمقراطية التوافقية، يسعى جاهداً إلى إخفاء حقيقة المحاصصة التي لم تغادره في أية مناسبة، بل على العكس من ذلك وجدت بيئة مناسبة في عقلية الطبقة السياسية، وكذلك في الثقافة السياسية للعراقيين التي اتسمت بأنها ثقافة خضوع لتنمو وتستفحل عمودياً وأفقياً حتى باتت مغنماً يتلو كل تجربة انتخابية -على حد وصف الكاتب. كما ينظر بواقعية التجربة التوافقية الاختيارية والتوافقية الإجبارية، ويدرس أسباب وتأثير الاحتجاجات في النظام السياسي العراقي. ويخلص إلى أن أمام العراق ثلاثة احتمالات مستقبلية للنظام السياسي العراقي هي: أولاً: الإبقاء على النظام السياسي دون تغيير. ثانياً: تغيير النظام السياسي بفعل الاحتجاجات. ثالثاً: إصلاح النظام السياسي عن طريق الانتخابات.

المواقف الدولية والإقليمية من الاحتجاجات العراقية 2019

تهدف دراسة أركان إبراهيم عدوان -أستاذ في كلية القانون والعلوم السياسية في جامعة الأنبار بالعراق- إلى محاولة قراءة المواقف الخارجية من الاحتجاجات العراقية، وفقاً لتصريحات الدول المعنية، وسياساتها الواقعية، تجاه الأوضاع في العراق، وتتناول مواقف كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وإيران، ومنظمة الأمم المتحدة، بشكلٍ مفصل من الاحتجاجات العراقية، باعتبارها أبرز القوى الفاعلة، والمعنية بالأحداث التي يشهدها العراق، فضلاً عن الإشارة إلى مواقف الدول العربية والإقليمية الأخرى من الأوضاع على الساحة العراقية في محور مستقل. فاتسمت المواقف الدولية والإقليمية من الاحتجاجات العراقية، بالتفاوت وفقاً للعلاقات السياسية والاقتصادية بين كل دولة وأخرى، بغض النظر عن الموقف من الشعب العراقي، وحقوقه ومعاناته. إذ اتخذت كل دولة موقفها بناءً على معادلة تقوم على أساس العلاقات مع الأطراف الرئيسة المعنية بالأوضاع في العراق، وليست على أساس العلاقات مع العراق، والموقف من إجراءات الحكومة العراقية بحق المحتجين. بمعنى أن مواقف الأطراف الإقليمية والدولية من الاحتجاجات العراقية، قائمة بالأساس على العلاقة مع النظام السياسي الحاكم في العراق، فضلاً عن العلاقات مع الدول الحليفة له. وبالتالي؛ فإن موقف كل طرف من الاحتجاجات توقف على رؤيته للنظام السياسي العراقي، وحلفائه بدرجة أساسية، ولم يتوقف على الموقف من الشعب العراقي. وبناءً على ذلك، تحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية والعسكرية، والمساومات بين القوى الدولية والإقليمية، دونما إيجاد موقف دولي واضح بشأن حقوق الشعب العراقي، ومطالبه المشروعة، الأمر الذي يفسر استمرار الأحزاب والنخب السياسية العراقية، بالتعنّت واتباع السياسات التصعيدية في التعامل مع المحتجين.

الموقف الشعبي العراقي من التدخل الإيراني في احتجاجات 2019

يرى ميثاق مناحي العيسى -باحث ومحاضر في مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة كربلاء بالعراق- أن مواقف المجتمع العراقي من التدخل الإيراني تنوعت في مراحله الأولى حسب طبيعة تكوين المجتمع وتوزيعه الجغرافي؛ إلا أنها أخذت تتغّير تدريجياً باتجاه الرفض وعدم القبول، حتى وصلت لما وصلت إليه اليوم من خلال الاحتجاجات التي انطلقت منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) 2019. وعلى الرغم من أن المواقف الشعبية العراقية تجاه التدخل الإيراني، تغيرت شيئاً فشيئاً وفقاً للمصلحة المذهبية والقومية طيلة الـ(17) سنة الماضية، فإنها بقيت -بشكل عام- محافظة على مواقفها التاريخية والمذهبية والقومية، وربما تكون قد تغيرت بشكل جذري من الناحية الاجتماعية، لا سيما في المحافظات الوسطى والجنوبية ذات الغالبية الشيعية.

يحاول الكاتب التأكد من تلك الفرضيات من خلال أسئلة عدة أهمها: كيف يمكننا أن نستقرئ الموقف الشعبي العراقي تجاه التدخل الإيراني بشكل موضوعي بعيداً عن الاصطفافات الأيديولوجية وسياسة المحاور؟ وما المعايير العامة التي من خلالها يمكن أن نستقرئ الموقف الشعبي العراقي تجاه التدخل الإيراني؟ وكيف يمكننا حل هذه الإشكالية الجدلية في ظل النقاش الدائر بين الأوساط الشعبية والسياسية والإعلامية بخصوص الموقف الجماهيري من النفوذ الإيراني في العراق؟ وهل ستكون الاحتجاجات العراقية البداية الحقيقية لإنهاء هذا الدور؟

يفصّل الباحث تلك المواقف طبقاً للمراحل التاريخية والتحولات السياسية التي مرت بها الدولة العراقية بعد عام 2003؛ وصولاً إلى ثورة تشرين السلمية. ويشير إلى أن السياسة الإيرانية والنفوذ الإيراني في العراق تعرضا للانكشاف السياسي والأيديولوجي والشعبي من خلال الـ(17) سنة الماضية؛ وبالتحديد بعد عام 2014، وأن المبررات التي استندت عليها السياسية الإيرانية أصبحت مكشوفة لدى الشعب العراقي. وهذا مؤشر كبير على تآكل النفوذ الإيراني في العراق، ولا سيما إذا ما استمرت طهران «بالأسس نفسها» التي تعاملت فيها مع بغداد بعد عام 2003.

الصراع الأمريكي- الإيراني في العراق وانعكاسه على احتجاجات 2019

درس عبدالكريم كاظم عجيل -أستاذ العلاقات الدولية في كلية الإعلام بجامعة ذي قار بالعراق- طبيعة الصراع بين إيران والولايات المتحدة، الخيارات الأمريكية- الإيرانية في العراق ما بعد "داعش"، ويبين موقف واشنطن وطهران من الاحتجاجات العراقية، وأثر التوتر الأمريكي- الإيراني على القوى العراقية. مشيرا إلى انحصار الخلاف بين الفرقاء السياسيين حول وجود القوات الأمريكية في العراق، حيث تم تحويل الأزمة التي تمثلت بمظاهرات أكتوبر (تشرين الأول) 2019 المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد وتعديل الدستور، إلى المطالبة بإخراج القوات الأمريكية، حيث شكل اغتيال المهندس وسليماني، ومن قبلهما استهداف مواقع للحشد الشعبي، نقطة تحول أساسية في خط الأزمة التي تعاني منها العملية السياسية في العراق منذ زمن. وبهذا الصدد كشف الواقع أن الحكومة العراقية ليس بمقدورها تلبية مطلب إنهاء الوجود العسكري الأمريكي، على النحو الذي ترغبه إيران ويتوافق مع مصالحها ورؤيتها، بسبب الترتيبات السياسية والأمنية في العراق، خاصة في ظل برنامج التعاون الأمني الأمريكي– العراقي الذي امتد لسنوات، وهو ما يعني أن تباينات حلفاء إيران في الداخل العراقي قد تنعكس على العملية السياسية الحالية، في حالة ما إذا استمر هذا المأزق.

الاحتجاجات العراقية 2019 ودورها في بناء الهوية الوطنية

يرى أيمن أحمد محمد -باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد بالعراق- أن عملية ترسيخ الهوية الطائفية والانتماءات الفرعية التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة على العراق بعد عام 2003، شكلت أحد أبرز الأسباب التي دفعت المواطن العراقي إلى تغيير طبيعة تفكيره، ليتحرر من قيود الطائفية الدينية والهوية الفرعية والولاء لغير الوطن، بعد اكتشافه أن تلك الممارسات عدت أساليب ممنهجة اعتمدتها تلك القوى والأحزاب السياسية لتعميق الانقسام المجتمعي، وصلت ذروته إلى حد إلغاء الفرد الذي يعد جوهر الوجود ونواة المجتمع ومحور العملية السياسية، هذا الوعي أسهم تدريجياً بظهور احتجاجات شعبية تؤمن وتطالب بالهوية الوطنية والمواطنة، على أساس يجمع كل أشكال التعدد والتنوع في المجتمع العراقي.

النساء العراقيات في احتجاجات 2019: الفاعلية والأدوار

رصدت سميرة إبراهيم -باحثة عراقية- دور المرأة العراقية في احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وقدمت تحليلاً لتطور الأحداث ومشاركتها في التظاهرات والاعتصامات وفي الحراك الاجتماعي بمعناه الأوسع في مشاركتها على مختلف المنصات الحقيقية والافتراضية، وأشارت إلى دوافعها ومطالبها من هذا الحراك، كما أجرت الباحثة استطلاعًا لرأي بعض المتظاهرات، طُرحت فيه مجموعة من الأسئلة لتحري آرائهن في الحراك، وأسباب مشاركتهن وأهدافهن منه. مشيرة إلى أنه ليس ثمة شك من أن «حراك تشرين» شكل نقطة تحول بالنسبة للمرأة العراقية.

المنصات الافتراضية في الاحتجاجات العراقية: الأساليب والتأثير

تناولت سهام حسن علي الشجيري -أستاذة في كلية الإعلام بجامعة بغداد في العراق- في دراستها دور منصات التواصل الاجتماعي في الاحتجاجات العراقية (2019-2020) فعالجت كيفية توظيفها من قبل الناشطين باعتبارها نواة التغيير في ظل التقانة الحديثة والفضاءات الافتراضية، التي تثير سجالاً كبيراً لدى مختلف الفئات المرتبطة بالواقع الاحتجاجي العراقي؛ لدورها في إيصال رسائل المحتجين، والتواصل مع العالم، وتفسير الأسباب التي جعلت الحراك الشعبي يعتمد عليها في تسويق قضايا ومطالب المحتجين.

يهتم البحث بوصف عناصر أهم أشكال المنصات كالصور والفيديوهات، والهتافات والتغريدات والهاشتاجات، والنص والصورة، وكل ما تم طرحه في الاحتجاجات، وفق رصد مضمون الرسائل والأساليب والاستمالات وارتباطها بالحدث نفسه، وتوصيفها للحراك الاحتجاجي، وصفاً يجيب عن حجم دور المنصات في تفعيل وتحفيز ودافعية للمحتجين، والتركيز على التغريدات والهاشتاجات، والشعارات، التي تعد أهم أدوات الهوية البصرية بل وأبرزها، لأنها تعتمد على الإيجاز الشكلي في الصيغ البصرية التي يتكون منها بناؤها، وتثير –بدورها- معاني ومضامين ذات دلالات مرتبطة بالاحتجاجات، ويكون هدف كتابتها أحيانا رسالة ما، وعرفت منذ زمن معبرة عن هوية ما، وتعد أكثر أدوات الهوية البصرية تطورا ومواكبة لكل التوجهات الثورية والانتفاضات والمطالبات الشعبية. وتعامل الناشطون مع المنصات وتطبيقات التراسل بطريقة احترافية، واستطاعوا بواسطتها تحشيد الآلاف وخلق رأي عام مساند لهم في مطالبهم السلمية، مما وضع الجهات الحكومية الرافضة للاحتجاج في حرج أمام العالم. ويحاول البحث الإجابة عن الإشكاليات الآتية: ما الحاجة للتركيز على دور المنصات في إبراز مطالب المحتجين، وفق الأساليب والأشكال المستخدمة في المنصات؟ وما دلالة استخدامها؟ ما طبيعة رصد الحراك الشعبي ومطالب المحتجين عبر المنصات، والقضايا المطروحة فيها؟ كيف يتم وضع معايير صناعة خطاب احتجاجي في الفضاءات الافتراضية؟ كيف يتم تحديد الأسس الكفيلة بإيصال أنشطة المحتجين، كالصفات والأفعال التي أظهرتها المنصات؟ ما الاستمالات العاطفية والعقلانية، وما القوى الفاعلة التي عكستها وفق الأشكال الاحتجاجية التي لجأ إليها المحتجون، عبر المنصات؟

الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي في احتجاجات 2019 العراقية

يشير وعد إبراهيم خليل -أستاذ مساعد في قسم الإعلام بكلية الآداب، في جامعة الموصل بالعراق- في دراسته إلى أن الوطنية هي السمة الأبرز التي أظهرتها الصور المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي عن المتظاهرين الشباب، من خلال رفع راية الوطن كرمز واحد لكل المتظاهرين، وأن السلمية كانت هوية المتظاهرين الأساسية؛ مشيراً إلى أن جزءاً أساسياً من المتظاهرين ترك مقاعد الدراسة، وتوجه إلى ساحات التظاهر على الرغم من المخاطر المترتبة على ذلك، مستفيدين من دعم نقابة المعلمين التي أعلنت الإضراب العام في مرحلة من مراحل التظاهرات.

وأكدت الدراسة أهمية دور المرأة العراقية بوصفها شريكاً أساسياً في التظاهرات، ولفتت إلى دورها الفاعل والمؤثر بطريقة فاجأت الجميع. كما حظي شهداء التظاهرات بمكانة مهمة لدى المتظاهرين، تجلت في الصور التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، والتي توزعت بين رفع صورهم أو تخليد أسمائهم وتوثيقها. فيما ساهم الفنانون والمبدعون من المتظاهرين بتقديم رسالة مختلفة عن الاحتجاجات، من خلال الفن المعبر عن أفكارهم وشعاراتهم التي زينت مناطق الاحتجاج.

أثر وباء كورونا على الاحتجاجات في العراق ولبنان

يخلص محمد مختار قنديل -باحث مصري متخصص في شؤون الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة- في دراسته، إلى أنه على الرغم من أن المؤشرات كافة تفيد بانخفاض وتيرة الاحتجاجات في ظل انتشار وباء كورونا، خصوصاً في الأنموذج العراقي؛ فإن سوء الأوضاع الاقتصادية، والآثار المترتبة على انتشار الوباء، وانخفاض أسعار النفط عالمياً، من شأنها الإنذار بموجة جديدة من الاحتجاجات، ربما تأخذ منحنى تصاعدياً حال احتواء وباء كورونا. ففي العراق، على الرغم من التوافق النسبي على حكومة مصطفي الكاظمي، بخلاف غيره من رؤساء الحكومة المكلفين، فإن حكومته تواجه تحديات رئيسة أهمها استنزاف الصناديق العراقية نتيجة الآثار الاقتصادية الناجمة عن تفشي وباء كورونا عالمياً، والهبوط في أسعار النفط من زاوية أخرى، ومن ثم تضعف محاولات الحد من الاحتجاجات والتظاهرات.

أما في الأنموذج اللبناني، فقد استمرت التظاهرات في ظل الوباء، ويرى الباحث أن الشعارات المطلبية التي رفعها المتظاهرون ، تدفع نحو ضرورة الإسراع بتفعيل خطة الإصلاح الاقتصادي في البلاد، المعلنة في 30 أبريل (نيسان) 2020، ومحاولة التخفيف من حدة الفجوة بين قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار في السوق السوداء مقارنة بالسعر الرسمي، والتوصل لحلول في قضية المصارف اللبنانية، خاصة في ظل محاولات حزب الله السيطرة عليها.

الفيروس المستجد (كوفيد -19) واحتمالات تقويض الديمقراطية

سادت تحليلات سياسية رأت أن عدداً من الأنظمة الديمقراطية تستغل انتشار الفيروس المستجد (كوفيد -19) من أجل ترسيخ «الاستبداد» وتقييد الحريات العامة وتقويض القانون وتقوية قبضة الأحزاب الحاكمة.

أدت الاستعانة بالوسائل التكنولوجية الرقابية لتفعيل أنظمة التتبع والرقابة للحد من انتشار الوباء، في موازاة اعتماد ديمقراطيات عدة لحالة الطوارئ، إلى تنامي التوقعات القلقة حول مستقبل الديمقراطية. لذلك في عددها هذا، أعدت وحدة الرصد والترجمة في مركز المسبار للدراسات والبحوث هذا التقرير الذي يجمع مقالين –ترجما عن الإنجليزية- يتوقعان أن تشهد الديمقراطية في دول عدة، حالة من التخبط والتراجع، تحديداً في «الديمقراطيات المتعثرة»؛ إذ إن مسار التحركات والإجراءات الحكومية في تركيا والفلبين والهند والمجر -على سبيل المثال لا الحصر- يطرح سيناريوهات متشائمة، لكن يبقى للديمقراطيات الراسخة القدرة على حشد الجهود للدفاع عن الحرية عالمياً في وقت يتزايد فيه الخطر.