يناقش الكتاب مجموع الفرضيات التي ترصد المحدِّدات والسياقات العامة التي فرضت على عدد من القيادات والجماعات الإسلامية، طرح مراجعات تكتيكية، فشلت في نفي العنف. سعى الإسلاميون إلى تلميع صورتهم وإيهام الرأي العام أنهم أصحاب مشروعات حديثة تتماشى مع إيقاع العصر، والناظر في الواقع يجد أنهم استغلوا الاضطرابات السياسية والأمنية لتمرير أجندتهم التي بقيت مدججة بالأيديولوجية الإسلاموية. يتصدى الكتاب للخلاصات المتسرعة؛ التي تظن أن الحركات والجماعات الإسلامية تريد مفارقة خيارات العنف، فعلاً؛ أو مراجعة التوظيف السياسي للإسلام. برهنت الأحداث أنها غير قادرة على الانفصال عن الراديكالية وبناء رؤية مغايرة، تتخلى عن معاداة تطور المجتمع والدولة.
تم النشر في: August 2019
# | اسم الكتاب |
---|---|
1 | مراجعات الحركات الإسلامية: المعالم والتفاعلات |
2 | مراجعات الإسلاميين بعد 11 سبتمبر (أيلول): المحدِّدات والسياقات |
3 | فشل مراجعات الإسلاميين: مركزية التنظيم وهامشية الفرد |
4 | تحولات السلفية بعد «الربيع العربي»: الحالة المصرية أنموذجاً |
5 | تحولات الطرق الصوفية بعد أحداث «الربيع العربي» |
6 | المراجعات الفكرية «للجماعة الإسلامية» المصرية |
7 | مراجعات الإسلاميين الجهاديين في المغرب: دراسة مقارنة |
8 | التطور في الفكر السياسي الشيعي المعاصر |
9 | الخطاب السلفي في الجزائر: واقع التوحّش ومآل الصراع |
10 | الكتاب: الإسلاميون التقدميون: التفكيك وإعادة التأسيس |
يناقش مركز المسبار للدراسات والبحوث في كتابه «مراجعات الإسلاميين: العودة إلى التطرف» (الكتاب الثاني والخمسون بعد المئة، أغسطس/ آب 2019) مجموع الفرضيات التي ترصد المحدِّدات والسياقات العامة التي فرضت على عدد من القيادات والجماعات الإسلامية، طرح مراجعات تكتيكية، فشلت في نفي العنف. ويتصدى الكتاب للخلاصات المتسرعة؛ التي تظن أن الحركات والجماعات الإسلامية تريد مفارقة خيارات العنف، فعلاً؛ أو مراجعة التوظيف السياسي للإسلام.
استعرض منتصر حمادة، الباحث المغربي مدير مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث بالرباط، في دراسته ثلاثة محاور رئيسة لمعالم مراجعات الحركات الإسلامية: الأول، خصصه للتعريف بمقامات المراجعات المعنية في المشروع الإسلامي الحركي؛ وأما الثاني فخصصه للتوقف عند بعض المضاعفات المصاحبة لمرحلة المراجعة، والتي تهم المتديّن الإسلامي الحركي الذي قرّر الانخراط في المراجعات، وأخذ مسافة نظرية وتنظيمية من المشروع الإسلامي الحركي الذي كان ينتمي إليه؛ وأخيراً، المحور الثالث، فخصصه للتوقف عند طبيعة العدة النظرية التي من شأنها مساعدة الباحثين والمتتبعين على قراءة ظاهرة المراجعات وتفسيرها، بما في ذلك ترويجها لدى أتباع هذه الحركات. مبيّنا الاتجاهات ذات الصلة بظاهرة «المراجعات»؛ وهي: المراجعات المفصلية: ويقصد بها إعلان المتديّن الإسلامي الحركي المعني، سواء كان سلفياً جهادياً أو إخوانياً مثلاً، الانفصال النهائي عن المشروع الإسلاموي، متحدثاً عن انفصال نظري في موازاة مع انفصال تنظيمي. المراجعات المترددة أو المراجعات النسبية، وغير المفصلية، وتكاد تكون مراجعات زئبقية، بمعنى أنها لا تركن إلى اتجاه نهائي في التعامل مع المشروع، أي الركون إلى إعلان الولاء أو إعلان الطلاق، وغالباً ما ترتبط أسباب هذا التردد في مضاعفات ما بعد الانتماء، لأنه يصعب من متديّن، كان إلى وقت قريب يؤمن بأن التدين الذي كان ينتمي إليه، يُجسد الدين، ولكنه أصبح مقتنعاً لاحقاً أن الدين الخاتم، أي الإسلام، «أسمى وأنبل» من أن يُصنف في خانة حزبٍ ديني أو حركة دينية أو جماعية أو طريقة أو شيء من هذا القبيل. المراجعات الصورية، وهي مراجعات غير حقيقية، وإنما مراجعات شكلية، تندرج في باب الازدواجية أو التقية، وهي المعمول بها أكثر، وغالباً ما تكون أسبابها مرتبطة بالابتعاد عن المتابعات السياسية والإعلامية وغيرها، ونقصد بها ترويج خطاب المراجعات دون العمل بمقتضى هذه المراجعات، بما يُفضي إلى تكريس نوع من الاحتيال على الرأي العام وصناع القرار. يرى الباحث أن الانخراط في تقويم أداء الحركات الإسلامية، ومن ذلك الاشتغال على موضوع المراجعات، انطلاقاً من المرجعية الصوفية، يُفضي إلى مجموعة من الخلاصات التي تغذي هذا الخلاف الجلي بين المشروعين، حيث يعاين انخراط الإسلاميين (الإخوان والسلفية) في نقد التصوف، بينما يعاين نفور الصوفيين من العمل الإسلامي الحركي، دون الذهاب إلى مقام «توزيع صكوك الأخلاق» أو «صكوك المرجعية الإسلامية» على الحركات الإسلامية، وهنا يرى أنه مكمن الفرق الكبير بين النقد الصادر عن هذا المشروع أو ذلك.
عالج محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض– المغرب، في دراسته الإشكالية الرئيسة التي تتمحور حول مدى قدرة ومساهمة «آلية» أو خيار «المراجعات الفكرية» في الحد من ظاهرة انتشار الفكر المتشدد والمتطرف، والقضاء والتضييق كذلك على ظاهرة انتشار «المشايخ والدعاة الجهاديين» الذين تحولوا وفق سياقات وظروف معينة -خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001- إلى منابع ومنصات لنشر الأفكار المتشددة، موظفين كذلك، التكنولوجيا الجديدة، والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وما توفره من سهولة وانسيابية في التواصل ونشر المعلومة. هذه الإشكالية سيتم تفكيكها ودراستها ومعالجتها من خلال ملامسة بعض الجوانب والتجارب والأحداث، وذلك من خلال محاولة الإجابة عن بعض الأسئلة البحثية الفرعية التالية: ما المقصود بالمراجعات الفكرية؟ وما السياقات والعوامل التي ساهمت في بروز هذا المفهوم؟ وما المحددات التي يرتكز عليها هذا المفهوم؟ كيف تبلور وظهر مصطلح أو مفهوم المراجعات الفكرية؟ وما الأسس والمرتكزات النظرية والإجرائية التي سمحت بتبني هذا المسلك في مواجهة التطرف والإرهاب؟ ما البدايات والإرهاصات الأولى لظهور خيار المراجعات الفكرية؟ وما الشروط أو البيئة التي تسمح باللجوء إلى هذا الخيار؟ وكيف وظفت بعض الدول العربية والإسلامية هذه المراجعات للحد من ظاهرتي التطرف والعنف؟ ما أبرز نقاط التمايز والتطابق بين تجارب دول المشرق والمغرب العربي في ما يخص آلية المراجعات الفكرية خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2011؟ وكيف انعكس مسلسل المراجعات على مستوى مكافحة التطرف داخل فئات المجتمع؟ وهل يمكن اعتبار هذا المسلك مدخلاً أساسياً وجوهريا للحد من ظاهرة انتشار دعاة التطرف والتشدد؟ وفي إطار معالجة التساؤلات المتفرعة عن الإشكالية موضوع الدراسة، صاغ الباحث بعض الفرضيات التي شكلت المنطلق والأرضية في هذا البحث. الفرضية الأولى: إن الاعتداءات الإرهابية وتصاعد العنف الجهادي في كثير من الدول، لا يرجع إلى كون الإسلام، يحرض في ذاته على العنف، إنما لكون ظروف اجتماعية وعوامل سياسية ودولية هناك جعلت بعض الإسلاميين تحت غطاء بعض التفسيرات المتشددة للنصوص الدينية يلجؤون إلى استعمال العنف مثل باقي الأصوليات، سواء النازية أو الفاشية التي بنيت هي كذلك على الدين. الفرضية الثانية: الإسلاميون المتشددون بمختلف ميولهم أو أصنافهم، سواء الجهاديون أو التكفيريون الذين ينظرون إلى المجتمع والدولة نظرة خاصة، ويكفرون الآخرين بناء على مسوغات فقهية ينقلونها من بعض شيوخ «التيار الجهادي»، لا يسعفهم إرثهم الثقافي والفكري في التعاطي مع فكرة «دولة المؤسسات الدستورية وفصل السلطات». الفرضية الثالثة: تفترض الحركات الراديكالية أن الإسلام ليس مجرد بديل أيديولوجي للمجتمعات المسلمة، ولكنه تكليف وضرورة دينية وسياسية، وبما أن الإسلام هو أمر الله، فإن التطبيق يجب أن يكون فورياً، وليس تدريجياً، وهذا العمل فرض على كل المسلمين، ومن ثم فإن الأفراد والحكومات، الذين يترددون ويبقون على سياستهم، أو لا يقاومون لا يمكن اعتبارهم مسلمين، فهم «كفار أو مارقون»، و«أعداء الله»، يجب أن يعلن المسلمون الحقيقيون الجهاد ضدهم. الفرضيات السابقة تتمحور حول المحددات الثلاثة، الاجتماعية والفكرية والعقائدية، بالإضافة لبعض العوامل الخارجية كالاحتلال والسياسات الغربية. وفي إطار محاولة إيجاد وبلورة إجابات للأسئلة المرتبطة بإشكالية البحث، قسمه الباحث إلى محورين: بحيث خُصّص المحور الأول، لمعالجة لمفهوم وسياق بروز المراجعات الفكرية بشكل عام، والتعرض بشكل خاص إلى بعض التجارب في المشرق والخليج العربيين قبل وبعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2011. أما المحور الثاني، فخصّصه لظاهرة المراجعات الفكرية بمنطقة المغرب العربي، ومحاولة مقارنتها بالتجارب الأخرى. ويخلص إلى أن ارتباط مسلك المراجعات بسياقات معينة، وظروف داخلية (أحداث إرهابية محلية) وخارجية (11 سبتمبر/ أيلول)، جعل من هذا المسلك، يتأثر بـ«ظرفية انفعالية»، غايتها احتواء الأزمة وتقديم حلول تبدو متسرعة، وهذا الأمر، لا يساعد على مأسسة وتثبيت خيار المراجعات، كمدخل أساسي واستراتيجي لمحاربة الأفكار والتصورات الدينية الخاطئة التي ينهل منها البعض مجموع معتقداته وأدبياته. ويرى أن النقد العميق والجذري لأفكار الماضي وممارساته، لم يقابله على مستوى المراجعات وضع نسق فكري وأيديولوجي جديد منقطع الصلة بالقديم، ليكون هو المحدد للتيارات الدينية في الحاضر والمستقبل.
تناول أحمد زغلول شلاطة، الباحث المصري، في دراسته المراجعات وفق طبيعة القائم بها، حيث يستهدف هذا المحدد التعرف على كيفية تمام الدفع بمحاولة المراجعة هذه إلى الخروج. ويحدد ذلك عبر صُورتين؛ إما أن تكون قد صدرت بصورة «مركزية» عبر القيادة الرسمية للتنظيم، أو بصورة «غير مركزية» في حال كانت دون ذلك سواء عبر كبار الرموز أو عموم القواعد. وفي ضوء عرض فكرة المراجعات داخل جماعة الإخوان المسلمين عبر أكثر من ثمانين عامًا مرت على وجودها؛ يجد الباحث استمرارية التنظيم بأفكاره واختياراته على الرغم من أزماتهم السياسية والاجتماعية. وأن ما قيل عن وجود مُراجعات هو أمر هامشي غير مؤثر في بقاء وممارسات التنظيم، حيث تظل مثل هذه الخطوة بصورة مركزية هي أمر استثنائي يحدث في ضوء أزمات التنظيم الكبرى، فضلاً عن ارتباط التجارب اللامركزية بالتغيرات التي تحدث للأعضاء، يضاف إليها الصراعات التنظيمية. وعليه تظل قراءة وتحليل تأثير هذه المحاولات أمراً غير ملموس في ظل مركزية أفكار المؤسس وعدم الرغبة في تطوير المرجعية عبر طرحها للنقاش العام أو على الأقل بصورة داخلية. يخلص الباحث إلى أنه على الرغم من مُجمل الاتفاق بين من قدّموا مُراجعات وانتقادات للتنظيمات الإسلامية القائمة، والتي تقاطع أهداف كل منهما وفقًا للأفكار المطروحة، على الرغم من اختلاف السياقات السياسية والتنظيمية وسبل التفاعل معها، فإنّ أيّاً منهم أو أفكارهم لم يستطع تحقيق نجاح حقيقي في مسارات هذه التنظيمات، فقط كان التأثير بأفكارهم دافعاً لإعادة نظر بعض القواعد فيما طرح، ومع سطوة التنظيم لم يفلح أي من هؤلاء في تحقيق إضافة أو تحسين أوضاع تنظيماتهم، فانتهى بهم الأمر -سواء القيادات أو القواعد- إلى مسارين: مسار العودة إلى الحظيرة التنظيمية بهدف الإبقاء على ما حققوه من أوضاع مالية واجتماعية بفضل الحواضن التقليدية الناشئة على تخوم هذه التنظيمات، حيث إن الإبعاد عنها يكون بمثابة إنهاء للحياة في ظل فقدان مُختلف الروابط القائمة بناء على الانتماء التّنظيمي. مسار البعد عن التّنظيم وهو على صورتين، بأن يقوم العضو بالتجميد الذاتي لعضويته، والصمت والاكتفاء بحياة هادئة بعد ذلك، أو التمسك بانتقاداته والدعوة إليها والانتقاد المعلن لمُمارسات التنظيمات وتحمل تكاليف مثل هذه الخطوة.
درس حسين علاوي، أكاديمي عراقي بكلية العلوم السياسية بجامعة النهرين، خريطة الجماعات السلفية في مصر، واستعرض (3) توجهات في تقسيمها، فالأول يقوم بتصنيفهم على أساس العمل الوظيفي إلى جماعات رسمية وجمعيات غير رسمية، وتقسيم ثانٍ يذهب إلى تصنيف السلفية من حيث المضمون الفكري للجماعات الحاضنة إلى السلفية التقليدية وسلفية المنهج، ثالثاً: السلفية الجهادية والتي تمثل التيار المسلح الذي يحاول أن يجمع بين إرث العنف السياسي للجماعات والصراع مع السلطة، مع نهل عند جزء من هذا التيار من المرجعية التكفيرية. ثم يتناول السلفية في مصر ما بعد ما يسمى بالربيع العربي. كما يسلط الباحث الضوء على السلفية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي. ويرى الباحث أن التحولات الكبيرة التي مرت بها مصر، تشير إلى أن وجود مقاربات سياسية ومسار لعمل جديد ستقوم به الحركة السلفية كونها حركة براغماتية تهدف للوصول إلى السلطة، وتستثمر كل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويخلص إلى أن تحول حزب النور وغيره من التيارات السلفية الجديدة في مصر، يُترجم قدرة البيئة السياسية على إنتاج تيارات جديدة أكثر براغماتية، لكن خطابها السياسي سيكون محط اختبار أمام التحولات السياسية وحالة الاستقرار الهش في التجربة المصرية. ويشير إلى قدرة النظام السياسي المصري في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي في إدارة فضاءات العمل والأداء الفاعل باتجاه تفكيك مشاكل الاقتصاد المصري، وهي قدرة كفيلة بصناعة الضغط غير المباشر لانحسار التيارات السياسية للإسلام السياسي ومنها السلفية في مصر، وهذا ما يجعل هامش الحركة للسلفية في مصر مرتبطاً بحالة الأداء المقبل للحكومة المصرية التي إن فشلت في تفكيك الأزمات في المجتمع المصري فستدعم اندفاع السلفية وغيرها من تيارات الإسلام السياسي، أو العكس فالنجاح الحكومي سيجعلها تخسر من مساحة عملها لصالح الأحزاب المحسوبة على المرجعية العلمانية أو قل الأحزاب التي لا تروج «للمرجعية الإسلامية» في نسختها الحركية، الإخوانية والسلفية على حد سواء.
يرى محمد مساعف، باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية حول الأمن والإرهاب بالرباط، أن الصوفية أو التصوف الإسلامي تعتبر ظاهرة فكرية، وهي تصور وتطبيق وسلوك وتعبد واعتقاد ومعتقد، وبما أن كل ظاهرة تتطور وتتغير بتغير الأحداث سواء أكانت سياسية أم ثقافية أم اجتماعية بمختلف أبعادها ومستوياتها، فإن رواد الصوفية وأتباعها والمتحكمين في سيرها ونمط تطورها، تأثروا وتفاعلوا مع مجريات الأحداث العامة التي تطبع المجتمع العربي والإسلامي، خصوصاً إبان وبعد ما اصطلح عليه بالربيع العربي، فتعددت بذلك المراجعات التي طبعت ظاهرة التصوف الإسلامي في عمومها، فهناك مراجعات ذات طبيعة عقدية، ومراجعات ذات طبيعة منهجية ومراجعات ذات طبيعة هيكلية انكبت على الجانب التنظيمي. ويشير إلى أن المراجعات التي تتنافى وقصد الصوفية الإسلامية المتمثل في الابتعاد عن الدنيا والترفع عن كل ما يحيط بها من ممارسات والتوجس منها، كانت المراجعات التي قامت بها الصوفية الإسلامية في الفكر السياسي وعلاقتها به والتي اتسمت في غالبها بالتأثير والتأثر، وهو ما يقف عنده الباحث بالدراسة والتحليل من خلال التطرق إلى التصوف الإسلامي والسياسة، وكذلك موقف الصوفية من السياسة قبل الربيع العربي وبعده، وتحولات الصوفيين بعد الربيع العربي. ويرى الباحث أنه على الرغم من التزام معظم الطرق الصوفية الصمت حيال ثورة 25 يناير (كانون الثاني) إبان قيامها، فإن الساحة الصوفية شهدت عقب نجاح الثورة في إسقاط نظام الرئيس السابق محمد حسني مبارك تغيراً واضحاً في منهجها وطريقة تعاملها مع الثورة، ولا سيما إزاء مبدأ الطاعة للحاكم والتغيير.
يرى مصطفى زهران، باحث مصري متخصص في الحركات الإسلامية، أن الجماعة الإسلامية ظلت منذ نشأتها ينظر إليها على كونها تجربة مصرية محلية خاصة، جمعت بين الحركية والجهادية المتشددة، من حيث تكوينها وأطرها الإسلامية التنظيمية والفكرية والهيكلية، وحينما انتقلت إلى العمل المسلح والصدام مع الدولة المصرية واستهداف الأقباط والكنائس وما شابه، كانت منطلقاتها أيضاً ومرجعياتها الفقهية مصرية، وحينما انتقلت إلى المراجعات الفكرية والفقهية لم تخرج عن هذا الإطار، ومن الرجال أنفسهم الذين شاركوا في الماضي في العمل المسلح، ومن ثم انتقلوا إلى المهادنة وتسطير الأدبيات التي تؤصل إلى المهادنة والارتداد عن الأفكار القديمة ذاتها، ويشير إلى أن دراسة هذه الجماعة تنطلق من الجغرافية المصرية ذاتها للسعي نحو فهم طبيعتها، وما وصلت إليه، وما يعنيه هنا هو تقويم تلك المراجعات التي انتهت بها والتي أعقبها بعد الربيع العربي تجربة حزبية أضافت إلى مسيرتها. تتناول الدراسة مسارين في هذه التجربة الإسلاموية المحلية، ممثلة في «الجماعة الإسلامية» أولها أهم المحطات البارزة للجماعة الإسلامية منذ نشأتها، بالإضافة إلى المواقف السياسية البارزة التي صاحبتها، في سياق تحليلي. المسار الثاني، والذي يتناول المراجعات الفكرية من حيث سياقها وظروفها الزمنية التي انطلقت منها، ومن ثم مسألة تفعيلها مع محاولة تقويمها في إطار تحولات الجماعة التي حدثت بعد ذلك، محاولا الإجابة حول حقيقة هذه المراجعات وجدواها، ما إذا كانت بالفعل حققت ما كانت ترنو إليه أم إنها كانت وسيلة موقتة للخروج من الأزمة آنذاك، ولم تكن مراجعة جادة، يمكن أن تساهم في الحد من انتشار التطرف والعمل المسلح من قبل التنظيمات الإسلامية المتشددة خصوصاً الجهادية منها. ويخلص إلى أن المراجعة الحقيقية المنشودة للجماعة الإسلامية، شأنها في ذلك شأن بقية التيارات والتنظيمات الأخرى، هي إعلان شهادة وفاة لشكل التنظيم والجماعة في حد ذاته. مضيفا أن المراجعات الفكرية للجماعة الإسلامية باعتبارها فصيلاً إسلامياً، زاوج بين الحركية والراديكالية، لم تكن حائلاً دون تشظي الحالة الجهادية بتنويعاتها «المعولمة» و«المحلية» وخلق تنظيمات أخرى تمارس نوعاً من الراديكالية أشد فتكاً وأكثر قوة عن سابقاتها. فكان من الطبيعي أن تكون مخرجاتها ضعيفة التأثير وقليلة الأثر، فضلاً عن كون الجماعة الإسلامية جماعة محلية الأهداف والآليات والممارسة، ولم تكن معولمة كأخرياتها من التيارات الجهادية الأخرى.
يجزم نور الدين حاتمي، باحث مغربي، في دراسته أن تجارب الإسلاميين في المغرب نماذج مُستنسخة من أصولها في مصر والشرق الأوسط، كان الفرق الوحيد بينهما أن التيار الجهادي في مصر هو تيار أصيل انبثق نتيجة سياقات وشروط اجتماعية وسياسية محلية، بينما التيار الجهادي في المغرب تأسس في المغرب كتقليد للأنموذج الأصيل، وكتشبه به. يحاول الباحث الإجابة عن التساؤلات التالية: ما الذي حمل المغاربة على تبني هذا الفكر الأصولي المتشدد؟ وما الذي حملهم أيضاً على الخروج عليه والتبرؤ منه؟ هل كان تبرؤهم من هذا الفكر فعلاً صادقاً؟ وهل هو نتيجة نضج وتطور فكريين كما يدعي أصحابها؟ وكيف تعاملت قيادات وقواعد التيار السلفي الجهادي في المغرب مع ظاهرة المراجعات التي كانت قد صدرت وتصدر عن المرجعيات الأهم هناك في مصر؟ وهل النخبة الجهادية في المغرب، مؤهلة بما يكفي حتى تحرر إضافات نوعية في موضوع المراجعات؟، فيتناول الباحث إرهاصات المراجعات عند الجهاديين المغاربة، ويستعرض مراجعات عدة، كمراجعات الداعية عبدالوهاب رفيقي أبو حفص، ومحمد الفزازي، والداعية حسن خطاب، ومراجعات أبي عبيدة عبدالكريم الشاذلي، ويختتمها بمصير مراجعات الجهاديين في المغرب، ويخلص إلى أن الخطاب الديني المتشدد المجسّد على الخصوص في الأيديولوجيا الجهادية خطاب متمنع، والمراجعات هي بمثابة إعلانات وبيانات يشعر فيها أصحابها بانسحابهم من التيار وبراءتهم من خطابه، بما يقتضي التساؤل عن أهم تبعات هذه المراجعات النسبية والشخصية. ويرى أن المراجعات أسهمت في تعرية هذا الفكر وتعرية مؤسسيه والمستفيدين منه، وساعدت من كانوا من الممكن أن ينتسبوا إليه وهم غير واثقين من مطابقته للفطرة الإسلامية العامة على أن لا يغرقوا فيه ولا ينساقوا له ولديماغوجيته. ويختتم دراسته بأن هذه المراجعات ساهمت في الدفع بالسلفيين الجهاديين إلى الانقسام وأفقدت الناس الثقة في رموز هذا التيار، مما سهل إضعافه وصرف الناس عنه، وبالتالي إنقاذ المغرب من فتنة محتملة.
درس محمد السيد الصياد، باحث مصري في الفقه السياسي الإسلامي، تطورات الفكر السياسي الشيعي، متناولا تحولات الخميني الفكرية، التي مرت -حسب وصف الباحث- بثلاثة تحولات رئيسة في حياته، وتمثل هذه التحولات قفزات في الفكر السياسيّ الشيعيّ عموماً، لا في حياة الخمينيّ فقط. الأولى: وهي بدايته كفقيهٍ شيعيّ، مؤمن بخط الانتظار، الموروث عن الحوزة التقليدية، كسائر الفقهاءِ التقليديين الذين يحرسون معالم المذهب، وبعض الدلالات تشير إلى أنّ هذه الفترة استمرّت حتى الستينيات من القرن العشرين. الثانية: تتمثل هذه المرحلة في اقتراب الخمينيّ من فكرة الدولة الدستورية التي نظّر لها الميرزا النائيني مُنظّر الثورة الدستورية. الثالثة: وهي مرحلة إملاء كتابه «الحكومة الإسلامية»، وتأسيسه لنظرية ولاية الفقيه، إلا أنّ النظرية أيضاً في تلك المرحلة كانت امتداداً لما طرحه النراقي، وقريبة مما عمل عليه الكركيّ، مع بعض التعديلات. ويخلص الباحث إلى أن التطورات في الفكر السياسي الشيعي هي أقرب إلى التحولات نتيجة الظروف السياسية التي مر بها الشيعة في العراق وإيران ولبنان، وليست مراجعات بالطريقة التي حدثت لدى الحركيين السُنّة كما فعلت الجماعة الإسلامية في مصر، والتي ما لبثت أن تراجعت وانخرطت من جديد في دائرة العنف الديني والسياسي.
تتعرض مليكة عقون، أكاديمية بجامعة مصطفى إسطنبولي معسكر بالجزائر، لظاهرة السّلفيّة في الجزائر على وجه التّحديد، دون الخوض في خريطة الانتشار الجغرافي السّلفي، في دول أخرى باعتبار أنّ الوجود السّلفي في الجزائر يحظى بخصوصيّات متميّزة عن غيره. وتعمل في دراستها على تعريف مفاهيم؛ التوحش، والصراع. كما تبين موقف السلفيين من الإسلام الرسمي في الجزائر، والاحتفال بالمولد النبوي، والقضية الفلسطينية.
تدرس الباحثة مصادر ومرجعيّات الفكر السّلفي في الجزائر، وكيف ومتى تمكّن التّيّار السلفي في الجزائر من الحضور والقدرة على مناوأة خصومه، وفيمَ تتمثّل مظاهر الصّراع البيني أوّلا ثمّ الخارجي، فضلاً عن مبرّراته المختلفة، وأخيراً: تدرس مدى تأثير المؤسّسات الرسميّة في توفير السّكينة والأمن الرّوحي للحفاظ على الانسجام المجتمعي.
قدّم أيمن مرابط، باحث مصري، قراءة وتعقيبا لكتاب "الإسلاميون التقدميون: التفكيك وإعادة التأسيس"، لمؤلفه صلاح الدين الجورشي، أحد أهم قياديي هذا التيار بتونس، سنتعرف على الأسباب والدوافع التي أدت إلى نشأة «اليسار الإسلامي»، وطبيعة اشتغاله في الساحة التونسية الثقافية والفكرية والسياسية، ولماذا اتهمه بعض قياديي الحركات الإسلامية بالخروج عن الطريق والضلال بل والكفر أيضاً؟ وأي علاقة تجمع بين اليسار الإسلامي واليسار الاشتراكي الماركسي؟ وما طبيعة التغيير الذي سعوا لتحقيقه؟ ماذا تحقق على يد الإسلاميين التقدميين، وما الأسباب التي حالت دون استمرار هذا التيار فتوقف عن العمل بشكل نهائي مطلع التسعينيات من القرن الماضي؟ تعمد هذه القراءة إلى الإجابة عن هذه الأسئلة ومعرفة المشروع الفكري الذي جاء به الإسلاميون التقدميون في تونس، ومكامن الصراع الذي نشأ مع الحركة الإسلامية والإخوان المسلمين، وطبيعة العلاقة بينهم وبين نظام الرئيس بورقيبة بالإضافة إلى جوانب أخرى.