يتناول هذا الكتاب الكيفية التي تعمل بها تنظيمات الإسلام السياسي على توظيف الوقائع لخدمة أجندتها التكتيكية أو الاستراتيجية، ويتتبع نمو المصالح البراغماتية لنشاط الإخوان في حالة الشتات (خارج دول المنشأ)، وفقاً لاستجابتهم للضغوط والإكراهات التي تفرضها الدول التي تستضيفهم، مما قد يؤدي إلى الارتهان للداعمين الجدد.
يسعى الكتاب لجمع النماذج لتيسير الطريق أمام الباحث الجاد، لتقديم تحليلٍ جديدٍ يفك انغلاق التنظيم الإخواني الدولي، والكيانات المتموضعة في بلدان المهجر. فيتناول نشاطهم في الولايات المتحدة الأمريكية وأمريكا اللاتينية وأوروبا وأستراليا وكوريا الجنوبية، وغيرها، متتبعاً السياق التاريخي لوجودهم في هذه البلدان، وتفاعلهم النفعي مع قضايا المجتمعات المسلمة فيها، ومحاولة مصادرة «شرعية تمثيلها»، والتحايل على فكرة الاندماج، لتوفير فرصٍ سياسية يتربح منها تنظيمهم الدولي الذي يتكيّف وفقاً لمعطيات البيئة التي تعيشها الجماعة الإخوانية.
تم النشر في: July 2019
# | اسم الكتاب |
---|---|
1 | الإسلاميون المغاربة في أوروبا: المحددات والآليات |
2 | السياق الديمقراطي البريطاني وتأثيره في الإسلام السياسي |
3 | دور العمل الاجتماعي في ترسيخ الإخوان في أوروبا |
4 | الإخوان المسلمون.. الهروب نحو الغرب العدو الأخير |
5 | إخوان اليمن وسوريا في أوروبا واستغلال أزمة اللاجئين |
6 | إخوان تونس في المهجر: آليات واستراتيجيات السيطرة |
7 | مقارنة بين مسارات هجرة الإخوان المسلمين إلى أستراليا وكوريا الجنوبية |
8 | الإسلام السياسي في الولايات المتحدة: السياق والاستشراف |
9 | الإخوان المسلمون في أمريكا الجنوبية.. مواطن النفوذ والانتشار |
10 | ميلودراما الإعلام الإخواني.. نوافذ تحريضية في الشتات |
11 | الكتاب: مسجد في ميونخ |
يرصد كتاب مركز المسبار للدراسات والبحوث «إخوان الشتات: المدخل لدراسة التنظيم الدولي» (الكتاب الحادي والخمسون بعد المئة، يوليو/ تموز 2019) أنشطة جماعة الإخوان وفروعها في الولايات المتحدة الأمريكية وأمريكا اللاتينية وأوروبا وأستراليا وكوريا الجنوبية، متناولاً السياق التاريخي لوجودهم في هذه البلدان، وتفاعلهم النفعي مع قضايا المجتمعات المسلمة فيها، ومحاولة مصادرة «شرعية تمثيلها»، والتحايل على فكرة الاندماج لتوفير فرصٍ سياسية يتربح منها تنظيمهم الدولي.
هذا الكتاب ليس خلاصة نهائية، وإنما هو مقدمة تمهيدية تحاول تعبيد الطريق لدراسات مستقبلية أكثر عمقاً، بغية تمييز الثقافة السياسية الفرعية الطارئة التي تكتسبها تنظيمات الإسلام السياسي في الخارج، وانعكاساتها في البنية التنظيمية في الوطن الأم؛ صحيح أن المواد المدرجة لا تعرض لتحليل وتفسير تشكل التنظيم الدولي المعروف، أو السري المنكور، ولا للخلافات الإدارية واللوجستية لكنها تضع المفاتيح الرئيسة التي تمكِّن الباحث الحصيف من رصدها، والتي لم تنشأ لكونها مجرد صراع على الموارد بين الداخل والخارج، وليست محض «تمثيلية سياسية» فجة، ولكنها نسيج من ذلك كله، يضاف إليها حقيقة وجود تنظيمٍ دولي يستقل بذاته مكوِّناً الفروع الإخوانية الخارجية بعيداً عن سطوة المرشد في الوطن، فبقدر ما هم يهربون من «الدولة» يهربون من التنظيم الداخلي أيضاً، حسب إحدى الفرضيات.
تتوقف هذه الدراسة التي كتبها الباحث المغربي منتصر حمادة؛ عند الخطوط العريضة للعقل الإسلامي الحركي في نسخته المغربية، على الصعيد الأوروبي حصراً، حيث تتفرع الدراسة عند محور أول مُخصص للتوقف عند مقدمات نظرية، تحيل القارئ أو الناقد على معالم المشروع الأيديولوجي المعني، أي المشروع الإسلاموي؛ حيث يرى أن أداء الإسلاميين المغاربة في الساحة الأوروبية لا يخرج عن أداء الإسلاموية بشكل عام، لأننا نتحدث عن أيديولوجية إسلامية حركية، تتعامل مع الانتماء للرقعة الجغرافية الوطنية من منظور ثانوي، مقارنة مع الانتماء للجماعة، في حال الحديث عن تيار الإخوان المسلمين، أو الانتماء إلى «أهل السنة والجماعة» في حال الحديث عن التيار السلفي، وإن كان توقف في هذه الدراسة عند أداء التيار الإخواني بالتحديد، أي التيار الذي يغلب الجانب السياسي في أدائه النظري والحركي، محلياً وإقليمياً ودولياً، على الرغم من مرور المشروع من أزمات بنيوية، منذ مرحلة التأسيس (1928) حتى اليوم. أما المحور الثاني، فيخصصه للتوقف عند آليات اشتغال العقل الإسلاموي، في إطار تحقيق ما يؤمن به ويروجه ويشتغل عليه، محلياً وإقليمياً ودولياً؛ حيث يشير إلى أن آليات عمل المشروع الإخواني المغربي في القارة الأوروبية لا تختلف عن الآليات ذاتها في المغرب أو في المنطقة العربية، مع وجود بعض الفوارق الطفيفة، التي لا تخرج عن القواعد النظرية المؤسسة لعمل المشروع الإخواني. مستعرضاً أهم هذه الآليات، مؤشر "ممارسة التقية". والذي بمقتضاه يقيس مستويات هذه الممارسة عند الفاعل الديني بشكل عام، ليظهر له أن مؤشر ممارسة التقية عند الفاعل الإخواني مرتفع، مقارنة مع مؤشر ممارسة التقية عند المتديّن السلفي، في شقه التقليدي، بخلاف السائد مع المتديّن السلفي «الجهادي» الذي لا يُنتظر منه ممارسة التقية، على الأقل في مرحلة «التمكين» حسب الاصطلاح الإخواني، أي مرحلة الإمساك بزمام السلطة الحاكمة. وأخيراً، يتوقف في محور ثالث عند أداء الشق المغربي من أداء المشروع الإسلاموي في القارة الأوروبية. ويفرق بين طبيعة الحضور الإخواني المغربي في القارة الأوروبية، حيث إنه موزع على تيارين اثنين على الخصوص: تيار أول محسوب على حركة «التوحيد والإصلاح» الإخوانية، التي كان يقودها سابقاً الداعية أحمد الريسوني، الذي يقود اليوم ما يُصطلح عليه إعلامياً بـ«الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين». وتيار ثانٍ، وهو محسوب على جماعة «العدل والإحسان» المغربية، وهي حركة إسلامية غير معترف بها رسمياً.
يرى الباحث أحمد إبراهيم فيلاسينور، في دراسته، أن تراجع أهمية الحدود الإقليمية في عالم متزايد الترابط نتيجة العولمة؛ أدى إلى إيجاد خطوط جديدة لرسم الحدود في أذهان المسلمين المقيمين في الغرب، مما زاد من قوة العبارة المبتذلة بأن «الشرق شرق، والغرب غرب، وأن الاثنين لن يلتقيا البتة». لكن هل ستكون الحال كذلك دائماً؟ تدافع هذه الدراسة عن القول بأن التاريخ الحديث يبيّن أن البراغماتية السياسية تغلّبت -في الغالب- على التمنيات المتقدة بعودة الأيام الذهبية للطوباوية الإسلامية المثالية، على الرغم من وجود بعض التعارض الجوهري بين الديمقراطية والإسلام السياسي. يتضح ذلك على أفضل نحو في ضوء ما عرف بالربيع العربي، إذ إن النجاحات والإخفاقات في محاولات إحلال الديمقراطية في معظم العالم العربي أجبرت المثقفين الإسلاميين، وخصوصاً من يقيم منهم في الغرب، على إعادة تقويم فلسفتهم السياسية بناء على أدلة من التجربة الملحوظة في الماضي القريب. وباستخدام تاريخ الإسلام السياسي في بريطانيا بمثابة دراسة حالة أساسية، فإن قصة الإسلام السياسي في المملكة المتحدة تُبرز بوضوح التفاعلات الدينامية بين انبعاث التديّن الإسلامي، كما تجلى في دعم الإسلام السياسي، والسياق الديمقراطي الذي تُجرى فيه هذه العملية. ومثلما يقدّم السياق الديمقراطي في بريطانيا باباً مفتوحاً تسعى المنظمات الإسلامية من خلاله إلى تغيير الديمقراطية البريطانية من الداخل، فإن ارتباط الإسلاميين المستمرّ بالعمليات الديمقراطية البريطانية يشكّل عاملاً تخفيفياً مهماً يُقنعهم بإعادة تقويم صحة فلسفتهم السياسية وصلاحيتها.
يسلط الباحث المغربي إبراهيم الصافي، في دراسته، الضوء أكثر على البعد الاجتماعي، لظاهرة الإخوان المسلمين وامتداداتها التي تصل لأكثر من (80) دولة، إلى جانب توظيفها للرأسمال الديني المكرس في هويتها الدينية، حيث ثمة علاقة طردية بين التوجه السياسي لجماعة الإخوان في بلد المنشأ، وتوجهاتها لحظة انتشارها في الدول الأوروبية. حافظت فيها الجماعة على أدبيات «البنا»، إيماناً منها بوجود حاضنة اجتماعية واسعة تؤمن بأفكارها. ويرى أن العمل الاجتماعي في عرف الإخوان المسلمين هو تكتيك توظفه الجماعة كلما ضاقت بها سبل السياسة، وكلما اشتد عليها خناق وحصار الأجهزة الأمنية، فهو يمكنها من الارتباط بالمواطن بشكل متواصل، ويحميها في الوقت نفسه من الاصطدام مع السلطة السياسية. فما زالت أوروبا هي الوجهة الأولى لهم، والمناخ الديمقراطي الذي يسمح لهم بمواصلة أنشطتهم، فالبيئة الغربية بشكل واعٍ أو غير واعٍ ساهمت في انتشار حركة الإخوان المسلمين. بالإضافة إلى التسهيلات والمرونة التي تعاملت بها هذه الدول مع الجماعة وأنشطتها، قدمت لها خدمة لأكثر من عقد أو عقدين في الدعاية والإشهار، تحت عناوين من قبيل «الإسلاموفوبيا» و«الحجاب يغزو الغرب» و«مستقبل الإسلام في أوروبا» وغيرها. يخلص الباحث إلى أن توظيف نظام الرعاية الاجتماعية من قبل جماعة الإخوان المسلمين للجاليات المسلمة داخل الدول الأوروبية وخارجها، يعتبر نوعاً من الطعن في شرعية السلطات السياسية القائمة، وإظهار ضعفها في توفير الخدمات الضرورية للمجتمع، كما تشكل آلية للتنافس للحلول محل الدولة.
يقول الباحث الأردني مروان العياصرة، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، في دراسته: إن الغرب بوصفه المهجر والملاذ للإخوان المسلمين اليوم، بدأ يستوعب ازدياد نشاط وطموح وتطلع هذا التنظيم إلى تشكيل كيانات معارضة في الغرب، وتطور الفكرة من مجرد هجرة ولجوء وبيئة نشاط سياسي، وأعمال موازية للبيئات الداخلية، إلى طموح أخطر، هدفه التحوط في خلق بيئات داعمة ومؤيدة، وذات ثقل محوري في السياسات الدولية، الأمر الذي يمنحهم قوة تمكنهم من الحفاظ على وجودهم العام على أرض الواقع، في حين تبدو إشارات اضمحلالهم كجماعة على أرض الواقع وتحولهم إلى فكرة -وهو ما يروجون له- في مواجهة التنبؤات بزوالهم، بأنهم ليسوا مجرد جماعة، بل هم فكر ممتد لا يموت، لكنهم قد تناسوا أنه حتى الأفكار تموت وتذوب وتندثر، فالذين يتحدثون بلسانين -حسب هيرمان مارشال- إذ يبدو الطرح العلني لهم في الغرب باعتبارهم جماعة تتصف بالاعتدال والحوار ونبذ العنف واحترام الأديان، فيما هم داخل حصونهم الفكرية داخل معاقلهم الأصلية في الدول العربية، يبثون بذور التفرقة والكراهية والخلاف، وقد وصل الغرب –عموما- إلى فكرة اختصرها وزير الداخلية في بافاريا «غونتر بيكشتاين» في إحدى المقابلات التلفزيونية التي أجريت معه في وقت سابق، أنه «لن ينتظر إلى أن يكمل المتطرفون صناعة قنابلهم»، وهذا يقدم حقيقة؛ أن الملاذ الآمن سواء أكان اختياراً أم إجباراً لم يعد آمناً أبداً، وأن السنوات القادمة وفي ظل قناعة الغرب بضرورة توسيع نطاق الحرب على الإرهاب، ستحمل تحولات خطيرة فيما يتصل بالوجود الإخواني في الغرب، وسوف تبدو خيارات الإخوان المسلمين إذاك شحيحة جدا ومحدودة التوقعات، وستكون فكرة الهروب إلى الأمام أو الهروب إلى الخلف فكرة قاتلة، فقدْ فقدَ الإخوان المسلمون اتجاه سيرهم، وهذا ما سيشعر مجموع القواعد لديهم في كل مكان بالضياع وغياب الرؤية وشحوب الأفق.
تسعى دراسة الباحث المصري مصطفى صلاح إلى محاولة فهم استراتيجية تنظيم الإخوان في دولتي اليمن وسوريا، في إطار العلاقة بين حالة التشتت التي أصابت التنظيم عموماً، وتموضعهم -الحالة السورية واليمنية- في الداخل من جهة، وانتقالهم إلى الدول الأوروبية، ومدى تفضيل العناصر الإخوانية السورية واليمنية لهذا الخيار من جهة أخرى. وفي إطار الوصول إلى ذلك، تلقي الدراسة الضوء على الدور التركي كمحطة للعبور بين أتباع التنظيم وأوروبا، وكذلك تبيان توظيفهم في الضغط على الدول الأوروبية، عن طريق التعاون مع التنظيم الدولي للإخوان الموجود هناك، تجاه العديد من الملفات التي تخدم التنظيم بصورة كاملة. يقدم الباحث ثلاثة عوامل رئيسة تتحكم في تحديد معالم مستقبل إخوان سوريا واليمن ووجودهم في أوروبا، قبل أن ينتقل إلى السيناريوهات المستقبلية. العامل الأول: ازدياد الضغوط الأوروبية على التنظيم وفروعه المنتشرة هناك. العامل الثاني: يرتكز على فرضية حلحلة الأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بها الدولتان، مما يؤدي إلى مزيد من الانخراط في هذه الدول للحيلولة دون تفاقم الأوضاع الداخلية. العامل الثالث: استمرار الإخوان في سوريا واليمن وتنظيمهم الدولي في استغلال موجات التدفق وحركة انتقال الأموال والأشخاص من اليمن وسوريا إلى الدول الأوروبية، مع استمرار الدعم اللوجيستي المقدم لهم من العديد من الدول خاصة تركيا الراعية الأولى للتنظيم. وعلى خلفية الثلاثة مسارات السابقة يقدم الباحث سيناريوهات عدة محتملة لمستقبل التنظيم في سوريا واليمن على النحو التالي: السيناريو الأول: يفترض أن حال دفع التطورات الداخلية السورية واليمنية إلى التوصل لاتفاق داخلي في الاتجاه الإيجابي نحو بلورة صيغة جماعية وتوافقية بين الفرقاء السياسيين والنظام السياسي، فإنه من المحتمل تراجع معدلات تدفق اللاجئين، وبالتالي انحسار في قدرة التنظيم على توظيفها في خدمة أجندته الخارجية. السيناريو الثاني: يفترض أنه حال سيطرة التوجهات الإقليمية الهادفة إلى حصار التنظيم، ونبذه خاصة في ظل استمرار الساحة السورية واليمنية ككبرى بؤر الصراعات في المنطقة العربية، سيدفع التنظيم إلى استخدام هذه الملفات وخاصة ملف اللاجئين للضغط على الحكومات الأوروبية، ومن ثم سينعكس على التوجهات الخاصة للتنظيم الدولي في الطريق الذي يؤدي إلى بلورة توجهات متشددة، وستكون الحصيلة النهائية لمثل هذا الوضع تحقق الصدامات بين التنظيم داخليًا وخارجيًا مع الفاعلين الدوليين والداخليين. السيناريو الثالث: ويقوم على افتراض الوصول إلى استراتيجية أوروبية موحدة لمواجهة التنظيم وامتداداته الخارجية، والأمر سينعكس على وضعية التنظيم ومسار حركته داخليًا وخارجيًا.
رصد وليد منصور، الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية بمركز دراسات الشرق الأوسط في باريس، تطورات ودور حركة النهضة في الغرب حتى عودتها إلى تونس إثر «ثورة الياسمين». وسعت دراسته إلى أن تبين فاعليتها في دعم التنظيم الدولي للإخوان المسلمين عبر المؤسسات التي أسسها الإخوان لخدمة هذا التنظيم. وترصد نشاط «إخوان» تونس بالمهجر، وكيفية عملهم مع تنظيم الجماعة العالمي، ودورهم في استغلال الظروف المحيطة بهم للقيادة إلى كيانات جديدة، متطرقا إلى تجارب بعض العناصر المرتبطة بالعمل في أوروبا. يخلص الباحث إلى أن تجربة حركة النهضة في المهجر -على سبيل المثال لا الحصر- كشفت عن سعيها الدؤوب للاستحواذ على الشباب المسلم وتطويعه لخدمة أهدافها، وظهر هذا بوضوح في سيطرة قياداتها على تجمعات الطلبة التونسيين في فرنسا ودول أوروبية أخرى، ويبرهن تاريخها على أن انتماءها الحقيقي للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين وليس للدولة التونسية. كما كشفت تجربتها في المهجر عمق الفساد الإداري المتغلغل داخل الجماعة، وكيفية سيطرة القيادات على أموال التبرعات والمنح التي تأتي لها، والتحكم فيها باعتبارهم شخصيات منزهة عن السؤال من قبل القواعد الشعبية للحركة.
تناقش الورقة -التي أعدها كل من الباحثين: محمد مختار، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، وعمر الترابي، مدير عام مركز المسبار للدراسات والبحوث بدبي- مسارًا لدولتين من دولٍ وصل إليها الإخوان، وتجمعت فيها التنظيمات الإسلامية، وفق ظروفٍ متباينة، وهما أستراليا وكوريا الجنوبية؛ لبناء ورقة ضغط عقب السقوط الإخواني في مصر 2013. تحاول الدراسة وضع نقاط أولية، تشجع على تغطية هذا المجال المعروف. ويشير الباحثان إلى اختلاف سياق فهم وجود الإخوان في كوريا الجنوبية عن سياق وجودهم في أستراليا -التي لم يتم رصد هجرة أفراد من تنظيم الإخوان إلى أستراليا، بشكل واضح، إلا في السبعينيات- ونشاط الجماعة بها، إلا أن المسار بدأ في البروز بعد سقوط حكم الإخوان في مصر، وتزايد «اللجوء» إليهما، كملاذٍ يبدو آمناً. يحاول الباحثان الإجابة عن السؤالين التاليين: كيف يمكن أن يبدأ هذا التفاعل في مناخ لا يزال التنظيم فيه هشًا، بدون أي عمق اجتماعي له. وكيف يمكن فهم المسارين؟ يشيران في "المسار الأول: الإخوان المسلمون في أستراليا" إلى أن بعض الدراسات أظهرت معاناة مسلمي أستراليا من عنصرية ناتجة عن رهاب الإسلام والتصورات الخاطئة حول الإسلام والمسلمين. تدفع مثل هذه الحالات التنظيمات الإسلامية بمختلف توجهاتها إلى استغلال الفرص المتاحة للتسلل للمجتمع الأسترالي، واستغلال الأحاديث حول الاضطهاد وخروج بيانات معادية ضد المسلمين في محاولة استقطاب مسلمي البلاد نحو تلك التنظيمات من ناحية، ومن ناحية أخرى استغلال التقبل الأسترالي للهجرة للهروب من المعاناة أو الاستهداف في مناطق الصراعات. في مثل هذا المناخ المتحرك، يعرض الإخوان المسلمون خدماتهم بشكل غير مباشر، لخدمة طرفين، للمسلمين بزعم كاذب يقول: إنهم قادرون على إدارة عملية سياسية مع الحفاظ على القيم الدينية، وللمجتمع بزعم أنهم قادرون على تقديم خطاب غير عنيف يمثل المسلمين. أما في "المسار الثاني: الإخوان المسلمون في كوريا الجنوبية"؛ فقد ساهم قانون اللجوء وعدم التنفيذ الواقعي لمواد اتفاقية أوضاع اللاجئين التي وقعت عليها كوريا الجنوبية 1992، وكذلك وضع قانون اللجوء الخاص بكوريا الجنوبية، في منح سلطة تقديرية لوزير العدل في قبول أو رفض الطلبات، إلى جانب الحديث عن عدم الالتزام بما جاء في القانون من حقوق لطالبي اللجوء، في انخفاض عدد اللاجئين بكوريا الجنوبية، وما ترتب عليه من انخفاض في أعداد المسلمين في الداخل الكوري. إلا أن جماعة الإخوان المسلمين بخلاف محاولات عناصرها للجوء إلى كوريا الجنوبية، استغلت استراتيجية أخرى تعتمد على الروابط الاجتماعية، واستغلال المساجد في وضع موطئ قدم لها في الداخل الكوري. ويخلصان إلى أنه يتشابه وضع الإخوان المسلمين في كوريا الجنوبية وأستراليا، حيث إن الجماعة في كلتا الدولتين تحاول وضع موطئ قدم لها في المجتمع المسلم داخليا، من خلال التحالف على استراتيجيات التعدد الثقافي في أستراليا، واستخدام استراتيجية التكاثر والزواج في كوريا الجنوبية. كما تتشابه الحالتان في حداثة كثافة تسلل الإخوان المسلمين إلى المجتمعات المحلية، بسبب الظروف التي يعيشونها في بلدانهم، وبسبب محاولاتهم صناعة حلول لمشاكل متوهمة في بلدان المهجر، وخلقهم لصلة بين بلدانهم الأصل وبلدان المهجر. وإن محاولات التدليل على هذا الوجود من خلال تنظيم مسيرات أو تظاهرات تجاه قضايا بعينها، تتعلق بمظلومية الجماعة وأتباعها في الدول الطاردة للإخوان المسلمين، خصوصاً مصر. لقد تخطى الأمر مجرد التظاهر ضد النظام المصري في كوريا الجنوبية، إلى عقد حلقات نقاشية منتقدة للحكومة الكورية وتعاملها مع اللاجئين، والادعاء بتزوير حكومة كوريا الجنوبية لمقابلات طالبي اللجوء، في محاولة للضغط على النظام الكوري دولياً وتشويه صورته لتوفير مساحة أكبر لعناصر الجماعة في الداخل الكوري.
يستعرض تقرير خاص بعض التساؤلات؛ التي يحاول الإجابة عنها: كيف ظهرت هذه التنظيمات في الولايات المتحدة الأمريكية، وما ظروف نشأتها، وتغلغلها في المجتمعات المسلمة، وكيف عملت على استقطاب هذه المجتمعات، وما العوامل التي ساقت المجتمعات المسلمة أو المتحولين إلى الإسلام إلى تلك المراكز؟ وما التصور الحالي لوضع تلك المنظمات، سواء كانت المنضوية تحت دعوة عرقية أو ثقافية أو أحياناً لديها نزوع طائفي؟ وما الأهداف التي انطلقت من تشكلها؟ يشير التقرير إلى أن هناك سياقات تاريخية متتالية مرتبطة بتناقل الموروث الفكري للجيل الأول من المهاجرين الإخوان، ثم إلى الأجيال المتعاقبة، بدءاً من الستينيات ثم مرحلة السبعينيات ثم الثمانينيات إلى التسعينيات حيث استقرت شؤون التنظيم، وما نعيشه اليوم هو استمرار لذروة ما بلغه التنظيم على الأراضي الأمريكية، وصولاً إلى أيامنا هذه. يأخذ التقرير بالاعتبار البعد التاريخي والبعد الاجتماعي ومكوناتهما والقوى الاجتماعية الكامنة خلف هذه المنظمات، ليظهر أن المكون الأساسي المهم لصلابة واستمرار تنظيم الإخوان على الأراضي الأمريكية، هو المكون الاقتصادي الذي يمنح هذه المنظمات الحياة والاستمرار.
يتناول محمود الطباخ، الباحث المصري المتخصص في الحركات الإسلامية، في هذه الدراسة، كيفية انتقال جماعة الإخوان إلى أمريكا الجنوبية، ورصد أماكن نفوذها، والمنظمات والهيئات التابعة لها، ويكشف عن أسلوبها في التحرك خلف ستار العمل الخيري والدعوي بهدف إعادة تكوين إمبراطورية مالية، فضلًا عن علاقاتها المشبوهة بعدد من المنظمات المتهمة بدعم وتمويل الإرهاب. يدرس الباحث استراتيجية تغلغل الإخوان في أمريكا الجنوبية، وكيف خلق مجتمعا خاصا منعزلا، كما يتطرق إلى آليات وطرق انتشار الإخوان، كما يبين كيف استُخدمت المساجد كمراكز للعمليات، ويبين كيف سيطر الإخوان على تجارة الحلال، وما دورهم في دعم التطرف والإرهاب؟. كما يتناول اختراق الإخوان للقارة من بوابات المؤسسات التي تنشط تحت مسميات الإغاثة والعمل الخيري التي ساعدت بشكل جلي توسيع نفوذ الإخوان في القارة. يخلص الباحث إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تمكنت من تثبيت أقدامها في أمريكا الجنوبية، عبر مراكزها وجمعياتها وهيئاتها الخيرية والإغاثية التي تستهدف تلك المجتمعات المتعثرة اقتصاديًا، وتهدف في النهاية -بتلك التحركات- إلى تكوين رأسمال اجتماعي كبير يتم تحويله نحو النفوذ وحيازة السلطة، يدعو الباحث في دراسته إلى التنسيق الدائم مع سلطات القارة لمتابعة تلك الأنشطة والرقابة عليها.
درس الباحث والناقد المصري أحمد الحناوي، نهج إعلام جماعة الإخوان المسلمين ونوافذه التي تبث من دول داعمة للإسلام السياسي. تسعى الدراسة إلى وصف ملامح وأسلوب تلك الوسائل في تحريف الحقائق عبر أدوات الصورة وتقنياتها. يستعرض الباحث موجزا تاريخيا حول إعلام الجماعة، وكيف دأبوا على صناعة النجوم والواجهات الإخوانية عبر تلك المنصات. كما يشير إلى قنوات الإخوان في قطر وتركيا والأدوار التي لعبتها وتلعبها، متناولا أهم منابر الإخوان وتاريخ تأسيسها، مبيّنا مدى خطورتها، شارحاً تقنيات ميلودراما الإعلام الإخواني وصفاتها. يرى الباحث أنه مع اتساع مساحة النقد أمام مهاجمي فكرة الدولة، تقوم تلك البرامج باصطياد أخطاء الحكومات بمنتهى السهولة، وتفنيدها دون أن يجد النظام من يدافع عنه. وتتم هذه العملية على مستويين: الأول: السياسات الاقتصادية؛ والثاني: السياسات الأمنية.
قدّم منير أديب، الباحث المصري في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي، قراءة في كتاب «مسجد في ميونخ.. النازيون.. وكالة الاستخبارات المركزية وبزوغ نجم الإخوان المسلمين في الغرب» لمؤلفه إين جونسون، الذي يعرض دور الولايات المتحدة في صناعة تنظيم القاعدة من خلال تعبئة بعض المسلمين أثناء الحرب مع الاتحاد السوفيتي، فصنعت من أفغانستان ساحة للإرهاب. جاء الكتاب في ثلاثة مباحث، المبحث الأول تحت عنوان: «حروب ساخنة» ووزع على ثلاثة فصول؛ المبحث الثاني عنوانه: «حروب باردة» وهو من تسعة فصول، والمبحث الثالث عنوانه: «حروب حديثة» وفيه أربعة فصول، وخاتمة عنونت: «من داخل المسجد». فيتناول دور الغرب في نشأة التنظيمات الدينية، وكيف زرع الإسلام السياسي خلال حروب الغرب الباردة، وأشكال الدعم الأمريكي والألماني للإخوان. يرى مؤلف الكتاب أن حركة الإخوان المسلمين لعبت دورًا مزدوجًا خلال الحرب العالمية الثانية، وهو دور مخابراتي بامتياز من خلال توظيف الشباب المسلم ضد الاتحاد السوفيتي بغرض تحرير القوقاز، وهنا وضعت «الجماعة» يدها في يد «النازي» حيث توحدت الأهداف، فكثير من الوثائق أكدت أن الشباب المسلم الذي قاتل في «القوقاز» انضم للجيش النازي. يذهب المؤلف في كتابه إلى أن أمريكا صنعت من أفغانستان بلدًا تم توظيف الإسلام فيه لخوض حرب انتظمت جنودًا وعتادًا بخلاف ألمانيا التي جعلها محور سرده.