الذكاء الاصطناعي في الحقل الديني والمجال الحركي: الفرص والتحديات


يبحث هذا الكتاب في وسائط صناعة ونقل المعرفة، وأثرها في إدارة الحقل الديني، والظاهرة الإسلاموية، فيرصد استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الفقهي والمؤسسات الدينية، مع التركيز على تجارب السعودية ومصر وأوكرانيا والمغرب وغيرها. كما يناقش التشابك غير التقليدي بين التطرف والذكاء الاصطناعي واستغلال الجماعات المتطرفة إياه في حملاتها الدعائية لإثارة السخط والتضليل المعرفي.

          وتطرقت الدراسات فيه إلى التكييف الفقهي للذكاء الاصطناعي وحددت التحديات التي يفرضها على القيم الأخلاقية والدينية، مما آل إلى وضع عدد من المواثيق.


تم النشر في: December 2023


front171

قائمة الفصول


# اسم الكتاب سعر اشتري الآن
1 الذكاء الاصطناعي: التاريخ والفرص والتحديات 45 د.إ
2 توظيف الذكاء الاصطناعي في الحقل الفقهي 45 د.إ
3 الذكاء الاصطناعي: تكييفه الفقهي وضوابطه 45 د.إ
4 تطبيقات الذكاء الاصطناعي والمقاربة الفقهية 45 د.إ
5 الذكاء الاصطناعي والمؤسسات الدينية: الأدوار والآفاق 45 د.إ
6 تطور الذكاء الاصطناعي وتأثيره في الحقل الديني 45 د.إ
7 الذكاء الاصطناعي: التحديات والتفاعل في تدبير الحقل الديني 45 د.إ
8 الذكاء الاصطناعي في الحقل الديني.. الفرص والإمكانيات 45 د.إ
9 الذكاء الاصطناعي في تجارب المؤسسات الدينية 45 د.إ
10 التشابك غير التقليدي بين التطرف والذكاء الاصطناعي 45 د.إ
11 الذكاء الاصطناعي.. وسؤال الأخلاق 45 د.إ
12 الذكاء الاصطناعي ودوره في نشر التطرف في إفريقيا 45 د.إ
13 تنظيم داعش والإعلام الافتراضي.. أزمات الردع وكيفية المكافحة 45 د.إ
ملاحظة: الدراسات متاحة فقط كملف تنزيل في إصدار PDF.

شرح الكتاب


ملخص بحوث العدد (204)

الذكاء الاصطناعي في الحقل الديني والمجال الحركي: الفرص والتحديات

الكتاب الرابع بعد المئتين، ديسمبر (كانون الأول) 2023

يواصل مركز المسبار للدراسات والبحوث في كتابه هذا بحث وسائط صناعة ونقل المعرفة والعلوم الجديدة، وأثرها على إدارة الحقل الديني، والتفاعل مع الظاهرة الإسلاموية، فيرصد توظيف الذكاء الاصطناعي فنيًّا في الحقل الفقهي، وتوظيفه في المؤسسات الدينية، وتطبيقاته المستجدة المتوجهة لعامة المؤمنين، مع التركيز على تجارب السعودية ومصر وأوكرانيا والمغرب ودول إفريقية عدة. كما يناقش التشابك غير التقليدي بين التطرف والذكاء الاصطناعي؛ واستغلال الجماعات المتطرفة إياه؛ في حملاتها الدعائية، والتضليل المعرفي؛ وإثارة السخط.

الذكاء الاصطناعي: التاريخ والفرص والتحديات

يتناول شامل حسين -باحث مصري وأستاذ في جامعة القاهرة- هذا البحث من خلال المنهج الوصفي الارتباطي، مفاهيم وخصائص الذكاء الاصطناعي (Artificial intelligence) وأهدافه وأنواعه ومحاوره المختلفة ومجالاته وتطبيقاته، ويحدد سلبياته وإيجابياته، والفرص والتحديات ومدى إسهاماته في إدارة الأزمات، ويكشف عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات لإيضاح العلاقة بين متغيرين (مستقل – تابع) المستقل هو الذكاء الاصطناعي، أما التابع فهو نتاج الاستخدام في مختلف المجالات. ويتساءل في بحثه: هل يمكن للذكاء الاصطناعي خلق قدرات مماثلة للعقل البشري؟ هل يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أفضل من البشري؟ هل يمكن للآلة أن تمتلك مشاعر؟ هل يمكن للآلة أن تكون مدركة لذاتها؟ هل الذكاء الاصطناعي جاء لتطوير البشرية؟ ويقسمه إلى أربعة أقسام: أولاً: الذكاء الاصطناعي: التأسيس والبحوث، ثانيًا: مفاهيم الذكاء الاصطناعي وأهدافه وخصائصه وأنواعه، ثالثًا: مزايا الذكاء الاصطناعي ومجالاته، رابعًا: الذكاء الاصطناعي في المجال الديني.

ويلخص أهمية الذكاء الاصطناعي في كونه يركز على عمليات تبادل العمليات ومعرفة ما يدور في العالم، مما يساعد في عمليات التعليم والتدريب والتطوير. ويجمع بين مهارات متعددة في وقت واحد، مما يساهم في تنفيذ العديد من الأعمال التي تمكن من تقليل العمالة البشرية. كما يقدم الذكاء الاصطناعي الخدمات الإنسانية في مجال الرعاية الطبية، حيث أصبح يقوم بكافة الفحوصات الطبية وتقديم الاستشارات وتحديد الخطة العلاجية، وكذا إمكانية إجراء العمليات الجراحية للمرضى، مما يحقق أعلى قيمة للإنسانية. لافتًا إلى أن أهمية الذكاء الاصطناعي تظهر في كونه يساعد العقل البشري في حل الكثير من المشكلات التي تظهر في المجال الإنساني، مثل الجريمة ونشر الإشاعات، كما يساهم في بناء مجتمعات قوية ومتماسكة ذات قدرة على التكيف مع متطلبات الحياة. وأخيرًا، الذكاء الاصطناعي هو أعلى ما توصل إليه العلم، والعلم هو أساس الحضارة ولا تزدهر إلا به، والعلم واجب إنساني يخدم البشرية ويدفعها إلى التقدم والازدهار.

توظيف الذكاء الاصطناعي في الحقل الفقهي

تبيّن دراسة السيد محمد علي الحسيني -كاتب ومحاضر ومفكر إسلامي، الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي- كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في الحقل الفقهي من خلال ثلاثة أقسام: أولاً: الذكاء الاصطناعي.. مزاياه وتحدياته، ثانيًا: دور الذكاء البشري في استنباط الفقه الإسلامي، ويبحث في استنباط الأحكام من القرآن الكريم ، واستنباط الأحكام من الأحاديث النبوية، ودور الفقيه في استنباط الأحكام الشرعية. أما ثالثًا فهو: الذكاء الموازي ودوره في عملية الاستنباط الفقهي، ويتناول فيه دواعي استخدام الذكاء الاصطناعي في الاستنباط الفقهي، ودور الذكاء الاصطناعي في تيسير البحث في أحكام القرآن، ودور الذكاء الاصطناعي في تيسير البحث في الحديث، ومساهمة الذكاء الاصطناعي في الاستنباط الفقهي، وفقه الذكاء الاصطناعي.

يختم فيها بأنه على الرغم من الفوائد المؤكدة للذكاء الاصطناعي في استخراج أحكام الفقه، يجب علينا أن ننظر إلى هذه التكنولوجيا كأداة ووسيلة مساعدة، دورها يكمن في تعزيز وتسهيل استنباط الأحكام الشرعية، وليس كبديل عن التفسير البشري والاستنباط الفقهي التقليدي، لأن الفهم الشامل والعميق للأحكام الفقهية، يتطلب الخبرة والاستدلال والتفكير النقدي، وهذه المهارات يحملها العلماء والفقهاء وحدهم. لذلك، يجب أن نزاوج بين التكنولوجيا والمعرفة الإسلامية التقليدية لتحقيق تطبيقات أفضل للذكاء الاصطناعي في عملية استنباط الأحكام الشرعية، خصوصًا أن هذه التكنولوجيا في تطور وتقدم سريع، مما يزيد من فاعليتها في خدمة الفقهاء، في عملية استنباط الأحكام الشرعية بطرق أكثر دقة وشمولية.

الذكاء الاصطناعي: تكييفه الفقهي وضوابطه

ناقش محمد العايدي -باحث أردني- في هذه الورقة مسألة تكييف الذكاء الاصطناعي في المجال الفقهي والأصولي، وتحديد شروطها وضوابطها. ويقسم دراسته إلى ثلاثة أقسام: أولاً: الذكاء الاصطناعي والاجتهاد الفقهي، ثانيًا: التكييف الفقهي للذكاء الاصطناعي، ثالثًا: ضوابط التعامل مع الذكاء الاصطناعي.

ويرى أنه يجب صياغة القواعد والضوابط الدينية والأخلاقية والإنسانية بقواعد كلية متفق عليها، بحيث مهما بلغ الذكاء الاصطناعي، وأينما وصلت هذه الثورة التكنولوجية، يبقى العمل بها مسموحًا في الأطر التي وضعت بما يتوافق مع الكرامة الإنسانية، وحفظ حقوق الناس وخصوصيتهم، ومنها:

أولاً: أن يراعي أي تطور في مجال الذكاء الاصطناعي حرمة الإنسان وكرامته، بحيث يبقى هو السيد في هذا العالم، وكما هو معلوم أن الإسلام كما هي بقية الأديان السماوية، جاءت لتؤكد هذه الحقيقة وهذه المكانة لبني البشر على غيرهم من المخلوقات، فقال تعالى: »ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا«، فالذهاب إلى تفضيل الآلة الصناعية مهما قدمت للإنسانية من خدمة على بني البشر، لا يجوز السماح به أو التعامل معه.

ثانيًا: أن يراعي التطور في مجال الذكاء الاصطناعي الخصوصيات، فلا يجوز السماح لهذه التكنولوجيا بالاعتداء على الخصوصية، فتؤثر خوارزميات "التصنيف وأتمتة عملية اتخاذ القرارات، وغيرها من تكنولوجيات التعلم الآلي الأخرى، على حق الأشخاص في الخصوصية والحقوق الأخرى، بما في ذلك الحقوق في الصحة والتعليم وحرية التنقل وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات وحرية التعبير".

لافتًا إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي أصبحت "تحدد من يحصل على الخدمات العامة، ومن يتمتع بفرصة الحصول على وظيفة، كما تؤثر بالطبع على نوع المعلومات التي يراها الناس ويمكنهم مشاركتها عبر الإنترنت".

ثالثًا: أن يساعد الذكاء الاصطناعي في الإنتاج الاقتصادي والمعرفي والمجال الديني، أما في الإنتاج الاقتصادي: كتحسين إدارة الإنتاج والدخول في صناعة الأدوية، وتحفيز الطرق الابتكارية في تصنيع منتجات الصناعات المختلفة، وحماية كوكب الأرض من العوامل التي تؤثر على المناخ العالمي، كتقليل التلوث البيئي وحماية الموارد الطبيعية، والتقليل من الانبعاثات الحرارية، وغيرها. وأما في الجانب المعرفي، فيمكن أن يستفاد من الذكاء الاصطناعي في خلق ثقافة جديدة، لتأكيد المشترك الإنساني، والتخفيف من خطاب الكراهية والتمييز العنصري بين الناس، والانفتاح على الثقافات الأخرى بما يزيد من فرص السلام والأمن والتعايش بين الناس على اختلاف ثقافاتهم. وأما في الجانب الديني فيساعد في جوانب متعددة منها: جانب الفتاوى فيصنع ما يسمى بـ(الروبوت المفتي) بحيث يجيب عن الفتاوى العامة التي يكثر السؤال عنها، وتكون محدودة الإجابة وليس لها أبعاد إنسانية أو نفسية، بحيث هنا لا بد من مفتٍ إنسان يدرك الأبعاد النفسية للحالات الخاصة والاستثنائية. في نشر الدعوة الإسلامية التي تدعو إلى الفضيلة بالرحمة والمحبة لأكبر عدد ممكن من الناس في العالم وبلغات متعددة، وتعريفهم بالإسلام الوسطي المعتدل. المساعدة في القيام بالشعائر الدينية، كتوجيه المعتمرين في الحج والعمرة عن طريق الروبوت. رصد الأهلة وتحديد الشهور القمرية لبداية شهور العبادات، كشهر رمضان ويوم عرفة وأيام العيدين وغيرها بما قد يسمى (الروبوت الراصد) بحيث يبرمج على كيفية الرصد الفلكي والمعايير الشرعية التي لا بد من مراعاتها لرؤية الهلال. وكذا استخدامه في أمور الوعظ والإرشاد الديني بما يسمى (الروبوت الواعظ)، بحيث يراعي فن الإلقاء والتدريس ليكون مؤثرًا في المستمعين وفي مشاعرهم.

أما رابعًا: أن يخضع الذكاء الاصطناعي وتطويره ومراقبته إلى مرجعيات رسمية دولية مشتركة، بحيث لا يخرج عنه، مما قد يهدد الأمن والسلم العالميين.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي والمقاربة الفقهية

ناقشت دراسة الخضر عبدالباقي محمد -باحث وأستاذ جامعي، مدير المركز النيجيري للبحوث العربية في نيجيريا- العلاقة بين تطبيقات الذكاء الاصطناعي والحقل الديني الفقهي. وتنقسم إلى محورين رئيسين: يتناول المحور الأول أدبيات الذكاء الاصطناعي، ويعرض المحور الثاني للعلاقة بين الذكاء الاصطناعي والحقل الديني، عبر الإضاءة على موقف الإسلام من التكنولوجيا الحديثة، وتطبيقاتها من ناحية التكييف الفقهي والأحكام التكليفية، كما تقدم مقترحًا للمقاربات الفقهية لدراسة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، المتمثل في مدخل فقه المصالح والمقاربة المقاصدية. ويقسم دراسته إلى ثلاثة أقسام: أولاً: الذكاء الاصطناعي.. مدخل نظري، ويتناول فيه المفهوم والنشأة، وآلية عمل الذكاء الاصطناعي، ومكونات منظومة الذكاء الاصطناعي. أما ثانيًا: الذكاء الاصطناعي والحقل الديني، فيبحث في موقف الإسلام من التكنولوجيا الحديثة، ويبيّن أهمية تطبيقات الذكاء الاصطناعي بين التكييف الفقهي والأحكام التكليفية، مقدّمًا المقاربات الفقهية في دراسة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته. أما ثالثًا فهو: تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتحدياتها.

يخلص فيها إلى أن التطبيقات المكتشفة بتقنيات الذكاء الاصطناعي تمثل خطرًا وتهديدًا للجنس البشري، وتنذر بما يشبه كارثة على الأخلاق والقيم الدينية، التي تأسست عليها المجتمعات بسبب الأتمتة بإحلال الروبوتات الآلية محل الإنسان في معظم شؤون الحياة، الأمر الذي يتعارض مع فكرة خلافة الإنسان وتعميره في الأرض، والأخطر من ذلك تغييب المكون الصلب والركن الأساسي في التكليف الشرعي، وهو الإنسان المكلف والمسؤول عن تصرفاته، وعن نتائج سلوكه وعن أعماله، بالإضافة لإشكالات تهدد المجتمع جراء تداعيات تلك التطبيقات، منها القانونية والأخلاقية والروحية.

اقترحت الدراسة مدخلين فقهيين لرصد تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتداعياتها الإيجابية والسلبية هما: منظور فقه درء المفاسد وجلب المصالح، والمقاربة المقاصدية. وعلى الرغم من تلك المخاوف هناك قراءات أخرى تذهب إلى أنه لا ينبغي الاستسلام لهذا القلق من التقنيات الذكية، لأنها تحتاج لسنوات كثيرة من التطور البطيء والتدريجي، قبل أن تصل إلى المدى الذي تطرحه القراءات المتشائمة، وأن تلك التطبيقات تستند في تطورها إلى علوم وأفكار لا تزال في بداياتها.

الذكاء الاصطناعي والمؤسسات الدينية: الأدوار والآفاق

ناقشت دراسة جابر بناصر -باحث مغربي- علاقة الذكاء الاصطناعي بالمؤسسات الدينية من منظور الأدوار والآفاق، فتركز على علاقته بالمجال الديني، وذلك ضمن محورين أساسيين: الأول: الذكاء الاصطناعي: الأدوار والوظائف، الثاني: المؤسسات الدينية وآفاق الذكاء الاصطناعي. مقدمًا فيهما زاوية نظر آنية ومستقبلية للموضوع. متوصّلا إلى عدد من النتائج:

  • للذكاء الاصطناعي القدرة على تغيير العمل والتأثير في عقول الأفراد؛
  • تقنية الذكاء الاصطناعي تسهم في تحديث المعلومة الدينية وتقريبها وتوضيحها؛
  • الذكاء الاصطناعي قادر على التنبؤ ببعض سلوكات الأفراد قبل حدوثها، خصوصًا في مجال الجريمة؛
  • نحن في حاجة إلى إعداد إطار تشريعي وقانوني خاص بالذكاء الاصطناعي، وبذل المجهودات مع مختلف المؤسسات والفاعلين وطنيًّا ودوليًّا للإسهام في إصدارها؛
  • ينبغي تشجيع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل المؤسساتي الديني لتحقيق شفافية أكثر، ومصداقية عالية، والمساواة في الوصول إلى المعلومات.

تطور الذكاء الاصطناعي وتأثيره في الحقل الديني

تناول محمد رمضان -باحث مصري، أستاذ البحوث وإدارة العمليات في جامعة القاهرة- في دراسته استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في استخلاص المعلومات من البيانات التاريخية، بهدف الاستفادة منها وتحليلها بصورة علمية ومنطقية، بما يتناسب مع التقدم العملي لهذا العصر الحالي والقادم، ومن ثم تصحيح المفاهيم المغلوطة عند أهل العلم أولاً، ثم تناولها للعامة من الناس بالطريقة البسيطة والسليمة التي تخدمهم وتصلح بينهم، بغرض التعايش السلمي بين مختلف العقائد. تركز الدراسة على التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي وتأثيرها في الحقل الديني، فتبحث في التفاعل بين التكنولوجيا وتطورها وأدوات استخدامها، والأفكار الدينية التي تسيطر على كثير من أصحاب الأديان. يقسم الباحث دراسته إلى خمسة أقسام: أولاً: الذكاء الاصطناعي وتأثيره في الدين، ثانيًا: الأديان وتطور الذكاء الاصطناعي، ثالثًا: الذكاء الاصطناعي والفكر الديني، رابعًا: الذكاء الاصطناعي والتحدي الأخلاقي، خامسًا: قلق رجال الدين من الروبوتات.

يخلص فيها إلى أن تحديات الذكاء الاصطناعي تبقى في حاجة إلى جهد مشترك لتطوير إطار أخلاقي وقانوني يحمي الأفراد والمجتمعات، ويضمن استخدام هذه التكنولوجيا بشكل يتسق مع قيم المجتمع ومبادئه الدينية.

الذكاء الاصطناعي: التحديات والتفاعل في تدبير الحقل الديني

يستكشف محمد عدي -باحث مغربي في العلوم الإنسانية والاجتماعية- في دراسته التأثيرات المتبادلة بين التكنولوجيا الرقمية والدين؛ وكيف تُشَكَل هذه العلاقة الدينية الرقمية المعاصرة، بالتركيز على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبتسليط الضوء على واقع هذه العلاقة وآفاقها وتحدياتها، كما تناول البحث كيف يمكن أن يسهم هذا الذكاء الاصطناعي في تأثير الممارسة الدينية التقليدية، وتعزيز التواصل والتفاهم بين المجتمعات الدينية المختلفة، والإمكانية السلبية التي يمكن أن يكون لهذه التقنيات دورٌ فيها، ويستعرض تجربة المملكة المغربية في تدبير الشأن الديني، للتعرف على خصائص هذه التجربة وأهدافها، ثم إمكانيات توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تدبير الشأن الديني، انطلاقًا من ثلاث نقاط أساسية، هي: إمكانية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تكريس قيم التعايش والانفتاح والتسامح، ثم إمكانية في مجال التكوين الديني، ثم في إمكانية هذا التوظيف في التدبير الإداري للشأن الديني، خصوصًا فيما يتعلق بالموارد البشرية والأمور المالية، وأخيرًا إمكانية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مواجهة التحديات التي لها علاقة بالدين، مثل الإرهاب والتطرف.

يقسم الباحث دراسته إلى أربعة أقسام: أولاً: الدين والذكاء الاصطناعي: المفاهيم والسياق التاريخي، ثانيًا: تدبير الشأن الديني في المملكة المغربية، ثالثًا: الذكاء الاصطناعي والدين، رابعًا: تدبير الحقل الديني والتفاعل بين الدين والذكاء الاصطناعي.

ويتوصل البحث إلى النتائج الآتية:

  • يجب تعزيز الدراسات والبحوث حول الدين والذكاء الاصطناعي من أجل فهم واستشراف آفاق هذا التفاعل.
  • يجب وضع إطار قانوني وأخلاقي لضمان حماية حقوق الأفراد وخصوصيتهم.
  • من المهم تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بطريقة أكثر دقة وموضوعية، وذلك لتجنب التمييز أو الظلم ضد بعض الأفراد أو بعض المجموعات.
  • من المهم وضع آليات لمراقبة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومنع إساءة استخدامها، وذلك لضمان استخدامها بطريقة مسؤولة وأخلاقية.
  • يجب أن تشجع الحكومات والمؤسسات الدينية على الاستثمار في بحث وتطوير التقنيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات الدينية.
  • يجب تعزيز التعاون بين الأكاديميين والمتخصصين في التكنولوجيا والمؤسسات الدينية لتطوير تطبيقات عملية الذكاء الاصطناعي في مجال الشؤون الدينية.
  • يجب توعية الجمهور بفوائد وتحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الديني، من خلال حملات توعية ونقاشات عامة.
  • يجب أن تتخذ المؤسسات الدينية إجراءات لضمان استخدام التقنيات الذكية بأخلاقية ومسؤولية، وحفظ خصوصية المعلومات.

الذكاء الاصطناعي في الحقل الديني.. الفرص والإمكانيات

فحص محمد كمال محمد -باحث مصري في العلوم السياسية- في دراسته تأثير الذكاء الاصطناعي في الحقل الديني بمكوناته كافة، من نصوص وعبادات ومؤسسات وعلاقات بين الأديان وفرقها، وتنظيمات التطرف والإرهاب التي سعت لاختطاف الدين. ورصدت الدراسة الحالة الراهنة لهذا التأثير، وقدّمت مقترحات أولية تهدف إلى التخفيف من مخاطر الذكاء الاصطناعي، وتحديد الفرص التي يقدمها للمجال الديني، كل ذلك بالتركيز على الإسلام.

قسّم الباحث دراسته إلى خمسة أقسام: أولاً: الذكاء الاصطناعي والنص الديني، ثانيًا: الذكاء الاصطناعي والشعائر والعبادات، ثالثًا: الذكاء الاصطناعي والمؤسسات الدينية، وتناول فيه تنمية الوعي والمهارات في مجال الذكاء الاصطناعي، وتحديث التكنولوجيا وأنظمة تكنولوجيا المعلومات، رابعًا: الذكاء الاصطناعي وتنظيمات التطرف والإرهاب، خامسًا: الذكاء الاصطناعي والعلاقة بين الأديان.

اقترح الباحث صياغة ملحق بوثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب والبابا فرنسيس الثاني بابا الفاتيكان، للتعاون في استخدام الذكاء الاصطناعي لتوثيق الأخوة الإنسانية بين المسلمين والمسيحيين وبين أتباع الديانات بشكل عام. لافتًا إلى أن مفكري "ما بعد الإنسانية" يدرسون الفوائد والمخاطر المحتملة للتكنولوجيات الناشئة، التي يمكن أن تتغلب على القيود البشرية الأساسية، بالإضافة إلى أخلاقيات استخدام هذه التكنولوجيات. كما يعتقد بعض أنصار ما بعد الإنسانية أن البشر قد يكونون في نهاية المطاف قادرين على تحويل أنفسهم إلى كائنات ذات قدرات متوسعة بشكل كبير عن الحالة الطبيعية، بحيث تستحق مسمى كائنات ما بعد الإنسان.

الذكاء الاصطناعي في تجارب المؤسسات الدينية

سلّطت دراسة عماد أبو الرب -مؤسس ورئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار، عضو المجلس العام التابع لإدارة سياسة القوميات والحرّيات الدينية التابعة لمكتب رئاسة الوزراء في أوكرانيا- الضوء على استخدام الذكاء الاصطناعي في الحقل الديني، حيث تناقش مجالات استخدامه في القضايا الدينية، وتستشرف توظيف الإدارات الدينية المسلمة في العالم إياه في عملها، ونشر خطابها الساعي للتعريف بالإسلام، ومدّ جسور التواصل الحضاري بين مكونات المجتمع الإنساني.

قسم الباحث دراسته إلى خمسة أقسام: أولاً: الاهتمام الدّولي بالذكاء الاصطناعي، ثانيًا: الموقف الشرعي من الذكاء الاصطناعي، ثالثًا: تجارب استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الديني، ويستعرض في هذه الأقسام الثلاثة تجربة المملكة العربية السعودية، وتجربة جمهورية مصر العربية، وتجربة أوكرانيا، وتجربة الأردن والمغرب، رابعًا: الذكاء الاصطناعي والمجال الديني، خامسًا: مستقبل الذكاء الاصطناعي في المجال الديني.

ويخلص في نتائج دراسته إلى:

  • ضرورة تخصيص المؤسسات والمرجعيات الدينية المعتبرة لأقسام وفرق عمل متخصصة في مجال التقنيات المرتبطة بالتكنولوجيا الرّقمية، بحيث يتمّ توظيفها إيجابًا في برامجها. وتتجنّب الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إصدار الفتاوى، أو إعداد البحوث العلمية التي تحتاج لتحليل ودراسة ونظر الباحث، ومناقشته للقضايا المرتبطة بالمسألة المطروحة.
  • ضرورة تعزيز التعاون مع المؤسسات العلمية المنتجة لهذه البرامج، للتوافق معها على المقبول دينيًّا والمرفوض من وجهة نظر الإسلام، والتأكّد من احترام أي برنامج في الذكاء الاصطناعي للقانون الدّولي وللقيم الإنسانية والخصوصيات الدينية، لتجنّب افتعال مشاكل أو إيقاع أي ضرر على الإنسان والمجتمع.
  • ضرورة وضع ميثاق شرف بين مكونات المجتمع الإنساني لمنع استخدام هذه التقنية في تدمير الكون، والتأثير سلبًا على البيئة أو استخدام الأسلحة البيولوجية، أو التساهل في إعطاء هذه البرمجيات إمكانية التحكم في استخدام الأسلحة النووية وغيرها.
  • ضرورة الاستفادة من تبادل الخبرات والتجارب بين الدول العربية والإسلامية وغيرها، وتحقيق التكامل المشترك لتنميتها وازدهارها والحفاظ على أمنها وسلمها واستقرارها.

التشابك غير التقليدي بين التطرف والذكاء الاصطناعي

استكشفت دراسة إبراهيم نجم -مستشار مفتي الجمهورية في مصر، الأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم- الطرق المتشابكة التي تعمل فيها مجموعات التطرف العنيف على إدراج الذكاء الاصطناعي ضمن أطرها العملياتية. يتمثل الهدف الرئيس بالإضاءة على ذلك التخالط الخبيء، وتفحص كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في مهمات على غرار التجنيد ونشر البروباغاندا والتخطيط الاستراتيجي ومراوغة إجراءات الأمن السيبراني. بالإضافة إلى التعمق في سبر كيفية توظيف الكيانات الإرهابية للتقنيات الابتكارية، بدءًا من التجنيد المعزز بخوارزميات الذكاء الاصطناعي في استهداف الأشخاص الذين لديهم قابلية لذلك، ووصولًا إلى صنع بروباغاندا بتقنيات التزييف العميق بهدف التلاعب بمشاعر الجمهور. كما عملت الدراسة على إبراز واستكشاف الاستراتيجيات غير التقليدية والإشكاليات الأخلاقية التي تقفز إلى الواجهة حينما تجري مواجهة التطرف المعزز بالإرهاب. يشمل ذلك تشخيص المحتوى الإرهابي عبر الاستناد إلى الذكاء الاصطناعي، والحقل البحثي الآخذ بالصعود للمبادرات المشبعة بالذكاء الاصطناعي في مكافحة الإرهاب.

يقسم الباحث الدراسة إلى ستة أقسام: أولاً: مراجعة الأدبيات السابقة، ثانيًا: المنهجية: استكشاف مسارات غير تقليدية، ثالثًا: تطور الإرهاب في العصر الرقمي: مقاربة تاريخية، رابعًا: التأثير المجتمعي لثورة الذكاء الاصطناعي، خامسًا: التطرف في العصر الرقمي، ويبحث في الحقل المعقد للذكاء الاصطناعي في مكافحة الإرهاب، والذكاء الاصطناعي وإمكانياته كحليف مبدئيًّا، سادسًا: القلق بشأن الأخلاق وحقوق الإنسان.

ويقترح في خاتمة دراسته تقديم:

  • نماذج تنبؤية تعمل بتوجيه بشري: بصورة دائمة، يجب أن يخضع استخدام النماذج التنبؤية لتوجيه قرارات بشرية يتخذها خبراء يمتلكون فهمًا عميقًا لقدرات تلك النماذج وحدودها.
     
  • تقنيات الذكاء الاصطناعي المخادِعة: تستطيع جهود مكافحة الإرهاب توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي المخادِعة في حصار البروباغاندا المتطرفة وخنق محاولات التجنيد.
     
  • الصرامة في المصادقة والاختبار: من الأمور الأساسية توخي الصرامة في عمليات المصادقة والاختبار، بغية تقييم دقة نماذج التنبؤ.
     
  • المقاربة الشاملة: من الأهمية بمكان تبني مقاربة شاملة تجمع القدرات التحليلية للذكاء الاصطناعي مع الصرامة في عمليات الاختبار والمصادقة.
     
  • معايير وضوابط متينة: مع تذكر غياب المعايير المتفق عليها عالميًّا، من الضروري والملح إرساء ضوابط متينة تتحكم باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مكافحة الإرهاب.
     
  • التدقيق المستمر في حماية الخصوصية: من الضروري إجراء مراجعة تدقيقية شاملة للإجراءات المصممة لحماية خصوصية الأفراد والحريات الأساسية.
     
  • تطوير أطر العمل التشريعي: يحب توسيع أطر عمل مبادئ التشريع والحوكمة إلى أبعد من سلطات الحصول على حق الوصول إلى المعلومات.
     
  • إجراءات الشفافية: يشمل ذلك الإفصاح عن المعايير والعمليات والمصادر المتعلقة بالبيانات والمعلومات المستخدمة في التحليل التنبؤي. يتوجب نشر تقارير منتظمة بغية تقديم رؤى بشأن النماذج العاملة من الذكاء الاصطناعي، ومدى تجاوبها مع معايير الحقوق الإنسانية.
     
  • التدريب الأخلاقي للذكاء الاصطناعي: إن أفراد الأجهزة الأمنية والممارسين للذكاء للاصطناعي ممن يعملون في مكافحة الإرهاب، يجب أن يتلقوا تدريبًا متخصصًا عن الاستعمال الأخلاقي للذكاء الاصطناعي.
     
  • التقييم والتأقلم المستمرين: مع الاعتراف بالتطور المستمر في حقلي الذكاء الاصطناعي والإرهاب، يتوجب بشكل أساسي إرساء آليات عن الاستمرارية في التقييم والتأقلم بالنسبة إلى استراتيجيات مكافحة الإرهاب.
     
  • انخراط الجمهور العام: إن الشفافية والحوار المفتوح عن استعمال الذكاء الاصطناعي في مكافحة الإرهاب، يجب رعايتهما بمشاركة الجمهور العام. يشمل ذلك التواصل الواضح عن الغايات والقيود والضمانات الموضوعة لرعاية الحريات المدنية. يجب إرساء آليات لمساهمة الجمهور العام وإشرافه، بغية ضمان الموثوقية.
     
  • المراجعة الأخلاقية المستقلة: يجب التفكير في إرساء هيئات للمراجعة الأخلاقية المستقلة، بغية تقييم الإملاءات القانونية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مكافحة الإرهاب.
     
  • التعاون بين أصحاب المصلحة المتعددين: ثمة حاجة ضاغطة لتشجيع التعاون بين الحكومات وشركات التكنولوجيا ومنظمات المجتمع المدني والأكاديميات، كي يعملوا بتكامل بشأن التحديات المتصلة بالذكاء الاصطناعي والمخاطر المرافقة لعمليات مكافحة الإرهاب.
     
  • الوعي العام والألفبائية الرقمية: من شأن نشر الألفبائية الرقمية ومهارات التفكير النقدي، أن تُمَكِّن الأفراد من التعرف إلى البروباغاندا الرقمية، ثم رفضها. تقدر حملات تعليمية أن تطلع الجمهور العام على المخاطر المرافقة للتطرف المستند إلى الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تشجيع السلوك المسؤول على الإنترنت.
     

ويختمها بالقول: إن التداخل الحساس وغير المستكشف إلى حد كبير، بين التطرف والذكاء الاصطناعي، قد طرح مجموعة معقدة من التحديات التي تتطلب إيلاء اهتمامنا لها. إن هذا التلاقي بين مجموعات التطرف العنيف والمستوى الأكثر تقدمًا في الذكاء الاصطناعي، يتحدى فهمنا التقليدي ويرغمنا على إعادة التفكير في استراتيجياتنا. فيما قد يبدو بدايةً بأن تبني فصائل متطرفة للذكاء الاصطناعي يحمل في ثناياه إشكالية متناقضة، إلا أن التمعن في الأمر يكشف أن تلك المجموعات تعرف جيدًا إمكانيات الذكاء الاصطناعي، بل إنها تطوعه لمصلحة الترويج لأجنداتها الشريرة. تؤدي تقنيات المعلوماتية والاتصالات دورًا بارزًا يصعب تجاهله، خصوصًا المنصات الرقمية على الإنترنت، في عمليات التجنيد وتبني الراديكالية. تلقي تلك الأنماط الضوء على الحاجة الملحة للتعامل مع التقاطع بين التطرف والذكاء الاصطناعي.

ويرى أنه في هذه المشهدية المتطورة والمتغيرة باستمرار، يغدو من الأساسي الاستناد إلى اليقظة والابتكار والمقاربة المتوازنة، خصوصًا حقيقة أن التقاطع بين الإرهاب والذكاء الاصطناعي يمثل تحديًّا ديناميكيًّا يتطلب استمرارية في البحث، والتنبه وبذل جهود متكاملة بغية التوصل إلى تخفيف التأثيرات النافرة على المجتمع. فيما يغدو الذكاء الاصطناعي على نحوٍ مطرد، منبثًا كجزء مكين في ترسانة المتطرفين، يتوجب على البحاثة وصُنّاع السياسة الحفاظ على اليقظة والقدرة على التأقلم بهدف ضمان الاستعمال المسؤول للذكاء الاصطناعي ومجابهة تأثير الأيديولوجيات المتطرفة في العصر الرقمي.

الذكاء الاصطناعي.. وسؤال الأخلاق

تناولت دراسة محمد بشاري -أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة- موضوع الذكاء الاصطناعي وسؤال الاخلاق، ويطرح إمكانات المواءمة بين حماية الكرامة الإنسانية، وتطويع الآلة والتقنية والإفادة منها، لا تطويع البشر وتجريدهم من إنسانيتهم ومعاييرهم. ينطلق الباحث من فرضية أن البحث والحوار المستمر في تشكيل مستقبل أخلاقي للذكاء الاصطناعي، يعتبر أحد الأساسات، ولكن في ضوء مجموعة الضوابط الأخلاقية التي تحددها التجارب الإنسانية. يقسم دراسته إلى قسمين يبحث فيهما: أولاً: في الحاجة إلى دراسة مسألة الذكاء الاصطناعي، وثانيًا: أهمية القيم الأخلاقية في التطور التكنولوجي، ويقف على مفهوم الأخلاق باعتبارها ميزة العقل الإنساني، ودور الأخلاق وآثارها في معاملاتنا اليومية الاجتماعية، وسؤال الأخلاق والذكاء الاصطناعي، ومفهوم الكرامة الإنسانية وصلته بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وأهمية العدالة والإنصاف والمساءلة في أنظمة الذكاء الاصطناعي.

يخلص في دراسته إلى أن الذكاء الاصطناعي وسيلة لا غاية، وهذا ما أثبتته القراءة المتمعنة، والمدارسة الدقيقة في زوايا الدلالات التي تتداخل معها مفاهيم الذكاء الاصطناعي، وخصائصه وقدراته، ووظائفه وتطبيقاته، والنظر في أنواعه ومراحل تطوره. كما أكدته ووثقته التطورات السريعة جدًا في هذا المجال، لا سيما بعد مقابلته والجانب الأخلاقي، فالتطور لم يقتصر على الجانب العملي المادي البحت، وبالتالي باتت هناك ضرورة ملحة لصناعة وتشييد استراتيجية محكمة، تضمن وتدفع بمزامنة أخلاقية في شتى الدساتير المؤسساتية العامدة للأخذ من إناء التكنولوجيا وذكائها المتسارع التطور، فهناك العديد من المؤسسات المؤهلة لتوجيه الذكاء الاصطناعي، بما يتلاقى ومفهوم الكرامة الإنسانية وصلته العميقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وبالأخص بعد أن وقف الإنسان محدقًا بأهمية العدالة والإنصاف والمساءلة في أنظمة الذكاء الاصطناعي، وما قد تحققه بالتزامها القيمي، من تفويت الفرص على التحديات والمشاكل قبل حدوثها.

الذكاء الاصطناعي ودوره في نشر التطرف في إفريقيا

طرحت دراسة أحمد النحوي -باحث وأكاديمي موريتاني- علاقة انتشار التطرف في إفريقيا بالتطور الذي حصل في الذكاء الاصطناعي، فركّزت على كيفية استخدام التنظيمات المتطرفة مثل داعش والقاعدة وبوكو حرام، إياه في خدمة أجندتها التخريبية. أجرت الدراسة مجموعة من مقابلات مع عدد من الخبراء في النيجر، والمغرب، ونيجيريا، وجزر القمر، ومالي، وموريتانيا، والسنغال، وقد وُضع استبيان أجري مع عدد من الخبراء الذين التقى بهم الباحث خلال مؤتمرات عدة، انعقدت في نواكشوط، من ضمنها مؤتمر السيرة النبوية الذي يعقده التجمع الثقافي الإسلامي في موريتانيا وغرب إفريقيا، وكذلك المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم الذي يعقده منتدى أبو ظبي لتعزيز السلم. ويقسم الدراسة إلى ستة أقسام: أولاً: كيف انتشر الذكاء الاصطناعي في إفريقيا؟ ثانيًا: التطرف ومخاطره في إفريقيا، ثالثًا: الجماعات المتطرفة وتوظيف الذكاء الاصطناعي، رابعًا: الجماعات المتطرفة والتجنيد الافتراضي: المميِّزات التقنية، أرقامٌ وإحصائيات، خامسًا: الذكاء الاصطناعي والتطرف: دراسة ميدانية، سادسًا: التوصيات.

تخلص الدراسة إلى أن للذكاء الاصطناعي دورًا في نشر الدعاية للحركات المتطرفة، مما جعلها تنمو بسرعة عبر الاستفادة من وسائل أكثر تطورًا، مما ساعدها في تنفيذ مخططاتها الإرهابية.

على الحكومات الإفريقية التركيز على تحصين الشباب والأطفال والنساء من خطر هذه الحركات، ومن الأضرار السلبية للذكاء الاصطناعي الذي صار يقتحم كل بيت دون استئذان، وذلك بسن قوانين رادعة وعمل ميثاق أخلاقي، والقيام بحملات توعية كبيرة بمخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالممارسات ذات الطابع الديني. الذكاء الاصطناعي كالسلاح له حدان؛ يمكن استخدامه في خدمة الدول وبنائها وتطوير بنيتها التحتية، كما يمكن أن يكون سلاح تدمير ومعول هدم بيد الحركات المتطرفة.

لعب الذكاء الاصطناعي دورًا كبيرًا في تسهيل الكثير من أنشطة التنظيمات الإرهابية، وساهم في انتشارها. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها مختلف الحكومات العالمية لمحاصرة هذه الحركات، لكنها تجد دومًا ثغرات في الذكاء الاصطناعي لبث أفكارها المتطرفة وتهديد أمن المجتمعات. وفي ضوء ذلك من المهم أن تبادر الحكومات الإفريقية، خصوصًا دول منطقة الساحل والصحراء، إلى وضع قوانين، وآليات فعالة، لمنع الحركات المتطرفة من استخدام وسائل الذكاء الاصطناعي لتحقيق مآربها وأهدافها الإرهابية.

تنظيم داعش والإعلام الافتراضي.. أزمات الردع وكيفية المكافحة

ركّز ماهر فرغلي -باحث مصري متخصص في الحركات الإسلاموية- في دراسته على منهج تدوير التطرف عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وكيفية استغلال تنظيم داعش الإرهابي المنصات الافتراضية عبر التجنيد والاستقطاب ونشر التطرف، ويحدد كيفية استخدام الحرب النفسية، وتعميق التناقض وتدوير المنهجية الفكرية والخلافات العقدية بين التنظيمات المتطرفة، محددًا مجال دراسته في العشر سنوات الماضية. وقسّم دراسته إلى أربعة أقسام: أولاً: النشاط الإعلامي للتنظيمات الإرهابية، ويبحث في استخدام التنظيمات الإرهابية للإعلام تاريخيًا، ويمر على تأسيس داعش للجهاز الإعلامي وكيفية إدارته، ثم يتناول دور مواقع التواصل في تعزيز التأثير الإعلامي لداعش. ثانيًا: الأهداف الإعلامية لتنظيم داعش، ثالثًا: أثر النشاط الإعلامي لداعش على الأمن القومي، رابعًا: الحلول المقترحة للتصدي للنشاط الإعلامي الداعشي.

ويخلص إلى أنه لا تزال الجماعات المتطرفة قادرة على الاحتفاظ بحضور ملحوظ على الإنترنت من خلال مشاركة موادها عبر شبكة واسعة قادرة على التكيف والتطور مع التحديات والمتغيرات المختلفة، وقد تمكنت من صناعة طرائق فريدة للحفاظ على وجودها وتطوير قدراتها الواقعية والافتراضية، على الرغم من كثافة الملاحقة الدولية. لافتًا إلى أن الإعلام الداعشي تطور في الخمس سنوات الأخيرة. داعيًا إلى العمل على وجود استراتيجية وطنية شاملة وعامة، تشمل التنسيق بين المؤسسات العامة والخاصة للعمل على وقف ومجابهة النشاط الإعلامي الإرهابي.

ويرى أنه من الأهمية تطوير نماذج تنبؤ الذي يستند إلى البيانات المحللة لتحديد الأفراد المعرضين للخطر، واتخاذ الإجراءات الوقائية: بناءً على نتائج التحليل، يمكن اتخاذ إجراءات وقائية مثل المراقبة أو التدخل المبكر للأفراد الذين يظهرون علامات محتملة للتطرف العنيف. وأخيرًا، من الضرورة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للكشف عن الخطاب المتطرف عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، انطلاقًا من إجراءات عملية وبتوظيف تقنيات متعددة، ويمكن القيام بذلك عبر الخطوات الآتية: مراقبة النصوص والمحتوى: يمكن لتقنيات »معالجة اللغة الطبيعية« في مجال الذكاء الاصطناعي، ومراقبة وتحليل النصوص والمحتوى عبر الإنترنت لاكتشاف العبارات والمواد المشبوهة والمحتملة للتطرف. والكشف عن الأنماط: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل أنماط النشاط عبر الإنترنت والتواصل الاجتماعي، للكشف عن أنشطة مشتبه بها والتحقق منها. واستخدام تقنيات التعلم الآلي: يمكن تطبيق تقنيات التعلم الآلي مثل: تصنيف النصوص، وتحليل العواطف، لتحديد المحتوى المتطرف والتحريضي. ومراقبة الصور والفيديو: يمكن أيضًا استخدام التقنيات الخاصة بالتعرف على الصور والفيديو للكشف عن المحتوى المتطرف، من خلال التحقق من الصور والمقاطع المشبوهة. والتعاون مع منصات التواصل الاجتماعي: يمكن تطوير تعاون مع منصات التواصل الاجتماعي؛ للإبلاغ عن المحتوى المشتبه به وإزالته.