تدريب المدربين في مكافحة الإرهاب: التجارب والتحديات


يتناول الكتاب برامج إعداد الكوادر في دوائر مكافحة الإرهاب ونزع التطرف وتأهيل المتطرفين، ويقيّمها على مستوى الدول؛ ويغطي الخبرات الأساسية للدول والمنظمات في التعامل مع الموقوفين المنتمين إلى التنظيمات الإرهابية في السجون، والجهود التدريبية في مراقبة ووقف تمويل الإرهاب، وتأهيل الأئمة ورجال الأمن للتعامل مع المتطرفين الموقوفين.


تم النشر في: October 2020


front166

قائمة الفصول


# اسم الكتاب
1 جهود منظمة الأمم المتحدة في تدريب المدربين على مكافحة الإرهاب: نماذج مختارة
2 الراديكالية والتطرف العنيف: النظريات والمكافحة في التجربة الأمريكية
3 تأهيل الأئمة في الولايات المتحدة: رهانات الاندماج والتكيُّف
4 تجارب دول أوروبا في تدريب الأئمة
5 التجربة الفرنسية في مكافحة الإرهاب: الاستجابة والتحديات
6 الجهود المتعددة الأطراف لتدريب الباحثين والقضاة على مكافحة الإرهاب في بلجيكا
7 تدريب المدربين على مكافحة الإرهاب في السعودية
8 جهود «الإمارات العربية المتحدة» في تطوير قدرات المتدربين على مكافحة الإرهاب
9 التجربة العراقية في التأهيل الأمني للتعامل مع سجناء تنظيم داعش
10 تجربة إقلیم كردستان العراق في مكافحة الإرهاب
11 تجربة مصر مع موقوفي الجماعة الإسلامية
12 تجربة مصر مع موقوفي الجماعة الإسلامية
13 النهج المرن في تأهيل المتطرفين: إندونيسيا أنموذجاً
14 تدريب الأئمّة والمرشدين في المغرب
15 إعادة تأهيل المتطرفين التائبين في المغرب

شرح الكتاب


ملخص بحوث العدد (166)

تدريب المدربين في مكافحة الإرهاب: التجارب والتحديات

أكتوبر (تشرين الأول) 2020

دبي

يتناول مركز المسبار للدراسات والبحوث في كتابه برامج إعداد الكوادر في دوائر مكافحة الإرهاب ونزع التطرف وتأهيل المتطرفين، ويقيّمها على مستوى الدول؛ ويغطي الخبرات الأساسية للدول والمنظمات في التعامل مع الموقوفين المنتمين إلى التنظيمات الإرهابية في السجون، والجهود التدريبية في مراقبة ووقف تمويل الإرهاب، وتأهيل الأئمة ورجال الأمن للتعامل مع المتطرفين الموقوفين.

جهود منظمة الأمم المتحدة في تدريب المدربين على مكافحة الإرهاب: نماذج مختارة

ركزت دراسة جمانة مناصرة - باحثة في العلاقات الدولية، تعمل في مركز المسبار للدراسات والبحوث- على جهود الأمم المتحدة في تدريب المدربين في مكافحة الإرهاب؛ بالإضاءة على نماذج تدريبية عدة، وموضوعات متنوعة، بدءًا من تدريب المدربين في التعاطي مع الجناة الموقوفين بقضايا التطرف العنيف، وصولاً إلى تدريب المدربين في مكافحة تمويل الإرهاب، والتدريب القانوني والقضائي في مكافحة الإرهاب وتعزيز سيادة استجابات العدالة.

خلصت الباحثة إلى أن جهود وكالات منظمة الأمم المتحدة، والشراكات التي تعقد بينها وبين المنظمات الإقليمية والدولية، أسهمت في تعزيز التنسيق والتعاون بين الدول الأعضاء في مجال مكافحة الإرهاب وعلى مستويات عدة. فيما بقي توظيف الدورات التدريبية على المستوى الدولي والوطني، نهجاً في غاية الأهمية، يُعزز قدرات الدول في تبادل الخبرات والأفكار، والقدرة على تعميم أفضل النتائج والممارسات في مكافحة الإرهاب، ويدفع فرص الاستفادة من خبرات الخبراء والمختصين؛ لا سيما وأنّ الدورات التدريبية تستند في مجملها إلى خلاصات في قضايا الإرهاب، بوصفها إحدى الأدوات المستخدمة في تدريب المدربين؛ لتثري الدورات التدريبية وتجعلها قريبة من الواقع، تماماً مثل اعتماد الكثير من الدورات التدريبية في تدريب القانونيين -على سبيل المثال- على المحاكمات الصورية والتحقيقات الجنائية الصورية للقضايا الإرهابية المبنية على سيناريوهات واقعية وأخرى متصوّرة؛ الأمر الذي يعزز قدرات المسؤولين والمدربين في شتى المجالات، خصوصًا وأنّ الدورات التدريبية تستند إلى أفضل الممارسات المستخدمة في الدول والتي ثبتت نجاعتها، وتتماهى في الوقت ذاته مع خصوصية كل دولة على حدة.

الراديكالية والتطرف العنيف: النظريات والمكافحة في التجربة الأمريكية

تناولت دراسة كل من أرديان شاجكوفسي -باحث أمريكي متخصص في مكافحة الإرهاب- وأليسون ماكدويل سميث -أستاذ مساعد في العدالة الجنائية في كلية نيكولز (Nichols College) الأمريكية- محورين: الأول: عمليات النزوع إلى السلوك الراديكالي أو "الرَّدْكَلَة" أو الأصولية المحلية النابعة من الداخل من منظورَيْ الحركات الإسلاموية المتطرفة وجماعة اليمين المتطرف على حد سواء، حيث يتم استخدام مسارات وعمليات عدة ونماذج للتحول إلى الراديكالية، وذلك لتفسير ظاهرتي الراديكالية الأصولية والتطرف النابعتين من الداخل، والموجودتين على المستوى المحلي في الولايات المتحدة. واستناداً إلى معطيات مستمدة من بيانات ثانوية ومقابلات أولية مع وكيلين سابقين بمكتب التحقيقات الاتحادي، ووكيلي ادعاء عام سابقين كانا يعملان في الجهاز الاتحادي، بالإضافة إلى ثلاثة من الناشطين في مجال الحقوق المدنية بالولايات المتحدة؛ احتوى المحور الثاني على نقاش حول الجهود الراهنة لإدخال قانون جنائي اتحادي بخصوص الإرهاب الداخلي/ المحلي لتعزيز الاستجابات لدى سلطات الادعاء العام، والتحقيق وفرض النظام وإنفاذ القانون، لمكافحة نشاط اليمين المتطرف في الولايات المتحدة.

يخلص الباحثان إلى أن كلا المؤيدين والمعارضين لإدراج الإرهاب الداخلي ضمن الجرائم الاتحادية في الولايات المتحدة، يلقي الضوء على مضامين ومدلولات مهمة عدة تتعلق بالسياسات أولاً: على الرغم من وجود عدد من القوانين الجنائية التي تقضي بتوقيع الجزاءات على مرتكبي الأعمال الإرهابية التي تستهدف التراب الأمريكي. من المهم أن يُنظَر في قوانين الإرهاب الداخلي للمساعدة على جمع المعلومات التي تتعلق بإجراءات الملاحقة القضائية والتحقيقات الخاصة بقضاياه. ثانياً: من شأن إجازة الإرهاب الداخلي بوصفها جريمة اتحادية، مساعدة الحكومة الاتحادية والمكتب الاتحادي للتحقيقات في تحويل المزيد من الموارد والخبرات وتخصيصها لمكافحة التهديد المتصاعد للإرهاب الداخلي. ثالثاً: تعد المعاملة المتكافئة التي تتم على قدم المساواة للجرائم المتماثلة (أي تلك التي يرتكبها المسلمون مقابل الجرائم التي يرتكبها غير المسلمين) من الأمور المهمة لدرء الأخطار وتخفيف آثارها –سواء كانت حقيقية أو متوهمة– والناجمة عن عدم المساواة في الاستهداف والتعامل. ويعد هذا أمراً مهماً بصفة خاصة عند النظر في حقيقة أن الجزاءات والعقوبات الأشد على الجرائم نفسها يتم تطبيقها على الجناة من المسلمين الذين يرتكبون جرائم ذات علاقة بالإرهاب (أي يتم بصفة عامة توجيه التهم بموجب لائحة الدعم المادي، واستخدام أسلحة الدمار الشامل [WMD] وما إلى ذلك) على نحو يفوق ما يتم تطبيقه بحق الجناة غير المسلمين (ممن توجه إليهم تهم حيازة سلاح ناري أو نحو ذلك). وأخيراً فإن توسيع نطاق القوانين المتعلقة بالإرهاب الداخلي، سيفضي إلى المزيد من الالتباس والغموض للإرهاب في الولايات المتحدة، والموصوف بأنه إرهاب عالمي حتى وإن كان نابعاً من الداخل، إلا أنه متعلق بأيديولوجية عالمية، مثلاً القاعدة وما يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام والشباب وخلافه (وجرائم الإرهاب الداخلي).

تأهيل الأئمة في الولايات المتحدة: رهانات الاندماج والتكيُّف

غطت دراسة نصر محمد عارف -أكاديمي ومفكر مصري- جميع المؤسسات التعليمية التي تقوم على تدريب الأئمة في الولايات المتحدة الأمريكية، وخرجت بمجموعة من النتائج: أولاً: أن هذه التجارب جميعها لم تزل في بداياتها، ولم تنضج أية واحدة منها، ولذلك يكون من الصعب الحكم عليها بصورة علمية محايدة وموضوعية، ولم يبق أمامنا إلا النظر في خلفيات العنصر البشري الذي يقوم بالتدريس، أو يشرف على الإدارة أو يشارك في مجالس الأمناء، وبناء على ذلك نحدد التوجهات الحزبية، أو السياسية، أو الكفاءة العلمية والأكاديمية. ثانياً: إن أفضل هذه البرامج من حيث المحتوى العلمي، والقائمين على التدريس، والمعايير العلمية، والاستقرار المؤسسي هو برنامج "بيان كليرمونت"، وذلك لشمولية المنهج، وكفاءة الأساتذة، وارتباطه بجامعة قوية. ثالثاً: تراجع دور الجماعات الحزبية والتوجهات الأيديولوجية في عملية تكوين وتأهيل الأئمة في الولايات المتحدة، وذلك نظراً للمناخ الذي خلقته أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001. رابعاً: أدى عدم التسييس الواضح لهذه البرامج، والرغبة في التكيف، والاندماج مع التقاليد الأمريكية في تدريب القيادات الدينية على الانفتاح على العلوم الاجتماعية مثل علم النفس والخدمة الاجتماعية، والإرشاد النفسي، وعلوم الإدارة، وكذلك الانفتاح على المكونات التدريبية العملية التي تصقل مهارات الدارسين، وتؤهلهم للعمل في بيئة متعددة الأديان والثقافات. خامساً: إن هذه التجربة لن يقدر لها النضوح والاكتمال والاستمرار إلا إذا تم تأسيس مفوضية مستقلة للاعتماد الأكاديمي للمؤسسات التعليمية الإسلامية، وذلك أسوة بالتقاليد الموجودة عند المؤسسات اليهودية والمسيحية في الولايات المتحدة.

تجارب دول أوروبا في تدريب الأئمة

تناول جاسم محمد -باحث عراقي في المركز الأوروبي لدراسة الإرهاب في ألمانيا- في دراسته الدول الأوروبية المعتمدة على مشروع تدريب الأئمة، ركز فيها في القسم الأول على نماذج من ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا. أما في القسم الثاني فتناول بناء الإخوان المسلمين المجتمعات الموازية في أوروبا.

يرى الباحث أن دول أوروبا تسعى إلى الحد من استقدام أئمة متطرفين، كون التحقيقات كشفت، أن بعضهم كان مصدراً للتطرف والإرهاب والتحاق أعداد من الأشخاص بمناطق الصراع في دول منطقة الشرق الأوسط. إن ما تريده دول أوروبا، هو ضمان خطاب معتدل يحترم حقوق الإنسان والأنظمة الديمقراطية في أوروبا ويساهم في بناء التكامل الاجتماعي، والتعايش السلمي بين مختلف الأديان والأعراق. فقد بات ضرورياً، تقديم المشورة والنصح في السلوك وأمور الدين من قبل الأئمة إلى الشباب، لفهم النصوص الدينية واتباع السلوك الصحيح في المجتمع، التي نصت عليها الأديان ومنها الدين الإسلامي من أجل التعايش السلمي من جميع الأعراق والأديان.

التجربة الفرنسية في مكافحة الإرهاب: الاستجابة والتحديات

استعرض روهان غوناراتنا -أستاذ الدراسات الأمنية بكلية «إس. راجاراتنام للدراسات الدولية» بجامعة نانيانغ للتكنولوجيا في سنغافورة- الأنموذج الفرنسي لمكافحة الإرهاب، ونظر إليه بمثابة دليل استرشادي للمدرِّبين والعلماء. مشيراً إلى أن الفرنسيين طوروا على مر السنين خطة استجابة متعددة الجوانب والأبعاد، ومتعددة التخصصات والجنسيات (تشارك فيها جهات ووكالات عدة) للتصدي للإرهاب. ويأتي في القلب من آلية فرنسا لمكافحة الإرهاب أجهزة الاستخبارات وسلطات إنفاذ القانون والقوى العسكرية في فرنسا.

تركز الدرسة على الاستراتيجية الفرنسية التي تهدف إلى الحد من سيطرة المجموعات الإرهابية إقليمياً؛ ومحاربة شبكات التمويل والشبكات الإنسانية واللوجستية والدعاية الإرهابية؛ وتجنب الراديكالية والتطرف؛ وحماية المصالح الفرنسية والفرنسيين في الخارج. يقف الباحث على مسار التهديدات والتحديات في فرنسا، ويدرس استجابة الدولة لها، مستعرضًا أبرز المبادرات والمشاريع التدريبية.

الجهود المتعددة الأطراف لتدريب الباحثين والقضاة على مكافحة الإرهاب في بلجيكا

تسعى دراسة إبراهيم ليتوس -باحث في المركز الدولي للأبحاث وحقوق الإنسان في بروكسيل- إلى فهم الآليات التي تشتغل بها الدولة البلجيكية لمحاربة التطرف والإرهاب، وتأثير ذلك في كيفية تنزيل جهودها على أرض الواقع، للحد من ظاهرة التطرف والراديكالية بشكل عام. يسلط الباحث الضوء على مخططات الحكومة في مواجهة التطرف والإرهاب، وكيفية معالجة التطرف أمنياً واجتماعياً. ويقدم تقييمًا لجهود الحكومة البلجيكية من طرف الخبراء. ويستعرض بعض النماذج والبرامج البلجيكية في مكافحة الإرهاب. ويقف على أساليب التدريب القضائي الأوروبي وتدريب القضاة.

يعيد الباحث تلك الإنجازات إلى الجهود المتعددة التي اتخذتها السلطات المختلفة، نتيجة للتعاون بين القطاع الحكومي والمجتمع المدني، حيث ركزت السلطات المركزية على الجانب الأمني والردع، بينما ركزت السلطات الجهوية والمحلية على الجوانب الوقائية والعلاجية لظاهرة الراديكالية والتطرف العنيف.

تدريب المدربين على مكافحة الإرهاب في السعودية

تطرق عبدالسلام القحطاني -مستشار أمني وإداري ومدرب سعودي- في دراسته إلى مفهوم المدرب وتدريب المدربين، ثم تناول أنماط تدريب المدربين، وأساليبها، متطرقاً إلى مناهجها، ثم يختم الدراسة بالمرور على مجالاتها. كل تلك النقاط والعناصر استعرضها في بعض القطاعات الأمنية والعسكرية بالمملكة العربية السعودية، مبرزًا ما قامت به الحكومة السعودية من جهود حثيثة في تدريب المدربين على مكافحة الإرهاب، التي طبقت في القوات البرية الملكية السعودية، والقوات البحرية الملكية السعودية بوزارة الدفاع، وعمل بها في ألوية الأمن الخاصة بوزارة الحرس الوطني، وروعيت في قوات الأمن الخاصة، وقوات الطوارئ الخاصة، والمديرية العامة للمباحث برئاسة أمن الدولة، وأُخذ بها في قوات أمن المنشآت وقطاعات حرس الحدود بوزارة الداخلية.

جهود "الإمارات العربية المتحدة" في تطوير قدرات المتدربين على مكافحة الإرهاب

تتناول دراسة محمد عبدالله العلي -مدير عام «مركز تريندز للبحوث والاستشارات» في دولة الإمارات العربية المتحدة- الجهود التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة في تطوير قدرات المتدربين في مكافحة الإرهاب؛ بحيث يكون هؤلاء على دراية شاملة بأبعاد هذه الظاهرة من النواحي كافة، الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية والقانونية. وعلى هذا فإن قائمة هؤلاء المتدربين تتسع لتشمل العاملين في المجال الأمني والقضائي والاقتصادي والتعليمي والثقافي.

تسلط الدراسة الضوء على هذه الجهود، من خلال محاور عدة رئيسة، أولها: السمات العامة لرؤية الإمارات لظاهرة الإرهاب؛ ثانيها: جهود الإمارات لمكافحة الإرهاب على الصعد كافة؛ وثالثها: مبادرات الإمارات لتطوير قدرات المتدربين على مكافحة الإرهاب.

تعد تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة من التجارب الرائدة في مكافحة الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي؛ لأنها تتضمن في استراتيجيتها الأبعاد كلها ذات الصلة، كما تهتم بتطوير قدرات المتدربين على مكافحة الإرهاب على الصعد كافة، ولهذا فإنها استطاعت سد الثغرات التي يمكن أن تنفذ منها التنظيمات المتطرفة والإرهابية لتهديد أمنها واستقرارها، فضلاً عن نجاحها في مواكبة التطورات التي لحقت بأساليب هذه التنظيمات، وتعريف المتدربين بها، كلّ في مجاله، سواء كانت مالية أو اقتصادية أو ثقافية أو دينية أو تعليمية أو إعلامية، ولهذا أصبحت الآن أنموذجاً للتعايش، حيث تستضيف على أراضيها أكثر من (200) جنسية في أمن ووئام، بغض النظر عن الاختلافات فيما بينها، سواء من حيث الثقافة أو اللغة أو الدين.

التجربة العراقية في التأهيل الأمني للتعامل مع سجناء تنظيم داعش

تتناول دراسة الباحثَين العراقيين یاسین طه محمد وعمر الشمري البرامج المعتمدة في تأهيل رجال الشرطة للتعامل مع المعتقلين في العراق، مسلطة الضوء على السجون المخصصة لإيواء معتقلي الإرهاب وأعداد الموقوفين، وآليات تعامل الشرطة العراقية مع المتهمين والمدانين بالإرهاب، وتقف الدراسة على التجارب غير العسكرية في التعاطي مع ملف داعش.

يخلص الباحثان إلى ضعف التدريب والتأهيل، لدى أفراد الشرطة العراقية، وأثره الواضح على واقع السجون في العراق، فبدلاً مِن أن تكون هذه السجون أسوار حماية، تحولت إلى بؤر لإنتاج العناصر المتطرفة، بسبب السياسات الخاطئة داخل تلك المعتقلات، مثل الاختلاط بين المتهمين، واللجوء إلى التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان، مما يولد غضباً مستمراً تجاه الحكومة والأجهزة الأمنية بشكل عام، كما أثر غياب الحلول غير العسكرية فيما يتعلق بتأهيل المتهمين بالإرهاب؛ بشكل واضح على تردي الأوضاع داخل السجون بسبب غياب فتح المدارس، والدورات، وبرامج التوعية، فضلاً عن غياب المناصحة والتنسيق بين وزارات الأوقاف بشأن تنظيم مثل هذا البرنامج.

تجربة إقلیم كردستان العراق في مكافحة الإرهاب

يدرس إبراهیم صادق ملازادة -أستاذ في جامعة سوران بإقلیم كردستان العراق- تجربة إقليم كردستان العراق في مكافحة الإرهاب، بدءًا من تشكيل مجلس الأمن الوطني للإقليم، والوقوف على أقسامه، وصولًا إلى الأسس القانونية لإدارة السجون ومكافحة الإرهاب، مستعرضًا مجموعة من المقابلات التي أجراها مع خبراء في عملية تدريب وإعداد الكوادر العاملين في مجال مكافحة الإرهاب، ومبينًا فيها سیر الإجراءات المتبعة في العلاقة مع سجناء الإرهاب.

يشير الباحث إلى أن المنظومة الأمنیة في إقلیم كردستان، منتظمة في وزارتین رئیستین، هما وزارة البیشمركـة، ووزارة الداخلیة، التابعتان لحكومة الإقلیم. هناك مؤسسات أمنیة تابعة لرئاسة الإقلیم مباشرة، والجهة التي تتعامل مباشرة مع المحكومین، هي المدیریة العامة للإصلاح التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعیة.

إن التعامل مع المحكومین بقضایا الإرهاب، متعدد الأبعاد وشاق بالنسبة للمنتسب المتدرب، الذي يتعاطى مباشرة مع محكوم بتهمة إرهابية قد تكون من أخطر التهم، وهي تختلف بشكل بنیوي عن الجرائم الجنائیة، والتعامل معهم أیضاً يختلف علی المستويات النظرية والعملية والنفسية. فثمة ثلاث فئات تخضع للتدریب والتأهیل وهم الفئة القانونیة، والفئة الإداریة ومن بینهم الباحثون الاجتماعیون، والفئة الأمنیة التي تتولی مسؤولیة الحفاظ علی الأمن الخارجي والداخلي للسجون. وهناك مدربون داخلیون في دائرة الإصلاح، ومدربون علی مستوی الإقلیم، بالإضافة إلى المدربین من الدول الغربية، كما أن جمیع الدورات التأهيلية، مدعومة من قبل المنظمات الدولیة المعنیة بقضایا مكافحة الإرهاب.

تجربة مصر مع موقوفي الجماعة الإسلامية

يرى ماهر فرغلي -باحث مصري متخصص في الحركات الإسلامية– في دراسته أن تمحور التنظيمات حول الأيديولوجيا، يصعّب العمليات الأمنية في التفكيك، وأنه كان من الخطأ الفادح اعتقاد أن تدمير الأفكار العنيفة هي مهمة القوى الأمنية وحدها، حيث لم تفلح تلك السياسة واستمرت عمليات الإرهاب، وكان بعضها مرتبطاً بما يجري داخل السجون، كما كان هناك الفعل والرد المماثل، واتخاذ عمليات مواجهة بأسلوب الاعتقالات والمحاكمات، واتساع ذلك أو ضيقه حسب خطورة الحدث، وهذا لا علاقة له أيضاً بحوارات السجون، التي لم يكن فيها اهتمام بالفكرة بشكل كبير حتى إدراك الحل، وأنه يكمن في الغاية للوصول إلى مصادر هذا الفكر وجذوره الحقيقية، ومحاولة تقديم علاج لما يجري، وكانت مراجعات وقف العنف للجماعة الإسلامية نموذجاً بدءاً من عام 2001 وحتى الإفراج عن غالبية المحكومين والموقوفين عام 2006.

تناول الكاتب مجموعة من التجارب التي خاضتها الدولة المصرية، بدءًا من الرؤية الحاكمة لمصر في التعامل مع المحكومين في قضايا الإرهاب والتنظيمات المحظورة، التي سيطر عليها الطابع الأمني على اعتبار أنهم المعنيون وحدهم بملف الإسلامويين. ثم يمر بندوات الرأي التي اعتُبرت التجربة الأولى في الحوارات مع الموقوفين بغرض التأهيل، وهي التي كانت تتم فيها المناظرات معهم في فناء السجن، وتطورت في فترة لاحقة حين قام التلفزيون بتصويرها وعرضها على المجتمع، ثم يقف على ندوات دار الإفتاء، حيث حاولت الدولة المصرية أن تجد حلاً بالحوار والنقاش وطرح الأفكار على مائدة النقد وإعادة البناء؛ فبدأت الحملة بالحوار بين علماء الأزهر وقيادة الجماعة الإسلاموية.

يشير الكاتب إلى تجربة الداخلية المصرية حيث قررت اتباع أسلوب جديد عقب فشل الندوات الأولى، وهي إقرارات البراءة التي يوقع عليها الموقوف، والتي تنص على تركه التطرف، واتباعه لأقوال علماء الأمة. حين فشلت كل الوسائل السابقة، بدأت مصر في إطلاق برامج حوارية مع قادة الجماعة، كانت تتم هذه اللقاءات على انفراد بكل قائد. عقب نجاح وسيلة تصحيح المفاهيم عِبر القادة، تغيرت سياسة الداخلية المصرية، وفتحت أبواب الزنازين طوال اليوم، وسمحت بزيارات الأهالي، وأفرجت عن المرضى، كما سمحت بالدورات الرياضية.

النهج المرن في تأهيل المتطرفين: إندونيسيا أنموذجاً

يلاحظ إدريس جنداري -باحث وأكاديمي مغربي- في دراسته، أن السلطات الإندونيسية خاضت تجربة قاسية في مكافحة الإرهاب، مما أنتج آثاراً سلبية، اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، بسبب حرب الاستنزاف التي شنتها الجماعات المتطرفة ضد الدولة والمجتمع، وهي حرب غير تقليدية لأنها توظف أسلحة، وأيديولوجية فتاكة قادرة على تهديد تماسك الدولة والمجتمع وإلحاق الأذى بالقيم. دفع هذا الوضع الملغوم، صانع القرار الإندونيسي إلى الاسترشاد بالتجارب الدولية الحديثة في مكافحة الإرهاب، وخصوصاً ما يرتبط منها بالجيل الجديد القائم على أساس "المنهج المرن". فقد تغيرت الوسائل التقليدية التي كانت توظف لإدارة السجون التي تأوي المتطرفين المحكومين، وأصبحت تتخذ أشكالاً جديدة مثل: الدروس في الوطنية والدين، واجتماعات عائلية برعاية منظمات غير حكومية، وحتى تلقين دروس في ترتيب الحدائق من وراء القضبان. وإن الانتقال الذي حققته إندونيسيا في مكافحة الإرهاب، من الجيل القديم إلى الجيل الجديد، لم يكن اعتباطياً، بل تحكم فيه وعي قانوني ومؤسساتي مُسبَق. فقد تحقق الوعي لدى صانع القرار الإندونيسي بكون مكافحة الإرهاب تتجاوز كونها خطة عابرة، بل إنها وعي استراتيجي، بعيد المدى، يجب التأسيس له قانونياً ومؤسساتياً. ومن خلال البحوث الميدانية التي أنجزتها بعض المؤسسات ومراكز البحوث الإندونيسية، تبين أن مكافحة الخطر الإرهابي يجب ألا تقتصر على المقاربة المادية الصرفة في علاقة بالخطط الأمنية والعسكرية التي تطارد الإرهابيين، ولكنها يجب أن تركز كذلك على المقاربة الرمزية المرِنة من خلال الاطلاع على شروط البيئة الاجتماعية الحاضنة، وإدراك مُدخَلات أيديولوجيا الإرهاب. وفي العلاقة بتقويم خطة تأهيل المرشدين الروحيين، فقد أحرزت التجربة الإندونيسية نجاحاً منقطع النظير، حيث تجاوزت ظاهرة الاعتدال الديني مستوى المرشدين الأفراد إلى مستوى منظمات مدنية ملتزمة بقضية الإرشاد الديني المعتدل. في مقابل ذلك صعد نجم دعاة الاعتدال الديني الذين استعادوا زمام المبادرة، ونجحوا في تسويق خطابهم الديني المعتدل القائم على أساس التعددية والاختلاف والتعايش السلمي بين مختلف العقائد والمذاهب.

يدعو الباحث في خاتمته إلى ضرورة تكريس الاعتدال الديني، بوصفه ثقافة مدنية عامة، يجب أن يمر عبر تعميم هذا المنهج المعتدل، شعبياً ورسمياً، فلا مبرر لاحتكار الخطاب الديني من طرف رجال الدين، على المدى البعيد، لأن ذلك يتعارض مع المنهج الإسلامي، نفسه، الذي يرفض منطق "الإكليروس المسيحي". فالوعي الديني، في الإسلام، مسؤولية فردية خاصة يتحملها كل فرد مسلم، ومسؤولية جماعية عامة يتحملها كل أفراد المجتمع المسلم، وليست مسؤولية محصورة في رجال الدين، وليست وظيفة تقوم بها الجماعات الدينية.

تدريب الأئمّة والمرشدين في المغرب

سلطت دراسة إدريس لكريني -مدير مختبر الدراسات الدولية حول تدبير الأزمات في كلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بالمغرب- الضوء على تجربة المغرب في تأهيل الأئمة، من خلال رصد مكانة المسجد ضمن تطور تدبير الشأن الديني، أولاً؛ وضوابط ورهانات تدريب الأئمة والمرشدين، ثانياً؛ قبل التوقف عند حصيلة التدريب ورهانات الدبلوماسية الروحية، ثالثاً.

راكم المغرب تجربة مهمة على مستوى تدريب الأئمة والمرشدين والمرشدات، أصبحت تلهم الكثير من دول المنطقة، بالنظر إلى دورها في ترسيخ الاعتدال والوسطية ونبذ التطرف والعنف، وضبط وظائف المساجد في هذا الشأن. يعتقد الباحث أن تجربة المغرب على مستوى ضبط المساجد والفتاوى، وتأطير الأئمة والمرشدين تظلّ متميزة في العالم العربي، حيث مكّنت من تضييق الخناق على الإرهاب والتطرّف بشكل ملحوظ، بمنع استغلال المساجد، وضبط حقل الفتاوى بصورة تأخذ بعين الاعتبار مقومات المجتمع المغربي وخصوصياته، وقد اعتبرها الكثير من الباحثين والمهتمين جديرة بالإفادة من تراكماتها.

إعادة تأهيل المتطرفين التائبين في المغرب

تناول محمد آيت بوسلهام -باحث مغربي- دراسة حالة المغرب في نجاحها بإعادة تأهيل المتطرفين في المغرب، من خلال مبادرات عدة، منها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وذلك من خلال سعي المبادرة إلى الرفع من جودة الخدمات المقدمة بهذه المراكز؛ إلى جانب استهداف إحدى عشرة فئة في وضعية اجتماعية، موزعة وفق ثلاث مجموعات: حماية الطفولة والشباب؛ دعم الإدماج الاجتماعي- الاقتصادي؛ دعم الأشخاص المسنين والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة.

أقيم مركز المبادرة على ثلاث رافعات أساسية: الأفراد: الرفع من فرص التوظيف لدى الشباب لتطوير الكفاءات، مع ملاءمة قصوى بين المتطلبات والمناصب وتسهيل حصولها على موارد التمويل. المنظومة: إحداث إطار يشجع على التنسيق بين مختلف الفاعلين على مستوى الأقاليم. المشاريع: تشكل فرصة الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة. كما يدرس الباحث دور الأجهزة الأمنية المغربية في محاربة الإرهاب، بموازاة نجاح التجربة المغربية في الأمن الاستباقي، لتفكيك الخلايا الإرهابية، بدأت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تطبيق برنامج مصالحة عام 2017، بغية تأهيل السجناء المدانين في إطار قضايا التطرف والإرهاب وإعادة إدماجهم في المجتمع المغربي بعد اجتيازهم برنامج التأهيل الديني والفكري والحقوقي ومواكبتهم نفسيا واجتماعيا واقتصاديا. فيما ينهض برنامج "مصالحة" -كل من يجتاز البرنامج التدريبي بنجاح يستفيد من العفو الملكي ليُعانق الحرية ويعود إلى الاندماج في الحياة الطبيعية- على خمسة مستويات: التأهيل الفكري والديني؛ التأهيل الحقوقي والقانوني؛ المواكبة أو المصاحبة النفسية؛ المواكبة الاجتماعية والاقتصادية؛ برامج تطبيقية تُحاكي تجربة التطرف والاستماع إلى شهادات الضحايا.