الوصف
تناول بحث محمد خليفة صديق -باحث وأكاديمي سوداني، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة أفريقيا العالمية بالخرطوم- الصراع بين التصوف والإسلام السياسي في السودان، أثناء حكم نظام الجبهة (1989-2019)، ويبدأ أولًا بمدخل تاريخي حول التصوف السوداني، ويجيب ثانيًا عن سؤال العلاقة بين الإسلامويين والتصوف، حيث سعت الحركة الإسلاموية منذ وقت مبكِّر للتفكير والتخطيط لاختراق وإضعاف التصوف. فيبحث ثالثًا في نظام (30 من يونيو) 1989 وسياسة التعامل مع التصوف، خلال المرحلتين: المرحلة الأولى (1989-1999)، والمرحلة الثانية (1999-2019) بعد انفصال الترابي، مقيّمًا تجربة المجلس القومي للذكر والذاكرين، فيتطرق البحث إلى نشأة ودور «المجلس القومي للذكر والذاكرين» بوصفه كيان التصوف الأكبر في العشرية الأولى لحكم الإسلامويين، أما رابعًا فيبحث في حضور التصوف السوداني الذي وجد نفسه بين التسييس والتجديد، فمن ناحية اتجه التصوف السوداني، خلال حكم الإسلامويين، نحو توسيع علاقاته الخارجية، أما في علاقاته فظل النشاط الصوفي على المستوى السياسي والفكري محدودًا، وسجل الوجود الصوفي في السودان تراجعًا مقارنة بالوجود الضارب للتصوف في تاريخ السودان. أما خامسًا: فيبيّن معالجات التصوف السوداني في السياسة ومحطات حضوره فيها، وأي علاقة تحكمه مع الإسلام السياسي.
ويخلص الباحث إلى أن العلاقة بين الحركة الصوفية والإسلام السياسي شهدت علاقة صد وشد، مشيرًا إلى أن التأثير القوي للطرق الصوفية على الأنظمة والقوى السياسية في السودان، جعلها حريصة على استثمار قوتها في معاركها السياسية؛ فبجانب التغلغل داخل مفاصل الأحزاب السياسية، شغل كثير من المتصوفة عددا من المناصب السياسية في مجالات مختلفة، مثل الوزراء ووزراء الدولة ومديري الجامعات وغيرها. لا تلعب الطرق الصوفية دورًا سياسيًا، إلا حينما يُطلب منها ذلك، وهناك بعض التجارب التي تم توظيف المتصوفة فيها سياسيًا. وفي سنوات نظام الإسلامويين الأخيرة وظف نظام الحكم أقطاب الصوفية وفرقهم لمحاربة التيارات المتشددة في شتى مناحي البلاد، مستخدما في ذلك تيار التصوف كقوة ناعمة لها ثقل ميداني ونفوذ روحي وسطي وتأثير مجتمعي كبير في الشارع السوداني.