
النزاع حول الدستور بين علماء الشيعة
د.إ60.00
حلت في العام 2006 الذكرى المئوية (1906-2006) الحركة
المشروطة من أجل نظام دستوري بإيران وتركيا، والعراق أيضاً؛
وصدر للمؤلف حينها كتاب «المشروطة والمستبدة». إذا علمنا أنّ
العِراق آنذاك كان خاضعاً للدولة العثمانية، وفي أحايين تخضع
مناطق من جنوبه للدولة القاجارية الإيرانية، ومن قبل للدولة
الصّفوية.
كانت النّجف حينذاك مسرحاً للخلاف الكبير، بين فريقي
المشروطة والمستبدة، وقد انقسم علماء المرجعية الشيعية إلى
فريق يؤيد الحياة الدستورية، ليضع حداً للاستبداد السياسي
والديني في الوقت نفسه، وفريق آخر تشبث بنظام الحكم
الاستبدادي خشية من انهيار التقاليد الدينية، والتفريط
بالسلم المجتمعي وبالتالي سيسفر ذلك عن إخلال ما بالقيم
الدينية والاجتماعية، على اعتقاد أن فصل الدين عن الدولة، أو
الحكم العلماني، بالبلدان الأوروبية، كان وراء انفتاحها
المعروف.
كان خلو الشرق تاريخياً، من التجارب البرلمانية، وراء
التأثر في تلك الدساتير حاجةً، وأمراً واقعاً، ولم ينفه
علماء الدين المؤيدون للمشروطية آنذاك، بل شجعوا على نقل
تلك التجارب مع الحفاظ على التقليد الديني والاجتماعي، بل
إنهم ذهبوا إلى التصريح بأن الحياة البرلمانية
والدُّستورية ما هي إلا موروث إسلامي؛ أبدعها المسلمون
واحتضنها الغربيون، في ما بعد، بعد الاطلاع عليها عبر
الحروب الصليبية.
تشير الأحداث مثلما نراها بعراق اليوم، تحديداً بعد
التاسع من نيسان (أبريل) 2003، والمنطقة بشكل عام إلى
التقارب بين الزمنين: حركة المشروطة وخلافها مع المستبدة،
وبين ما يحصل من النزوع إلى الديمقراطية. لقد تغيرت
الأحوال ولم يعد هناك ما يحرم الاستعانة بالأجنبي من أجل
الديمقراطية، بعد العيش تحت نظام الاستبداد
والفردية.