Book42

ظلت العلمانية تقابل الإلحاد، مع ما في ذلك من خديعة،
بثتها الجماعات الإسلامية، وإذا كان الأمر يتعلق بهؤلاء
فالعلمانية تقابل الإلحاد، لكن إلحاداً بالإسلام السياسي،
وبالدولة الدينية، وإلا فملايين الناس متدينون، ولكنهم
ملحدون بالأحزاب الدينية، فمِن المعلوم أن كل إسلامي مسلم،
ولكن ليس كل مسلم إسلامي، والأخير لا يقر أن السياسة
عبادة، شأنها شأن الصوم والصلاة، مثلما يذهب إلى هذا الحكم
أقطاب الإسلام السياسي.

كان نص كتاب «رسالة في العلمانية والخلافة» بحثاً قدمه
المؤلف في مؤتمر «الدولة العلمانية ومسألة الدين» (دمشق:
شباط 12 – 13 / 2010)، ثم توسعت بأدلة من القرآن والحديث،
ما يبرهن أن شعار الدولة الدينية يخالف الواقع.

كان المؤمل توسيع هذه الرسالة، لكن الوقت لم يسعف
المؤلف أكثر مما هو مقدم في هذه الطبعة فهو موضوع واسع
وشائك، خصوصاً إذا تعلق بالعلمانية ومسألة الدين،
وبالتالي أي الدولتين أقرب إلى جوهر الدين. فليس هناك
دولة من العالم القديم، أو البعض من عالمنا، ممن أعلن
تطبيق الشريعة، لم تنسب وجودها وشرعيتها إلى الله تعالى،
وأن قوانينها مستمدة من الله، وفق فكرة الحاكمية
الإلهية، أو ولاية الفقيه، مع أن الحاكم هو الإنسان لا
رب العالمين في الشأن السياسي.

لكن في حقيقة الأمر ليس شيئاً من عدالة السماء تحقق أو
يتحقق، إنه شعار يُرفع الإخضاع الناس للمقدس لا أكثر. كم
من دماء سفكت، وحرمات هُتكت تحت هذا المبرر، وما سيأتي
من قول الإخوان الصفاء (القرن الرابع الهجري)، ومحمد بن
عبد الكريم الشهرستاني (تـ : 548هـ)، في شأن الإمامة
يغني عن المقال.