الوصف
تعرض دراسة الباحث اللبناني هيثم مزاحم لأبرز الانتقادات الغربية الموجهة لــ”ألكسندر دوغين”، بشيء من التفصيل. لقد تمحور النقد الغربي لدوغين ونظريته السياسية الرابعة على أنها «فاشية جديدة» واعتبر النقاد الأيديولوجية الأوراسية الجديدة خطيرة؛ إذ تدعو إلى عودة الإمبراطورية الروسية– السوفيتية والتوسع الإمبريالي في كل الاتجاهات، وأن الهدف الأساسي لهذه الأيديولوجيا هو هزيمة الليبرالية، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية.
ووجهت «الأوراسية الجديدة» التي يروج لها دوغين، والنظرية السياسية الرابعة، التي وضعها في مقابل النظريات الثلاث العالمية: الليبرالية والاشتراكية والفاشية، بنقد شديد من قبل المفكرين والباحثين الغربيين، حيث قام بعضهم بتشريح النظرية الرابعة أو كما تعرف بــ«الثورة المحافظة»، وجذور الأوراسية وتطورها معه، فضلاً عن تحولاته الفكرية والسياسية.
كتب أنطون بارباشين (Anton Barbashin) وحنّة ثوبورن (Hannah Thoburn)، دراسة مشتركة بعنوان «دماغ بوتين: ألكسندر دوغين والفلسفة الكامنة خلف غزو بوتين للقرم»، نشرت في مجلة «فورين أفيرز» الأميركية في 31 مارس (آذار) 2014، قالا فيها: إنه منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، بحثت روسيا دون جدوى عن استراتيجية كبرى جديدة –عن شيء لتحديد من هم الروس وإلى أين يتجهون. وقال الرئيس الروسي بوريس يلتسين بعد عامين من انهيار الاتحاد السوفيتي: «في التاريخ الروسي خلال القرن العشرين، كانت هناك فترات مختلفة: الملكية، الشمولية، البيريسترويكا (Perestroika) ، وأخيراً مسار التنمية الديمقراطي». وتابع: «لكل مرحلة أيديولوجيتها الخاصة، ولكن الآن، ليس لدينا أي منها».
يرى بارباشين وثوبورن –كما يلفت مزاحم- أنه «على غرار الأوراسيين الكلاسيكيين في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، فإن أيديولوجية دوغين مناهضة للغرب، ومناهضة لليبرالية، والشموليّة، والإيديوقراطية (Ideocracy) وتقليدية اجتماعياً. فقوميتها ليست سلافية المنحى (على الرغم من أن لدى الروس مهمة خاصة تتمثل في الاتحاد والقيادة)، إلا أنها تنطبق أيضاً على الدول الأخرى من أوراسيا. وهو يصنّف العقلانية بأنها غربية، وبالتالي يعزز الروحانية والصوفية والنظرة العاطفية والمسيانية للعالم».
تختلف الأوراسية الجديدة لدوغين اختلافاً كبيراً عن الفكر الأوراسي السابق. يتصوّر أن أوراسيا أكبر بكثير مما فعل أسلافه. فمثلاً، في حين اعتقد سافيتسكي أن الدولة الروسية الأوراسية يجب أن تمتد من سور الصين العظيم في الشرق إلى جبال الكاربات إلى الغرب، يعتقد دوغين أن دولة أوراسيا يجب أن تضم جميع دول الاتحاد السوفيتي السابق وأعضاء الكتلة الاشتراكية، وربما حتى إنشاء محمية على جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي. وفي الشرق، يقترح دوغين التوسع بقدر ما، بحيث تشمل الدولة منشوريا وشينجيانغ والتيبت ومنغوليا، حتى إنه يقترح الاتجاه إلى الجنوب الغربي باتجاه المحيط الهندي.