إدارة مؤسسات الإمامة والإرشاد في بلجيكا

45.00 د.إ

التجاني بولعوالي

التصنيف: الوسوم:

الوصف

تناولت دراسة التجاني بولعوالي -باحث وأكاديمي مغربي، أستاذ في كلية اللاهوت والدراسات الدينية في جامعة لوفين، بلجيكا- إدارة الشأن الديني والإمامة في بلجيكا، يقدمها بداية في إطار نظري تاريخي للوجود الإسلامي المبكر في بلجيكا، لا سيما من خلال الضيوف العمال منذ ستينيات القرن الماضي. وبعد أن توطّن المهاجرون المسلمون مع مرور الزمن بشكل نهائي في المجتمع البلجيكي، وصاروا يتمتعون بالمواطنة الكاملة، طفت على السطح تحديات عدة، يتعلق أهمها بإدارة الشأن الديني، الذي لا يتم إلا انطلاقاً من مؤسسة المسجد، حيث يؤدي الإمام دوراً مركزياً. مشيرًا إلى أن إطار دراسة الإسلام في بلجيكا يعود إلى بداية الستينيات من القرن الماضي، عندما استقدمت بلجيكا –وغيرها من دول الغرب التي أنهكتها حربان عالميتان اثنتان– اليد العاملة من دول تقع في جنوب أوروبا (مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان) ومن تركيا والمغرب العربي الكبير (المغرب الأقصى والجزائر وتونس) وذلك لبناء ما خلفته الحرب من دمار عمراني وصناعي فيها.

يرى الباحث أن واقع المسلمين شهد في بلجيكا تحولاً جذرياً في العقدين الأخيرين في غياب المواكبة من مؤسسة المسجد، ليس على المستوى الكمي والديموغرافي فقط، بل على المستوى المعرفي والهوياتي أيضا، ومردّ ذلك أن الشروط الاجتماعية والسياسية والقانونية، لم تبق كما كان عليه الأمر إلى حدود أواخر القرن الماضي. لقد أصبحنا اليوم أمام أجيال مسلمة متطورة تتمتع بمختلف المهارات المهنية والتواصلية والاجتماعية، وتطرح أسئلة جديدة تعجز مؤسسة المسجد عن إيجاد حلول مناسبة لها، ولم يعد بإمكان أغلب الأئمة الذين وفدوا على بلجيكا مع المهاجرين الأوائل تفسيرها التفسير الواقعي والعملي، الذي يأخذ حاجيات وتطلعات الأجيال المسلمة الصاعدة بعين الاعتبار. وهذا معناه أن مؤسسة المسجد لم تواكب هذا التحول الذي طرأ في المجتمع الإسلامي في بلجيكا، مما ترتب عنه نشوء مختلف الإشكاليات بين أوساط الشباب المسلم، مثل التطرف. وهي مشاكل لا تتعلق بواقع المسلمين فقط، بقدر ما تمتد تداعياتها إلى المجتمع عامة. وقد رأينا كيف أحدثت تفجيرات بروكسل في مارس (آذار) 2016 ارتجاجاً هائلاً في بلجيكا برمتها، ما زالت تداعياتها تمتد إلى يومنا هذا. وهذا يدل على أن هناك قطيعة بين مؤسسة المسجد ووظيفة الإمام التقليدي وبين الشباب المسلم في بلجيكا، الذي أصبح أكثر من ذي قبل في حاجة ماسة إلى التأطير المحكم والتوجيه السليم، والإنقاذ السريع من مخالب الأيديولوجيات الدينية والفتاوى العابرة للقارات والأئمة المتطرفين.