إعادة بناء مناهج العلوم الشّرعية في الجامعات الجزائريّة بعد العشريّة الدمويّة

45.00 د.إ

عبد الرحيم بوقطه

التصنيف: الوسوم:

الوصف

تُعالجُ دراسة الباحث الجزائري في الدِّراسات والشُّؤون الإسلاميَّة عبدالرحيم بوقطة إشكاليَّة إعادة بناء مناهج العلوم الشَّرعيَّة في الجامعات الجزائريَّة بعد أحداث العشريَّة الدَّمويَّة (1992-2002)، وتتناول جوانب تأثير تلك الأحداث على الجامعة الجزائريَّة، خَصصَتْ الدِّراسة بجامعة الأمير عبدالقادر للعلوم الإسلاميَّة لكونِها الجامعة الوحيدة في الجزائر التي تُدَرِّسُ العلوم الشَّرعيَّة، وما عداها هي كليَّات تأسَّس أغلبها بعدَها، ولكونِها كانت ميدانًا واسعًا لكثير من الأحداث التي جرت في تلك السَّنوات، كما أنَّ المنهج المتبع في الجامعات الجزائريَّة منهج موحد؛ لأنَّ كل الجامعات الجزائرية هي جامعات حكوميَّة تابعة لوزارة التَّعليم العالي والبحث العلميَّ.

يتناول الباحث الواقع الحركي للجماعات الإسلامية في الجزائر قبيل العشريَّة الدَّمويَّة وفي أثنائها، حيث انقسمت الحركة الإسلاميَّة في الجزائر في هذه المرحلة إلى عدد من التَّنظيمات المتباينة نسبيًا، أهمُها: جبهة الإنقاذ الإسلاميَّة، التي انقسمت بدورها إلى ثلاثة تيارات أساسيَّة هي: أولاً: التَّيَّار المتَّشدد، ثانيًا: التَّيَّار الذي يسمي نفسه بالإصلاحي ومثَّله عباسي مدني. ثالثًا: تيَّار “الجزأرة”، ومثَّله المثقفون المتأثرون بأفكار الأستاذ مالك بن نبي أمثال محمَّد سعيد وعبدالقادر حشاني الذي مثَّل التَّيَّار.

يلفت الباحث إلى أنَّ المواد العلميَّة التي قرَّرتها جامعة الأمير عبدالقادر كانت متنوعة ومفيدة للطَّالب، وتخدم تخصُّصه الشَّرعي، وتجعل لاختصاصه الدينيَّ صلة بالواقع الذي يعيش فيه، وصلة بكل جوانب المعرفة، فإذا نظر في مسألة أو أفتى فيها كان ذلك وفق نظرة شاملة لجوانبها، ولا أدلَّ على ذلك من إدراج مادَّة مقاصد الشَّريعة في كل التَّخصصات، لكن المواد العلميَّة التي كانت مقرَّرة في السَّنوات الأولى من عُمُر الجامعة، غابت بعد الإصلاحات الجامعيَّة ابتداء من سنة 1991، ولم يبق منها إلا مواد العلوم الإنسانيَّة والاجتماعيَّة كعلم الاجتماع، وعلم النَّفس، والقانون في بعض التَّخصصات، ومادَّة حقوق الإنسان في تَخصُّص واحد فقط.

إن الأسلوب المتَّبع في تدريس علوم الشَّريعة في الجامعة الإسلاميَّة كالعقيدة وأصول الفقه، وعلوم القرآن، هو الأسلوب ذاته الذي يُلاحظ أيضًا في جامعات العالم الإسلاميِّ والعربيِّ، ويتمثَّل هذا الأسلوب في الاعتماد على المحاضرة بصفة أساسيَّة؛ أي طريقة الإلقاء، فلا يُعطى الطَّالب وقتا كافياً لإبداء رأيه، أو لتبادل النِّقاش والحوار داخل قاعة الدَّرس؛ وإنَّما يكون ذلك بشكل واسع في حصص الأعمال الموجَّهة.

وبالنَّظر إلى أهداف إعادة هيكلة المناهج في العلوم الإسلاميَّة، فإنها تصبو إلى تحقيق جملة من الأهداف أهمها:

  • بناء العقلية المتعلِّمة النَّاضجة القادرة على التَّحليل والمناقشة والتَّقويم لكل الأفكار التي تمرُّ بالمتعلِّم.
  • المرونة في التَّفكير بجعل الطَّالب يستوعب متغيرات العصر.
  • المساعدة على ربط التَّعليم بخطط التَّنمية في المجتمع.
  • بناء الطالب المتعلم والفرد الواعي بمتطلبات مجتمعه وأمَّته.

يخلص الباحث إلى أن واقع تدريس العلوم الإسلامية إبَّان العشريَّة الدَّمويَّة كان قائمًا على التقليد لمدارس فكرية اشتهرت في تلك الفترة، ولذلك كانت إعادة هيكلة المناهج في العلوم الإسلاميَّة ضرورة مُلحَّة فرضتها معطيات الواقع ومجريات الأحداث العالمية والإقليميَّة والمحليَّة، وبرغم التَّغيير في كثير من مناهج تدريس العلوم الإسلاميَّة، فإنَّها ما زالت تشتكي من نقص الجودة وعدم مواكبتها لروح العصر والتَّغيرات الاجتماعية.