الاحتيال الدلالي في خطاب جماعات الإسلام السياسي

45.00 د.إ

عبدالباسط سلامة هيكل

التصنيف: الوسوم:

الوصف

تناول عبدالباسط سلامة هيكل -باحث وأكاديمي مصري، وأستاذ علوم العربية وآدابها- في دراسته مفاهيم مثل الجاهلية، الحكم، التجديد، الشريعة، للتعرف على جذورها اللغوية الأولى، واستعمالاتها في القرآن الكريم والمرويات والكتب التراثية ومقارنتها باستعمالاتها المعاصرة في معجم جماعات الإسلام السياسي؛ كاشفًا عن التباين بينها، في محاولة لتعرية مفاهيم الجماعات وإعادتها إلى سياقاتها الإنسانية النسبية المحتملة للصواب والخطأ، المتأثرة بالأفق التّاريخي، والنسق الثقافي للعصر الذي أنتجت فيه، معددًا أسباب ومظاهر الاحتيال الدلالي في معجم لغة الجماعات.

انتهت الدراسة إلى أن أبرز مظاهر الاحتيال الدلالي في لغة الجماعات إعطاؤها بعض الألفاظ القرآنية والتراثية مدلولات متأخرة لم يعرفها العقل العربي الأول الذي نزل القرآن الكريم بلغته معبراً عن أفكاره، وقد نشرت هذه الجماعات تلك العدوى في المجتمعات العربية والإسلامية.

ويخلص الباحث إلى أن أخطر نتائج الاحتيال الدلالي في لغة الجماعات الإسلاموية إلْغاء المسافة بين ذات المنظّر المفكّرة والموضوع متمثلا في النص الديني، فتُثبّت المعنى عند فهمها، وتُروّجه في صورة الدين المنزل، فتكتسب مفاهيمها إطلاقية وسلطة إلهية، فما تقدّمه المجتمعات ليستْ أفكارا قابلة للصواب، وإنّما جاهلية تناقض الإسلام، وما تقدّمه الجماعات ليست أفكارا قابلة للخطأ، وإنما هي الإسلام.

تستهدف الجماعات من الاحتيال الدلالي إثارة انفعالات وعواطف الشعوب؛ ليصطفّوا خلفها، مسوّقين شعاراتها الإسلامية، وكأنّها الحلّ السحريّ لمشكلات المسلم المعاصر الذي يعيش واقعا متخما بأزمات معقّدة، يصعب على جماعات «التمايز بالإسلام على المسلمين» الخوض في تفاصيلها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. ويرى أن أدق تمثيل للجاهلية المعاصرة ليس في المجتمعات وإنما في الجماعات، فكلمة الجاهلية قبل أن تُستخدم للدلالة على فترة تاريخية محددة زمنا بعصر ما قبل الإسلام، استخدمت في معنى التعصب والغضب، والخضوع لسلطة الانفعال دون الاحتكام إلى رزانة العقل وقوة المنطق، ومن هنا يأتي التعصب، فغضب الجماعات ودعوتهم المستمرة الجماهير للغضب هو الجاهلية بعينها. وإن التجديد ليس وليد تجربة عرفانية خاصة بالمرشد أو الإمام، بل هي، على نقيض ذلك، حالة من التفاعل الجمعيّ مع هموم الحاضر، بسياقاته التاريخية والاجتماعية والسياسية والفكرية، وفي مقدّمتها؛ مواجهة التوظيف النفعيّ للدين الذي تُمارسه «جماعات التمايز بالإسلام على المسلمين» التي لا تتوقف عن زعمِها امتلاك الحقيقة، فالتجديد عملية تراكمية، متواصلة، شاقّة تبدأ من دراسة مشكلات الواقع ونقد الأنساق الثقافية والفكرية المهيمنة على صياغة بنية الفرد المعرفية، بُغية تقويمها وفقا لمتطلبات الحاضر، وضرورات المستقبل، وفق إطار الثابت والمتغير من الدين. كما يظهر احتيال الجماعات الدلالي في الخلط بين التربية التنظيمية والتربية الروحية، وبين الخصومة السياسية والصراع العقائدي، وبين النص بمدلوله اللغوي ومدلوله الفقهي. وأن من مغالطات الجماعات ادّعاء أن الدولة الإسلامية قائمة على الوحي، والدولة المعاصرة قائمة على القوانين الوضعية المستمدة من عقول البشر، والفرق بين الوحي وآراء البشر، كالفرق بين الخالق والمخلوق، فالوسيلة في كلا النموذجين واحدة وهي عقول البشر، فنحن في كلا الحالتين أمام اجتهادات متغيرة ليس لها إطلاق وثبات الإلهي، وتشريعات إنسانية غير منفصلة عن الواقع الذي يعيش فيه الإنسان خاضعة للظرف التاريخي الذي يتأثر به.