الاستراتيجية الأميركية لمكافحة الإرهاب في أفغانستان

45.00 د.إ

عبدالجليل سليمان

التصنيف: الوسوم:

الوصف

تناول عبدالجليل سليمان، باحث سوداني في الشؤون السياسية، في دراسته التدخل الأميركي في أفغانستان، ثم وقف على التناقضات والأخطاء، والعوامل المؤدية إلى الانسحاب، مشيرًا إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن ورث وضعاً هشّاً للغاية في هذا الصدد، فمنْ الناحية الاستراتيجية، ومع اقتراب موعد الانسحاب النهائي المُحدّد سلفاً، وعدم التزام حركة طالبان باتفاق فبراير (شباط) 2020، في وقتٍ أصبح فيه عدد القوات الأميركية على الأرض الأفغانية غير كافٍ لعرقلة أي تقدُّم مُحتمل لها نحو العاصمة كابل، وجدت إدارة بايدن نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما: إما استكمال الانسحاب، أو التصعيد مع الحركة وشن الحرب عليها، مما يترتب عليه بالضرورة، إرسال قوات إضافية إلى أفغانستان.

رأى الباحث أن تجربة العشرين عاماً أثبتت أنّه كلما طالت فترة بقاء الولايات المتحدة في أفغانستان، أصبحت مبررات وجودها أكثر غموضاً وبعداً عن الأهداف الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب، فإعادة هيكلة وهندسة الشؤون الداخلية الأفغانية، والقيام بمهام بناء الدولة جنباً إلى جنب، ومحاربة عدو غير قابل للإحاطة؛ وغياب استراتيجية مُتسقة وواضحة وطويلة الأجل وذات موارد كافية، جعل وجود الولايات المتحدة في أفغانستان أمراً مُستحيلاً ومحكوماً عليه بالفشل، وكانت النتيجة حرباً لا يُمكن الانتصار فيها، ولا يوجد منها مخرج سهل. كما أنّ المُشكلة المركزية وراء الانهيار المُفاجئ للحكومة الأفغانية، لم تكن في الانسحاب الأميركي في وقتٍ مبكر أو على عجل، وإنّما في الخلل الهيكلي والضعف البنيوي للحكومة الأفغانية نفسها، فقد كان ذلك واضحاً منذ سنوات، ويمكن رؤيته بوضوح في فساد النخب السياسية والصراع بينها على السلطة، فيما كانت حركة طالبان تتقدم باطّراد.

يخلص الباحث إلى أن الرهان على الالتزام الأخلاقي بالاتفاقية من قبل حركة طالبان المُثقلة بالفكر الانعزالي والمؤمنة بعقيدة الولاء والبراء، والقائمة على الولاءات الاجتماعية (القبليّة) والدينية، وكأنه محاولة لتبرير الانسحاب الأميركي من أفغانستان، والتنصل من الاعتراف بفشل استراتيجية مكافحة الإرهاب، مما يجعل إمكانية إعادة النظر فيها وترتيبها بشكلٍ مُختلف في المهمة القادمة التي يُتوقع أن تكون ساحتها أفريقيا، أمراً عسيراً. وعليه فإنّ إمكانية ارتكاب وتكرار الأخطاء نفسها تظل قائمة وواردة بقوة. بيد أنّ التكلفة هذه المرة ستكون باهظة نظراً للقرب الجغرافي بين أفريقيا والغرب عموماً، من ناحية، وللموقع الجيواستراتيجي للقارة المُحاطة بالمحيطين الهندي والأطلنطي والبحرين الأبيض المتوسط والأحمر، فإذا سلمنا جدلاً بإمكانية التغطيّة على الأخطاء الاستراتيجية الفادحة في حالة أفغانستان، فإنّ ذلك لن يكون وارداً في حالة أفريقيا، ولربما، عطفاً على الأسباب التي أشرنا إليها آنفا، ستكون الضربة قاصمة ومؤلمة.