التربية على المواطنة في الجزائر: تحديات وإصلاحات قبل وأثناء «العشرية السوداء» وبعدها

45.00 د.إ

عبدالله لبوز

التصنيف: الوسوم:

الوصف

تناقش دراسة عبدالله لبوز -باحث وأكاديمي جزائري، أستاذ التعليم العالي في علوم التربية بجامعة قاصدي مرباح في ورقلة بالجزائر- البعد التربوي، المتمثل في التربية على المواطنة قبل وأثناء وبعد فترة ما سمي بـ«العشرية السوداء» في الجزائر وتحدياتها، تلك الفترة التي كانت حاسمة في تاريخ المجتمع الجزائري المعاصر، التي لم تنفصل عن ماضيها وما تلاها من أحداث، منذ بداية الاستقلال السياسي، وإنشاء مؤسسات الدولة الجزائرية الحديثة وإرساء قواعدها مرورًا بفترة الأحداث الدامية خلال تسعينيات القرن الماضي، وما بعد الوئام المدني والمصالحة الوطنية.

على غرار كل المجتمعات الحديثة، جعلت المنظومة التربوية في الجزائر الهدف الأقصى للتربية تكوين مواطن إيجابي صالح واعٍ بحقوقه وواجباته. جاء مفهوم التربية على المواطنة، ليركز على مفهوم اكتساب كفاءات أو تنميتها لدى المتعلم، وذلك بتجنيد وتوظيف ما اكتسبه من معارف، قيم، ومهارات لتحقيق الانتماء والفعالية، بمعنى ترسيخ المواطنة كممارسة واعية تسهم في تطوير وازدهار الفرد والمجتمع.

تُجمع كل تعاريف مفهوم المواطنة، على أنها ممارسة قبل أن تكون معارف صرفة، شريطة أن ترتكز هذه الممارسة على قيم موجهة نحو الأداء الفعال والنافع. لكن يستنتج من استبدال مناهج التربية الاجتماعية بمناهج التربية المدنية، أن هذه الأخيرة انتقلت بالأهداف من الطابع المعرفي والمهاري لتشمل أيضًا الطابع الوجداني، حتى يتجاوز البعد الأخلاقي في التربية المدنية معرفة الظاهرة الاجتماعية كما هي في الواقع، وإلى التفاعل معها مع وجوب اتخاذ موقف منها، وبالنسبة لتوقيت الحصة أسندت لها ساعة واحدة أسبوعيًا، وتوزع الساعة إلى حصتين ذات نصف ساعة لكل حصة، وأرفقت بسندات بيداغوجية متمثلة في دليل المعلم وكتاب التلميذ.

أصبحت مفاهيم المواطنة وحقوق الإنسان، متبناة في المناهج الجزائرية بعد برمجة مادة التربية المدنية، وهذا في نهاية «العشرية السوداء». حيث أدرجت مواضيع جديدة على غرار انتخاب مندوب القسم، الحق في الإعلام، وطني الجزائر، العلم، التضامن، العدالة، رموز السيادة الوطنية، اليوم العالمي للطفولة، الأمية، والمواطنة.

خلصت الدراسة إلى وجود مستوى متوسط من وعي المدرسين بقيم المواطنة المعبر عنها في الدراسة، مما يعني أنها مفهوم دينامي ومتغير باستمرار، وجب على المدرسين التكوين فيه بشكل متواصل ومستمر خلال الأنشطة المتعددة.

يرى الباحث أن التربية على المواطنة، أو التربية من أجل التشبع بثقافة حقوق الإنسان، هي تربية متجددة باستمرار، تقتضي التركيز على إدراج مواضيع تلبي حاجيات الفرد الجزائري في القرن الحادي والعشرين، وما تفرضه العولمة في كل مجالاتها، إضافة إلى إعادة النظر في منهجيات تدريس المواد الحاملة لهذه القيم، من خلال الاعتماد على استراتيجيات التعلم النشط الفاعل، والتركيز على إعطاء وضعيات التعلم دلالة من خلال ربطها بواقع المتعلم المعيش، وإتاحة الفرصة له لينخرط في التعلم الذاتي، والانفتاح على المحيط الخارجي محليًا وإقليميًا ودوليًا.