التصوّف في بلاد شنقيط (موريتانيا): الأصول وأشكال الحضور

45.00 د.إ

محمد يحيى ولد باباه

التصنيف: الوسوم:

الوصف

يندرج بحث محمد يحيى ولد باباه باحث وأكاديمي موريتاني، في إطار دراسة حضور أشكال الفكر الصوفي الإسلامي في موريتانيا، ويبرز مظاهر منظومتها الروحانية وتصنيفها داخل أنماط التجربة الروحية الإسلامية. يسعى البحث إلى تحديد ملامح الثقافة الصوفية الشنقيطية وأطرها المذهبية وانتشارها الاجتماعي. واضعًا السياق العام لاهتمامات هذا البحث، في إطار النظرة الشاملة المحايدة الفاحصة للأشكال الصوفية، التي حضرت في بلاد شنقيط، منذ القرن السادس عشر، فرصد مرجعياتها، وأصولها وطبيعتها ومميزاتها وعلاقاتها بأشكال الثقافة العالمية في الفضاء الجغرافي لموريتانيا، ضمن هذه الحقبة الزمنية التي بدأت هذه التجربة الروحية الحضور فيها من تاريخ شنقيط، وخصوصًا القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين (18 و19 للميلاد). في القسم الأول يتناول دراسة الروافد والمسار التاريخي للثقافة الشنقيطية. ويبيّن في القسم الثاني أشكال التواصل الشنقيطي مع المغرب والمشرق من خلال الطريقة القادرية البكائية والطريقة الشاذلية. في القسم الثالث يبحث في الذات الصوفية الشنقيطية، مشيرًا إلى سيادة المالكية والكلام الأشعري وهيمنة الكلام الأشعري وهيمنة التصوف الجنيدي. ويستعرض في القسم الرابع الزوايا القادرية والشاذلية، ومسار دخول الطريقة التيجانية إلى الملأ الشنقيطي

ويخلص إلى أن التصوف تقدَّمَ لدى علماء شنقيط كممارسة عبادية، تتطلب ضرورة الانسجام مع طبيعة المذهب الأشعري في العقيدة والمذهب المالكي في الفقه، والمذهب الجنيدي في التصوف، فكان الولاء للمالكية يترجم الانفصال المنهجي بين المجالات الروحية والعقدية، فلم يجنح الشناقطة القادريون للمذهب الحنبلي برغم تبوؤ شيخ القادرية أعلى المراتب فيها.

وعلى الرغم من ظروف البداوة والترحال، أثرى العلماء الشناقطة المكتبة العربية الإسلامية برصيد آثار ضخم، شمل كافة فروع المعارف اللغوية والشرعية والعقدية والروحية.

لافتًا إلى أن التصوف عرف أوج ازدهاره في القرن الثالث عشر الهجري (19م)، وسط فضاء ثقافي تتجاذبه ثلاثة تيارات، كانت هي المسؤولة عن تكوُّنِ واستقرار البنية العامة للذات الثقافية الشنقيطية، هي الاتجاه الأشعري العقلاني، والاتجاه السلفي النصاني المعادي لعلم الكلام والمنطق اليوناني، ثم الاتجاه الصوفي المؤسس على التبحر في العلم والاستقامة في السلوك.

جسدت الطرقية الشنقيطية المعاني الروحية ضمن حقل دلالي عام تميزُهُ رموزٌ وصيغٌ متعالية أخَّاذَة، جددت مفاهيم التصوف الإسلامي، وكانت ذا نجاعة فريدة في إنشاء كيانات طرقية شنقيطية محضة هي (الفاضلية والغظفية).