الوصف
درس ماهر فرغلي -باحث مصري متخصص في شؤون الجماعات الإسلامية- وثائق أبوت آباد التي تحوّلت إلى مادّة إعلاميّة دسمة للعديد من الخبراء والمحلّلين والمتابعين لشؤون تنظيم القاعدة، بعد أن تناولوها بالنقاش والتحليل من وجهات نظر مختلفة، وتم استثمار الدفعة الأولى -التي كانت عبارة عن مجموعة من الرسائل «175» صفحة باللغة العربيّة، مرقّمة من (3) إلى (19) كُتبت في الفترة الممتدّة بين سبتمبر (أيلول) 2006 وأبريل (نيسان)2011، بعضها من وإلى أسامة بن لادن، والبعض الآخر عبارة عن مراسلات داخليّة بين قيادات فروع التنظيم في أماكن مختلفة من العالم- في سياق تحسين صورة أميركا ونجاح سياسة أوباما، والتبشير بنهاية تنظيم القاعدة، واستخدمت الدفعة الثانية والثالثة والرابعة من الوثائق لتعزيز الخلافات بين القاعدة وتنظيم «الدولة الإسلامية»، ثم جاءت الدفعة الأخيرة لاستثمارها في مواجهة إيران وربطها بالتنظيم، وكان الإعلام في كل ذلك يلعب دوراً مسانداً وليس شفافاً طوال الوقت.
يفترض الباحث أن الولايات المتحدة حين نشرت هذه الوثائق، عمدت إلى فرض قراءة انتقائية تستخدم فيها تنظيم القاعدة، في المرة الأولى لفتت النظر إلى العلاقة بين التنظيم وإيران، وفي الثانية إحياء صورة ابن لادن في وقت ظهر فيه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بشكل لافت. هنا تتضح مشكلة الدراسة وإثباتها للإطار الذي يُعالج أو تُقدَّم فيه الموضوعات القريبة من الإرهاب، لذلك سعت الدراسة إلى إثبات مدى طغيان البعد الدعائي الموجه على حساب البعد الموضوعي في معالجة الظاهرة، ومدى معالجة التغطية الإخبارية لجذور المشكلة وأسبابها العميقة؛ سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وكذلك مدى ارتباطها بالسياق الاجتماعي والسياسي والثقافي، وهنا تتطرق الدراسة إلى تحديد الأطر الثقافية للتغطية والقواعد المهنية الحاكمة لها من خلال طرح التناول الإعلامي لوثائق أبوت آباد، وهو نموذج يدلل على أشكال الفوضى الإعلامية في التعامل مع قضية الإرهاب، وسمات المعالجة الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية، والتغطية الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية، وكذا الترويج للخطاب الإرهابي، وذلك من خلال عدة محاور هي: الوثائق.. الهدف والخطاب الإعلامي، القراءة الانتقائية لوثائق ابن لادن، الوثائق والتقاطع ما بين الإعلامي والسياسي.
تخلص الدراسة من خلال طرح التناول الإعلامي للوثائق للتدليل على الفرضيات المطروحة إلى أن العملية الإعلامية التي تناولت هذه الوثائق برمتها أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في الترويج للإرهاب وفي دعم عملياته الإعلامية.