التّسامح في التّجربة الرّوحانية الإسلامية من خلال تراث جلال الدّين الرّومي

45.00 د.إ

خالد محمد عبده

التصنيف: الوسوم:

الوصف

هدفت دراسة خالد محمد عبده -باحث مصري متخصص في دراسات التصوف- إلى رفع الوعي بأهمية التسامح الذي يعد أحد دعائم قيم الْمُوَاطَنَة، والتنويه بقيمة التسامح في الثقافة الإسلامية ومركزيتها في التصوف. أبرزت دراسته مكانة التسامح في تراث جلال الدين الرومي، فركز على رؤية جلال الدين الرومي للاختلاف ودروسه في التسامح، وانعكاس التسامح في فكره وسلوكه.

يلخص الباحث أسباب اختيار الرومي على سابقيه، ومن هؤلاء على سبيل المثال: الجنيد والحلاّج والبسطامي ورابعة العدوية، وغيرهم كثير، وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: المكانة المتميّزة التي يحظى بها الرّومي وطريقته الصّوفية في الشّرق والغرب جميعًا، وإن كان الاهتمام الغربي به أكبر وأعمق. ومن هنا حاول التّعرف على هذا الصّوفي الكوني الذي استطاعت كلماته أن تخترق حجب المسافات وتقرّب العوالم، وتصبح جسرًا للحوار بين الحضارات، ومادّة خصبة للإبداع في فنونٍ شتّى.

ثانيًا: في العودة إلى صوفيٍّ فارسي مسلم من القرن السّابع الهجري التماسٌ لمعاني الجمال والروحانيات التي زخرت بها الثقافة الإسلاميّة، ومحاولة للاقتراب من تراث الصّوفية الفارسي الذي ظلّ مجهولاً لعهد طويل عند المتلقّي العربي، فما تُرجم من هذا التراث في بدايات القرن الفائت لم يعد يلقى اهتمامًا ودرسًا كما كان من قبل، فإذا قارنّا ما أنتجه أعلام الدراسات العربية بالأمس وما أنتج حاليًا، وقفنا على هوّة كبيرة في الاهتمام الأكاديمي العربي برموز العرفان الإسلامي.

ثالثًا: إعادة قراءة الرّومي اليوم ومحاولة التعرف على حضوره العربي، تعيد رسم الخريطة المعرفية بشكل صائب، فإذا كان تقييم الرّومي من المحبّين يقتصر على ترديد أحكام العظمة والمبالغة في التّبجيل، ومن المخاصمين يقتصرُ على القدح في مكانة الرّومي، فإننا من خلال القراءة نستعيدُ موقعنا الثقافي من جديد.

رابعًا: من خلال قراءة النصوص المولويّة، رأى الباحث كيف يعيد الرّومي بناء الذّات وتأسيسها من خلال التقاطه لمظاهر الجمال والفن من صور الحياة اليوميّة، ونشاطات أهل الحِرف والصّناعات والباعة والمهمّشين، رادًّا إيّاها إلى أصولها الإلهيّة ومذكّرًا بالأصل الإنساني المغيّب اليوم، فالغالب على أهل التّديّن ما يُنشر من صور العنف والانغلاق، لذا فإن استحضار نموذج الرّومي يصبح ضرورة ملحّة اليوم.

خامسًا: إذ يجمع المفكّرون والمحقّقون –كما يقول المخلصون لنقل تعاليم الرّومي إلى العربية– على أن كتاب المثنوي يُعدُّ في طليعة المأثورات الأدبيّة العالميّة، وقد علت مكانته، وذاعت شهرته في كلّ مكان، حتى لا تكاد تخلو لغة من اللّغات الحيّة من ترجمة للمثنوي، وقد سيطرت ألوانه الفنيّة على القلوب منذ مئات السنين، وقد كان الرّومي تجسيدًا كاملاً للعشق، وكلماته هي التّعبير عن رسالة العشق من البداية إلى النّهاية، وعلى حدِّ تعبيره: «لو خلا قلب الإنسان من العشق لم يبق من آدميته إلا صنم من لحم ودم بدل الحجارة، والشّعب الخالي من العشق لا يعدو أن يكون أكواماً من التراب».

سادسًا: قدَّم الرّومي رسالته في صور من القصص والحكايات، وتناول معالجة الأسرار الخلقيّة، وحلَّ رموز التّصوف الدّقيقة، يقول العلاّمة شِبلي النُّعماني في كتابه «سوانح مولانا روم»: «إننا لو تصفّحنا الآداب الفارسيّة منثورها ومنظومها، فإننا لا نجد مثيلاً لهذا الإبداع الذي استفاض به المثنوي في حلّ الرّموز وكشف الأسرار، والإبانة عن الخفايا من الحكم والعظات البالغة».