الوصف
تقدم دراسة ليونيد سافين -باحث ومحاضر أوكراني روسي- تحليلاً لبنية الفكر السياسي في روسيا المعاصرة، والعوامل الإثنية والقومية والدينية والاقتصادية والحزبية المؤثرة فيها. وتطرح الأسس التاريخية لتشكل وتطور الثقافة الروسية الاستراتيجية، المؤثرة في اتخاذ القرارات ووضع الأطر المحددة في مجال السياسة الخارجية، بما في ذلك فهم الشركاء وأطراف النزاعات الراهنة والمحتملة. وتدرس آليات التفاعل بين مراجع الخبرة من جهة، ومؤسسات السلطة من جهة أخرى، في ما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية، مع التشديد على الاستشراق. وتركز على رؤية روسيا للعلاقات الثنائية مع بعض البلدان، كتركيا وإيران، وغيرهما من دول الشرق الأوسط وحوض المتوسط، وتقترح استراتيجية بديلة لحل النزاعات والاحتكاكات، وذلك من موقع “الأوراسية”، حيث بوسع روسيا أن تضطلع بدور ريادي، في ظل ظروف معينة.
يدرس الباحث مراحل تطور استراتيجية السياسة الخارجية الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي التي نظر إليها بمثابة انهيار للأيديولوجيا الماركسية ككل، بما في ذلك نظرية العلاقات الدولية التي بُنيت على الصراع الطبقي بوصفه أساسًا تاريخيًا، وعلى التدبير المبرمج في الاقتصاد، وعلى وقوف الشيوعية (الاشتراكية) في مواجهة الرأسمالية، كخطاب سياسي أساسي. ومن جانب آخر، كان يُنظر إلى نجاحات البلدان الغربية كأنموذج يحتذى، فصارت النظريات التي تميزت بها بلدان الديمقراطية الليبرالية، تبدو كمسطرة معيارية -على الأقل- عند عدد من مجموعات النفوذ ذات التطلعات الغربية، داخل روسيا. في هذه الظروف المعقدة كانت ولادة ونشوء أنموذج بديل، أصرّ على الأصالة، وإن اتسم ببعض خصائص أحد اتجاهات الفكر الغربي، أي مدرسة الواقعية في العلاقات الدولية.