الوصف
يقدم الزواوي بغوره -أستاذ في قسم الفلسفة في كليَّة الآداب بجامعة الكويت- قراءة في مفهوم السياسة الحيويَّة وتحوُّلاته في ضوء الفلسفة الاجتماعيَّة، متناولاً مفهوم الدولة القومية وتحديات الأمن والحرية وفق المقاربة الفرنسية حسب كل من: ميشيل فوكو في مفهوم السياسة الحيويَّة، وديديه فاسين في أنثروبولوجيا الأخلاق، و غيوم لو بلو في أخلاق الحياة. ثم يتناولها الباحث وفق المقاربة الأميركية- الإنجليزيَّة، من حيث: العرق، وإعادة الإنتاج، والطب الجينومي. أما في المقاربة الإيطاليَّ، فيستشهد ببروبرتو إيسبوزيتو حول إعادة النظر في مفهوم الجماع، وموريسيو لازاراتو في الاقتصاد الحيوي.
تطرح السياسة الحيويَّة بوصفها إحدى جاهزيَّات الدولة الحديثة في تحقيق الأمن الصحِّي للسكان، على الأقل مشكلتين أساسيَّتين هما: مشكلة العدل والحرية، ويبدو واضحًا أن مختلف المقاربات تعتمد في قراءاتها للسياسة الحيوية على أربع خطوات أساسيَّة: أولاً: العودة إلى مفهوم فوكو نفسه. ثانيًّا: نقد بعض جوانب المفهوم. ثالثًا: محاولة صوغ تصوُّر جديد. رابعًا: محاولة تطبيقه أو توظيفه في مجال البحث المقصود. وبهذا المعنى يمكن القول: إنَّ ثمة، بالفعل، مرحلة جديدة من التحليلات يصح الاصطلاح عليها بـ: ما بعد السياسة الحيويَّة. ويخلص إلى أن هذه القراءات تشير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى أن السياسة الحيويَّة في ارتباطها بالسُّلطة، والدولة، والسكان، والمجتمع، تتحوَّل إلى سياسة ذات جوانب إيجابيَّة وأخرى سلبيَّة. فإنَّ هذه القراءات على اختلافها تؤكِّد أن مفهوم السياسة الحيويَّة مفهوم ثنائي القيمة، وليس أحادي القيمة كما حاول وصفه فوكو. وعنى الباحث بذلك أن المفهوم له وظائف سلبيَّة تتمثَّل في ضبط السكَّان ومراقبتهم، وقد تؤدِّي إلى القضاء عليهم كما هو الحال في النظم الشموليَّة، إلاَّ أنَّ للمفهوم وظائف إيجابيَّة، وهو ما حاولت أن تكشف عنه مختلف القراءات التي درسها الباحث، ولم تجعلها عائقًا أمام حريَّة المواطنين أو السكان أو المجتمع، وإنَّما جعلتها شرطًا لتنميته وازدهاره.