الزاوية العلاوية والعيش المشترك

45.00 د.إ

سعيدي ياسين

التصنيف: الوسوم:

الوصف

حاول سعيدي ياسين -باحث وأكاديمي جزائري- في دراسته اعتماد توظيف منهجي يستند على المقاربة الحضارية للتحليل، في محاولة لدراسة نموذج «الزاوية العلاوية» التي تعد إحدى أبرز الزوايا الحديثة، في إعادة إنتاج الفكر الديني الصوفي، بنمط عقلاني وعصري حداثي، وذلك للإجابة عن مدى مساهمة الزاوية العلاوية، كإحدى الطرق الصوفية بالجزائر في تحقيق ثقافة العيش المشترك. جاء بحثه فيها خلال أربعة أقسام: أولًا: الصوفية في الجزائر؛ ثانيًا: الزوايا الصوفية في الجزائر بين إكراهات السلطة وثقافة السلم؛ ثالثًا: التحول الحداثي في فكر الزاوية العلاوية: من ثقافة السلم إلى فلسفة العيش المشترك؛ رابعًا: عالمية التصوف وخدمة العيش المشترك.

يخلص الباحث فيها إلى أن تجذر الثقافة الصوفية في المجتمع الجزائري هو نتيجة لكونها أقدم التيارات الإسلامية ملازمة لتطور المجتمع الجزائري، ولعل أبرز الطقوس الدينية المنتشرة في الجزائر اليوم هي نتاج للتربية والدعوة الصوفية، التي توغلت عبر شيوخها ومريديها بشكل أفقي مجتمعي وعمودي سلطوي، مما جعلها أقرب التيارات خدمة للمرجعية الدينية في الجزائر. كما أن التيار الصوفي يعتبر أكثر التيارات الدينية وظيفية، حيث إن دوره لا يقتصر على الجانب الدعوي فحسب، بل يتعداه لأدوار اجتماعية تأثيرية، من خلال نشاطات الزوايا في الإطعام والمبيت، وإقامة الصلح ونصح الناس، ومخالطة المجتمع في جل تفاعلاته السلمية وغير السلمية، كالاحتجاجات والخصومة وغيرها.

إن تركيز الطرق الصوفية على الجوانب الروحية أكسبها أساليب دعوية مرنة، كما أن إسنادها للسلطة في نشر ثقافة السلام وإعادة ترميم مآسي العشرية السوداء، أعاد لها بريقها الذي فقدته خلال فترة ما قبل أزمة الإرهاب والتطرف، مقارنة بالتيارات الإسلاموية التي تتوجس منها السلطة كالتيار الإخواني والتيار السلفي، وقد ساعدها على ذلك عدم انخراطها في الممارسة السياسية، على الرغم من اقترانها بها في صورة ما يعرف بــ«الأيادي البيضاء».

قوة التجربة الصوفية وتعددها جعلها تيارًا غنيًا وحافلًا بالوقائع والأفكار، مما أهلها لتوسيع منهجها؛ تماشيًا مع التحولات المرتبطة بقضايا التسامح والحوار؛ والمساهمة في ترسيخ قيم وثقافة التعايش السلمي؛ التي أضحت مجالا لتنمية المشتركات الإنسانية؛ تحقيقا لأمن وسلام المجتمعات والعالم. وقد ساهمت الدعوة العصرية للطريقة العلاوية في ابتكار نموذج حداثي للتدين الإسلامي، قائم على توطين فلسفة العيش المشترك، والإقحام الإيجابي للإسلام في محاورة الأديان مواكبة لمتطلبات العالم العصرية.