الوصف
شرح رشيد الخيُّون -باحث عراقي متخصص في الفلسفة والتراث الإسلاميين، عضو هيئة التحرير في مركز المسبار للدراسات والبحوث بدبي- في مقدمة دراسته المدخل التاريخي في ظهور الصحوات وظروف تشكلها، لافتًا إلى أن الصّحوة الدِّينيَّة بدأت، في المجتمع العراقيّ، بالظُّهور، أوان السبعينيات، مِن القرن الماضي، لكن كانت خلافًا لتوجه السُّلطة، فقد تبنى حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ سياسة ضد الجماعات الدِّينيّة، والمظاهر الصّحويَّة، فلم يسمح للأحزاب ذات التوجه الدِّينيّ بالعمل، السُّنيّة منها والشِّيعيَّة، فكانت جماعة الإخوان المسلمين قد تأسست في بداية الأربعينيات، وتأسس حزب الدّعوة الإسلاميَّة، نهاية عقد الخمسينيات، وهذان التنظيمان يقصران نشاطهما أولًا على تكريس التَّدين، وساحات عملهما هي المساجد والحسينيات، والمناسبات الدِّينية بشكل عام، فبدأت تنتشر الكتب الدّينيّة، ولم يكن المنع صارمًا آنذاك، واستغلال الإعلام، فلا نظن أنّ إذاعة برنامج للطبيب الإسلاميّ مصطفى محمود (تـ: 2009) مِن تلفزيون بغداد، وخصوصًا في رمضان، كانت بريئة، وهذا الرّجل كان ينشر الصّحوة الدّينية بطريقته وأسلوبه، يتظاهر بالتّنوير والتّقدم ومدافعًا عن الإيمان في الوقت نفسه. غير أن الثَّورة الإيرانيَّة (1979)، واعتماد تصدير الثّورة، بعد انتصارها، جعل السُّلطة العراقيَّة تتشدد ضد الجماعات الدينيَّة، التي اتخذت مِن الثَّورة الإيرانيَّة متكأً لها، وكأنها تنظر لانتصارها داخل العراق من شبابيك الثّورة، فحاولت بث فورة دينية، وخصوصًا بين صفوف طلبة الجامعات.
قسم الباحث الدراسة إلى أربعة أقسام: أولاً: انطلاق الحملة الإيمانيَّة؛ ثانيًا: مظاهر الحملة؛ ثالثًا: شرعية الإسلام السِّياسي غير المعلنة؛ رابعًا: محاولة العمل مع المتشددين.
يخلص فيها إلى أنّ آثار هذه الحملة على العراقيين، تكفي دليلًا، على أن الصحوة، بالعراق وغيرها مِن البلدان، لم يُنتظر منها مجتمعٌ مثاليٌّ، بل ولا مجتمع طبيعي، فكان من نتائجها التشوه الاجتماعي، بهيمنة التدين المصلحي، الذي يمكن اعتباره تدينًا تجاريًّا، أدى إلى الهبوط الثقافيّ، وإشاعة الخرافة.