العصبيات الطائفية اللبنانية وصراعاتها والسبيل إلى نهايتها

45.00 د.إ

مصطفى حجازي

التصنيف: الوسوم:

الوصف

عالجت دراسة مصطفى حجازي، الباحث والأكاديمي اللبناني وأستاذ علم النفس في معهد الدكتوراه في الجامعة اللبنانية، صراع العصبيات الطائفية اللبنانية وحللت سيكولوجيتها؛ أي بنيتها وآليات اشتغالها، وبحثت في احتدام هذا الصراع وأخطاره المستقبلية؛ وتنتهي بخلاصة ورؤية حول كيفية الخروج منها.

تكشف الدراسة عن قضيتين أساسيتين حول مسألة العصبية في لبنان: تتمثل الأولى في أن لبنان وصراعاته الطائفية ليس فريدًا من نوعه، وإنما هناك -راهنًا- العديد من الحالات المشابهة، لا تتخذ بالضرورة طابعًا طائفيًّا، وإنما قد تتخذ طابعًا مذهبيًا أو إثنيًّا، كما هو الحال في العراق، أو هي تتخذ طابعًا قبليًّا أو جهويًّا، كما هو الحال في ليبيا. أما القضية الثانية فتتمثل في أن طرح صراع العصبيات الطائفية اللبنانية، راهنًا ومنذ تأسيس دولة لبنان الكبير سنة 1920، يكشف المسكوت عنه في بنى العديد من المجتمعات العربية؛ إذ تتكاثر الكتابات عن أمثال هذه الصراعات محليًّا وعربيًّا، بدون الإضاءة على بناها العميقة: إنها صراعات عصبية في الأساس، ولو اختلفت الحدة والتلاوين: طائفيًّا بين المسيحيين والمسلمين ومذهبيًّا بين السنة والشيعة، وإثنيًّا بين عرب أكراد وعرب أمازيغ وسواها.

جاءت الدراسة في خمسة أقسام: أولاً: المقاربة المنهجية في فهم الواقع؛ ثانيًا: سيكولوجية العصبيات؛ ثالثًا: بنية لبنان الكيانية الملغمة عصبيًا؛ رابعًا: تفجر الصراعات الطائفية العصبية اللبنانية؛ خامسًا: احتدام صراع العصبيات الطائفية منذ 2011.

يخلص الباحث إلى أن أمام لبنان فرصتين: أولاهما بناء مشروع إنتاجي وطني كبير يقوم به الجميع، ويكون من أجل الجميع، بحيث يتحول الولاء من التبعية للعصبيات إلى الانتماء للوطن الجامع. ويشير إلى أمثلة: الغرب الصناعي واليابان على رأسها، ومن ثم ماليزيا وسنغافورة وبقية النمور الجدد. كلها كانت بلاد عصبيات وحكم إلهي وطوائف وإثنيات، ولكنها أنجزت التحول من خلال الانخراط في المشروع الإنتاجي الوطني الكبير. كما كانت سنغافورة بؤرة للفساد والانحطاط والرشى، وأتى لي كوان يو (Lee Kuan Yew) (1923-2015) فحولها إلى أكثر المدن والدول تقدمًا، وهي تتبوَّأَ أعلى المداخيل الفردية عالميًّا. بدأ مشروعه بالتعليم حيث خصص له نصف ميزانية الدولة، وأعطى المعلم مكانة الوزير وحصانة السفير، طالبًا من المعلمين إعداد جيل يتمتع بقوة المعرفة، وهي في أساس القوى العسكرية والسياسية والتقنية، في عالم يحكمه قانون القوة.

أما الفرصة الثانية، فتتمثل في خوض غمار الحضارة الرقمية التي سوف تغير الإنسان والحياة على سطح كوكبنا. وهي نقلة أصبحت ملحة وملزمة حتى لا نسقط في التبعية الكاملة، بل العبودية للتقنيات الرقمية ومالكي زمامها. وهنا أيضًا لبنان قادر ولديه الإمكانات، إذا توافرت القيادة والإرادة لإنجاز المشروع النهضوي الفعلي ولعب الدور والشراكة، وبالتالي احتلال المكانة.