الكنيسة الروسية الأرثوذكسية في موسكو وموقفها من النظرية السياسية الرابعة

45.00 د.إ

فاليري كوروفين

التصنيف: الوسوم:

الوصف

يؤرخ الباحث والأكاديمي الروسي فاليري كوروفين لدور «الكنيسة الروسية الأرثوذكسية- بطريركية موسكو» وتأثيرها في العالم المعاصر، وتمثل ذلك من موقع «النظرية السياسية الرابعة»، فينطلق من تحديد مفهوم «المعاصرة» التي تعمي التصور الذي يتحدد في الفلسفة بمفهوم «الحداثة» حصراً، وليس «عصرية» الأحداث والتطورات العالمية الجارية.

يقول الباحث: إن النظرية الرابعة تتجاوز أطر الحداثة، أي إنها لا تعترف بمعصوميتها. ولا تكتفي بذلك، بل تضع موضع الشك مجمل إبستيمولوجيا الحداثة مع بديهيتها وثوابتها المفاهيمية ويقينياتها العقيدية. وفي جوهر الأمر، ترى «النظرية الرابعة» أن استنفاد الحداثة كان نتيجة خطأ منظومي ارتكبه فلاسفة الغرب عندما وضعوا الإله «خارج القوس»؛ بل وقبل ذلك، أي منذ شكوك ديكارت الأولى بمطلقية الإلهي، الأمر الذي أدى في المحصلة بالحضارة الغربية إلى وضعها الراهن، الذي يتحدد من وجهة نظر يقينية العقيدة المسيحية، بمفهوم «أبوستاسيا» أي ارتداد عام 1965، أي الارتداد عن الحقائق المسيحية. وإلى ذلك، فإن «النظرية الرابعة» تحاول استعادة مقولة الأبدية، أي تقييم ما يجري تقييمًا ثابتًا، لا يتغير، خارجًا عن الزمن، ناجمًا عن طبيعة البداية الإلهية.

لقد اتخذت الكنيسة في روسيا مواقف محافظة وحذرة من الحداثة والنظريات الفلسفية الغربية الداعية إلى الفردية وتأليه الإنسان، واقتربت كثيراً من خلاصات فلاسفة النظرية السياسية الرابعة. وعموماً، إن مجرد السكوت عن المواضيع الإشكالية في الكنيسة الروسية يؤدي إلى إثارتها بأشكال حماسية مفرطة، ولكن قيادة «الكنيسة الروسية الأرثوذكسية- بطريركية موسكو»، في جوهر الأمر، تسير في مجرى النظام السياسي الروسي الحالي، الذي يتلخص هدفه الرئيس بتأجيل حل أية مسائل معقدة، والمحافظة على الاستقرار إلى أجل غير محدد. والأكثر من ذلك، أن الامتثال التام والولاء غير المشروط لكل الإصلاحات الاجتماعية، التي نفذتها الدولة في مراحل مختلفة من التاريخ الروسي، جعلا الكنيسة الروسية تزج بنفسها في التحديث، أي في الانشقاق بدايةً، ثم في مرحلة السينودس التي قبلت بها مستكينةً، ثم «سيرغيانية» المرحلة البلشفية، والآن في مرحلة العقلية التوفيقية التامة «للكنيسة الروسية الأرثوذكسية- بطريركية موسكو» إزاء التجربة الليبرالية المستمرة في روسيا منذ لحظة انهيار الاتحاد السوفيتي، مع تكييف اللاهوت بما يتلاءم وعقلانية الحداثة. وهذا ممكن وصحيح، تكتيكيًا، من وجهة نظر المصالح اللحظية؛ ولكن لا من وجهة نظر الحقيقة والدين.