اللاهوت النسوي.. ونشأة «الثيالوجي» (Thealogy) وسياقاتها

45.00 د.إ

آمال قرامي

التصنيف: الوسوم:

الوصف

درست آمال قرامي -أستاذة تعليم عالٍ في قسم العربية بكلية الآداب والفنون والإنسانيات (جامعة منوبة)- مصطلح “ثيالوجي” وظهوره، وهوية المشتغلات في الحركة الثيالوجية، والسياقات التاريخية والمعرفية، والمضامين الأساسية الموجهة للبحث الثيالوجي، والنقد الموجه للحركة الثيالوجية.

تشير الباحثة إلى أن تاريخ ظهور مصطلح “ثيالوجي”، ونسبته إلى أوّل من استعمله في الكتابات الأكاديميةّ ليس محلّ اتّفاق بين الدارسين؛ إذ تذكر فئة من هؤلاء أنّ الأمريكي إسحاق بونويتس (Isaac Bonewits) (1949-2010) هو أوّل من استعمل هذا المصطلح في كتابه: «سجلات الكهنة المتطورة» (The Druid Chronicles Evolved) ثمّ تلته النسوية الأمريكية فاليري سيڤنغ (Valerie Saiving) (1921-1992) في مؤلفها: «المركزية الذكورية في الدراسات الدينية» (Androcentrism in Religious Studies) وكان ذلك سنة 1976. استعملت النسويّة المتخصّصة في علم النفس الدينيّ، واللاهوت النسويّ ناعومي غولدنبرغ (Naomi Goldenberg) مصطلح «ثيالوجي» (Thealogy) في كتابها «تغيير الآلهة» (The Changing of the Gods) المنشور سنة 1979. ألّحت فيه على ضرورة تبنّي خطاب نسويّ يدرس (Logy) الآلهة المعبودة (Thea) باليونانية القديمة بدل الاستمرار في اجترار خطاب يتصوّر الله أو الإله (Theo)، من منظور ذكوريّ يؤدي إلى خدمة النظام البطريركي والمركزيّة الذكوريّة. انطلقت غولدنبرغ من مسلّمة مفادها أنّ إدراك الإله مفارق للتمثلات الجندريّة السائدة في المجتمعات البطريركية، ويتجاوز التسييج الذي يفرضه الزوج: ذكورة/ أنوثة. بيد أنّ مؤولي النصوص الدينيّة من الرجال يصرّون على توجيه الفهم بما يخدم مركزّية الرجل؛ لذا وجب الكفّ عن الحديث عن الربّ بصيغة المذكّر، والقطع مع خطاب الإعلاء من شأن العقل باعتباره الوسيلة المثلى لإدراكه.

تخلص الدرسة إلى أنه بقطع النظر عن كيفيّة تقبّل الحركة الثيالوجية في الغرب، فإنّ الثابت هو أنّ ما تطرحه المختصّات من آراء وتصوّرات ونظريّات يُزعج المؤمن العاديّ، ويصدم رجال الدين المحافظين في المؤسسات الدينيّة الرسميّة المسيحيّة واليهوديّة وغيرها، بل إنّه مثير للجدل حتّى في الأوساط الأكاديمية. ولكن من المؤكّد أنّ الثيالوجي تبقى صادمة للرأي العامّ الإسلاميّ الّذي لم يتعوّد على طرح مثل هذه المفاهيم، والتفكير في ما يشغل بال بعض الدارسات النسويات من حيث علاقتهنّ بالله، وتصوّرهنّ لمكانه في وجودهنّ وحياتهنّ اليوميّة. وتذهب قرامي إلى أنّ الباحثين وأساتذة الشريعة وغيرهم من المختصين في الدراسات الدينيّة، لن يناقشوا مثل هذه القضايا -على الأقلّ في السياق الحالي- ولن يكون بإمكانهم التفكير خارج الصندوق. وقلّة هم الراغبون في مواكبة التطوّرات في مجال الفكر الدينيّ من خارج حضارتهم، ومناقشة ما تثيره من قضايا معقّدة. أمّا السائد فهو إدانة صاحبات هذه التصوّرات أو عدم الاكتراث بأفكارهنّ ورؤاهنّ وكتاباتهنّ، فبعض الأفكار تعبّر عن تصوّرات وثنيّة أو «شطحات» فكرية أو بدع نسائية، إذ يرى فيها المحافظون ثورة ناعمة على العقائد والمفاهيم الدينية السائدة.