المؤثرات الغربية في عقل الأفغاني: مزاعم الإصلاح الديني والرد على المفكرين

45.00 د.إ

عكاشة بن المصطفى

التصنيف: الوسوم:

الوصف

درس عكاشة بن المصطفى -باحث وأكاديمي مغربي متخصص في علم الاجتماع السياسي والديني- المؤثرات الغربية في عقل الأفغاني مقسّمًا دراسته إلى قسمين: يتناول الأول المصادر المعاصرة، والثاني المصادر التراثية. درس في تأثير المصادر المعاصرة في فكر الأفغاني؛ تأثير حركة الإصلاح البروتستانتي: وكيف حاول الأفغاني من خلالها التثوير على الأزهر، وبيّن النزعة المادية والمركزية الإثنية الغربية، وكيف وظّف جمال الدين الأفغاني المصادر التراثية من خلال العلوم العقلية، شارحاً مفهوم العصبية لدى الأفغاني.

خلص الباحث إلى أن فكر الأفغاني كان حركيًا أكثر منه نظريًا، إلا أنه مهد الطريق لجيل من المفكرين والمصلحين عايشوه وجاؤوا بعده، وتأثروا به إما إيجابًا أو سلبًا. الحركة الدينية لجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ليست حركة مثل الوهابية والسنوسية والمهدية، فهي تتميز عنهم من حيث إنها تدعو إلى إصلاح ديني لا مرجعية له سوى القرآن والسنة، أما ما عداه من فكر تراثي فقهي فيعتبره معرقلاً للفهم ومثبطاً للعزائم! إنها حركة استلهمت الحركة الإصلاحية الدينية التي قادها كل من مارتن لوثر وكالفن في أوروبا، وكانت سبباً في تقدمها في نظره. فهي راديكالية «فكرية» من حيث إنها تنهل من «فهمها للقرآن والسنة» وتدعو المسلمين إلى العودة إلى النصوص المؤسسة، عبر تثوير نصوص القرآن الكريم، وإعادة قراءته.

آمن الأفغاني بالفكر الحركي وليس التنظيري، فلم يكتب إلا قليلا، بل كان يحث على إنشاء الجمعيات والجماعات مثل جمعية العروة الوثقى السرية، وأحزاب مثل الحزب الوطني الحر «السري». وكان وراء إصدار صحف عدة من قبيل «مرآة الشرق»، وصحيفة «مصر» حيث قام بتثوير المجتمع عبر المقالات. آمن الأفغاني بأهمية التنظيم في حركة التغيير، فقد انضم إلى المحفل الماسوني الغربي، الذي كان حينها يرفع شعار الثورة الفرنسية (حرية – إخاء – مساواة)، ويندد بسيطرة «رجال الدين». كما مارس هذا التأثير في صفوف بعض العلماء والزعماء والمثقفين، من خلال دعوته إياهم لقراءة كتب تراثية غير معروفة ومألوفة في صفوفهم كما بينا سابقا. وأثر في محمد عبده ليقدم تفسيرا جديدا للقرآن. وهكذا نستحضر تفسيره الغريب -مثلا- لسورة الفيل والطير الأبابيل التي فسرها على أنها أمراض. كان يعتقد أن كل تغيير لا بد أن يأتي من أعلى (السلطة) عبر تحريض النخب المثقفة في الدولة ومسؤوليها. ومن خلال تأثير الرأي العام، ولذلك حرض على الكتابة الصحفية، وهكذا بفضله تم تأسيس مجلة العروة الوثقى وجمعيتها لمقاومة «استبداد الحكام».

قدّم الأفغاني الأسبقية للسياسي على الديني، من خلال اهتمامه بالتغيير بواسطة السلطة ورجالاتها، بدليل تنقله بين بلاطات السلطة في الدول الإسلامية، ثم في خطابه التثويري والعنيف من خلال الحمولة اللغوية القوية التي كان يستعملها في حديثه وفي خطبه الحماسية.