المؤسسات العلمائية الدولية في مصر.. صراع الأخونة والتأثير

45.00 د.إ

أحمد سلطان

التصنيف: الوسوم:

الوصف

تناولت دراسة أحمد سلطان -باحث مصري- كيف تمكنت جماعة الإخوان المسلمين في مصر خلال فترة حكمها من تحقيق اختراق داخل وزارة الشؤون الدينية (وزارة الأوقاف المصرية) بما في ذلك المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وتبرز تمكنها من تحقيق هذا الاختراق نظرًا لاختلاف طبيعة الوزارة وجهازها البيروقراطي عن نظيره في مؤسسة الأزهر الشريف، أما دار الإفتاء المصرية فحُسمت فيها المعركة باختيار الدكتور شوقي علام مفتيًا للديار المصرية، على حساب عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان عبدالرحمن البر، بيد أن الصراع على الدار كان في جوهره صراعًا بين الأزهر من ناحية، ومشروع الأخونة من ناحية أخرى. ومع أن مشروع أخونة المؤسسات العلمائية الدولية جرى تقويضه، مع الإطاحة بالرئيس محمد مرسي صيف 2013، إلا أنه بقي حاضرًا في الذهنية الإخوانية وداخل العقل الاستراتيجي للجماعة، الذي يرى أن مشروع التمكين لن يتم إلا بالسيطرة على المؤسسات العلمائية الدولية، وهذا ما تبرزه الدراسة التي يقسمها إلى قسمين: أولاً: المؤسسات الدينية العلمائية الدولية في مصر. ثانيًا: بين المؤسسات العلمائية والإسلام السياسي، والتي يسلط فيها الضوء على رؤية الإخوان المسلمين للمؤسسات العلمائية، وأخونتهم المؤسسات العلمائية الدولية إبان حكم الجماعة، وأخونة وزارة الأوقاف وذراعها العلمائي الدولي.

ويخلص إلى أن مشروع أخونة المؤسسات الدينية العلمائية في مصر، أُعدّ قبل إسقاط نظام الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، دون أن يتوقع القائمون عليه أن ثمة تغييرًا راديكاليًّا يلوح في الأفق القريب، وعندما غادر مبارك قصر الاتحادية وجدت الجماعة أن الفرصة سانحة لتطوير مشروعها، وطمحت لأن تُسيطر على المؤسسات الدينية وتوظفها في خدمة أيديولوجيتها ومشروعها، وذلك لما لهذه المؤسسات من تأثير وفاعلية ورمزية دينية واجتماعية وسياسية في مصر والعالم الإسلامي. قام مشروع الأخونة على أساس رؤية متدرجة تهدف للسيطرة على مؤسسة الأزهر الشريف والهيئات التابعة له، ومن ثم إحكام السيطرة على بقية المؤسسات العلمائية الأخرى التي تسير في ركاب المؤسسة الأزهرية، غير أن تحصين منصب شيخ الأزهر، ومنح المؤسسة مزيدًا من الاستقلال بفعل تعديل قانون تنظيم الأزهر والهيئات التابعة له (103 لسنة 1961)، بجانب البيروقراطية والمقاومة الداخلية للأخونة في الأزهر، ساهمت في تعطيل المشروع في كلٍّ من مؤسستي الأزهر والإفتاء.

أما في وزارة الأوقاف فكان الوضع مغايرًا؛ لأن طبيعة الوزارة وتبعيتها للسلطة التنفيذية لم تُتح لها أن تقاوم أخونة المناصب القيادية، حتى مع وجود حركة احتجاج سرية وعلنية في أروقة الوزارة، وفي أوساط الأئمة والدعاة والموظفين التابعين لها، وانصب جزء كبير من الاهتمام على المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، بما له من امتدادات وتأثير محلي ودولي، وهو ما يُعطي لمحة إضافية عن طبيعة مشروع الأخونة، وطموح الجماعة الذي يتخطى الحدود الوطنية.

ومع أن مشروع الأخونة تعرض لصدمة استراتيجية قَوضت أركانه وعطلته نهائيًا مع الإطاحة بجماعة الإخوان من الحكم، إلا أن الجماعة تُبقي أنظارها على المؤسسات العلمائية الدولية، ولا تفوت فرصة دون أن تشير لهذه المؤسسات وخصوصًا الأزهر الشريف، الذي لم تنس الإخوان حلمها القديم بالسيطرة عليه، وهو ما يعني أن المشروع الموءود قد يعود للواجهة، بعد حين، في ثوب آخر وبمسمى آخر دون أن يحدث أي تغيير جوهري في طبيعته أو أهدافه الجماعاتية.