الملكة بلقيس في القرآن والسير الإسلامية

45.00 د.إ

شهلا حائري

التصنيف: الوسوم:

الوصف

تسلط شهلا حائري (Shahla Haeri) -أستاذة مشاركة في جامعة بوسطن (Boston University)، قسم الأنثروبولوجيا- في هذا الفصل المُستل من كتابها (The Unforgettable Queens of Islam Succession, Authority, Gender) «ملكات غير منسيات في الإسلام: الخلافة والسلطة والجندر»، الضوء على الآيات القرآنية المتعلّقة بملكة سبأ وحكمها، كما يرمز إليه عرشها العظيم، بهدف الدفاع عن شرعية القيادة والسلطة السياسية للمرأة.

ترى الباحثة أن الحضور السياسي للمرأة المسلمة وقيادتها قُيّد تاريخيًّا بالمؤسّسات السياسية لمجتمعاتها البطريركية. فالتاريخ المدوّن للإسلام والعالم الإسلامي يغلب عليه الطابع الذكوري، ويتجاهل -إلى حدٍّ كبير- النساء ومساهماتهن الاجتماعية الثقافية والسياسية -حتى وقت متقدّم من القرن العشرين على الأقلّ. مع ذلك، فإن هذا التاريخ البطريركي لا يخلو من تحدّيات شكّلتها النساء في العصور الوسطى أو الأزمنة الحديثة.

قدّمت الباحثة تفسيرها للقصة القرآنية لملكة سبأ متشابكة مع عمليات إعادة بناء متعدّدة صاغها مفسّرون وكتّاب سير مسلمون في العصور الوسطى. كانت ملكة سبأ، ، الزعيمة الروحية والزمنية لشعبها. وكانت تتمتع بالسلطة وتحظى باحترام مستشاريها وقادتها العسكريين، الذين كانوا على استعداد لخوض الحرب من أجلها. وبالرغم من أن التهديد بالحرب أثار جزع ملكة سبأ، فإنها لم تذعن، لكنها لم تكن مستعدّة لجرّ شعبها إلى صراع مدمّر. وباتخاذ هذا الموقف، يمكن اعتبارها النموذج المثالي للقائد المبالي والحكيم. لقد أدركت أن «الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزّة قومها أذلّة». فسعت الملكة إلى السلام مع الملك، الذي كان خصماً أقوى منها بكثير. وهكذا أنقذت حياة شعبها وحالت دون تدمير مجتمعها الفردوسي. غير أن «الصورة التاريخية» التي نسجها الخيال البطريركي لكتّاب السير والمفسّرين في العصور الوسطى شيطنتها بوصفها نصف جنّية، ونزعت الشرعية عن ملكها، واغتُصبت سلطتها، وخضعت استقلاليتها لسيطرة الزوج. لا سيما وأنه في الآيات القرآنية، لم يرد أنها أميرة جنّية –ومن ثم ليست دجّالة أو حاكمة غاصبة- ولم تنكر عامّة شعبها ملكها. إلى جانب ذلك، فإن الله منح الملكة التي تعبد الشمس عرشاً عظيماً أدهش مشاعر المسلمين في العصور الوسطى.

ترى الباحثة أنه على الرغم من أن قصة ملكة سبأ أدرجت في العصور الوسطى ضمن الحساسية والتحيّزات البطريركية الصارمة، وأقصيت النساء نظرياً عن المجال العام، في التاريخ الإسلامي، فإن العديد من النساء مارسن السلطة خلف العرش، ووصل العديد منهن إلى السلطة بالفعل وحكمن بوصفهنّ سلطانات وملكات ورئيسات وزراء ورئيسات.