تأثُّر محمّد عبده بفكرة الإصلاح الدّينيّ المسيحيّ وتوظيفه لها

45.00 د.إ

بشارة إيليّا

التصنيف: الوسوم:

الوصف

درس بشارة إيليّا -باحث لبناني في الفلسفة الإسلامية المعاصرة، وأستاذ محاضر في الجامعة الأنطونيّة في لبنان- تأثير المحيط الثقافي في تفكير محمد عبده، وحاول فهم التّناقض في عقله، متناولاً ثقافة الردود والسّجال التي قدمها عبده في كتاباته ودعواته، باحثّا في عقيدة التثوير التي حملها، كما بيّن التّناص في نصوص محمّد عبده في فهم المنظومة الدّينيّة وبين توما الأكوينيّ، فيلسوف الكنيسة الكاثوليكيّة، ومحاولات عبده استدعاء النص الديني الإسلامي- المسيحي، في مقاربات ومقارنات قدّمها عبده وعرضها الباحث.

خلص الباحث إلى أن محمد عبده ارتضى، في مشروعه، أنّ العقل أساس فهم النّصّ الدّينيّ. ولئن كان هذا العقل الفلسفيّ الهرمينوطيقيّ مجال بحث، منذ شلايرماخر (Schleirmacher)، ودلتاي (Dilthey)، إلى هيدغر (Heidegger) وغادامير (Gadamer) وريكور (Ricoeur)، فقد صار يحدّد إمكانًا فلسفيًّا من إبداعات العقل نفسه المسكون بشوق طبيعيّ إلى التّفلّت من حدوده، كما وصفه كانط (Kant). وأن دعوة محمّد عبده لتجديد منهجيّة التّعليم في المعاهد الدّينيّة، وهجومه الحادّ على التّقليد، وتحرير العقل من هيمنة الدّين ومؤسّساته، وإعطاء العقل سيادته العمليّة وسلطته القطعيّة المطلقة، كان له بليغ أثر في ولادات قيصريّة للتّيّارات اللّاحقة، من اللّيبراليّين، والأصوليّين، والإحيائيّين. ونحن نجد، اليوم، بعد حوالي قرن ونيّف، على انطلاق مشروع عبده، انهيارًا للتّعليم وتنامي معدّلات الأمّيّة في المجتمعات العربيّة. ونرى المهاوي للسّياسة والدّولة بالدّين، والتّنادي بالدّولة الإسلاميّة المحكومة بالشّريعة، وليس بنور العقل. فهل أجهض المشروع الإصلاحيّ والنّهضة، وما يعرف بإسلام السّكينة والاستقرار والطّمأنينة، والمحبّة، والغفران، والسّلام، الأهداف الأسمى للدّين!؟ وهذا ممّا أدّى بنا إلى دخولنا طور الحروب الفكريّة الأيديولوجيّة الّتي ما زالت ترافق وعينا المعاصر، في الإسلام الرّاهن، والّتي تحوّلت في الكثير من الحالات، إلى حروب فعليّة عقائديّة، ليس لها نهاية، كالّتي عاشتها أوروبّا قبل عصر النّهضة، مع محاكم التّفتيش الكاثوليكيّة.