تراجم السالكات الصوفيات عند تقيّ الدين الحصنيّ

45.00 د.إ

خالد محمّد عبده

التصنيف: الوسوم:

الوصف

درس خالد محمّد عبده، باحث مصري في الإسلاميّات والتصوّف، مركزية رابعة العدوية وتجاهل التقليد النسويّ الصوفيّ، حاولت الدراسة إعادة النظر فيما استقر عليه البحث، حول تاريخ سيدات التصوّف، فلم تكن المرأة الصوفيّة منغلقة على دائرة ذاتها، تحتبس الأنوار وتصل بشكل صامت إلى غايتها، بل كانت محاورة ومساجلة للرجال ومقوّمة لتجاربهم، ولم يتوقف رجال الصوفيّة يومًا عن رواية أخبار السالكات، سواء في إيراد تلك الأخبار في ثنايا تصانيفهم، أو تخصيص مؤلّفات كاملة للعناية بتجاربهن، بداية من القرن الرابع الهجريّ حتى القرون المتعاقبة إلى يومنا هذا، على أنّ التدوين في هذا الموضوع لم يكن باللسان العربيّ فحسب، بل استمر في أخبار النساء باللغات الشرقيّة (الأورديّة والفارسية والتركيّة).

يتخذ الباحث من كتاب تقيّ الدين الحصنيّ “سير السالكات” أنموذجًا لبحثه. مشيرًا إلى أن الحصنيّ سُبق بالعديد من كتّاب التراجم الذين أولوا موضوع تعبّد النساء عنايتهم، وخصصّوا جزءًا من أعمالهم لذكر أحوال النساء وكراماتهن وأذواقهن في قراءة نصوص الوحي، يأتي في مقدّمة هؤلاء مؤرّخ الصوفيّة أبو عبدالرحمن السلميّ (412/1021) ، وإن كان تأريخه لأعلام الصوفيّة لم يصلنا بعد، إلّا أنّ رسالته «ذكر النسوة المتعبّدات» أحدثت أثرًا كبيرًا في العناية والاهتمام بسير السالكات من بعده، فمن خلالها كانت العناية بقصص هؤلاء والتركيز عليها في كتابات ابن الجوزيّ (ت 1201) ذائعة الصيت «صفة الصفوة» و”تلبيس إبليس”، فقد حفظ لنا ابن الجوزيّ في مؤلفاته أخبار نسوة كثيرات، وهي وإن جاءت متفرقة في ثنايا أعماله، إلّا أنها تظلّ شاهدًا على تطوّر تلك السِير. ويشير الباحث إلى أنه لا يظهر في عمل أبي عبدالرحمن السلميّ، الغاية من تصنيفه والرسالة الموجهة من خلاله والفئات المستفيدة منه، إذ لا تحتوي الرسالة على مقّدمة أو خاتمة للعمل، فتبدأ مجموعة التراجم الاثنتين وثمانين برابعة العدويّة وتنتهي بعائشة المَروزيّة زوجة عبدالواحد السياريّ، وأغلب النساء إمّا زوجة لصوفيّ شهير أو أخت أو ابنة. ربما كان عمل السلميّ تابعًا لخطّته في تأليف طبقات الصوفيّة، ومن هنا لم يشتمل على مجموعة من الآداب والتنبيهات التي ينتظرها قارئ التراجم، ولأنّه في أعماله الأخرى فصّل الحديث حول التعاليم الصوفيّة التي يجب على السالك والسالكة الالتزام بها، لذا جاءت عمليّة التأريخ لسير النسوة المتعبدات تطبيقًا مماثلًا لسير رجال القوم الصوفيّة.

يرى الباحث أن الحصنيّ تمثّل تجربة السلميّ تمثّلا واضحًا في ترتيب مؤلفاته، فبعد أن ألف كتابه «سير السالك في أسنى المسالك»، صحّ منه العزم على إتمام ما بدأه ممتثلًا لتعاليم القرآن «فالله لما خاطب الخلق بالانقياد إلى الطاعات لم يخصّ الذكور» فإن ذكر في كتابه سير السالك «جملة من الرجال ولم يذكر ما يتعلّق بالخيرات» فعليه أن يتمّ رسالته بذكر «جملة يسيرة من سير الصالحات» والغاية المرتجاة «لعل بذكر ذلك يحصل لمن سمعت أحوالهن من المشوّقات» ويكون هذا الذكر باعثًا على اللحوق بهن لمن تسمع ما تُحفن به تينك المتصوفّات من الكرامات. يخصّص الفصل الأول من الكتاب لذكر شيء «من عيش سيّد الأوّلين والآخرين (صلّى الله عليه وسلّم) لأنّه المشرّع»، ثمّ يستهل ذكر السالكات بالحديث عن سير نساء بيت النبوّة وبعض الصحابيّات ثمّ يبدأ ذكر العابدات. يسرد الحصنيّ قصصهن ويعلّق عليها. وهذا ما تتبعه الباحث وبيّنه ودور الحصني فيه.