حدث 25 يوليو (تموز) في تونس: الطبيعة والآفاق

45.00 د.إ

محمد الحدّاد

التصنيف: الوسوم:

الوصف

يرى محمد الحدّاد -أكاديمي وباحث تونسي، أستاذ كرسي اليونسكو للأديان المقارنة (تونس)- أنه من المهم إدراك الاختلاف بين الانتفاضة والثورة. تختلف الانتفاضة الاجتماعية عن الثورة بطابعها المطلبي، فهي لا تطرح فلسفة جديدة للحكم، وإنما تطلب من الحكم تحقيق مطالب معينة. حدث 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010 كان مطالبة بتوفير العمل للعاطلين وضمان التنمية للجهات المحرومة. وحدث 14 يناير (كانون الثاني) 2011 كان مطالبة بالحرية والانعتاق من الحكم الفردي. تحقّق المطلب الثاني، وهو مطلب سياسي أساساً، ولم يتحقّق شيء من الأول، أي المطلب الاجتماعي. بل أصبح السياسي حائلاً دون تلبية المطلب الاجتماعي، لذلك أصبح 14 يناير (كانون الثاني) نقيض 17 ديسمبر (كانون الأول)، مع أنهما في الأصل متكاملان. مضيفًا أنه يمكن تقسيم الفترة التي عاشتها تونس منذ حدث 17 ديسمبر (كانون الأول)/ 14 يناير (كانون الثاني) إلى 25 يوليو (تموز) إلى مرحلتين: مرحلة انتقالية من 2011 إلى 2014 تميزت بالانهيار الاقتصادي والأمني مقابل ما شبّه على أنه نجاح سياسي تمثل في صياغة دستور 2014، وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية. ثم مرحلة تجريبية كان يفترض خلالها تطبيق الدستور في ظلّ المنظومة السياسية الجديدة.

يورد الحداد أن الرئيس قيس سعيد مصرّ على أن لا يلتزم بفترة انتقالية لا محدودة ولا محدّدة. ولا يوجد في الفصل (80) من الدستور ما يفرض على الرئيس أن يتقيّد بأية فترة زمنية. وأشار إلى ما ردّده قيس سعيد أن الديمقراطية التمثيلية انتهت في العالم، لكن يرى الباحث في الواقع أنّ كل النظم الديمقراطية ما زالت تعتمد هذا النظام، بالرغم من أنه محلّ الكثير من الانتقادات من مثقفين وجمعيات مدنية. متسائلا: هل ينبغي أن يُنظَر خارج الغرب، إلى روسيا –مثلاً- حيث النظام ليس ديكتاتورياً كما في العهد الشيوعي، لكنه أيضاً ليس ديمقراطياً على الطريقة الغربية.

يضع الباحث ثلاثة عناصر قوة تستمدها أساساً حركة النهضة منها: العنصر الأول: توظيفها للدين واستعماله للتجييش في الأوساط الشعبية والريفية. لكن قيس سعيد بخطابه المحافظ والديني انتزع منها هذا السلاح. العنصر الثاني: استعمالها لأجهزة الدولة لاستقطاب الطامحين للمناصب، وتوفير الأموال وتوزيعها على الأنصار. لكن الكثير من أنصارها تخلوا عنها منذ 25 يوليو (تموز) 2021. العنصر الثالث من عناصر القوة لدى هذه الحركة؛ هي تنظيمها القوي وخبرتها العريقة في مواجهة الأزمات وارتباطاتها الخارجية الواسعة. لذلك لا يمكن الاستهانة بأمرها. ويشير إلى أن القوى الغربية، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لن تعارض قيس سعيّد ولن تسانده، وهي مصرة على تحديد سقف زمني للمرحلة الانتقالية وتوافر دستور وحكومة وبرلمان، دون المطالبة باستعادة حكومة المشيشي أو برلمان الغنوشي، ولا حتى المحافظة على دستور 2014. وبقاء هذه القوى على حياد يعني أيضاً عسر حصول تونس على مساعدات وقروض أجنبية ذات أهمية، في ظرف تمر فيه المالية العمومية بضغوط هائلة وغير مسبوقة، تجعلها في حاجة ماسة وسريعة إلى أموال كهذه.