حزب الله في أميركا اللاتينية: الوجود والأدوار

45.00 د.إ

عبدالإله سطّي

التصنيف: الوسوم:

الوصف

رصد عبدالإله سطّي -باحث وأكاديمي، أستاذ مساعد في العلوم السياسية في جامعة ابن زهر- أكادير المغرب- خريطة انتشار حزب الله بدول أميركا اللاتينية، فأبرز العوامل المؤدية إلى ذلك، وحدد الآليات التي يستخدمها الحزب في توطيد هذا الحضور، وأخيرًا، يستشرف البحث مستقبل الحزب، في ظل تزايد عدد دول أميركا اللاتينية التي تصنفه ضمن خانة المنظمات الدولية الإرهابية. مقسّمًا دراسته إلى أربعة أقسام: أولاً: خريطة انتشار حزب الله بأميركا اللاتينية في فنزويلا والمنطقة الحدودية الثلاثية، ثانيًا: الدوافع العقائدية والمصالح الاستراتيجية، ثالثًا: شبكات التّطرف والتجارة غير المشروعة، رابعًا: مستقبل حزب الله بدول أميركا اللاتينية.

يخلص إلى أن الوجود والنّشاط واسع النطاق لحزب الله وراعيته إيران بدول أميركا اللاتينية، يظهر تجاوزه المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية والعقائدية، إلى مستوى التعبئة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية. حيث يبدو واضحًا دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية واستراتيجيتها في خلق قاعدة أتباع ونفوذ بارز بدول أميركا اللاتينية، مع توفير الغطاء الدبلوماسي في توسع وانتشار خريطة حزب الله. وقد أخذ هذا الوجود أشكالًا وغايات ووسائل متعددة: أولاً لأنه يأخذ مظهرًا دينيًّا عبر التّعبئة الشّعبيّة للمذهب الشّيعي، ومَبادئ الثّورة الخُمينيّة، والتي تسعى إلى خلق منصة نفوذ قارة بالمنطقة؛ لما توفره جغرافية دول أميركا اللاتينية من مكانة استراتيجية خلف العدو الكلاسيكي لإيران، المتمثل في الولايات المتحدة الأميركية.

ثم ثانيًا يأخذ هذا الوجود مَظهرًا اقتصاديًّا وتجاريًّا، لما توفره دول أميركا اللاتينية من إمكانية التّمدد الاقتصادي، خُصوصًا في المنطقة الحُدودية الثلاثية كمنطقة حرة آمنة للتّحرك والنّشاط التجاري بمختلف أنواعه: المشروع وغير المشروع، مما يُمكن الحزب من توسيع موارده المالية، وتجديد مَكاسبه ومَنافعه الاقتصادية.

أما ثالثًا، فقد مكّن التلاقي الموضوعي بين حزب الله ودول أميركا اللاتينية، في مُعاداة الدّول اللّيبرالية والتّوجه الرأسمالي، من تَجسير أواصر التّعاون وفتح قنوات التّواصل بين الطّرفين، مما ساعد الحِزب على بَسط نفوذه في العديد من دول المنطقة. لافتًا إلى توسع خريطة انتشار حزب الله بدول أميركا اللاتينية، منذ الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) مع وصول أعداد كبيرة من المهاجرين اللبنانيين؛ حيث استغل كل من حزب الله وإيران هجرة اللاجئين عن طريق زرع العديد من العملاء، وتجنيد المتعاطفين من بين المهاجرين العرب والمسلمين في القارة.

لقد أسفرت جهودهما عن إنشاء خلايا تابعة لهما في جميع أنحاء المنطقة، مما مكنهما من بناء شبكات واسعة من الدعم من العائلات وأبناء الشتات من المهاجرين في جميع أنحاء أميركا الوسطى والجنوبية، وكذلك منطقة البحر الكاريبي. وكانت النتيجة إنشاء كل من خلايا حزب الله، شبكات متبلورة نسبيًّا من أفراد من أصل لبناني، وخاصة المسلمين الشيعة، الذين قدموا قدرًا معتبرًا من الدعم المالي لحزب الله. مشيرًا إلى أنه مع نمو المجتمع المسلم في منطقة الحدود الثلاثية (TBA)، المعقل الأصلي والمركزي للحزب -إلى جانب فنزويلا- زادت أيضًا حاجته إلى المؤسسات التعليمية والثقافية والدينية التي تلبي احتياجات المجتمعات العربية والإسلامية المحلية. مما أدى إلى بلورة استراتيجية لنشر التشيع وفق العقيدة الإيرانية الملالية، عبر إنشاء مراكز دينية وثقافية في العديد من البلدان التي وفرت غطاء مناسبًا للمد الشيعي بالمنطقة، مما خلق أتباعًا ومتعاطفين جددًا للحزب. كما رأى أن عمل الحزب، في أحيان أخرى، من أجل تنويع موارده على الانخراط في الأنشطة غير المشروعة؛ وإبرام صفقات ومعاملات تجارية مع كارتيلات إجرامية بدول أميركا اللاتينية، وكل ذلك من أجل توفير موارد مالية للتعبئة ودعم هياكله التنظيمية. ونشير هنا -على سبيل المثال- لما لعبته منطقة الحدود الثلاثية، حيث تلتقي حدود البرازيل والأرجنتين والباراغواي عند شلالات إجوازو الشهيرة، التي توصف بــ«الأمم المتحدة للجريمة»، حيث هناك، وجد حزب الله منطقة تجارة حرة تعاني من نقص التنظيم -إلى حد كبير- وجاهزة للاستغلال وبسط نفوذه التنظيمي.