دور العنف الرمزي في نشر الكراهية: دير شترومر أنموذجاً

45.00 د.إ

فينيسيوس ليبل

التصنيف: الوسوم:

الوصف

يرى فينيسيوس ليبل -باحث وأستاذ مشارك للتاريخ المعاصر في جامعة ريو دي جانيرو الاتحادية (UFRJ)- أن العنف يتبدى بطرق مختلفة، في قسوة التعذيب، أو في أهوال الإبادة الجماعية، أو في التفاصيل المهمّة للحياة اليومية، أو في العروض الصغيرة للعدوان المقدمة -على سبيل المثال- في ضروب معيّنة من الفكاهة. وهذا هو محور دراسته، التي تبحث في التمثيلات المعروضة في الرسوم الكاريكاتورية السياسية لصحيفة «دير شتورمر» النازية، وتبحث عن أدلة لفهم نوع معيّن من العنف، وهو عنف يتخلّل الجماعة التي تتداول هذه الرسومات، ويمكن أن يكون له عواقب ذات صلة على المجتمع المعني. وتتعامل هذه العواقب في جوهرها مع التوازن بين حرية التعبير وعنف خطاب الكراهية.

يضيف الباحث أنه عند التفكير في هذه المصادر المحدّدة، أي الرسوم الكاريكاتورية السياسية، من المتعذّر فصل فعلها في المجال السياسي عن ناقلها الإعلامي، وعن الصحف والمجلات التي تنشر فيها. وبهذا المعنى، من الممكن أن تعدّ الرسوم الكاريكاتورية السياسية داعية ومناصرة حقيقية للأيديولوجيات ووجهات النظر العالمية، لأن رسائلها ترتبط بمفاهيمها وعواطفها التي يقدّرها القرّاء ويستوعبونها. بعبارة أخرى، إن تداول الصحيفة (وبالتالي الرسم الكاريكاتوري السياسي) يشكل -بحدّ ذاته- شبكة اجتماعية محدّدة، شبكة تعزّز رابطة ذاتية (مشتركة) بين القرّاء الذين يدركون الخصائص الكامنة في الرسوم الكاريكاتورية بوصفها ملازمة أيضاً لمجموعتهم الاجتماعية. وبناءً على استهلاك هذه المعلومات والخطابات، يمكن تشكيل جماعة على أساس الموقف أو الطبقات الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية عن طريق تشارك المعلومات والعواطف والخيال، الذي تكون فيه الصور الكاريكاتورية جزءاً أصيلاً وتؤدّي دوراً فاعلاً.

يلاحظ الباحث أن المجتمعات والبيئات التي يعتريها الخوف وتشهد أزمة، هي أكثر عرضة لخطاب الكراهية وتقبّله. ولكن إذا أثارت الرسوم الكاريكاتورية نقاشات جدلية ومثيرة للخلاف، وإذا شاركت المؤسسات البحثية والثقافية والإعلامية في عملية المراقبة والنقاش، فإنه يمكن عكس الهجمات والتشهير التي تظهر في الرسوم الكاريكاتورية، لا عن طريق الرقابة أو الحظر، ولا عن طريق الدفاع الذي لا يلين عن حرية التعبير، ولكن عن طريق الحوار والعقلانية، وفهم الجوانب العاطفية المعنية وتشخيص أسباب ظهور خطاب الكراهية. بعبارة أخرى، يمكن أن تحفز المناظرات والمناقشات التي تثيرها الرسوم الكاريكاتورية زيادة الحرية والتسامح في المجتمع بسبب هذه الإجراءات (المراقبة النقدية، من ناحية، والإيضاح التأمّلي، من ناحية أخرى). وبالمناظرة والنقاش وثقافة المعلومات والاعتراض على الأحكام المسبقة والتعميمات، يمكن اجتناب هذه الميول ورفضها، بالإضافة إلى إغراء الرقابة والقمع.